وسواس الطهارة
السلام عليكم... أنا فتاة سأصبح في الخامسة عشر من عمري بعد أيام، بدأت أصلي منذ سنة، وقبل 6 شهور بدأ معي وسواس نزول المذي، وأصبحت كلما تأيني فكرة جنسية أقول أنه قد نزل المذي وأظل أفتش هل نزل أم لا، تعبت كثيراً وأصبحت تأتيني الأفكار عند الوضوء والصلاة فأطردها وأذهب بعد الصلاة لأفتش، تعبت من هذا الأمر.
أخبرت أختي الكبيرة بالمشكلة فقالت لي "أنه ليس كل فكرة تأتي ينزل بسببها المذي، ولأنك أنت دائماً تركزين على ألَّا تأتي الأفكار تأتيكي الأفكار، فلا تركزي على هذا الموضوع عندما تتوضئين، ركزي في الوضوء، وعند الصلاة ركزي بالصلاة وبكل ما تقرئينه" فارتحت كثيراً بعدها وقَلَّت تلك الأفكار عندما آتي للوضوء والصلاة، ولكن بعدها رجعت أوسوس فأصبحت أستنجي لكل صلاة، وعندما تأتيني الأفكار في الوضوء وفي الصلاة أفكر بالمتعمد بعد الصلاة بهذه الأفكار لأنه عندما أستنجي وأرى أثر للمذي بعد الاستنجاء أقول "أنه لا أدري أَخَرَج بسبب الأفكار أم لا؟ وهل أتى قبل الصلاة أم أثنائها أم بعدها؟" ولا أعيد الصلاة، وكنت أتشدد في الاستنجاء لكي لا أرى أي أثر للمذي بعد الاستنجاء، وبقيت على هذه الحالة لمدة شهر، وأخبرت أختي بالمشكلة مرة أخرى فقالت لي "طالما لم تشعري بنزول شيء يعني أنه لم ينزل، وأنك لا تشعري بنزول شيء ليست مشكلتك، وعندما تشعرين بشيء ولكن لم تري أي أثر على الملابس لا تلتفتي إليه، وعندما تشعرين بشيء وترين أثره على الملابس تستنجي وتتوضئين" هنا ارتحت كثيراً ولم أعد أستنجي لكل صلاة، ولم تعد تأتيني الأفكار، وكلما أتت لي فكرة لا ألتفت إليها، لكن أتت مشكلة اخرى لي هي أنه أصبحت تنزل مني إفرازات بشكل مفرط (أعتقد أنها بسبب استنجائي لكل صلاة بشكل متشدد من قبل)، وعدت أوسوس من جديد وتعبت كثيراً لدرجة أنني تمنيت الموت، وأصبحت أمكث بالحمام طويلا وأنا أستنجي، وقلت لأمي المشكلة مرة أخرى فقالت لي "كلما تأتيكي الفكرة تعوَّذِي واشغلي وقتك، والقرآن أهم شيء"، فقررت أن أعود كالسابق فقد كنت قبل أن أوسوس عندما تأتيني الأفكار لا أذهب لأرى هل نزل شيء أم لا، ولا كان يخطر ببالي أنه سنيزل شيء فأصبحت لا ألتفت إذا أتتني فكرة أو أصابتني شهوة، وأطردها ولا أمسح بالمنديل لأرى نزول شيء أم لا.
