استرجاع ابني المراهق
نعيش في مجمع فلل مكون من 5 إخوان ونحن عائلات مترابطة بفضل الله ومحافظة، أنا جامعي عملي بين البحرين وجدة (14-17 يوم في جدة،10 أيام في البحرين) أسافر مفردا بسبب طبيعة عملي واختلاف بيئة جدة عن البحرين، لدى محمد أخوات 20 ، 18، 17 و 9 سنوات، والدة محمد جامعية متقاعدة.
محمد13 سنة كان في مدرسة قوية وخاصة منذ pre-kg وكان يخضع لتدريس الانجليزي والرياضيات فقط مع مجموعة من فصله حتى الصف الأول ابتدائي بتوصية من مدرسته حتى يتعود على باقي المواد، وكان يحقق درجات مرتفعة فيهما، وكان عندنا اعتراض على ذلك حيث أنه سيجد صعوبة في التعامل مع باقي المواد لاحقا، لكن كانت تأتينا التطمينات بأنه سيتمكن من اجتياز هذا الوضع.
في منتصف الفصل الأول للصف الثاني الابتدائي أبلغتنا المدرسة بعدم قدرته على الإلمام والتعامل مع باقي المواد-وهو ما توقعناه سابقا- وعرضوا تنزيله للصف الأول ابتدائي مع التلميح أنه لن يوفق في الاستمرار في المدرسة... فرفضنا ونقلناه لمدرسة خاصة أخرى.
ركزنا في اختيارنا للمدرسة الجديدة بين الدين والقيم والأخلاق وأنها ذات رسالة/رغم أنها مختلطة... وضحينا بسوء المرافق والمبنى مقابل ذلك.
استمر محمد فيها حتى الصف السادس الابتدائي كان ينجح فيها ويحقق نتائج جيدة جدا... لم أكن مقتنعا بمستواه وبدرجاته التي يحصل عليها... وكانت والدته تخالفني الرأي حرصا منها على المحافظة على تربيتة وأخلاقه من باقي المدارس الأخرى.
.
ارتبط محمد كما ارتبط بعض أقرانه خلال الصف الخامس والسادس الابتدائي بابن المديرة الوحيد المدلل وهو أحد الإداريين في المدرسة في العشرينات من عمره... وكان القاسم المشترك بينهم هو لعبة البلاي ستيشن... أقلقتنا علاقة ابننا وتعلقه بابن المديرة وحاولنا بشتى الطرق إبعاده عنه لأننا لم ننظر إليها انها كانت علاقة صحية (وتخوفنا أن يكون فيها تمهيد لتحرش لا قدر الله).
في نهاية السنة السادسة الابتدائي اكتشفنا خدعة مستوى ابننا في مدرسته عندما قررت أحد أمهات الطلبه (المتفوقين) نقل ابنها لأحد المدارس الأخرى ولم يجتز امتحان مدرستين... وعليه قررنا نقل ابننا لمدرسة أخرى.
كان محمد يحلم بالرجوع لمدرسته القديمة التي نقل منها في الصف الثاني الابتدائي، وإرضاءا منا له امتحن فيها ولم يجتز امتحانهم وبالتالي لم يقبل، وقبلت فيها أخته الصغيرة التي يعاملها بقسوة ويتمنى لها الفشل في هذه المدرسة.
!
تم قبوله في مدرسة أخرى محترمة باشتراط أن يعيد السادس الابتدائي لعدم اجتيازه امتحان القبول فيها وحاولنا بشتى الطرق اقناعه بأن نقله في مصلحته لكنه كان دائم اللوم والتذمر من تركه لمدرسته وأصدقاؤه وشديد الإلحاح للرجوع لها.
.
