الأرضوي من الأُرضة، تلك الدابة التي تنخر قلب الأشجار، حتى تتهاوى أمام أضعف هبة ريح، فالأشجار التي تبدو عامرة تحفر قلبها الأرضة، فتخر خاوية على عروشها. ويمكن مقارنة أية أمة بالشجرة التي تأكلها الأرضة.
وأرضة الأمم أنواع كثيرة من العاهات والسلوكيات السلبية المتصلة المتراكمة، التي تنهكها وتسقطها، بعد أن تدمر مواطن قوتها، وتعزز أسباب ضعفها وهوانها.
وفي كل أمة ما يدفع بها إلى الهلاك.
والأمم القوية تتوقى وتعالج فورا آفات الإضعاف والإنهاك، وبهذا الأسلوب تبقى وتتنامى قدراتها، وإن غفلت عن فعل الآفات فإنها ستُلقى في ميادين الوعيد السعّار؟
فالإرادة الكونية، تحتم انطلاق المتناقضات سوية، فأية قوة ناهضة تنطلق مع بداياتها قوة تجرها إلى حيث بدأت، كمتسلق الجبل كلما صعد لأعلى ازدادت صعوبة مسيره، وتكالبت عليه قوى تدفعه إلى الوراء أو تسعى لدحرجته. كما أن جذب التراب لما فوقه يستوجب قوة متفوقة عليه لكي يرتفع الكائن ويطير.
وفي واقع كل أمة آفات، فالموت الحقيقي يتأتى من عمق الذات وجوهرها، ولا يمكنه أن يأتي من الخارج فقط. فالأشجار النامية المتينة السيقان تتحدى قوة الرياح، ولا تسقط إلا إذا تزعزعت جذورها وارتخت تربتها. وعليه فإن الأمم الحية عليها أن تنمي عوامل اقتدارها، وتقلل من عناصر ضعفها وهزالها.
وهذا يتأتى من إدراك أن الحياة جريان، وأمواجها تصنع تيارا، ولا يجوز لأمة أن تضع العثرات في مجرى وجودها. فهل أدرك الإنسان الحيران قيمة الوقاية من الآفات والنيران؟!!
واقرأ أيضاً:
الوقاية خير من العلاج!! / الكتابات التذمرية!! / العِلمُ والأدبُ!!