اكتئاب بسبب الماضي
بداية أرجوكم وأسألكم بالله لا تحذفوا رسالتي ولكن ساعدوني، ما لي بعد الله غيركم، السلام عليكم.. أولًا الحمد لله لأني وجدت من يساعدني ويسمع كلامي على الأٌقل.. وأرجو أن تتم قراءتي إلى النهاية، وأن لا تتم المجاملة أو إظهار الشفقة، ولكن مصارحتي بحقيقتي، كما أرجو مساعدتي، فليس لي من أحد بعد الله غيركم. واعذروني إن كان في الكلمات الآتية شيء غير جيد.. أنا لا أعرف من أين أبدأ قصتي؟ وكيف أقدم نفسي؟
أنا شخصية مليئة بالتناقضات، حتى أنا لا أفهم نفسي.. تعبت من أفكاري ومن ماضيَّ، أنا اليوم بخير ولدي صديقات رائعات حقيقيات، وأحب عائلتي وأتقرب إليها، ,أتحكم بسلوكي وتصرفاتي، وأفكر بشكل مختلف، وناجحة ولدي طموحات، ولكن بين يوم ويوم يهاجمني الماضي وكأنه يقول أن لا أمل يرجى من مستقبلي، فأنا لست سوية ولست مثل أي بنت طبيعية، بسبب أني مررت بأمور غير طبيعية ولم تمر بها واحدة..
تعبت لأني ما أعرف أأنا جيدة أم سيئة؟ أأنا نقية أم ملوثة؟ أأنا طيبة أو خبيثة؟ أأنا أستحق الموت أو أستحق الخير؟ أأنا بريئة أو مجرمة؟ هل كنت ضحية بسبب الظروف أم كنت أستحق ما حدث لأني مجرمة وبسبب قراراتي؟ تعبت من الإخفاء وعدم إيجاد أحد أخبره بكل شيء، تعبت من الكتمان، تعبت من عدم وجود أحد يمد يد المساعدة، تعبت من البكاء كل مرة أكون فيها وحدي وأنا لا أعرف ما اللعنة التي أصابتني؟ هل كنت أستحق كل ذلك؟ هل أخطأت فأستغفر؟ أم أنتظر العقاب للطرف الآخر وأدعو عليه بأني كنت مظلومة؟ هل إذا رفضت أن أقول إن ذلك كان خطئي يعني أن الله سيغضب علي؟ هل مشاكلي هذه قابلة للحل؟! لا أعرف..
سأقول كل شيء ولن أكترث إن حكمتم علي بالسوء.. لقد مررت بالتحرشات الجنسية الكثيرة، مثل لعق العضو الخاص بي (المعذرة فأنا لا أجد كلمات أكثر أدبًا لأقول ذلك وأريد الصدق فقط) وهذه كانت البداية وكنت حينها 5 سنوات تقريبًا، وفي نفس السن كان هناك من أخذني وكان جارًا (ذهب بعد ذلك بفترة قصيرة) وأخذني عدة مرات وكان يرقدني على السرير في غرفته وهو أعزب وحيد، ويخلع بنطلوني ويلصق عضوه بي، (ممارسة سطحية) فقط، وهكذا، كانت هناك تحرشات كثيرة، لصق عضو، وغيرها، وكنت في الصف الخامس أو الرابع لا أذكر حين كان أخي يفعل نفس الأمور، وكان مراهقًا ربما في السابعة عشر، وأذكر أني أخبرته حين كان يقبلني ويحضنني عن كل ما حدث وعن الناس الكثيرين الذين تحرشوا، فاستمر بمداعبتي وقال أها، وكذا، هذا كل شيء،
لم تتأذ عذريتي، فلا أحد أدخل عضوه أمامي قط، وفي كل مرة تحرش كنت أتميز باستسلام تام، وهدوء، وكأني جماد، وكأن ما يحدث أمر طبيعي، وكنت لا أخبر أحدًا، وأول ما يخلص الأخ، أروح ألعب وكأن لم يحدث شيء، في بعض المرات كنت أشعر بشعور مزعج في عضوي فكنت أضغط على المكان إلى أن يختفي الشعور، وطبعا أعرف الآن أن الشعور كان يسمى الشهوة الجنسية وظهرت مبكرًا بسن 6 أو 7، وبالفعل كان يسمى عادة سرية، والتي مارستها كلما أتاني الشعور، وطريقة ممارستي كانت كما ذكرت، فقط ضغط على العضو ويختفي الشعور،
