الشحاذة عن طريق اليوتيوب: أرباح يوتيوب والثراء بين ليلة وضحاها
لا أحد منا أصبح لا يعرف "اليوتيوب" أيًّا كان مستواه التعليمي والثقافي والاجتماعي بدايةً من طبقات المجتمع الدنيا وحتى العليا، فالجميع أصبح يملك هاتف محمول به شبكة للإنترنت تُمَكِّنه من التوغل في عالم الإنترنت.
في الأونة الأخيرة وللأسف الشديد ظهرت ظاهرة اجتماعية من وجهة نظري هي ظاهرة مخزية وخطيرة لأنها تؤثر للأسف على الأفراد خصوصاً والمجتمع عموماً، ومن وجهة نظري أن آثارها السلبية ستمتد لسنوات بعيدة نظرًا لأن معظم المشاركين فيها مازلوا دون الوعي أو السن القانوني لاتخاذ قرار يتعلق بحياتهم حيث أن أغلبهم أطفال... هذه الظاهرة هي ظاهرة التربح من اليوتيوب (أنا أسميها التَّسَوُّل من اليوتيوب).
في البداية أود أن أوضح أو أقدم نبذة مختصرة عن اليوتيوب:
تم تأسيس اليوتيوب في 14 فبراير 2005، وهو موقع ويب يسمح لمستخدميه برفع التسجيلات المرئية مجاناً ومشاهدتها عبر البث الحي وإمكانية مشاركتها والتعليق عليها وغير ذلك.
ويعتبر موقع يوتيوب بحسب إحصائية موقع "أليكسا" ثالث أكثر المواقع شعبية في العالم حاليًا بعد موقعي فيس بوك وجوجل.
التأثير الاجتماعي..
بعد إطلاق يوتيوب أصبح من السهل نشر الأفلام ليشاهدها المستخدمون حول العالم، وأصبح العديد من الهواة مثل الكوميديين والسياسيين والموسيقيين ينشرون مقاطع مصورة بشكل مستمر.
شروط الخدمة..
بحسب سياسة يوتيوب لا يُسمَح برفع مقاطع تحتوي على حقوق نشر محفوظة، أو ملفات الأفلام التي تُسِئُ لشخصية معينة، أو الفيديوهات الفاضحة، أو المواضيع التي تشجع على الإجرام.
تم منع اليوتيوب في بعض الدول مثل: مصر، تركيا، السعودية، الإمارات، ليبيا، سوريا، تونس بسبب احتوائه على أفلام مخالفة للدين والعادات والتقاليد المجتمعية، أو لأسباب سياسية.. وكان هذا لبعض الوقت وتم استرجاعه مرة أخرى.
تحقيق الدخل..
يسمح يوتيوب لأصحاب المحتوى (يوتيوبرز) بالحصول على المال بوضع الإعلانات القابلة للتخطي.
معلومات عن اليوتيوب من الناحية الديموغرافية
62% من مستخدمي يوتيوب من الذكور، بينما يشكل الإناث 32%.
الفئة العمرية أكثر من 35 عامًا وأقل من 55 عامًا هي من أسرع الفئات نموًا على يوتيوب.
أغلب جيل الألفية الجديدة يفضلون استخدام اليوتيوب على مشاهدة التلفاز التقليدي.
الفئة العمرية بين 18 – 34 عامًا تشاهد اليوتيوب بشراهة.
يخدم يوتيوب 88 دولة بواقع 76 لغة.
يحتل الوطن العربي وشمال أفريقيا المركز الثاني في نسبة المشاهدات اليومية بمعدل 310 مليون مشاهدة.
يتم رفع ساعتين من المقاطع المرئية في الوطن العربي كل دقيقة.
إذن يوتيوب منصة رائعة لعرض إبداعاتك في أي مجال، والمحتوى المرئي يعد أقوى أنواع المحتوى، وهو الذي سيطر على الساحة خلال السنوات الماضية، إن لم تكن تعتبر أنه سيطر بالفعل على عالم المعلومات.
ولكــــــــن.. كيف يتم الربح من يوتيوب؟؟
يمكن أن يُشكِّل يوتيوب طريقة جيدة لربح الأموال وزيادة المستخدم لدخله المادي، وقد تكون هذه الأرباح مجزية بشكل كبير إذا أصبح المرء أحد نجوم يوتيوب، وتكمن فكرة الربح من يوتيوب من خلال رفع فيديو يتم خلاله عرض الإعلانات مقابل مبلغ مادي يحصل عليه المستخدم (صاحب المحتوى) من قِبَل الجهة المعلنة.
