وسواس المَذِيّ
أهلًا. قرأت على موقعكم الكثير من الاستشارات، ولهذا تشَجَّعْتُ لِأُرْسِلَ لكم. وأرسل استشارتي لدكتورة رفيف.
أنا أُعانِي من وسواس المَذِي، وبالرغم من أنَّنِي غالب الظَّنِّ أنَّ ما أُفَكِّر به لن يُنزِلَ مَذِيًّا، وتأكَّدت أكثر من مَرَّة حيث لم أَجِد شيئًا خَرَج، لكنَّنِي في كل مرة أقول ربما الشعور اختلف هذه المرة، ورُبَّما نزل شيء، لدرجة أنَّنِي أصبحت بمجرد الانتهاء من الاستنجاء أتخَيَّل أنَّنِي أُفَكِّر بأشياء غريبة (وأنا أعلم أنَّنِي أتخَيَّل ذلك لكن لا أستطيع فعل شيء)، وأشعر بمشاعر غريبة. والمشكلة أنَّ كل ما أفكِّر به سخيف جدًّا، لكنني أخاف.
أصبحت أكثر صَلَواتي أُعِيدُها بسبب الشك في نزول المذي. وأنا أتحَفَّظ دائمًا. وبسبب أنِّنِي أصلًا أُعانِي وسواسًا آخر فأُطِيل في الاستنجاء. لا أستطيع التأكُّد دائمًا من نزول شيء، وأخشى أن أَضطَرَّ لإعادة الاستنجاء، فأُفَضِّل أن أُصَلِّي على شَكِّي وأُعِيد الصلاة مع التي بعدها. وأحيانًا لا أَجِد شيئًا نَزَل، ثم بعد مدة اشعر بخروج شيء. فأريد أن أعلم، هل ذكر الفقهاء إمكانية تأخر نزول المذي؟ أم أنَّها رُطُوبَة؟
أنا أشعر أنَّنِي _إن شاء الله_ قادرة على تجاوز هذا الوسواس الذي أُدرِك سخافته؛ لأنَّنِي حقًّا لا أفكر بشيء يستحق، وهذه المشاعر لا دَاعِي لها، بل هي وسواسية، لكن المشكلة أنَّ الصلاة تعتمد عليه، لهذا لا يمكنني تجاوزه. وأنا أشغَلُ نفسي دائمًا كَيْ لا أفكر بشيء، لكن الفكرة حاضرة في اللاوعي، لهذا أقول "صلِّي وأَعِيدي".
من ناحية الصلاة بالنجاسة: أعرف القول بالسُّنِّيَّة عند بعض المالكية، لكن هل يمكن في هذه الحالة أن أقول أنَّ الصلاة بهذا المذي إذا خرج (وطبعًا لن يتعَدَّى كثيرًا) صحيحة عند هؤلاء المالكية، وأيضًا عند الأحناف الذين يرون بالعفو عن مقعر الكَفّ مساحة لا كمية؟ وأيضًا عند ابن تيمية الذي يرى العفو حسب العرف دون تحديد للقدر؟ أم أنَّ ابن تيمية لا يعني العفو في الصلاة؟
إذا كان ذلك صحيحًا عند كل هؤلاء، فيُمكِنُني تجاهل المَذِي حتى يذهب عَنِّي وسواسه، وعدم إعادة الصلوات. أرجوكم اسألوا الله لي المُعافَاة.
رأيت البعض أيضًا يُرسِل لكم مشكلة حصلت معه، وأَوَدُّ ذِكر واحدة إذا كان بامكانكم مساعدتي، حيث كنت أُزِيل المُفرَزَات بالمناديل أولًا، وكنت قبلها ربما بساعتين أو ثلاثة فكَّرت في أشياء كثيرة لا أعلم إذا كانت تنزل مَذِيًّا أم لا، وشَعَرت بمشاعر مُختَلَطة يَغلُب عليها الخوف من نزوله، فلا أفهمها جيّدًا. المهم أنَّنِي بعد ذلك بساعات شعرت بنزول شيء، وبدأت أُزِيل المُفرَزَات، وحتَّى أضمن عدم خروج شيء، أحاول دَفْعَها لِتَخْرُج كلها، وأتطَهَّر وأَقُومُ سريعًا. وبالفعل قُمْتُ بذلك، ووجدت شيئًا شفَّافًا أبيضًا كأنَّه ماء به لزوجة خفيفة، وأعتقد أنَّ هذه صفات المَذِي، وأعتقد أنَّ المُفرَزَات تُشبِهُه أيضًا، ففتحت الماء ووضعت يدي تحتها لِأغسل الإصبع الذي كان به هذا السائل، وأعتَقِد أنَّنِي لم أَفرُك الإصبع، واكتفيت بمرور الماء وظَنَنْتُه طَهُرَ. وبعد مُدَّة مِنْ لَمْس وجهي وشعري وهكذا وَجدت في الإصبع مَلْمَسًا دُهنِيًّا ورائحة تُشبِهُ ذلك السائل، فعَلِمْتُ أنَّ الماء لم تُزِلْهُ بالكُلِّيَّة، وبمُجَرَّد فَرْك الإصبع مع قليل ماء زال المَلْمَس والرائحة، لكنَّنِي نَسِيتُ وجهي الذي لمَسته وثيابي، وكان الجو في الحمام حارًّا جدًّا، فكان وجهي يتصَبَّب عَرقًا، يعني هذه النجاسة انتشرت للأَسَف.
