رئيس كوريا الشمالية أينما ذهب يتم الاحتفاء به واستقباله بطريقة غير مسبوقة, ويتجشم رئيس أقوى دولة عناء السفر لكي يلتقيه, والدولة المضيفة تعيش في حالة إنذار قصوى وتستدعي طاقاتها الاحتراسية, وتمضي في حالة طوارئ حتى يغادر الضيف الذي يبدو وكأنه سلطان الزمان والمكان, وهو لا يزال شابا لكن ثقله السياسي والمعنوي يثير الدهشة والاستغراب. فكيف لشاب بهذه القدرات القيادية والتحاورية والتأثيرية في الواقع العالمي, وكيف له أن يجعل رئيس أقوى دولة في العالم والذي عمره ضعف عمره ويزيد, يأتي إليه ويرجو أن يكون صديقا له وأن يتفاعل معه بإيجابية وبما يخدم مصالح البلدين والعالم. اقرأ المزيد
الجالس على كرسي السلطة يصاب بفقدان الإحساس بالزمن لسرعة جريان الأحداث وتدفقها العارم من حوله، مما يفقده القدرة على إعمال العقل وتنوير الإدراك، لأنه سيكون مرهونا بالتواصل الانعكاسي الآني مع التحديات المطروحة، خصوصا عندما يجهل آليات ومهارات اتخاذ القرار المشبع بالدراية والمعرفة، والخاضع لبحوث ودراسات وتقديرات وتقيمات وتوصيفات خبراء ومجربين. وهذا الاضطراب السلوكي تعرفه القوى الطامعة بأي بلد أو مجتمع، ولكي تقضي عليه وتمتلكه تؤهل الذين لديهم القابلية للإصابة بهذا الاضطراب السلوكي الوخيم، فتنفخهم وتحولهم إلى بالونات وتوهم الذين من حولهم بأنهم يعرفون، وعلى الجميع الخضوع لمشيئتهم وإرادتهم وعدم مساءلة سعيهم وقراراتهم، اقرأ المزيد
العرب يتصرفون بأساليب مشينة ويقدمون أنفسهم للدنيا على أنهم لا يمتون بصلة للعصر، وفي زمن الإعلام الفوري والتواصل العولمي يقومون بأفعال تنفر الدنيا منهم أجمعين. فالذي أوصل حال العرب إلى ما هم عليه اليوم العرب أنفسهم، فمنذ أن سقطت الدولة العثمانية، بل ومنذ منتصف القرن التاسع عشر والعرب يتصرفون بعدوانية على ذاتهم وموضوعهم، وهم لا يشعرون أو في غفلتهم سادرين. ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهر أو تم تأسيس ما يسمى بالجمعيات الممولة من القوى المناهضة للعرب، وبرز فيها ما نسميهم بالمفكرين والمتنورين الذين استحضروا أفكار الغرب بما يحقق مصالح الغرب، وراحوا يكتبون ويخطبون ويضللون حتى أوهمو العرب بأن عليهم أن يؤسسوا دولتهم القوية، ولا بد من الثورة التي تم إعدادها بأساليب خبيثة الذكاء وقادها الشريف علي بن الحسين في مكة، اقرأ المزيد
يبدو أن سلامة النفس البشرية وتفاعلاتها اليومية له علاقة بقدرات مجتمعها، فالمجتمع القادر على التصنيع والعطاء والإنتاج، يمنح النفس قوة جديدة وزخم إبداعي وثقة بالإتيان بما هو جديد. فالتصنيع له تأثير على النفس البشرية، وهو الذي يساهم في تصنيعها أيضا، ومدّها بما تحتاجه من المهارات اللازمة للقوة الحضارية وبناء الإرادة الإنسانية العزيزة الكريمة. إن إغفال بعض المجتمعات لهذا الركن الأساسي المؤثر في السلوك البشري، يجعلها تتحول إلى وجود واهي، ويوفر لها قدرات الانكماش والانحسار والاضمحلال والضياع. ويمكن تقدير الحالة النفسية للمجتمع من خلال معاينة قدراته الإنتاجية، ونشاطاته الصناعية والاقتصادية. فالحالة النفسية التي تتمتع بها مجتمعات النفط غير الحالة النفسية التي تتمتع بها مجتمعات لا تملك نفطا، اقرأ المزيد
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة نشر الفضائح لشخصيات عامة على جميع الأصعدة.... اجتماعي سياسي، فني، رياضي، سواء بهدف تصفية حسابات من أي نوع، أو بهدف ادعاء الغيرة على الفضائل أو الشرف أو الدين. وهذه الظاهرة إن نجمت عن شيء فهي تنم عن انحدار في أخلاقيات المجتمع، بل هي وسيلة متدنية لا تناسب أخلاقياتنا، والمفروض أنها غريبة عن مجتمعنا الشرقي الذي يحكمه التدين الكامن فيه بالفطرة. نحن كبشر معرضين أن نخطئ بصرف النظر عن نوع تلك الخطيئة أو الخطايا،.. ولكن الكارثة الكبرى أن نصنع من أنفسنا حكاما وقضاة ونقوم بفضح من أخطأ ونشر عوراته عبر كل اقرأ المزيد
