الوسواس
سبحان الله العظيم... وكأن الأقدار كانت تهيئني لتقبل هذه المشكلة التي لا تخصني في الحقيقة، فمباشرة بعد مطالعتي لكتاب الدكتور هندي عن الوسواس القهري تعقدت حالة زوج أختي وتنغصت حياة شقيقتي وأبناءها إلى درجة خطيرة ومنذرة بكل سوء!!
وباختصار شديد فإن أختي الكبرى كانت تعيش مع زوجها الذي يعمل مهندسا مساعدا في المناجم عيشة سعيدة ورزقت بأبناء على غاية من الخلق والنجابة والتميز في الدراسة، ومنذ سنتين تقريبا بدأ زوجها يعاني من أمراض في المعدة وأصبح عصبيا وميالا للعزلة، ورغم أنه يؤدي فرائضه الدينية إلا أنه صار يشك في سلوك أختي رغم أنها معروفة لدى الجميع بعفتها وطهرها وخلقها الكريم، وصار الزوج يضيق عليها ويهينها ويتجسس عليها وهي صابرة على حالها من أجل أبنائها الذين بلغوا مراحل دراسية حرجة، وباعتبارها بعيدة عنا (في مدينة أخرى) فإننا صرنا أكثر قلقا عليها وأكثر عجزا في محاورة زوجها وإلى جانبنا كل أفراد أسرته المدركين لخطأ سلوكه...
سؤالي عن أسلوب التعاطي مع هذه الحالة وعما يجب على أختي فعله وهل بالإمكان معالجة هذه الحالة معرفيا فقط أم بالاستعانة بالعقاقير، وهل من الممكن أن تكون الحالة لها علاقة بالسحر لأن أختي اتصلت بشيوخ وأكدوا لها وجود عمل من هذا النوع،
ولكم مني جزيل الشكر
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
02/10/2003
رد المستشار
الأخ السائل أهلا وسهلا بك، وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين،
الحقيقة أن العبارة الأولى في إفادتك كانت عند أول قراءةٍ صادمةً لنا، لكننا بعد قليلٍ تفهمنا ما تقصدهُ، فحمدنا الله أن مَـنَّ علينا بنعمة تبصير عباده من العرب بما لم يكونوا له مهيئين، ونتمنى أن تكونَ تلك هيَ بدايةُ إرشادك وإرشاد أختك وزوجها إلى ما فيه استقرار حياتهما وأسرتهما في ما يرضي الله عز وجل.
ما تتحدثُ عنه من اضطرابٍ أصاب أولا أفكار زوج أختك ثم مشاعره ثم سلوكياته تجاه زوجته وأم أولاده، وهو أحد الاضطرابات الوهامية (الضلالية) المستديمة Persistent Delusional Disorder، من النوع المتعلق بالغيرة على الزوجة والشك في سلوكها، ويسمى بالغيرة الوهامية (الضلالية) Delusional Jealousy، وأحيانا يسمى وهام الخيانة الزوجية Delusion of Infidelity.
وهو اضطراب يتميزُ بأن الزوج فجأةً يبدأ في الشك في إخلاص زوجته له (وأحيانا في صحة سلوك بناته خاصةً في مجتمعاتنا)، ويبدأ في المعاناة من أفكارٍ تشبه الأفكار التسلطية أحيانا والأفكار الوهامية أحيانا والتي نريد إحالتك لكي تفهم الفرق بينهما إلى إجابةٍ سابقة لنا على صفحة استشارات مجانين تحت عنوان: الـزَّوَرُ (البارانويا) أنواع ، فأيّ الأنواع أنت؟
كما يفعل نفس المريض أفعالاً قهرية استجابةً إما للفكرة التسلطية، وإما للفكرة الوهامية، متمثلةً في مراقبة ومتابعة زوجته وتفتيش حاجياتها، فإن اعتباره داخل طيف الوسواس القهري أصبح الآن هو الاعتبار الأقرب للصحة حسب فهمنا للطب النفسي.