قرأت في موقعكم أن النجاسة يجب أن تفرض نفسها ولا نفتش عنها، والتفتيش دون علامة وسوسة، فقلت "طالما لم أشعر بشيء، ولم أرى شيئاً على الملابس فلا داعي لأن أفتش أو أعيد الوضوء والاستنجاء"، وبدأت هذه الخطوة قبل أسبوعين وأنا الآن دخلت بالأسبوع الثالث، شعرت بتوتر أولها لكن بدأت أتعود شيئاً فشيئاً وقلَّ التوتر لديَّ لاتخاذ هذه الخطوة... قولوا لي هل ما فعلته صحيح؟ ولا أأثم على اتخاذي هذه الخطوة وأبقى مستمرة عليها طوال حياتي، وأن صلواتي مقبولة، وأنا على طهارة؟ أم ما فعلته خاطئ؟ وإذا كان خاطئاً فماذا أفعل؟
المشكلة الثانية: هي مشكلتي مع الإفرازات المفرطة وأثرها على الوضوء... كثير من العلماء قالوا أنها تنقض الوضوء، وأمي تقول لي أنها لا تنقض الوضوء، فأنا ماذا أفعل؟ فهذه الإفرازات أصبحت تنزل في اليوم كثيراً، ولكنها بشكل متقطع وغير مستمرة بالنزول بشكل متواصل ولا أعرف متى تنزل، فأصبحت أتوضأ لكل صلاة، هل هذا أيضاً صحيح؟ أم أنا مخطئة ويجب عليَّ أن أعيد الوضوء كلما شعرت بنزوله لأنه ينزل كثيراً بشكل متقطع ولا أعلم متى ينزل؟
المشكلة الثالثة: هي النجاسات وانتقالها عندما بدأت أتخذ تلك الخطوة بموضوع نزول المذي، فالماء المتقاطر على المقعد الإفرنجي بعد الاستنجاء من البول والغائط كنت لا أنظف أثره، وكنت أرى أثر المياه من أمام المقعد وخلف المقعد، وكنت أعتقد أن المياه الموجودة على المقعد الإفرنجي من الوراء هي من سيلان الشطاف لأن الشطافة عندنا تسيل نقط عند استخدامها، لا أعني أنه عند الاستنجاء تنزل من الشطافة نقطة نقطة، ولا أعني عند استخدام الشطافة تنزل مياه بشكل متواصل، ولكن من جانب الشطافة تسيل نقط مياه، ولكن كنت أستغرب من كثرة المياه على المقعد من الوراء، فقلت "ليس إلى هذه الدرجة الشطافة تنقط الماء بشكل كبير"على المقعد" فقررت أن أعرف ما سبب هذه المياه على المقعد من الوراء، فاكتشفت أن هذه المياه هي بسبب أنه عند استنجائي من البول أحني رأسي كثيراً لأرى أين البول وأقوم بشطفه فيطرطش الماء على المقعد من الوراء لا أعلم كيف! ولا أعلم إن كانت هذه المياه نجسة أم لا لأن لونها لم يتغير فهو كالماء تماماً، وعندما علمت أن هذه المياه التي على المقعد من الوراء بسبب الاستنجاء أصبحت عند انتهائي من قضاء الحاجة أنظفها، ولكن المشكلة في الأيام التي لم أكن أنظف فيها هذه المياه وكنت اتركها، وأن من يجلس عليها من أفراد أسرتي يَتَنَجَّس، ولا أعلم إذا كانوا جلسوا عليها دون تنظيفها أم لا، وزاد التفكير إلى أنهم بسبب جلوسهم عليها وارتدائهم للبناطيل وأنهم يتعرقون تنتقل النجاسة إلى بناطينهم، وأنهم عندما يستحمون يلبسون نفس البناطيل التي لبسوها قبل استحمامهم (أي وهم نجسون) ويتنجسون من جديد... ماذا أفعل فأنا أشعر أن صلاتي وصلاتهم باطلة بسببي؟
وذات مرة كان هناك نقاط بول جاف على غطاء المقعد الإفرنجي، وعندما قمت بغسل جميع المرحاض لم أرى أثرها، ولكن بعد أن جفت المياه رأيت أن أثر نقاط البول مازال باقياً... فهل جميع المرحاض تنجس بسب نقاط البول؟ علماً أنني بعدما غسلت جميع المرحاض غسلت المرحاض فقط دون الغطاء.
المشكلة الرابعة: عندما توجد مياه على أرضية الحمام ندوس عليها بالأحذية أو بالبوابيج، وعند الخروج من الحمام نمسح ونجفف أحذيتنا بسجادة الحمام، يعني أن السجادة تنسجت وأرضية البيت كلها نجسة، ستقولون لماذا باقي الأرضية نجسة؟ لأنه عندما تجف المياه أسفل أحذيتنا ونمشي بها على أرضية البيت تكون هناك مياه على الأرض بسبب غسل أيدينا، فتتقاطر المياه من أيدينا على الأرض وندوس على المياه، فهل هنا المياه تنجست وتنجس البيت؟ أم أنا مخطئة؟
وأمي تمشي على الأرض حافية القدمين، وعندما تتوضأ تدوس على سجادة الحمام وتلبس الباوج وتدخل الحمام لكي تتوضأ، وعند انتهائها من الوضوء تخرج من الحمام وتخلع البابوج وتدوس على سجادة الحمام التي نمسح بها أحذيتنا عند الخروج من الحمام وقدميها ممبتلة فتنتقل النجاسة، قلت لها "كيف تمشين على الأرض وهي متسخة؟" فقالت لي "إنه جاف عن جاف طاهر" قلت لها "وعندما تتوضئين تكون قدميك مبتلة وتدوسين على الأرض" قالت لي "الأرض نظيفة وعادي" فهل فعلها صحيح؟ علماً أن مياه أرضية الحمام في الغالب ما يكون لونها كالماء الصافية غير متغيرة، وأحياناً يكون لونها كلون الغبرة مع الماء.