مستخدمو يوتيوب
يعد موقع يوتيوب منصة تفاعل اجتماعي ترتكز على نوعين من المستخدمين، أولهما: أولئك الأشخاص الذين ينشئون الفيديوهات ويقومون برفعها وتحميلها على الموقع من خلال ما يعرف بـ "قناة يوتيوب" التي يتم إنشاؤها على حساب المستخدم، والطرف الآخر هم أولئك الأشخاص الذين يقومون بمشاهدة الفيديوهات التي يتم نشرها على الموقع، ويمكنهم أن يقوموا أيضاً برفع الفيديوهات ومشاهدتها، ويستطيع أي شخص يمتلك جهاز حاسوب أو هاتفاً محمولاً متصلاً بالإنترنت أن يستخدم موقع يوتيوب.
وقد استطاع بعض الأفراد (وكانوا قلَّة قليلة) من خلال اليوتيوب تحقيق مصدر دخل مجزي وشبه ثابت بدون مجهود، بدون خبرة، بدون رأس مال، بدون أي شيء... مفردات المشروع هي فقط عبارة عن هاتف محمول في البداية، ثم كاميرا، وشبكة إنترنت جيدة... وأصبح المُسَمَّى الوظيفي (يوتيوبرز) عمل بدون التقيد بسن ولا خبرات ولا قوانين عمل ولا ساعات عمل محددة، وفي النهاية دخل مادي وشهرة بلا مجهود.
واستطاعت فئة من سن 17 سنة و25 سنة أن تصبح مليونيرات من اللاشيء، وذلك من خلال تقديم فيديوهات تُوَثِّق يومياتهم التي كان أغلبها جولات سياحية، واستطاعوا الحصول على أعداد هائلة تخطَّت حاجز المليون بالمشاهدة والانضمام للقنوات الخاصة بهم... وبعد تحقيق شهرة ونجومية والحصول على دروع تهنئة من اليوتيوب أصبح لديهم هاجس أو رغبة مُلِحَّة في تقديم المزيد من الفيديوهات بشكل شبه يومي (بمعدل رفع فيديو كل نصف ساعة) من أجل تحقيق المشاهدات والوفاء بشروط اليوتيوب من حيث عدد الساعات... ونتيجةً للرغبة في رفع أكبر عدد من الفيديوهات ودون تواجد فكرة أو محتوى لديهم ليقدموه بدأوا في عرض حياتهم الخاصة جداً... وأصبح الجميع يُقَلِّدُ الجميع في المحتوى، وفي طريقة التقديم، وفي طريقة طلب زيادة المشاركين... وأصبح كلٌ منهم يملك قناة أو اثنتين وثلاثة لأنه لا يوجد شروط تُنَظِّم وتحكم إنشاء مثل هذه القنوات.
جميعهم أجمعوا على: "وحشتونا جداً جداً جداً... انهاردة جايين ليكم بفيديو جديد... متنسوش الـ Like والـ Share والـ subscribe وتفعيل الجرس ليصلكم كل جديد".
وأغلبها مقالب وتحديات أكل وعرض للحياة الشخصية بشكل مستفز، وأصبح يشارك فيها الكبار (أولياء الأمور) والأطفال (دون السن) والمراهقين، وكل فرد أصبح يملك قناةً واثنتين وثلاثة.
ودخل عالم اليوتيوب أفراد محدودي الثقافة والدخل والفكر، وجمعيهم يقومون بتسمية القناة بنفس الاسم "يوميات فلان، عائلة أم فلانة" حتى وصلنا إلى درجة عالية من "الفانتازيا" مثل قناه "العمَّة والسلايف" وهي قناة للردح والرد على بعض، والكيد بين مجموعة من النساء دون المستوى.. والمهم أنهم يحققون أرباحاً.
ثم دخل ممولو الإعلانات ممَّا زاد من الإقبال وحب الفكرة والتعلق بها أكثر، ووصل الحال ببعض اليوتيوبرز إلى النزول بنفسهم والترويج وتصوير بعض المحال في المناطق الشعبية كالعتبة والموسكي، والدعاية لبعض الجروبات الخاصة بالبيع أونلاين بمقابل مادي وعيني، وعرض المنتجات الخاصة بهم... وأصبح أصحاب القنوات الكبرى يُقدِّمون الدعم لأصحاب القنوات الصغيرة للوفاء بشروط اليوتيوب وتكبير القناة الخاصة به بمقابل مادي (5000 ج) على أساس أنه سوف يتم استعاضة تلك الأموال من اليوتيوب بأرقام مضاعفة.
المؤسف والمخزي في الموضوع أنه أصبح يتم استغلال أطفال دون سن العمل ودون سن الوعي واتخاذ القرار، وذلك لجذب مشاهدات، بالرغم من تعرض أحد الآباء والأمهات للعرض على النيابة والحبس ونقل حضانة الطفلة لأحد دور الرعاية حمايةً لها مما تتعرض له من انتهاكات واستغلال من والديها منذ لحظة ولادتها وتعريض حياتها للخطر أكثر من مرة، ووضعها تحت المراقبة من قبل المجلس القومي للطفولة والأمومة وشرطة الطفل، ومنع ظهورها إعلامياً أو تصويرها في أي فيديوهات بقرار من النائب العام، ولكن حتى الآن يقومون بتصوير فيديوهات من أجل التربح بعد وصولهم لشراء فيلَّا بالتجمع وشقة بالمعادي وفتح مطعم، وهم لم يتجاوزوا سن 25 عاماً.