ولما كنا في دراسةٍ سابقةٍ لنا قد اعتبرناه أحد اضطرابات طيف الوسواس القهري OCD Spectrum، وتتأرجح فيه مدى إيمانية المريض بالفكرة ما بينَ الفكرة التسلطية والفكرة الوهامية، فإننا نتمنى أن يكونَ حال زوج أختك من النوع الذي يعاني من الأفكار التسلطية لأنه في هذه الحالة قد يقبل العلاج النفسي، على عكس حالة غلبة الفكرة الوهامية عليه فهي الحالة التي يكونُ من الصعب فيها إقناعه بحاجته إلى الطبيب النفسي، ناهيك عن اقتناعه بتناول العقاقير التي تعتبر لازمة لحالته.
وقد وضعنا هذا النوع من الوسواس في تصنيفنا المقترح للوساوس والذي تجده مشروحا على موقعنا هنا على الرابط التالي: وساوس الخوف والريبة، وإن كنا سنذكرُ لك هنا بعض أهم ما جاء في ذلك المقال لكي تكونَ إجابتنا عليك وافية هنا أيضًا وكثيرٌ من حالات الغيرة المرضية تكونُ لهُ علاقةٌ بالاضطرابات الضلالية أكثرَ من علاقته باضطراب الوسواس القهري، إلا أن هناكَ حالات غيرةٍ مرضيةٍ تأخذُ شكل الوسواس القهري بأفكاره التسلطية وأفعاله القهرية حيثَ ترى المريض الذي يشك في إخلاص شريك حياته إنما يعاني من فكرةٍ تسلطيةٍ محتواها هوَ الشك في إخلاصه أو أن خيانته حدثت وبما أنها فكرةٌ تسلطيةٌ فإن المريضَ يعرفُ أنها فكرةٌ غير صحيحةٍ، لكنهُ لا يستطيعُ التخلص منها إلا بالتأكد من خلال التفتيش في حاجيات الطرف الآخر وربما مراقبته كفعلٍ قهري أيضًا.
وأما مظاهر الغيرة فهي مزيج من القلق والخوف والتوتر والضيق، والغيرة تظهر في السلوك ولا يعبر عنها مباشرة بالكلمات ومن المؤسف أن نتصور أن الغيرة مظهر للحب القوى الجامح، فالحقيقة أن الحب ما لم يكن راسخا فهو لا يستطيع الصمود في وجهها لأن الغيرة تنبع من الشعور بالاحتقار، ولعل أهم ما وصلت إليه أبحاث علماء الطب النفسي وعلم النفس من نتائج هو أن الأطفال الذين يعانون من عدم الاستقرار والحرمان من العطف يكونون أكثر عرضة للغيرة في رجولتهم من أولئك الذين أحيطوا بالمحبة من كل جانب، والتسامح والتفاهم من جانب الآباء في تربيتهم لأطفالهم من شأنه أن يحد كثيرا من استعداد أولئك الأطفال من الشعور بالغيرة في مستقبلهم.
والإنسان الغيور يحمل بعض ملامح الشخصية الزورانية والتي لديها حساسية زائدة فيجسم الأمور ويبالغ فيها ويحمل الأشياء والكلمات والمواقف معانٍ بعيدة عن الحقيقة، وهذه التهيئةُ النفسيةُ هيَ بمثابة أحد العوامل النفسية المهيئة Predisposing Factors أي التي تجعل الشخص على استعدادٍ للمعاناة من اضطراب الغيرة المرضية بوجه عام وذلك عند تعرضه لكروبٍ معينةٍ تكفي لإحداث الاضطراب كأن يكتشفَ مثلاً أن قريب زوجته، ذلك الذي يزورهم كثيرًا كانَ يريدُ الزواج منها قبل أن يتقدمَ هوَ لخطبتها، ويعتبرُ ذلك بمثابة العامل المرسب Precipitating Factor، فيبدأ الزوجُ بعد ذلك في المعاناة من فكرةٍ تسلطيةٍ مؤداها أن زوجته لابد تحبُّ ذلك الشخص وربما تكونُ على استعدادٍ لخيانته معه.
وهكذا تتوالدُ الأفكارُ ويجترُّ بعضها بعضًا رغم محاولاته المستميتة لطردها من وعيه، وربما تأخذُ شكل الصور والتخيلات الاقتحامية وتدفعه إلى أفعال التفتيش القهرية في حاجيات زوجته مثلاً رغم ما يمكنُ أن يسببه ذلك من تبرم من ناحية الزوجة إلا أنهُ لا يستطيع منع نفسه من ذلك، ومن المهم هنا أن نلاحظَ أن الظواهر القهرية في وسواس الغيرة تكونُ من أهم العوامل المثبتة Perpetuating Factors لذلك الاضطراب.