اكتشفت السنة الماضية (مايو تحديدا) أن ابننا لازال على اتصال بابن المديرة-رغم انتقال ابننا لمدرسة أخرى- وأنه أهدى إليه ساعة يد وأسورة شبابية (رفضنا أن يلبسها حينها)... وقد كذب ابننا علينا بشأنهم حيث أقنعنا أنهم هدية من أحد أصدقاؤه بمناسبة عيد ميلاده... حتى صارح أخته(كاتمة أسراره) بأنها هدية من ابن المديرة. وكانت صدمة كبيره لنا! اعددت سيناريو مع زوجتي أنني سأشكر والد صديق محمد (وهو صديقي بالمناسبة) الذي أهدى له هذه الهدية الثمينة
... فأسقط في يده وخاف أن نكتشف كذبته وأقر بالحقيقة، للأسف علمنا أنه تقابل مع ابن المديرة بعيدا عن بيتنا وسلمه الهدايا وأصابنا الرعب من أنه ينوي له شرا بالتقرب منه والتحرش به، قابلت مديرة مدرسته السابقة وشرحت لها كل الملابسات وإصرار ابنها على هدم كل القيم عند ابننا وتعليمه الكذب والتمرد علينا وسوء الأخلاق معنا وهددتها باللجوء للشرطة حال اقترابه منه.
... عانى محمد بعض الشيء في التأقلم مع مدرسة الجديدة لصعوبتها بالنسبة له ولركاكة تأسيسه واجتاز السادس ابتدائي ونقل للأول عدادي بفضل الله وأسس صداقات كثيرة.
طوال السنة الماضية وحتى شهور مضت كان يلومنا على إعادته للسنة ونقله من مدرسته!
نتيجة لملاحظة والدته لمعاناته النفسية جراء تأخره لسنة عن أقرانه في مدرسته القديمة، اقترحت والدته أن أعرض عليه الانتقال إلى مدرسة أخرى أقل في المستوى- هينة نسبيا في مناهجها - وقد يكون عندهم استعداد لترفيعه سنه (بعد امتحانه) كي يكون متساويا مع أقرانه... كذلك اقترح على أحد الأصدقاء التربويين التحاور معه وأن أعرض عليه نقله لأي مدرسة يختارها(بإستثناء طبعا مدرسته السابقة).
تكلمت معه بهذا الخصوص وأعطيته الخيار بتحقيق رغبته بالانتقال لأي مدرسة دون تحديد(بإستثناء المدرسة السابقة السيئة) ثم ذكرت له المدرسة التي اقترحتها والدته ... تردد ثم تمسك بمدرسته الحاليه وأصر على عدم الانتقال وأنه تعود عليها وعلى أصحابه.
ابننا محمد يحافظ على صلواته قيادي ومحبوب ويكون صداقات كثيرة ولكن خلال السنتين الأخيرتين تغير سلوكه إلى الأسوأ بالذات معنا كأبوين ومع إخوته، وكذلك كثرة الشكاوى عليه في المدرسة من مشاغبته في الفصل وعدم احترام بعض المدرسات وتشتيت انتباه الطلبة بكثرة التعليق والضحك والتقصير في الدراسة وأحيانا التشاجر العنيف مع الطلبة وصفع بعض الضعفاء منهم والتسلط عليهم ... أصبح عدوانيا ولا يطيق البقاء معنا مهما حاولنا استرضاؤه وكسبه، علما بأن سلوكه مختلف تماما وهاديء ومحترم في بيت خالته بسبب مصاحبته لأبناؤها رغم أنهم يكبرونه سنا.
كنت أنا وأمه نستعمل أسلوب الضرب معه ونحرمه من تلفونه أو من البلاي ستيشن أو من الخروج مع أصحابه كعقاب على سوء سلوكه وأخلاقه يؤثر فيه العقاب لفترة ثم يعود لنفس السلوك بعد استرجاع المزايا
.
أدركنا مؤخرا خطأ استخدام أسلوب الضرب وعاهدته أن لا أمد يدي عليه ... رغم استفزازه الشديد لكلينا ولأخواته وضربه المبرح لأخته الصغرى ... مما يجعل أمه أحيانا لا تمتلك أعصابها وتضربه
.