وذات مرة كان أسفل حذائي به يثقب، أي إذا دست على مياه تتسرب المياه إلى داخل حذائي وإلى قدمي، لبست هذا الحذاء وذهبت إلى السوق مع أمي فكانت هناك مياه على الشارع لم أرى بها أي نجاسة، ولكنها كانت مُتَّسِخَة بسبب كثرة الناس الذين داسوا عليها، ودست عليها وتسربت المياه إلى قدمي، وعند الذهاب إلى البيت نسيت أنه تسربت المياه إلى قدمي، ولبست "بابوجي" وقدمي متعرقة، وذهبت لأتوضأ وصليت على السجادة، فقرأت عن حكم هذه المياه عبر الإنترنت وقالوا "أنها طاهرة ما لم تتيقن النجاسة"، فلم أغسل السجادة والبابوج، فهل ما فعلته صحيح أم لا؟
المشكلة الخامسة: عندما أسحب سيفون المرحاض يتطاير رذاذ على المقعد، ولكن لونه غير متغير، فهل عليَّ أن أنظفه أم لا أهتم به؟... وأهلي عندما يقومون بسحب السيفون لا يهتمون بوجود الرذاذ، أعتقد أنهم لا يرونه عندما أقوم بتنظيفه، وأشعر بأنه لماذا عليَّ أن أنظفه وأهلي لا يقومون بذلك؟! وأخاف ألَّا أُنَظِّفَه فأأثم بسبب من يدخل بعدي ويقعد على تلك النقاط، فماذا أفعل؟
وقرأت أيضاً عند المالكية "أنه إذا تم زوال عين النجاسة بغير الماء فحكم النجاسة باقي، ولكن لا يتنقل إذا كان مبلولاً" فهل أمشي على هذه القاعدة لأنها أيسر لي وأتخلص من الوسوسة في انتقال النجاسات... وأعتقد أننا في فلسطين نتَّبِع المذهب الشافعي، فهل يجوز الأخذ بالمذهب المالكي لأنه أيسر لي كثيراً؟ وأخاف إذا اتبعت هذه القاعدة أن أأثم وتُعَد صلاتي باطلة.
أنا الآن لا أمشي على الأرض حافية القدمين، وأخاف إذا أحد داس على أحذيتي، لم أكن هكذا ولكن كل هذه الوساوس سيطرت عليَّ وأصبحت تصرفاتي غير طبيعية.
أرجو أن أجوبتكم لا تزيدني وسوسة، ولا أريد أن أعيش مع هذا المرض أكثر من ذلك وألَّا ألجأ للأطباء...
آسفة على الإطالة، لكنني تعبت جداً من هذا الوساوس، وأتمنى أن يكون عامي الخامس عشر عاماً سعيداً، وأن أكون متخلصة من كل الوساوس.
9/10/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "تقى"، وأهلًا بك وسهلًا يا بنيتي على موقعك مجانين.
أتمنى قبل كل شيء أن ترجعي إلى الجدول الموجود في استشارة: العادة السرية والإفرازات الموجبة للغسل مشاركة1 فلعل غالب ما تظنينه مذيًا هو إفرزات عادية، وكما قالت أختك بارك الله بها، ليس كل فكرة جنسية تتسبب بنزول المذي.... واحمدي الله أن أختك وأمك لديهما من الوعي والمعرفة ما ساعدك على تجاوز كثير من المعاناة.
ولا داعي يا عزيزتي للتفكير بأفكار جنسية بعد الصلاة!! مجرد ما انتهيت من الصلاة فهي صحيحة، ثم إذا دخلت الحمام قد يكون المذي أو غيره خرج أثناء مشيك إلى الحمام، أي أن صلاتك صحيحة سواء رأيتِ المذي عند دخول الحمام أم لم تريه.
وهل سألت طبيبة لأجل كثرة الإفرازات؟ وفيما إذا كان هذا طبيعيًا أم هناك بعض الالتهابات مثلًا؟... ينبغي أن تفعلي إن لم تكوني فعلتِ. ثم هناك طريقة لطيفة في الاستنجاء تجعلك تخرجين من الحمام في وقت قصير ودون معاناة، فقط اتبعي الخطوات دون كثرة تفكير وحسابات معقدة: عند الاستنجاء امسحي أولًا بالمنديل فهو أسهل في إزالة المفرزات، وإن استطعت تنظيف أول فتحة المهبل بطرف أصبعك فهذا يقلل من نزول المفرزات بسرعة بعد خروجك، ثم بعد الانتهاء ضعي قطعة قماش صغيرة أو منديلًا ورقيًا بيت الشفرين، فإذا توضئت فوضوؤك لا ينتقض ما لم تتيقني 100% من خروج شيء، أعني إذا أحسست بشيء وقلت في نفسك: "يا ترى هل خرج شيء أم لا؟" فهذا اسمه شك لا يؤخذ به، فلا ينتقض وضوؤك، ولا تكلفين بالتفتيش والبحث عن صحة شعورك... لهذا فما تقومين به الآن من تجاهل الأفكار وعدم التفتيش هو التصرف السليم، الصحيح شرعًا، والمطلوب علاجيًا.