لم أدمن أبدًا، لكن فقط بين فترة وفترة كلما ظهر الشعور، أي أن شهوتي ما استمرت لأكثر من 3 دقائق تقريبًا في حياتي، إلا ربما مرة أو مرتين وذلك في سن 19 أو 20، في صف خامس دخلت الماسنجر أول مرة وليتني لم أعرف النت أصلًا، والمهم عرفت عدة شباب، ولم أكن أتحدث قط مع شابين بنفس الوقت لكن كنت سريعة التعلق إذا وجدت اهتمام أو حب ولطف، ولكن أيضا سريعة الترك والنسيان لو حصل تجريح أو إزعاج، لكن لم يحدث مرة كلام جنسي وكنت أحب وأعيش الأحلام بالزواج وفارس الأحلام مرة تلو المرة، وكأن كل مرة كانت جديدة، وكأني لا أتعلم، وكأني دمية بلا إحساس وجماد لا يحفظ أي خبرة،
وكنت كل مرة أقع فريسة الحب بقوة وكلمة توديني وكلمة تجيبني، ولكن شخص واحد فقط تكلم معي بكلام جنسي ولما لم أتفاعل معه ولم أبدي اهتمامًا بذلك، وكنت أتكلم كأني لا أعرف عما يتحدث، فأخبرني أنه خطب فتاة فغضبت وقلت لماذا لا تتزوجني أنا! وهكذا تركته، هنا أظن نهاية الطفولة، آه! هناك أيضًا زوج أختي في ليلة زواجه بأختي ذهبت مع أختي إلى بيتها الجديد وكانت متعبة فنامت ونمت جنبها، وأذكر أن زوجها نام على السرير وفعل نفس فعل من سبق، ممارسة سطحية، أعرف، أنا بنت سيئة، كل مرة أنظر إلى أختي وأحس بطيبتها أود أبكي.. لماذا فعلت ذلك بها.. لماذا أنا بهذا السوء؟
في سن 12 يعني صف سادس حدث ما أثر بي إلى اليوم، عرفت رجلًا متزوجًا أبًا ل4 أبناء، أكبرهم كان يصغرني ب3 سنوات تقريبًا، المهم هذا الرجل أبدى اهتمامًا بي، وحيث كان مشهورًا ومحترمًا أحببته وتعلقت به سريعا كعادتي، وكنت أحكي معه كثيرًا، مع الوقت تكلم عن الجنس، ومع الوقت صار يتكلم معي كذا مرة عن الجنس ويقول أشياء كثيرة ولأنني كنت أحبه كنت أفعل كما يريد لأنه كان يزعل إذا رفضت وقلت كلام جارح، ومع الوقت، طلب مني اللقاء، وهذه أول مرة يحدث بها كذا، فوافقت على مضض، وعلمني ماذا أفعل وكيف وماذا أقول لأهلي،
خرجت وكنا بسيارته، تكررت اللقاءات، كان يكتفي بالحضن والتقبيل وجعلي أمسك عضوه وهو يمسك يدي ويفعل العادة لأني كنت باردة تمامًا ولا أفعل بنفسي أي شيء لعدم اهتمامي بهذه الأمور، كنت أحب الحضن والتقبيل فقط، كنت أحب الحضن بالذات كثيرًا كنت أحس بالراحة فيها، وأظن أول مرة كنت أحضن فيها أحدًا لوقت طويل، وبهذه المشاعر، مع الوقت طلب مني أن يمارس الجنس الخلفي فرفضت وخفت، ولكن بكى وتوسل فوافقت وكنت أدفعه بيدي في كل مرة يحاول فيها أن يضبط الوضع بسبب تألمي الشديد، وفي مرة خرجت فضلات حتى، كنت لا أستحمل الوضع ولكني كان قلبي يؤلمني لو أحزنته، وكنت أحرج من قول "لا"، في حياتي لم أقل "لا" ولا عرفت كيف أقولها، أتحرج من رفض طلب أحد خاصة إذا توسل..