المجتمعات لا تتقدم وتكون بلا منارات علم ومعرفة وثقافة وفلسفة، وأقلام فكر ودراية تحفزها على التوثب والانطلاق الآمن الواثق الواضح المبين. وعندما تخلو المجتمعات من أنوارها الدالة ومشاعلها المضيئة، فأنها تتيه وتتخبط في الموعرات والدياجي الراسيات على صدرها، والمكبلات لحركتها وقدرتها على التواصل مع مفردات ما فيها من الطاقات والقدرات الإبداعية والإنسانية. والتنوير العلمي سلوك حضاري بعيد الامتداد في أعماق الأزمنة والأمكنة البشرية، وهو تقليد يحقق التراكم المعرفي والإدراكي الضروري لتشييد عمارات الحضارات الوطنية. فالمجتمع العربي في عصور تفتحه وانطلاقه كانت تزدحم فيه مصادر التنوير العلمي ورموزها، اقرأ المزيد
مجتمعاتنا تتعرض لموجات أباطيل وأعاصير أضاليل, منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم, وقد ترسخت في وعي الأجيال مصطلحات وثوابت أسست لآليات الرؤى والتصورات والتقديرات, وفقا لما يخدم المصالح ويؤمّن التطلعات والأهداف الظاهرة والخفية. وما يدور في الواقع العربي أنه مبرمج وفقا لتلك الأباطيل, التي يتم ترويجها وتعزيزها وتسويغها وإقرانها بأحداث ذات انفعالية عالية, لكي تحقق ثباتا أكبر وتأثيرا أقدر في سلوك الناس وتصوراتهم وتوجهاتهم, مما يُسهل التحكم بتقرير مصيرهم. ومن الواضح أن مناهج التعليم في المدارس وكذلك أنظمة الحكم والدساتير قد تم وضعها من قبل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى اقرأ المزيد
الفساد نظام فعّال لديمومة دمار الهدف، هكذا هو التعريف الأصوب للفساد، أما القول بأنه جرثومة، سرطان، مرض، وباء وغيرها من التوصيفات لا تقترب من جوهر الفساد، فالذين حققوا أهدافهم بتدمير الدولة وتحطيم الهيكلية الفاعلة في القوة والنماء، لن يسمحوا للبلاد أن تستعيد أنفاسها وتبني ذاتها وتؤسس لموضوعها الحضاري المعاصر. ولكي يكون البرنامج مستوفيا لشروط التدمير الدائب النشاط، لا بد من نظام فاسد تترعرع فيه آليات الانقضاض على الحياة، ويتأكد الفتك بالأمل والرجاء، وتُدام الانكسارات والصراعات والقهر بالحاجات والحكم بالتبعيات. ووفقا لذلك يتميز رأس النظام بالفساد في المجتمع المُستهدف، اقرأ المزيد
ذات يوم كنت أتجول في مهرجان ثقافي في أحد الميادين، وقد نُصِبَت الأكشاك وأقيمت الفعاليات والنشاطات الثقافية المتنوعة، وما جلب انتباهي تواجد عدد من الأكشاك لفرق وجماعات ترفع رايات الإسلام، وكل منها قد وضع لافتة تقول أن إسلامه هو الإسلام الصحيح. فكل مذهب وفرقة وجماعة ترى أنها تمثل الإسلام الصحيح، وغيرها تمثل الإسلام المنحرف أو الخطا!! تعجبتُ من الأمر، وكان معي صديق فسألته: هل انتبهت لهذه اللافتات؟ قال: أي لافتات؟ قلت: انظر إلى هذه وتلك؟ ضحك صديقي وقال: إنهم تجار دين، ألا تراهم قد أقاموا أكشاكهم ليروجوا لبضاعتهم. لت: ربما تكون تجارة، لكنها مغشوشة، وهذا يتنافى مع بديهيات الإسلام. قال: أي إسلام، لقد ذهب الإسلام مع أهله. اقرأ المزيد
يبدو لي كلما تأملت السلوك البشري، أن العقل اختراع سرابي تضليلي، ذلك أن الذي يقود السلوك هي طاقات النفوس الهوجاء التي تسخر ما في البشر لتحقيق إراداتها. فالنفوس هي القائدة الرائدة المتسلطة المستبدة المهيمنة على التفاعلات البشرية كافة، ولا يمكن الإقرار بوجود العقل المجرد أو الفاعل في السلوك، ذلك أن أي سلوك هو من إنتاج آلات أخرى تنكر العقل. التأريخ يحدثنا بذلك، ومسيرة البشر الوحشية الغابية على مرّ آلاف القرون، تقدم لنا الأدلة الدامغة على معطيات تفاعلاتنا، التي تؤكد بأنها أقسى من أي تفاعلات تحصل ما بين المخلوقات الأخرى الجامدة والحية. فلماذا البشر معبّأ بالوحشية الشرسة ويدّعي العكس قولا؟!! فهل إن الإنسانية والعدل والسلام والرحمة مخترعات مخادعة للوصول إلى غايات نفسية دفينة في خفايا الأعماق البشرية، اقرأ المزيد