وسواس قهري : الشدة والمسحة والإصبع في الفتحة ! م
وسواس الوضوء
إلى دكتورة رفيف، السلام عليكم ورحمة وبركاته... أما بعد.
أرجو أن تُدُلِّيني إلى الطريق الصحيح، فأنا أعاني من وسواس شديد في الوضوء حيث أتوضأ وضوءُ متعِبًا جدًّا، ولديَّ واسوس كبير في أن الماء لا يصل إلى كل الأعضاء، هذه الفكرة تسيطر على عقلي... وضوئي بعيدٌ جدًّا عن وضوء الأشخاص الطبيعيِّين حولي، وكلُّ من أراهم في اليوتيوب وغيره من أهلي وأصدقائي وكل المحيطين بي يتوضؤون بشكل مختلفٍ تمامًا عمَّا أفعله أنا، وأثَّر هذا على نفسيتي تأثيرًا كبيرًا، وأصبحت لا أستطيع الوضوء خارج المنزل، وحالتي تزداد سوءً، ومدة الوضوء في زيادة... أَرْشِدِيني ما هو مخرجي، وماهو رأي الشرع في حالتي، هل ما سمعته من أن 50٪ تكفي للموسوس صحيح؟ هل يَسَعُنِي الأخذ بهذا القول؟ وما هي الطريقة؟ هل أغسل أعضائي كما يفعل الناس الطبيعيين ولا أَلْتَفِتُ لِكُلِّ الشكوك التي في رأسي أم ماذا؟
حيث أنني في الوضوء أغسل وجهي 3 مرات، ثم آخد كَفًّا للجبهة (وأحيانَا كفين)، وكَفَّيْن لجوانب الوجه كُلًّا على حِدَة (منطقة البياض)، وكفوف عديدة للشفايف، وكف للعيون، هذا ما أفعله مع كل أسف، وأقول أن الماء لن يصل إلَّا بهذه الطريقة... هذا غير اليدين إلى المِرْفَقَيْنِ حيث أدعك كل جزء من كفي وأظافري لوحده، وأدعك كثيرًا، وغيره الكثير من الأشياء الغريبة... إذن هل أغسل وجهي 3 مرات كما يفعل الناس كأختي وأمي مثلًا دون تجزئة، وبعد ذلك لا ألتَفِت إلى شيء (رغم أن إحساسي يقول أن الماء لن يصل هكذا أبدًا، وأني سأصلي من غير وضوء وإلخ)؟ وأيضًا هل أغسل يدي إلى المِرْفَق بالطريقة الطبيعية كما أرى في اليوتيوب وبعدها لا ألتفت إلى شيء؟
أنا مُشَتَّتَة جدًّا وحائرة... اشرحي لي أرجوك ماذا أفعل بالضبط، وكيف أتوضَّأ؟ وما المقصود بال50٪؟ وماذا إذا لم يكن لدَيَّ حتى ال50٪ هذه؟.. للأسف يتَغَلَّب على عقلي أحيانًا فكرة أن الماء لم يصل أبدًا رغم كل ذلك وكأنني مجنونة، وأظَلُّ أَدْعَك كثيرًا... هل إذا تجاهلت كل ذلك وتوضَّأْتُ كما يفعل الناس ولم أصل في نفسي حتى لل50٪ من الظن وصَلَّيْتُ سيكون وضوئي وصلاتي صحيحين؟... أجيبوني أرجوكم فأنا مُكْتَئِبَة ومتعبة جدًّا، ظهري أصبح يؤلمني من كثرة الوقوف في الوضوء، وأهلي يُؤَنِّبُونَنِي دائمًا لأفعالي الغريبة، وأشعر بالتَّعَب نفسيًّا وجسديًّا... كيف أتصرَّف؟
أيضًا لديَّ بعض الاستفسارات الأخرى:
1/ ما هي طريقة غسل مُوقِ العَيْنَيْن وجانبي العينين الصحيحة في الوضوء؟ وهل يجب غسلها أم مسحها؟.. إذ أنِّي أتعب كثيرًا لغسلها، وآخُذُ كُفُوف ماء كاملة لغسلها من الجانبين على حدة... ورأيت شيخًا في اليوتيوب غسل وجهه 3 مرات، ثم بعد أن انتهى مسح عليهم بأطراف أصابعه ولم يأخذ ماءً لغسلهم، هل أفعل مثله وأمسحهما في الأخير بعد أن أغسل وجهي 3 مرات؟
2/ أيضًا غسل الشايف كيف يكون؟ هل مسحهما والمُرُور عليها باليد أثناء غسل الوجه يكفيني (خصوصًا جانبيهما)؟