كنت هكذا، لا أعرف ما هذه الشخصية المريعة التي كانت لدي، وهكذا تكررت اللقاءات، بالمجمل كانت اللقاءات معدودة نسبة إلى الوقت الذي بقيت فيه معه ربما سنتين تقريبًا يعني كانت اللقاءات قليلة بسبب صعوبة اللقاء أصلا، وتوتري الدائم وخوفي كلما التقينا، وأما بالنسبة لشهوتي الجنسية فكنت أشعر بالشهوة حين كنت أنتظره إلى أن يأتي فإذا جلست معه ذهبت الشهوة، حدث أن جرحني هذا الشخص جرحًا كبيرًا ولا أذكر ماذا حصل وقتها، ولكن الذي احتواني حين كنت في أشد حزني كان أخوه الذي كان بنفس عمره تقريبًا، وكانا الاثنان بعمر 26 أو 27 حينها، والأخ أيضًا كان متزوجًا، فتعلقت به وتركت الأول، وحصل مع الوقت معه نفس ما حصل مع الأول، أنا والله لم أحب الجنس يومًا، ولا سعيت له، ولا كان هدفي، ولا أردت أبدًا الجنس الخلفي، كل مرة كانت ضد إرادتي لكني كنت أستحي أقول لا،
حين ذهبت إلى الثانوية، وبلغت 16 سنة تقريبًا عرفت هناك معلمة تعلقت بها كثيرًا فتركت الأخ الثاني، ومع الوقت تعارفت مع رجال في الفيس بوك ولكن كانت تعارفات عادية، أظن التعارف كان سلوكًا وعادة عندي، أحببت الكثير بسبب أني كنت إذا تركني أو تركت شخص عرفت آخر (كنت أظنه حبًا ولكن كان إعجابًا فقط إذ اكتشفت أني ما أحببت مرة لأن كل ذلك لم يكن حبًا) المهم الكلام الجنسي ما حصل خلال الثانوية إلا مرات معدودة بالنسبة لمن عرفت، كان يهمني فقط أن يحبني الشخص ويقول لي إنه يحبني ويهتم بي، أكثر من ذلك ما كنت أهتم، كنت أنانية أريد حب الجميع، بنات وأولاد، ولكن الأولاد من كانوا يتكلمون معي، والبنات لم تكن لي صديقات حقيقيات، مجرد زميلات فقط. في السنة الماضية سافرت، لشهر ونصف فقط ولأول مرة أسافر بعد سنوات طويلة،
سافرت لبلدي وعشت أول مرة في أجواء عائلية كبيرة مع الأقارب، فأحسست بأني توسع عقلي وهدأ قلبي قليلًا، لم أشعر بأي حاجة للكلام إلى حد، عرفت قريباتي وكنت أخرج معهن وأستمتع بمثل هذه الصداقات المقربة لأول مرة، وحصل هناك أن رآني طبيب وكنت معجبة به كثيرًا حين كنت صغيرة، فلما ذهبت لعيادته لسبب مرضي وأيضًا لكي أراه، لم يخطر ببالي أنه أصلا معجب بي، ولكن حصل أن قبلني، تمنعت بالبداية ولكنه زعل مني فقبلته، وقلت أول وآخر مرة، ولما تمادى ورقدني (بالقوة) ولكنه كان لطيفًا بالكلام، لا أعرف ماذا حدث لي بالضبط وقتها، دفعته وقمت وقلت أنا مو رخيصة لهدرجة! قلتها بألم وهدوء، فحضنني وابتسم وراح، كان هذا آخر شيء،