منذ أكثر من شهر تقريبا ... أسر لأخته (كاتمة أسراره) بتجربته هو وابن عمه 16 سنة للسيجارة الالكترونية مع ابن عمته المدخن 20 سنة، وكنت مسافرا، لم نشأ أن نهدم الثقة بينه وبين أخته.
اخترت ابن عمه الأكبر للتحقق من الحدث وتحذير ولوم ابن عمته من مغبة هذا الفعل، أنكر ابن عمته الواقعة تماما ونفاها أيضا ابن عمه 16سنة!! وشككنا في روايته... لم نثر معه الموضوع ولم نعلم كيف نفتحه معه لأنه لن يسر مجددا لأخته بسر.!
منذ أسبوع تطور الأمر بتجربة محمد للسيجارة العادية ورميه لها لعدم إعجابه بطعمها ثم شراءه لسيجارة الكترونية من الانستغرام واستخدامه لها وهنا كانت الكارثه! وصارح أخته بها! كان يستخدمها في سطح المنزل عند خروجنا أو في الحمام، لم نعرف كيف نتصرف معه حرصا منا على عدم هدم الثقة بينه وبين أخته! كان يراهن على عدم اكتشافي له ويخاف من اكتشاف والدته له (يقول لأخته أمي تحس!!! ) كانت والدته تلمح له باختلاق قصة حلم مزعج حلمت به وأنه هل يفعل شيء يغضب الله؟ لم تنطلي عليه الحيلة وشك أن أخته وصلت خبره لأمه.
لأن أخته تعرف أين يخبيء سيجارته الالكترونية... قمت بتخريب مقبس شحنها وكذلك حاولت جعلها لا تعمل
.
كلنا حيره في التعامل مع الموقف وكيفية مفاتحته في الموضوع دون فقده لثقته في اخته؟؟ وجميع إخواته في قلق عليه (بإستثناء الصغرى لا تعلم)
الموضوع الأخير هو دراسته لمادة الطهارة والغسل وأحكامهما في المدرسة وعدم الشرح الوافي من المدرسة علما بأنه لم يبلغ الحلم حتى الآن .. لكنه على وشك حيث بدت التغيرات تطرأ على جسمه.
لذلك جلست معه لوحدنا وشرحت له بالتفصيل عن معنى المعاشرة والحيض والاحتلام والاستمناء وحتى كيفية الولادة.
جميعها كانت معلومات يسمعها لأول مرة في حياته، لامتني أمه على التفصيل له فيها بينما أرى أنه يجب أن يعرفها مني طالما سيبلغ الحلم خلال أشهر قليله، بدلا من أن يستقيها من مصدر آخر. خصوصا أننا نعيش عصر النت وفتنته.. هل يعتبر هذا التصرف متناسب مع سنه؟
آسف على الإطالة وألخص أسئلتي في الآتي:
1)كيف نستعيد ابننا ونحتويه ؟
2) كيف نقلل من عدوانيته وسوء سلوكه معنا ومع اخواته؟
3)كيف نتعامل مع تجربته للسيجاره ونمنعه منها.
4) ما هي نصيحتكم لنا للسيطرة على استخدامه للآي فون تجنبا لدخوله على مواقع مخله بعد أن
يبلغ الحلم؟ علما بأن هذا السؤال احترازي ولم يقم بذلك ... لكنه وارد في المراحل القادمة.
5) ما هي ملاحظاتكم على أسلوبنا كوالدين وكيف نقوم أنفسنا؟ نعلم أن أسلوب تربيتنا قد يكون جزءً من المشكلة... ماهو السبيل لتصحيحه؟
وجزاكم الله خيرا.
يوسف الملا
5/2/2018
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله "عبد الله"، وأهلا بك على مجانين موقع الصحة النفسية والاستشارات المجانية، وأعتذر عن التأخير في الرد على استشارتكم.