وأما موقفُ الإسلام من الشعور بالغيرة على الزوجة فإنهُ موقفٌ معتدلٌ وواضحٌ فالإسلام لا يقبلُ من الرجل أن يكونَ باردَ الدم لا يغارُ على حريمه ولا أن يكونَ شكاكا عديم الثقة فيهن فكما يقول فضيلة الشيخ عطية صقر في فتواه:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما رواه النسائي والبزار وصححه الحاكم "ثلاثةٌ لا يدخلون الجَنّة، العاقُّ لوالدَيْه والدَّيُّوث ورجلة النساء"ـ فإنّه وجَّهه إلى الاعتدال والتوسُّط في ذلك، فقد قال ـصلّى الله عليه وسلمـ، كما رواه أبو داود والنسائي وابن حبان "إنَّ من الغَيرة غَيرة يبغضُها الله عزَّ وجل وهي غَيرة الرّجل على أهله من غير رِيبة"، ذلك أن شدة الغَيرة تجلِب على المرأة سُبَّة، فسيقول النّاس، إنْ صدقًا وإن كَذِبًا، ما اشتد عليها زوجُها إلا لعلمه بأنَّها غير شريفة، أو فيها ريبة، يقول الإمام علي: لا تُكثِرُ الغَيرة على أهلك فتُرْمَى بالسوء من أجلك.
إن هذه الغَيرة الشديدة تحمله على كثرة الظن السّيِّئ وعلى التجسُّس، وذلك منهي عنه في القرآن والسنة، وقد نَهَي الحديث عن إحدى صوره، وهي الطُّروق ليلاً للمسافر، أي مُباغتته لأهله عند قُدومه من السفر دون علمٍ منهم، فقد روى مسلم عن جابر أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ نهى أن يَطرُق الرّجُلُ أهلَه ليلاً لئلاّ يُخوِّنهم أو يطلب عَثراتِهم. وروى البخاري ومسلم قوله صلّى الله عليه وسلم "إذا قَدِمَ أحدُكم ليلاً فلا يأتِيَنَّ أهلَه طُروقًا، حتَّى تَستحِدَّ المغيبة وتَمتشطَ الشَّعثة".
فالخُلاصة أن الرّجل لابد أن يَغار على زوجته، ولكن يجب أن يكون ذلك في اعتدال، وخير ما يُساعده على ذلك أن يختارَها ذات خلق ودِين. ونحنُ عندما نتحدث عن الغيرة المرضية نقول أنها الغيرة التي تخرج عن نطاق السواء النفسي، وتستحيل معها الحياة في هدوء وطمأنينة فالغيرة المرضية هي لهيب يحرق كل شيء وينزع الحب وتقضى على الثقة وتنتهي بغرس بذور الكراهية، والشخص المصاب بالغيرة المرضية تسيطر عليه مشاعر النرجسية وحب الذات، إذ يريد أن يكون محور انتباه واهتمام الشخص الآخر إن أمكن كل الوقت كما أن الشخص المصاب بالغيرة المرضية يتجاهل الأدوار المختلفة للشريك الآخر، فلكل شخص في حياته أدوار متعددة يقوم بها.
ولما كانت ظروف مجتمعنا الحالي تستدعى وجود علاقات مهنية في العمل أو خارجه، فمن هنا تبدأ ظهور المشاكل والمآسيي والانهيارات فوضعُ المرأةِ العاملةِ مثلاً يمكنُ أن يستثيرَ لدى زوجها كما من الوساوس لا حد له، وترى الكثيرين يفضلونَ إبقاءَ زوجاتهم في البيت ومنعهن من العمل بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع مشاعر الغيرة، وقد عالجتُ من كانَ لا يستطيعُ البقاءَ في مكانِ عمله أكثرَ من ساعتين، وتهاجمهُ بعد ذلك أفكارٌ تسلطيةٌ تتعلقُ بزوجته ورئيسها في العمل، وكانَ لا يجدُ الخلاص من أفكاره تلك إلا بالاتصال بها أو الذهاب بأي حجةٍ إلى مكانٍ عملها للتحقق بأي شكلٍ من أنها لا تخونهُ في هذه اللحظة، وعندما كنتُ أغلظُ عليه في السؤال كانَ يقولُ أنهُ رغم ثقته في زوجته إلا أنهُ لا يستطيعُ الخلاص من وساوسه، وكانَ الحل الذي يراه لهذه المشكلة هو أن تتركَ زوجته العمل.