خلال صف 5 تقريبًا عرفت جارًا كان يجلس على السطح فوق العمارة مرارًا وكنت أجلس معه هناك وأحيانا أروح ألعب، وكنت أتحدث معه كثيرًا، وكان أوسم رجل عرفته في حياتي، لكن لم يحدث أبدًا كلام جنسي ولا لمسني، فقط كان يلمس رأسي كأني طفلة ويسمع كل كلامي وكان يحبني ويهتم بي ويجيب لي شوكولاتات دائمًا، إذن أنا لم أكن إلا انعكاسًا لكل شخص عرفته في حياتي، علاقاتي انتهت عندما بلغت 16 بعد الرجلين الأخوين، كانا الشخصين الوحيدين اللذين خرجت معهما بإرادتي، وما حدث مع الطبيب فقط تقبيل كان أيضًا لم يكن شيئًا أريده وأوقفته عند حده ولم أذهب لعيادته مرة أخرى،
اليوم أنا طالبة جامعية وعمري 21 وناجحة بدراستي.. ولكني.. كل مرة أكون فيها وحدي أو أسمع كلمة تحرش أو اغتصاب أو أي شيء، أتذكر فورًا ما حدث مع الرجلين، وممارستهما الخلفية، لم تترك الممارسات آثارًا لأنها كانت على فترات متباعدة، أنا عذراء ولكن ليس هذا ما يهمني، أريد جوابًا على أسئلتي التي طرحتها في المقدمة،
أريد أعرف من أنا؟ لما كل هذا التناقض؟ صدقوني، كنت من الأوائل دائمًا في مدرستي بسبب ذكائي، وكنت موهوبة بعدة أشياء ولذا كنت محط الأنظار، ولكن لم أملك صديقات أًصلا في الابتدائية، علاقتي ما كانت قوية بأحد من أهلي، أمي وأبي كانوا طيبين، ولكن لم يعرفوا بما حدث هذا ليس ذنبهما فأرجو من المجيب على استشارتي ألا يلوم أمي وأبي لأني أحبهما اليوم وأدرك اليوم كل ما عانياه لأجلي ولأجل إخوتي أقلها الغربة،
شخصيتي ما كانت قوية أبدًأ، كنت مطيعة أتم الطاعة، لكن الفكرة أن لا أحد قال لي كيف أقوم بالأمور الصحيحة، كنت كتومة وانطوائية وانعزالية وهادئة، كنت خلال لقائي بالرجلين أجلس أو أرقد كأني جثة هامدة، حتى قال لي أحدهما (لا تكوني ثلاجة) والثاني قال (أحسن) حين قلت له (لم أنا لا أشعر بالشهوة وغيرها مثلك) لم أملك في حياتي وبقربي شخصًا كبيرًا يوجهني ويرشدني أبدًا. أخذت قرارات مرة تلو الأخرى كلها غريبة وخاطئة،
وصدقوني، أتممت حفظ القرآن بنهاية الصف السادس! حافظة قرآن وأفعل ذلك؟ كلما رجعت من اللقاء شعرت بألم وفراغ مفاجئ وصليت وأنا أبكي وأفرّغ كل الألم. أغلب المرات كان يحدث ذلك، كنت أحافظ على الصلاة، أذكر موقفًا غريبًا، وهو أني رغم أني تعريت أمام الرجلين إلا أني كنت أخجل ولم أنظر إلا مرة أو مرتين إلى عينيهما، لا أفهم هذه النفسية والشخصية التي لدي، كنت أستحي وأخجل ولا زلت، ورغم ذلك أمور الجنس تمر وكأنها عادية وطبيعية،