بالنسبة لانتقاض الوضوء بالإفرازات، أنا الذي أعلمه مما يصح عند الشافعية والحنفية أنها تنقض، ولا أدري إن كان هناك أقوال أخرى في مذاهب أخرى _سواء كانت أقوالًا قوية أم ضعيفة_، ولا أجرؤ على قول شيء غير هذا، غير أنه كما قلت لك: إن لم تتأكدي 100% من نزول شيء ودون بحث أو تفتيش فوضوؤك باقٍ، وصلاتك صحيحة.... قد تقولين: "وماذا لو نزل شيء فعلًا وأنا لا أدري؟" أقول: "لا يوجد أي مشكلة، حسابنا عند الله، وصحة صلاتنا حسب علمنا، ولسنا مطالبين بالبحث عما خفي علينا في مثل هذه الأمور".
كذلك لفت نظري قولك "أحني رأسي كثيرًا لأرى أين البول؟!" ولمَ ذلك؟! يكفيك أن تَرُشِّي مخرج البول، وإن تيقنت أن البول أصاب الفخذين فَرُشِّي عليهما وأنت جالسة كما أنت... لماذا حني الرأس والتفتيش والتدقيق؟! ولا تفكري فيما مضى سواء بالنسبة لك أو لأهلك، فصلاتكم صحيحة عند المالكية، ويكفي أن تصح عند أحد المذاهب، ولا تحني رأسك بعد الآن ولن يصل الماء إلى الخلف.
ولم أفهم قصة نقاط البول الجاف على الغطاء للأسف!! وأما قصة الدخول إلى الحمام بالحذاء ثم المشي به في البيت فلا تقلقي لأجلها، ففي مذهب الحنفية إذا التقى الطاهر الرطب بالنجس الجاف لا تنتقل النجاسة إلا إذا ظهر أثرها على الطاهر.
لكن لماذا هذه اللخبطة؟!... إما أن الحمام طاهر لا تصيب أرضيته النجاسة، فلا داعي لسؤالك من أصله، وإما أن تكون أرضية الحمام لا تسلم من التنجيس، وحينها لماذا تدخلون بحذاء المنزل إلى الحمام ثم تمسحونه بنفس السجادة التي تجفف بها أمك قدميها بعد الوضوء؟! الحق على من إذن؟
خصصوا حذاء للحمام والوضوء، وتبقى سجادة الحمام لتجفيف الأرجل بعد الوضوء، ثم البسي حذاء المنزل أو دوسي حافية على الأرض، لم يعد هناك أية مشكلة... وكما يقال: "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة".
أما ماء الشارع الذي تسرب إلى حذائك فهو طاهر، فالأصل في الأشياء الطهارة، ولا داعي لغسل قدميك ولا السجادة ولا أي شيء آخر، وما قرأتيه على الإنترنت صحيح.
نأتي إلى رذاذ ماء السيفون: إذا رأيت رذاذ الماء واضحًا على المقعد فرشي مكانه بقليل من الماء، ولا تبحثي عما يفعله أهلك، هم مسلمون مثلك والمفروض أنهم يعرفون الأحكام.
أخيرًا: زوال عين النجاسة بغير الماء عند المالكية لا يدخل فيها المسح، وإنما المقصود زوالها بسائل غير الماء، أو بماء مخلوط كالماء والصابون مثلًا، وحينها لا تنتقل النجاسة لأنه بعد زوال العين يبقى حكم النجاسة فقط، والحكم لا ينتقل..... أما تقليدك للمذهب المالكي فكررنا كثيرًا أن العلماء قالوا: "الأولى للموسوس الأخذ بالرخص حتى يزول وسواسه"، إذن الأفضل والأولى لك أن تتبعي رخص المذاهب كلها وتقلديها، وليس فقط المذهب المالكي، كلما علمت رخصة مريحة لك في موضوع وسواسك لا تترددي في الأخذ بها، وطبعًا أعمالك وصلاتك صحيحة.... تقبل الله من الجميع.
عافاك الله يا "تقى"، وملأ أيامك كلها بالسعادة والفرح وراحة البال.