يبدو أن بعض المجتمعات تعاني من الاحتلال النفسي من قبل قوى طامعة بها، وهو نوع من الاستعمار الناعم الذي يفضي إلى تحقيق الاحتلال العقلي المطلق، ويعني أن عناصر الهدف تحقق بتفاعلاتها القضاء على الهدف، فالطامع لا يخسر شيئا، بل يربح كل شيء!!
وتلعب وسائل الإعلام والنخب والأقلام دورها في تأمينه والتعبير عن تفاصيل مفرداته، وآلياته اللازمة لديمومة الانقضاضات البينية والصراعات الذاتية، المؤدية إلى تدمير جوهر الهدف وكينونته المادية والفكرية والمعنوية، فيتحول إلى عصف مأكول.
وفي زمن التواصل البشري المباح، تحولت الصور والكلمات إلى أقوى سلاح، فما عاد للممنوع شأنا وقيمة، وذهبت البشرية إلى عالم بلا حدود.
ومن الواضح أن المجتمعات الضعيفة المتأخرة، هي الضحية الدسمة لأدوات الاحتلال النفسي، لتوفر عوامل الخلخلة والتفرقة القاضية بتآكل عناصر الهدف وإضعافها لبعضها، حتى تتهاوى في أحضان الطامعين الساعين لافتراسها أجمعين.
فالدنيا تبدلت والبشر تغير والعقول ابتكرت ما يعجز عن استحضاره الخيال المنفلت، وغدت الأرض بحجم شاشة الهاتف النقال.
ويمكن القول إن أي دولة لا تتناسب أحوال مواطنيها مع ثرواتها وطاقاتها الحضارية، إنما تعاني من الاحتلال النفسي الذي يؤهلها للانمحاق، والتغني بالمظلومية والتشكي والاعتماد على الآخرين في بقائها وتوفير طعامها.
فالدول الغنية ومواطنوها فقراء، على نخبها أن تفتش عن آليات الاحتلال النفسي الفاعلة فيها وكيف يُستعبَد مواطنيها، يضخ رؤوسهم بالبهتان والضلال، وبالغابرات والمحال، حتى تجدهم يتبعون وينعقون ويقلدون، وبالسمع والطاعة يترنمون، وعلى بعضهم يتأسدون.
وهنا يستوجب العمل على تنمية الثقافة النفسية، واستنهاض الوعي النفسي الجماهيري، لكي تتدرع المجتمعات بالواقيات من آفات الاحتلال النفسي الغاشم.
فهل لدينا القدرة على تطهير رؤوسنا من المدمرات؟!!
واقرأ أيضًا:
هل نعرف أجدادنا؟!! / علّمونا العربية وسنعرف الإسلام"!!