إنّ نظرة عامة لوضعكم، بصفتكم أسرا، يقرّب الصورة لذهني فيما يخص مشكلة ولدكم المراهق (وأعي أن المشكلة لا تقتصر فقط على وسطه، بل يتدخل فيها هو كشخصية مستقلة لها ميولها وسماتها وصعوباتها) فأنتم عوائل محافظة ومترابطة في تجمعات سكنية راقية villas مع مستوى ثقافي جامعيّ، هذه ظروف مناسبة جدا لصناعة ماكينة للمحاسبة والتقييم لطفل متعثّر مدرسيّا مثل محمد.
فالعوائل المجتمعة تنتج تنافسية ومقارنات ولو بشكل لا شعوريّ على شاكلة "الوصف للأحداث": (فلان ابن عمك حصّل على نتائج رائعة، فلانة ابنت خالتك ممتازة في الرياضيات، فلان منضبط ...) ويأتي المستوى المادي والثقافي كمفرز أساسيّ لنوع التطلعات والترقبات إزاء الأطفال والنشأ، وبه توضع معايير الاستحسان والقبول لهم، فالأبوان المثقفان والجامعيان يكونان أكثر وعيا وصرامة فيما يخص الدراسة والتحصيل المعرفي والمستقبل المهنيّ ليكون ابنهما أفضل أقرانها إطلاقا ! (نوع من إسقاط الأحماني المثالية التي تحطم طفولته بكثرة الضغط وصعوبة الهدف) وربما يقدمانه دون وعي على ما يحتاجه الطفل بشكل أكثر تأكيدا كالقبول والحب غير المشروط، والتفهم.
المستوى المادي، له علاقة من جهة أن الأسر التي تعيش في رخاء تحب دائما لأولادها أحسن شيء، فبعد توفير كل ما يحتاجه الأولاد والبيت، لم يبق إلا "تلميع" الطفل والمراهق ليكون صورة حسنة لتلك الأسرة "اللامعة" ويصير الطفل هو أيضا موضوع استثمار للضبط والإتقان والاختيار والكمال، الذي خضعت له الجدران وصباغتها، وأثاث المنزل وجودته، ونوع السيارات وفخامتها!
وإني أتصور يا سيد يوسف وأنت تغيب أكثر الشهر، ثم تأتي عند أولادك في البحرين لمدة 10 أيام فقط، أن مشكلة الدراسة والتحصيل ستكون عندك قضية لوجيستيكية ستبثّ فيها بسرعة وتسأل عن تقدم ابنك ودرجاته، لتعود بسبب ضغط العمل وأنت قد وجدت حلاّ للمشكلة، مما يعني أنّ حضورك حسب تخميني يعطي الأولية للمشكلة وأبعادها مما يجعلك في نظر ولدك "مفتّشا تربويا".
طبعا سيكون دور للأم الفاضلة الجامعية، والتي ربما تفصل لنا في طريقة تعاملها مع المشكل في متابعة لاحقة، وإذا أضفنا الجانب المحافظ في التربية مما يعني أوامر ونواهي وقواعد اجتماعية ودينية كثيرة لا يحبها الكبار فضلا عن الصغار، قد يشكل هذا كله ضغطا رهيبا على محمد ويصنع منه متمرّدا رغما عن أنفه هو قبل أنوفكم أنتم.
ما وقع في المدرسة من خطأ بيداغوجي فظيع (تعليم اللغة والرياضيات، وكأنه حاسوب مبرمج) قد فات، وربما تخيلت تلك المدرسة أن الانجليزية (عنوان العلم) والرياضيات (عنوان الذكاء !) كافيان في العملية التعلّمية، وما حصل مع مدرسة القيم والمبادئ ذات المستوى الضعيف يحصل مع الكثيرين أمثالكم، يفضلون تلك المدارس للمحافظة على أخلاق أولادهم، والظاهر أن الدنيا تضعنا أمام مفارقات صعبة مثل هذه، إما مدرسة حريصة على القيم المحافظة ضعيفة المستوى، أو أخرى عكسها.
