أبكي وأمي وأبي لا يبالون

رد المستشار

بالطبع أنت تحتاجين مساعدة، وأعتقد أن مشكلتك مهمة جداً لأنها تؤثر على حياتك ومن ثم أنا مهتمة بالإجابة عليك.
 
 بالنسبة لإحساسك بأن كل الناس يعتقدون أنها سخيفة فأحب أن أسألك: هل أنت متأكدة أنهم يرونها كذلك؟ أم أنك لم تطرحيها أصلاً على من حولك؟ فلم تخبري بها أمك أو أبيك أو حتى أفضل صديقاتك!! ومن ثم لا تعرفين هل هم مهتمون بها أم لا.
 
 تقولين "أنا مضطربة ومكتئبة" وهذا نتيجة طبيعية لأنك تدورين في حلقة مفرغة أي أنك كلما ظللت تفكرين في المشكلة كلما شعرت بالاكتئاب ولكن كلما فكرت في الحلول الممكنة للمشكلة وبدأت في تنفيذها بالفعل كلما كنت إيجابية وقل اكتئابك.
 
 بالنسبة لعلاقتك بأبيك وأمك: علمتني أستاذتي بالجامعة أن أي علاقة بين طرفين هما معاً سبب فيها فتحسنها يعني أنهما يعملان على ذلك والعكس صحيح، وينطبق ذلك على علاقتك بكل من والدك ووالدتك، فإذا كان أبوك لا يتحدث معك ابدئي أنت بالتحدث معه! لا أطلب منك أن تفتحي معه مواضيع كبيرة ولكن ابدئي بالسؤال عن أخباره أو بأخذ رأيه في عشاء قمت بإعداده... المهم أن تبدئي أنت وتستمري وسوف ترين النتائج بإذن الله.
 
 إذا كنت تنتظرين أن يهتم هو أو أمك بك في ظل انشغالهما الشديد بالعمل ومشاغل الحياة التي لا تنتهي فلك مطلق الحرية!! ولكن لا أعرف إلى متى ستقفين سلبية تشاهدين المسرحية من بعيد ولا تشاركين فيها!!.
 
 تقولين عن والدك: "أتعرف أنني أتعجب دائما لماذا أحبه، ليس لدي سبب واحد وجيه لحبه ولكنني أحبه" وهذا معناه أن بداخله جوانب جميلة أو ربما مشاعر أبوة لم يتعود على التعبير عنها تجاهك ولكنك تشعرين بها ولهذا السبب تحبينه!
 
 جزء مما تقوله لك أمك صحيح وهو أن ننظر دوماً إلى الجانب المضيء من الأمور فالحياة فيها الحلو وفيها المر فإذا ركزنا على الجوانب الإيجابية سنراها وسيتدرب مخنا على التقاط الأمور الإيجابية والعكس صحيح، أمك منشغلة طوال الوقت بما هو مفيد حيث تعمل خارج المنزل وترجع مرهقة ولكنها تصر أن تحضر للأسرة كلها الطعام وتحافظ على نظافة المنزل، ولا يسعها الوقت أو لا يكون لها طاقة لتجلس معك... أعرف أنك في حاجة إليها كأم وأن عليها بالفعل أن تهتم بمشاعرك وتتحدث إليك، ولكن أي منا لا يختار والديه.
 
 لذلك لماذا لا تفعلين مثلها وتوجهين طاقاتك الهائلة وإمكانياتك الكبيرة المدفونة بداخلك وتعبرين عنها؟... فكري فيما يمكن أن يشغل تفكيرك ووقتك –خاصة مع قدوم الأجازة- وفجري تلك الطاقات.... من نعم الله عليك أن هناك صحوة في الشباب في الآونة الأخيرة وكثيراً ما أقابل من يسعى إلى عمل تطوعي يستفيد منه في الدنيا والآخرة.
 
 ستجدين على النت كثيرا من المواقع التي تطلب المشاركة وعمل الخير، ستجدين حولك أطفالاً في حاجة إلى بعض إمكانياتك المادية فلماذا لا تتصدقين بقدر يسير من مالك ووقتك وستجدين في عيون هؤلاء الأطفال الاهتمام والحب الذي تبحثين عنه؟؟
 
 آنستي لقد جربت أن تركزي على مشاعرك ولم تصلي إلى نتيجة مرضية، ماذا ستخسرين إذا جربت عمل النقيض وهو تجاهل مشاعرك، أتدرين لماذا لا تبكي أمك طوال الوقت كما تفعلين أنت؟ لأنها تنشغل بأمور خارج كيانها المحدود!! ألا تمر هي بمشاعر مشابهة لما لديك؟ لا أعتقد أن الإجابة ستكون لا، ولكنها لا تعطي نفسها فرصة للتفكير بل تظل تعمل وتهتم بأمور خارجها بدلاً من أن تتأمل مشاعرها الداخلية!! استفيدي من هذا الجانب الإيجابي في حياتك، هذا النموذج الحي الذي بعثه الله إليك كي ترى أن هناك أساليب أخرى للحياة يمكن أن نجربها.
 
 أمك لا تسألك لماذا تبكين، هل أنت كالطفل الصغير الذي يبكي كي يحصل على اهتمام أمه، أو يبكي كي يناديها فتلبي له طلباته؟ إذا كنت تبكين لأن لديك مشكلة بالفعل فأنت من يعاني أكثر ممن حولك وإذا كنت صاحبة المشكلة لا تهتمين بحلها!! فمن المتوقع ألا تهتم بها أمك أيضاً، إذا أردت أن تهتم بك وبالحل اهتمي أنت بنفسك وأشركيها في مشكلتك.
 
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي  الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، الحقيقة أنني لا إضافة لدي بعد ما تفضلت به الأخت المستشارة الدكتورة داليا مؤمن ، غير أن أحيلك إلى بعضٍ من المشكلات التي تصف مشاعر مشابهة من أبنائنا وبناتنا العربيات، ستعرفين منها أنك أفضل من كثيرين والحمد لله، ولعل فيها ما يفيدك فانقري العناوين التالية:
 زمن الحصاد: أنا وأمي وأبي : الجميع حائرون
 احباط واكتئاب مستمر ...... فما الحل ؟
 الوصفة السحرية لتخطى الصعاب جسر المودة والتفاهم
 لا أب ولا وطن: قلوب تنكر نبضها
 من أم أسطورة إلى امرأة غريبة : الأم العربية
 كثرةُ البكاء أم نقص التوكيدية ؟
 "أبى خائن..أصبحت أكرهه"
 
 وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.
 ويتبع>>>: أبكي وأمي وأبي لا يبالون مشاركة

المستشار: د. داليا مؤمن