وإذا أردنا التركيز على حالة زوج أختك تلك، فإن ما يفهم من قولك في إفادتك (أنه صار يشك في سلوك أختي رغم أنها معروفة لدى الجميع بعفتها وطهرها وخلقها الكريم، وصار الزوج يضيق عليها ويهينها ويتجسس عليها وهي صابرة على حالها من أجل أبنائها الذين بلغوا مراحل دراسية حرجة)، هو أقرب إلى وهام الخيانة الزوجية أكثر من قربه لوسواس الغيرة، خاصةً مع ميله للانعزال وعدم طلبه للعلاج، ولكن العلاج ضروري في مثل حالته،
وإذا هداه الله إلى الطبيب النفسي ووافق على تناول العلاج وانتظم عليه، فإنه قد يبرأ تماما إن كانت حالته مجرد وسواس أي فكرةٍ تسلطية، ولكنه إن كانت الفكرة وهامية قد يستطيع باستمراره على العقار أن يصبح أكثر هدوءًا وأقل انفعالاً وأقل إتيانا لسلوكيات مخزية كالتفتيش في حاجيات زوجته أو اتهامها بالخيانة أمام أبنائها وبناتها أو الشكوى من ذلك لكل من يسمع له، هو باستمراره على العقار الذي نتمنى أن يوفق الله طبيبه النفسي في إقناعه باستخدامه فقد يتم شفاؤه إن قدره له الله.
وقد يصل إن لم يشف تماما إلى مرحلة تتحول فيها الفكرة الوهامية تلك من فكرة تتحكم في مشاعره ثم في تصرفاته إلى فكرة يستطيع التصرف وكأنها غير موجودة، وهي الحالة التي تطرأ على الفكرة الوهامية فنسميها بالفكرة الوهامية المُمَحْفظة أو المغَمَّدَة Encapsulated Delusional Thought، ومعناها ببساطة أن الفكرة تظل خامدةً في ما تحت وعيه، لكنها قد تستدعى تحت ضغوط أو كروبٍ Stressors حياتية معينة.
ولكي نجيب على تساؤليك الأخيرين:
الأول: عن أسلوب التعاطي مع هذه الحالة وعما يجب على أختي فعله وهل بالإمكان معالجة هذه الحالة معرفيا فقط أم بالاستعانة بالعقاقير، فإن العلاج يحتاج إلى طبيب نفسي متخصص وإلى عقاقير إن هداه الله ووافق عليها وإن لم يوافق فإن العلاج المعرفي سيهدف إلى دفعه بالتدريج إلى الموافقة، فقد يحتاج عقاقير مضادةً للذهان وقد يحتاج أحد عقاقير الم.ا.س.ا والتي تجد عنها معلومات كثيرة في ردنا السابق على هذه الصفحة تحت عنوان: ما هيَ الم.ا.س.ا؟
ومن المهم أن نشير إلى أن السبب الحقيقي للاضطرابات الوهامية ما يزال غير معروف في علم الطب النفسي، ولكن هناك إشاراتٍ عديدةٍ على ارتباطه بحالات عضوية في المخ Organic Brain lesions ومن أشهرها وجود ورم ما في المخ Brain Tumor ، كما أن إصابات الجهاز الحوفي Limbic System وهو المسؤول عن العواطف والمشاعر وبعض أصناف الذاكرة، وكذلك إصابات النوى القاعدية Basal Ganglia وهي المسؤولة عن كثير من الوظائف الحركية والنفسية والمعرفية، ولها علاقة باضطرابات نطاق الوسواس القهري.