فيديوهات تحديات الطعام..
تعرض كل القنوات فيديوهات تحدي الأكل بكميات مبالغ فيها وتتنافى مع آداب الإسلام ومع إتيكيت الطعام ومع الصحة العامة، وذلك مقابل إعطاء الطفل مقابل مادي لأكل أكبر عدد أو كمية كبيرة من الطعام وبسرعة لتحقيق مشاهدة وحصول الطفل على مبلغ مالي (200 ج)، والنتيجة ظهور سيل كبير من الفيديوهات بعد أن حقق اول فيديو مشاهداتٍ وأرباحاً خيالية.
فيديوهات تسمى "الروتين اليومي"..
وهي فيديوهات انتشرت عن كيفية غسل الأطباق، وتشغيل الغسالة، ولمِّ الغسيل وغير ذلك من التفاهات.
فيديوهات المشتريات..
أنا اشتريت علبة جبنة وصابونة وعصير.
فيديوهات الصعبنة..
وهي اللعب على المشاعر، واستغلال حالات الوفاة، واللعب على مشاعر المشاهد، وذلك لتحقيق أكبر مشاهدات.. حتى بعد وفاة أمه (أغلى شيء في حياته) في اليوم التالي يقوم بتسجيل ونشر عدد كبير من الفيديوهات بعد وفاتها لأنها كانت صاحبة أكبر مشاهدات فاستمر في مشوار والدته قبل ما الناس تنساها، وزجته عملت قناة، وأخوه عمل قناة، ولا حول ولاقوة إلا بالله.
وبالرغم من تعرضهم جميعاً للسخرية والانتقاد (في الكومنتات) والشتائم اللاذعة وقلة القيمة، إلا أنهم مع ذلك مستمرين في تقديم هذا الإسفاف من أجل المال لأنهم رأوا البعض قد اشترى سيارة، والآخر شقة، والآخر عمل مشروع خاص به.. بل أن حتى من أمَّن نفسه وحياته ومستقبله مازال مستمراً في تقديم أي محتوى مقابل المشاهدات والحصول على المال.
الآثار السلبية..
1/ الأذى الذي يلحق الشخص نفسه حيث يصبح القائم بهذه الأعمال أسياًر للمال والشهرة، ويتخلى عن كثير من المبادئ والآداب لجذب المشاهدات.
2/ الأذى النفسي الذي يلحق بالأطفال الذين يتم استغلالهم للتعرض للتنمر من خلال أصدقائهم لما يقوم به الوالدين، وبالتالي عدم احترام الذات عند الكبر نتيجة لهذه الفيديوهات.
3/ أذى يلحق بالمجتمع يتمثل في انحطاط الذوق العام، وخراب الوعي والفكر والسلوك الجمعي بسبب ما يقذفه هؤلاء "اليوتيوبرز" في أذهان المشاهدين.
4/ تشجيع التسول عبر الإنترنت من خلال عبارات تسوُّل جديدة مثل: "متنسوش اللايك والشير".
5/ مثل هذه الأعمال تقوم بتشجيع المراهقين على القيام بفيديوهات لا يعلم الأهل عنها شيئاً مقابل الحصول على أموال طائلة.
6/ مثل هولاء الأشخاص هم فئة أو شريحة غير مسؤولة لا تُعبِّر عن المجتمع المصري/ ومع ذلك فهم يعكسون صورة مُشوَّهة وسيئة أمام العالم.
العلاج..
المسوولية مشتركة بين الأفراد والمجتمع والدولة كالتالي:
1/ يجب على المجتمع عدم المشاركة في دعم مثل أي قناة عديمة الفائدة هابطة المحتوى.
2/ دور الدولة هو مراقبة مثل هذه القنوات ووضع قيود وضوابط على المحتوى (تماماً كما يحدث مع المُصنَّفات الفنية).
3/ فرض ضرائب على أصحاب القنوات التى تجاوزت المليون مشاهد باعتبارها مجال للتربُّح، وإعفاء القنوات العلمية والطبية.
4/ أن تقوم الأسرة بمراقبة الأولاد ومراقبة المحتوى الذي يشاهدونه.
5/ على إدارة اليوتيوب مراقبة المحتوى قبل رفعه، ومنع إعطاء الدروع إلا للمحتوى العلمي والفني والأدبي النافع فقط.
لو عجبكم الموضوع يا جماعة ما تنسوش اللايك والشير، هههههه
واقرأ أيضًا:
هل ما زال الـفيسبوك عالماً افتراضياً!؟ / مظلمتي عند الفيس بوك