والموقف الغريب أن مرة كان الأخ الثاني عضوه في خلفي وكان هو فوقي فقلت بانكسار.. بس الله يشوفنا.. قلتها وأنا مستسلمة، كأن جسدي ليس جسدي، كنت أفكر بشيء وسلوكي وتصرفاتي شيء آخر.. هذه الذكريات تمر علي بالأسبوع عشرات المرات، وتؤلمني بعمق، أنا لا أفهم ما الذي حدث، اليوم عندي صديقات حقيقيات ولا زلت لا أستطيع أن أبوح لأحد بهذه الأمور.. أشعر بالألم كأنه جديد وكأن جروحي فقط كانت بالأمس، وليس مر عليها 5 سنوات من سن 16 إلى الآن.. أخطأت في حق أختي وفي حق زوجات الأخوين، الأخ الثاني كان معددًا لديه 3 زوجات، أخطأت في حقهن حين كلمت أزواجهما،
قبل فترة توفيت إحدى قريباتي وهي صغيرة عمرها 14 وكانت فتاة محبوبة وخلوقة حتى أنها تقوم الليل على صغر سنها، غرت منها كثيرًا، وصرت أقول بأنها كانت علاقتها بأبيها قوية وأبوها رجل دين يعمل برامج كثيرة، فقلت إن ظروفها ساعدتها لتكون هذه الفتاة.. غرت منها، ولكن بكيت عليها، وبكيت على نفسي، لمَا لم أكن كهذه الفتاة؟
كنت دائمًأ طوال حياتي أحرص أن أكون الفتاة المثالية والمطيعة وغير ذلك، لكن كنت أتعثر مرة تلو المرة.. وفي النهاية ضاعت السنوات وما كنت إلا أسوأ بنت ممكن أي أحد يشوفها.. اليوم ما عندي أي علاقة، رغم أني ما زلت ساذجة وذات قلب طفولي يعجب بأي أحد بسهولة، ولكن أتحكم بسلوكي، وحدث كذا مرة أني أعجبت بدكاترتي في الجامعة، ففور أن يكون أحدهم لطيفًأ معي أعجب به، ولكني أبقي الإعجاب دومًا في داخلي والأمر يعذبني ولكني اكتشفت أني فقط أعجب ثم يمر شهران أو قليل وأنسى الأمر ويصير الشخص عاديًا،
فصرت أتحمل وأخفي وأتحكم بسلوكي، رغم كل ذلك، بس أكون وحدي يصيبني اكتئاب، وأبكي كثيرًا، وأفضل الانعزال، وحاليًا مع الوقت صرت أبتعد عن صديقاتي لشعوري بالوحدة (ليس الفراغ العاطفي فلا أريد أتكلم مع رجل مرة ثانية وإنما إعجابي بأساتذتي فقط إعجاب) أشعر بالوحدة وأشعر بأني أريد دائمًا أن أكون وحيدة فقط.. ذكرياتي (كل ما شرحته فوق) تؤلمني كثيرًا، هل أنا بحاجة لعلاج نفسي؟
لا أستطيع الذهاب لمعالج فعلًا لأن الأمر صعب وليس لدي المال حاليًا وأستحي أطلب مال من أهلي.. كل ما أردت أن أحسن شخصيتي فكرت بالأمور المريعة التي فعلتها، وأذكر أن الشخص الثاني (الأخ الثاني) قال لي (أنت التي بدأتي وأغويتيني وأغريتيني) قالها بالحرف ولا زلت أتذكر الكلمة التي طعنتني بعمق، وصدمتني، هل كنت فتاة بهذا السوء، هل فعلًا أنا التي أغريت وأغويت؟ لماذا فعلت ما فعلت وأنا أصلا ما أحب الجنس؟ أنا حتى اليوم وعمري 21 الآن حين أعجب ببعض أساتذتي الطيبين وكنت في البداية أتخيل أمور كالتقبيل والحضن وغيرها فقط ولكن ليس الجنس.. والحمد لله قضيت على تلك التخيلات ولم تعد تأتيني..