ولبعض أنواع الاضطرابات الوهامية التي تختلف من ناحية المحتوى غالبًا عن حالة زوج أختك، علاقةٌ أيضًا بضعف الحواس كضعف السمع أو البصر، كما أن هناك من الدراسات ما يشير إلى توارث هذه الاضطرابات الوهامية التي تعتبر أصلا من أقل الاضطرابات النفسية شيوعا وهو ما يجعل دراستها صعبة، إلا أن استجابة حالات عديدةٍ للعقاقير سالفة الذكر تجعل من الممكن أن تكونَ لها علاقة باضطراب الناقل العصبي المسمى بالدوبامين وبالسيروتونين أيضًا.
وبغض النظر عن الأسباب العضوية فإن هناك كثيرًا من النظريات النفسية التي تحاول إرجاع حالات الوهام إلى عيوب أو سمات معينة في الشخصية ولكن أيا من هذه النظريات لم يثبت بالطبع، وما يهمنا في النهاية هو أن العلاج المعرفي السلوكي بأساليبه المختلفة أثبت نجاحا في حالات كثيرة من حالات الاضطرابات الوهامية.
وأما السؤال الثاني فهو سؤال عن السحر وتقول (هل من الممكن أن تكون الحالة لها علاقة بالسحر لأن أختي اتصلت بشيوخ وأكدوا لها وجود عمل من هذا النوع) فأنا أقول لك أن ما رأيناه كأطباء نفسيين من حالات شبيهة بحالة زوجة أختك غالبًا ما يتحسنون على العقار بالشكل الذي وضحته لك في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى يشفون تماما، وهناكٌ تلال من الدراسات العلمية في الغرب والشرق تؤكد ذلك.
ولكنني كطبيب نفسي مسلم لا أستطيع إنكار أن هناك سحرًا، وأن الآية الكريمة في سورة البقرة والتي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم (البقرة ، الآية 102).
يفسر معظم المفسرين -كما وصل إلى علمي- هذه الآية بأنها تشير إلى سحر الربط والانسداد، وأنا لا أستبعد أن تفسر أيضًا على أنها تشير إلى وهام الخيانة الزوجية أيضًا لأنه يفرق بين المرء وزوجه، ليس معنى ذلك أنني أوافق الشيوخ والسحرة الذين يقولون لأختك ما يقولون أن هناك أسحارًا أو أعمالاً من هذا النوع، لأنني أريدهم أن يثبتوا، وليتهم يفكرون ويجرون التجارب العلمية الموضوعية فيثبتون أسبابا بطرق علمية محايدة وقابلة لهذا الاضطراب المعرفي النفسي، أتمنى ذلك، ولكنني في نفس الوقت أدرك صعوبته، وأراني هنا مضطرًا إلى إحالتك للمشكلات التالية المعروضة على صفحتنا استشارات مجانين لتجد فيها موقفنا من مسألة السحر وكونه أحد أسباب الأمراض النفسية:
السحر والشياطين وقول الأطباء النفسيين
السحر والشياطين وأمة المساكين
خطيبتي والجن!! "التفكير الخرافي"
إلا أن كل ذلك لا يعني أننا نقبل بالتعامل مع معطيات عالم الغيب بالشكل الذي تتعامل به مجتمعاتنا كما رأيت في أكثر من إجابة سابقة من التي أحلناك إليها، لأن التعامل مع معطيات عالم الشهادة يحب أن يكونَ من خلال معطيات ذلك العالم، بمعنى أنه حتى لو كان للسحر دورٌ في حدوث ما حدث فإن هناك ما ثبت من طرق لعلاجه في الطب النفسي وليس هناك ما ثبت بطريقة علمية لا تقبل الجدل من طرق لعلاجه عند الدجالين والسحرة والذين نهينا عن اللجوء إليهم.
أرجو أن تكونَ هذه النقطة واضحة، وأحيلك في آخر ردي عليك لقراءة مقال على موقعنا مجانين ضمن باب الطب النفسي شبهات وردود تحت العنوان التالي: الطب النفسي ينكر أثر القرآن في العلاج وينكر الجن والسحر والعين
وفي النهاية أسأل الله أن يهديك وأختك وزوجها إلى الطريق الصحيح وأن يخفف من معاناة الأسرة كلها سواء كانت الأسرة الصغيرة متمثلةً فيها وزوجها وأولادها أو أسرتهما الكبيرة سواءً أسرة الزوج أو الزوجة، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>: وهام الخيانة الزوجية :وسواس الغيرة م