في النهاية، ولصعوبة تَطْهِير كل هذا بَنَيْتُ على الشَّكِّ أَصْلًا في هذا السائل هل هو مَذِي أم رطوبة،
وعلى قلق شديد أكملت يومي، فهل فِعْلي صحيح؟
27/6/2021
واستدركت في رسالة منفصلة تقول:
سؤال
أَرَدْتُ أيضًا أن أسأل لأنَّنِي رأيت دكتور وائل ومُستشارًا آخر يقولون ما معناه أنَّ المُشكِلَة في الموسوس هي كيفية التَّعَامُل مع الفكرة الوسواسية، وليس وُرُود الفكرة أو وقوع النجاسة. فَيَا تُرَى كيف يمكن أن يتصَرَّف شخص طبيعي في مثل الموقف الذي رَوَيْتُه لَكُم بالأمس؟
وبافتراض أنَّهُ مُتأَكِّد من أنَّهُ كان مَذِيًّا، ويَعْلَمُ يَقِينًا أنَّه لَمَس وجهه وشَعْرَهُ بِهِ، وكان يتَصَبَّب عَرَقًا، فكيف سيتَصَرَّف؟
ولكم جزيل شكري
27/6/2021
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك وباستشاراتك يا "sarona" على موقعك مجانين.
أولًا: لا يجب التَّفتيش عن نزول شيء لمُجَرَّد الشَّكِّ، وإذا لم تتيَقَّنِي نزول شيء كَمَن يتَيَقَّن من تَبَوُّل في ثيابه، فلا تُفَتِّشي، وصلاتك صحيحة في هذه الحالة؛ لأنَّكِ لست مُتَيَقِّنَة وإنَّما شاكَّة، واليقين لا يزول بالشَّكِّ، أي يقين طهارتك لا يزول بالشك في النجاسة. وما يَنزِلُ دون تحَرُّك مشاعر، أو بعد مضي وقت على تحركها، فهو مُفرَزَات طبيعية نسائية.
وعلى هذا؛ فَمَا تَظُنِّين بُطْلَانَه من صلواتك، هو في الواقع صحيح، ولا حاجة للإعادة الوسواسية التي تفعلينها. ولترك إعادة الصلاة دون قلق، أنصحك بتأجيلها الوقت تِلْوَ الآخر، أَعْنِي إذا صَلَّيْتِ الظهر، وقلتِ إنك ستُعِيدِينها مع العصر، ودخل وقت العصر، فقولي: "لن أُصَلِّي الظهر الآن، سأُصَلِّيه في وقت المغرب"، ثم إذا جاء المغرب قولي: "سأُؤَخِّر الإعادة إلى العشاء وهكذا"، وبعد مُدَّة من التأجيل ستقولين أخيرًا: "لا داعي للإعادة لأنَّ صلاتي صحيحة".
ثانيًا: يمكنك الصلاة مع وجود النجاسة عند المالكية، أو بتقليد الحنفية، أو ابن تيمية. وصلاتك صحيحة، فلماذا وَجَعُ الرأس والإعادة
ثالثًا: بِغَضِّ النَّظَر عَمَّا فعلتِ لإزالة المُفرَزَات مِنْ مَسْحِ ودَفْع وغير ذلك، فإنَّ المَذِيّ كُله لَزِج وليس ماء به لزوجة خفيفة، ما ذكرته هو صفة رطوبة الفَرَج الطاهرة التي لا تنقض الوضوء.
وهذا السائل المائي يستَحِيل أن يبقى على الإصبع، ويُزِيلُه مُرور الماء بالتأكيد، ولن يُعطِي مَلْمَسًا دُهنِيًا على الإصبع، وليس له رائحة! وكُلُّ ما تذكرينه لا يَعْدُو تَهَيُّؤات وُسواسِيَّة. بالمختصر: لا يُوجَد نجاسة بالأساس، فضلًا عن أن تنتشر وتقومي بتطهيرها.
رابعًا: الشخص الطبيعي، إذا اكتشف على إصبعه نجاسة بعد أنْ لَمَس وجهه وشعره، يتذَكَّر المكان الذي لَمَسََه من شعره، فيَغْسِلُ ذلك المكان فقط، ويغسل وجهه، وفقط!
وفَّقكِ الله لِتَرْكِ الوساوس، وعافاك المُعافَاة التَّامَّة.