المهم أن تلك السنين لا يمكن العودة إليها، لكن يمكن تقليل الضرر التي خلفته.
قد أحسنت سيد يوسف بالذهاب عند المديرة وتنبيهها عساها تنهى ولدها عن مصاحبة ابنكم، ليس لأنه حقا متحرش، وإن كانت الاحتمالية قائمة وتخوفكم مشروعا، بل لمجرد تقليل مصادر التشويش في الجانب التربوي، وإن كنت أرى أنّ مصدر التعلق بابن المديرة هو ببساطة video game فلا تتخيلون سعادة وحماسة الأولاد لمثل تلك الألعاب، وهنا الخطر، لأنه سيكون مطواعا وقد يستغله أحد على سذاجته. إضافة إلى أن ابن المدير يشكل له ذلك البالغ cool الذي لا يعاتبه على الدراسة ولا يحكم عليه بل ويلعب معه في البلاي ستيشن ولا يعظه حول تضييع الأوقات والدراسة بدل اللعب .. إلخ.
قد أحسنت أيضا بعدم تحطيم الثقة القائمة بين أخته وبينه، كانت خطوة ذكية، حتى تحافظوا على مصدر معلومات مهم للغاية.
طريقة الضرب خاطئة كما عرفتم، وهي أسهل الطرق بالنسبة للوالدين، لأنها تفرغ التوتر بسرعة، وترهب الطفل وتؤلمه، لكنها أبعد عن إيجاد أي حل جذري ومنطقي للمشكل، وربما يعزز السلوك السيء إذا كان الطفل معاندا، عودة السلوك بعد العقوبات يدل على أن الخلل قائم أو فترة معالجة السلوك لم تكن كافية قبل إعادة إنتاج أسبابه من وسط الطفل،
لا أعلم هل كان يعامل أخته بقسوة قبل أن تدخل مدرسته التي فشل فيها، فهي بالنسبة له ذلك الشخص الذي حصل على ما لم يحصل عليه ونجح فيما لم ينجح فيه، وحازت على التقدير الذي لم يتمتع به، فانتصارها في تلك المدرسة لا يعني شيئا إلا بقدر ما يعني في الجو الأسري من تقدير وحب ونظرة رضى بعدها، فالأطفال يؤنبهم ضميره ويشعرون بالضيف من الأداء داخل الأسرة، والأسرة هي من تضع المعايير وراحة الأولاد النفسية وتقبلهم لذاتهم تمرّ بمحك تلك المعايير، منهم من تسير الأمور عنده بسلاسة، ومنهم من يتعثر فيجد نفسه مركز الانتقاد والنظرات والتأسفات بدل أن يجد التقدير والحب غير المشروط والتشجيع والفخر.
على أي هو اختار في الأخير مدرسته وتأقلم معها وشكل صداقات كثيرة، وهذا جيد وكفيل بأن ينسى أماني الطفولة، تبقى قضية التدخين والعنف والتسلط والاستفزاز، قبل أن أجيب عن أسئلتك سيدي، لا يمكنني أن أحكم على الطريقة التي شرحت بها لابنك قضايا الجنس والولادة، لأن الطريقة قد تغير كل شيء، وأنا مع معرفة الطفل بطريقة جيدة من أبويه في تلك السنّ قبل أن يعرفها مشوهة، على أن يكونوا هم أيضا يعرفون الطريقة الجيدة! دون إصباغ طابع تدنيسي على الشرح كما قد يفعل المحافظون لتنفير ابنهم من تلك القضايا، وهي منه، فينفر من كونه إنسانا! ودون أن يكون الشرح مستفيضا صادما أو علميا جدا وغير واضح. والنقاش في هذا بين الآباء والأبناء يوطد العلاقة ويقرب المسافة ويضع تصورا لآباء متفهمين متقبلين موجهين.