أود كثيرًأ لو يعود الماضي وفقط لا أسمح بحدوث ما حدث مرة ثانية، هل ما حدث كان استغلالا؟ أم أني كنت أستحق ذلك وأنا التي أغويت وأغريت كما قال الأخ؟ هل أنا فتاة سيئة؟ هل بإمكاني أن أصبح مثل البنت التي قلت عنها بنت 14 سنة وقمة في الأخلاق والطاعة لله؟ هل أنا بريئة؟ وهل أنا نقية؟ وهل بإمكاني أن أصبح بريئة مثل أي بنت كباقي صديقاتي؟ إذا خطبني شخص فكيف أتعامل معه؟ وإذا اضطررت للتعامل مباشرة مع رجل فكيف أتعامل؟ صرت أشعر باضطراب وصراع داخلي كبير كلما صادفني تعامل مع رجل إذا كنت معجبة به (من أساتذتي).. أخاف أقوم بأي شيء يدل على أني رخيصة كما قال لي الأخ الثاني.. هل أنا رخيصة؟ هل أستطيع أن أكون الفتاة المثالية التي طمحت لها دومًا؟
هل أنا بحاجة لطبيب نفسي؟ هل بإمكاني أن أكون بنت طبيعية؟ هل ما حدث كان خطئي؟ هل أستحق الخير؟ هل أنا بنت سيئة؟
رجاء..
ساعدوني
12/6/2019
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالشفاء والنجاح.
في بداية الأمر لابد من الإشارة بأن روايتك لا تختلف كثيراً عن العديد من الروايات التي لا تصل الموقع حول ضحايا التحرش الجنسي في مختلف الأعمار وخاصة في مرحلة الطفولة. ربما تختلفين عن الكثير بأنك اتخذت القرار الشجاع بالتعبير عن مشاعرك بكل قوة والكتابة إلى الموقع.
النقطة الثانية التي يجب التشديد عليها في هذا المجال هي المصطلح الذي يجب استعماله. يكثر استعمال مصطلح التحرش الجنسي وهو بحد ذاته مصطلح غير مقبول لأن كل تحرش جنسي مهما كانت تفاصيله انتهاك لشخصية الضحية وحرمتها. لذلك يجب استعمال مصطلح الانتهاك الجنسي، وأنت بالفعل ضحية انتهاك جنسي حدث منذ الطفولة.
التحليل الطبنفسي
هناك أولا البيئة الاجتماعية التي ولدت وترعرعت فيها. لم تذكري التفاصيل ولكن هذه البيئة فشلت فشلا ذريعا في حماية الطفل من الانتهاك الجنسي وتميزت بغياب الحماية الأبوية اللازمة في مختلف المراحل. كذلك الأمر مع المؤسسة التعليمية فهي لا تقل سوءًا عن بيئتك الاجتماعية في مراحل الطفولة. لذلك لابد من التشديد على أن لا دور لك في عملية الانتهاك الجنسي من الجانب الاجتماعي.
عملية الانتهاك الجنسي بحد ذاتها يتم حصرها هذه الأيام في إطار الصدمة المركبة Complex Trauma وهذه بدورها تؤدي إلى تدمير الذات البشرية وتؤدي إلى صعوبات متعددة مع انفصال الإنسان عن واقع الحياة والتعامل مع البيئة.
المضاعفات الناتجة عن الصدمة المركبة يمكن حصرها في أربعة أبعاد أولها البعد المعرفي Cognitive Dimension. هذا البعد يفسر تفكير الضحية الخاطئ بأنها إنسان لا طهارة فيه ولعب دوره في عملية الانتهاك الجنسي، ويسقط اللوم على الشهوة الجنسية مع تلطيف دور المجرمين. هذا النمط لا يصعب ملاحظته في رسالتك.