3/ أحيانًا عندما أكون بالجامعة تدخل صلاة الظهر ولا أستيطع أن أُصَلِّيها لِمَشَقَّة الوضوء الكبيرة عليَّ، وخوفًا من نظرة الناس لي خصوصًا صديقاتي، حيث لا أحد يعرف أنني مُوَسْوِسَة، فأجَمَعُها مع صلاة العصر في المنزل، رغم أن والله الألم الكبير في نفسي لتضييعي للوقت وأني مختلفة عن الناس وأني لست مثلهم، وأؤُنِّب نفسي كثيرًا، وأتمنَّى أن أُصَلِّي بشِدَّة، ولا أكون سعيدة ومرتاحة بهذا الفعل أبدًا، ولكن ما بِيَدِي حِيلَة... ما حكم فِعْلَتِي هذه؟ هل أنا آثِمَة؟ وإذا لم أستطع أن أُصَلِّي الفرض خارج المنزل بسبب وساوسي هذه؟ وكيف أَتَصَرَّف؟
4/ أيضًا هل يَسَعُنِي الأخذ بقول أبي حنيفة بأنَّ إفرازات المِهْبَل غير ناقضة للوضوء لمِشَقَّة الوضوء الكبيرة عليَّ، لأنِّي دائمًا أسمع أنَّ الشيوخ يُشَدِّدُون على نَقْضِ هذه الإفرازات للوضوء، حيث أنَّنِي أحيانًا كنت أُصَلِّي المغرب وأجلس في سجادتي حتى يُؤَذِّن العشاء، وأحيانا أُصَلِّي المغرب بوضوء العصر، وأُصَلِّي برغم معرفتي بنزول هذه الإفرازت أخذًا بقول أبي حنيفة، وذلك لأن الوضوء متعب جدًّا عليًّ، ودَفْعًا للوسواس؟ ما حكم تلك الصلوات؟ وهل يَسَعُنِي أن أُصَلِّي صلوات عِدَّة بنفس الوضوء مع نزول هذه الإفرازات عليَّ؟
5/ بعد الاستنجاء أشعر بحَرَكَة في فَرْجِي وفتحة المَبَال، ولا أعلم ما هي... هل هو بول أم إفرازت أم وَدِيّ؟ وهل يجوز لي أن أعتبرها حركة الماء المتبقي من الاستنجاء وأُكْمِل الصلاة؟ أم عليَّ أن أذهب وأُفَتِّش؟.. وبالنسبة للمَذِي أيضا أشُكُّ كثيرًا بنزوله بسبب أفكار قهرية، وهذه الأفكار تكون غصبًا عنِّي، بل وأتقَزَّز منها، وتتوَارَد عليَّ كثيرًا وأدفعها، ما الحل؟ هل أذهب وأُفَتِّش في كل مَرَّة؟ وإذا وجدت إفرازًا شفَّافًا فعلًا كالمَذِي هل يمكن أن أعتبره إفرازًا طبيعيًّا إذا اشتبه عليَّ الأمر وشككت، حيث أنه ينزل عليَّ إفراز شفاف كثيرًا من دون وجود أيِّ إثارة فقط من كثرة الحركة والمشي؟
6/ لدي سؤال اعتقادي، ووضعته في الأخير لأنِّي لا أريد أن أَشْغَل بالي به كثيرًا.... أنا مؤمنة بقضاء الله وقَدَرِه، وأعلم أن اختياراته هي الخير، بل كل الخير لنا، ولكن لديَّ سؤال يُؤَرِّقُني... قال الله تعالى في كتابه: "لا يُكَلِّفُ الله نفسًا إلَّا وُسْعَها"، اشرحي لي معنى هذه الآية أرجوك يا دكتورة رفيف... أنا بِنَظَرِي القاصِر طبعًا أرى أشخاصًا ينتحرون ألمًا، ينتحرون من عدم قدرتهم على التَّحَمُّل وأنَّ ذلك فاقَ وُسْعَهَم وطاقتهم، مُعْتَقَلِين ومَسَاجِين ومَرْضَى وأشخاص يموتون من المرض لأنه فوق طاقتهم ومن يموت بالجوع أو من يذهب عقله من كثرة التفكير ويُجَنُّ.. أليس لأنَّ هذا فاقَ وسعهم وتَحَمُّلَهُم؟
كيف أُوَفِّق بين قول الحق سبحانه وبين هذه الفكرة التي في عقلي حتى أضع الأمور في نِصَابِها الصحيح ولا يَجِدُ الشيطان اللعين مَدْخَلًا عليَّ؟
ولك كل الشكر
15/3/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلًا وسهلًا بك مرة أخرى على موقعك مجانين
بالنسبة لأسئلتك عن الوضوء لها جواب واحد فقط: (توضئي كما يتوضأ سائر الناس، ولا تلتفتي إلى شيء آخر) وهذا وضوء صحيح وتصح الصلاة به، والخطأ ليس فيه، وإنما في مشاعرك وتفكيرك. أنت تعتقدين أن وضوءك ليس صحيحًا، وأن الماء لم يصل إلى جميع أعضائك، ولكنه في الحقيقة وصل. لا تفكري في يقين، ولا شك، ولا غلبة ظن....، لأن الوسواس جعلك لا تميزين الشك من العدم من اليقين!!! توضئي كما يفعل غيرك وصلي، ولا تفكري في شيء آخر أبدًا أبدًا....