بالنسبة لأسئلتك:
1- كيف نستعيد ابننا ونحتويه ؟
- أول خطوة هي تقبله أكثر بعيوبه وضعفه وتحصيله الدراسي، وقول ذلك له مباشرة
- الكف عن مقارنته بأقرانه وأقاربه، والحديث أمامه عن إنجازات الآخرين، بل الحديث عن إنجازاته هو لا غير، حتى إن كانوا أخواته.
- عند رجوعك عشرة أيام للبحرين لا تحدثه أبدا عن درجاتك والمواد والمستقبل ولا تعظه، صاحبه اضحك معه، العب معه قليلا في ألعابه الالكترونية والتي سيشعر فيها أنه متفوق عليك وقد يعلمك وتطلب منه ذلك، ولو نصف ساعة.
- اعطه مهاما "بطولية" في نظره وتدل على ثقتكم فيه وتقديركم له، وأنتم أعلم بها، مهام ليس من باب "السلوك الحسن" فقد يفر منها، لكن من باب "ما عندنا غير محمد ليقوم بهذه المهمة التشريفية"
- عبروا عن أسفكم على ما يفعل مع أقرانه، بعيدا عن الحرام والحلال، لماذا؟ لأن تحسيسه بأنه ضائع ضائع سيزيد من تمرده وأخطائه. ولن يشعر بالتأسف ويمسّه إلا إن شعر باختلاف في المعاملة، بشيء يضيعه على نفسه بذلك التأسف، وهو التقدير والحب والثقة.
2- كيف تقللون من عدوانيته اتجاهكم:
هذه مهمة صعبة ولكن إن عرفتم جذورها بالنقاش بعيدا عن السلطة الأبوية وطريقة "المحاسبة" ربما تصلون لنتيجة ما، مع استبعاد كل الاحتمالات المرضية الأخرى، أغلبية حالات العنف لدى المراهقين ناتجة عن التضايق والتوتر وتفريغ الغضب بطريقة غير ناضجة، ماذا عن تعبيره وسطكم وكيف تتقبلون كلامه وتعبيره عن نفسه ؟ كيفما كان ذلك التعبير؟
3- كيف نتعامل مع تجربته للسيجارة ونمنعه منها:
- بالحديث معه حولها أولا، وإيجاد مخارج لإظهار "فتوّته" ورجولته مثل الرياضة وفنون القتال أو مواهب أخرى. أو اختيار السيجارة دون نيكوتين على الأقل، إلى أن تجدو حلا أو يقلع عنها. لكن يجب مرافقته حتى لا ينتقل لأنواع أخرى من المخدرات.4- ما هي نصيحتكم لنا للسيطرة على استخدامه للآي فون تجنبا لدخوله على مواقع مخله بعد أن يبلغ الحلم؟ ..
- يمكن تفعيل حماية من الروتر نفسه، وهذا بسيط تقنيا، ولا تحتاجون وضعه بعد ذلك في كل جهاز، منع من المصدر مباشرة، وتوعيته بأضرار الإباحية النفسية والاجتماعية (تناقشها معه بين الحين والآخر دون ابتذال) وليس فقط وعظه دينيا بأنها حرام، فكل من يفعل المحرمات يعلم أنها حرام ولا يستطيع تركها مع ذلك! يعني القضية قضية قناعة نفسية أكثر من مجرد معرفة حكمها.بالنسبة للسؤال الخامس، فقد أجبت عنه فوق، وهذا جهد مقل، ولا بد من متابعته وعرضه على اختصاصي إن تطلب الأمر، فلا عيب في ذلك بل ذلك مطلوب.
وأترككم مع بعض الروابط:
اضطراب التصرف في الأطفال: هل له علاج؟
اضطراب الشخصية السلبية العدوانية
أبناء الصمت والقسوة: أحلام اليقظة ، كيف أربي ابني؟