البعد الثاني هو الوجداني Affective فهناك مشاعر اليأس والخوف وتحقير الذات. هذه التغيرات الوجدانية ترسل الضحية صوب موقع اكتئابي وتكرار نوبات اكتئاب جسيمة وإلحاق الأذى بالجسد.
البعد الثالث هو البعد النفسي الديناميكي Psychodynamic. ضحية الانتهاك الجنسي تنتقل من مرحلة الطفولة أو المراهقة إلى مرحلة البلوغ وفي داخلها نمط واحد من العلاقات الودية وهو أن يتم انتهاكها جنسياً.
تكرر ذلك كثيراً مع مرور الوقت في حالتك فأنت تستهدفين علاقة ودية أو علاقة حب بريئة مشروعة ووقعت في فخ الانتهاك الجنسي. السبب في ذلك هو أنك لم تعرفي نمطا آخر وأصبح كسب ود الآخرين طريقه التضحية بنفسك. هنا لا يجب إسقاط اللوم عليك بسبب سلوكيات وإشارات معينة وإنما على الأوغاد الذين استغلوك والذين هم بدورهم انتهكوا غيرك جنسيا بدون أدنى شك. المجرم له القدرة على اختيار ضحيته بسبب تجاربه السابقة.
البعد الرابع هو البعد السلوكي Behaviouralتدخل الضحية أحيانا في حلقة مفرغة فهي حالها حال بقية البشر تسعى إلى كسب حنان وود الآخرين. هذا الحنان والود يتحول تدريجيا إلى انتهاك جنسي والأخير بدوره يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب واليأس وتكرار الصدمة وبالتالي اعتزال الآخرين لفترة.
الطريق نحو الشفاء
ما يثير الإعجاب في رسالتك هو شجاعتك وصراحتك. هناك درجة عالية من الاستبصار Insight وكل ذلك يبشر بخير.
يجب أن تضعي نصب عينيك بأن لا دور لك فيما حدث وأنت مجرد ضحية لا غير. يجب أن لا يمنعك هذا عن تحقيق أهدافك التعليمية وتطوير نفسك والدخول في علاقات صحية مع الآخرين.
الخطوة الثالثة هي الانتباه إلى علاقات المستقبل. هذه أحيانا تحتاج إلى الدخول في علاج نفساني يساعدك على تقييم تعاملك مع الآخرين. أكرر اليوم مقولة سابقة تركز على استعمال الإنسان لمفهوم أضواء المرور فهي ثلاثة:
الأخضر وهو السليم
الأصفر وهو الحذر
الأحمر وهو المحظور
هنا عليك أن تراجعي تصرفاتك مع الآخرين يومياً والانتباه إلى الضوء الأصفر وعدم تجاوز الضوء الأحمر. هناك ضوء أصفر حين يطلب منك رجل اللقاء في مكان بعيداً عن الآخرين مثلا أو التفوه بكلمات ذات محتوى جنسي والأهم من ذلك مراقبة سلوكك وحديثك معهم. الدخول في علاقة مع أي إنسان تعجبين به ضوء أحمر بحد ذاته وربما الإعجاب بحد ذاته ضوء أصفر في حالتك.
الخط الأحمر أيضاً هو فيما يتعلق بجسدك فهو يستحق رعايتك وحمايته من الآخرين ويجب أن تحرصي على أن يشاهد الضوء الأحمر بكل وضوح كل من يعجب بك أو يتقدم لخطوبتك.
مراجعة طبيب نفساني مع الشعور بالاكتئاب ضرورة وهناك العديد من المراكز الصحية المجانية. هناك أيضاً جمعيات خيرية تقدم الدعم النفساني لضحايا الانتهاك الجنسي فلا تتردي في التواصل معهم.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>: تحرش أم انتهاك جنسي : الضحية ! م