لا يجوز جمع الصلاة لأجل الوسوسة، وإنما تطبقين ما أمرتك به من الوضوء بسرعة وعدم الالتفات إلى شيء آخر، وتصلين في الجامعة
وطبعًا يمكنك العمل بقول الإمام أبي حنيفة بعدم انتقاض الوضوء بخروج المفرزات
وأظن أني أجبتك سابقًا بأنك غير مطالبة بالتفتيش والتأكد من خروج شيء إذا ما أحسستِ بحركة ونحوها في الفرج
أخيرًا: سؤالك الاعتقادي:
قوله تعالى: ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)) [البقرة:286]، المقصود به أن الله تعالى لا يطلب من الإنسان إلا ما هو ضمن طاقته من التكاليف والواجبات. فكل ما كلفنا الله به من العبادات والأوامر داخلة تحت مقدرة جنس الإنسان، وهذا خبر صادق من الله تعالى لا شك فيه. وإذا شقت هذه التكاليف على شخص من الأشخاص لسبب ما، من مرض أو سفر أو حرب أو غير ذلك..، فيمكنه الأخذ بالرخص والتخفيفات بحيث يبقى التكليف داخلًا في وسعه. والمهم هو الطاعة بقدر الاستطاعة.
والآية لا تتكلم على الشدائد والبلاء من مرض وحروب وغيرها والإنسان غير مكلف بإحضار البلاء الشديد ولا الخفيف إلى نفسه، وإنما بالصبر والتسليم، والتضرع إلى الله تعالى برفعه. قال تعالى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) [البقرة:155-157] وقال: ((وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) [البقرة:177] والقرآن الكريم مليء بمثل هذه الآيات
والمنتحر الذي تكلمتِ عنه لا يعدو أحد اثنين: إما مريض فَقَد السيطرة على نفسه، فينتحر حتى بدون شدة أصلًا؛ وإما معترض على حكم الله لا يريد أن يكمل حياته، ويتفاوت هؤلاء في سبب انتحارهم، حتى لتجدين أحدهم ينتحر لأسخف الأسباب، وهذا دليل على أن المشكلة ليست في الوسع والقدرة على التحمل، وإنما في الرضى والسخط وقبول قدر الله.
والأمثلة الأخرى عن الأمراض والتعذيب والهموم.....، أولًا: قلت لك أن لا علاقة بالآية بها. وإن فرضنا أن للآية علاقة، فلا ندري هل ما تحسبينه خارج الوسع، هو بالفعل كذلك في حق من ابتلي به، أم ليس كذلك. وإن كان خارج القدرة في التحمل، فالذي يكلف به الإنسان هو الصبر. فإن نفد الصبر فمات أو جُنّ فلا يؤاخذ، وإنما يكون البلاء سببًا للجنون أو الموت كما لو أن أحدًا دهسته سيارة، أو أصيب بطلق ناري، أو سقط من شاهق....
إذن حتى لو تكلفنا وأدخلنا الشدائد والابتلاءات داخل الآية، فإن هناك احتمالات عدة تمنع التعارض بينها وبين الآية، وإذا ورد الاحتمال سقط الاستدلال.
أعانك الله ووفقك وعافاك
ويتبع>>>>> : وسواس قهري : الشدة والمسحة والإصبع في الفتحة ! م2