العقائد بأنواعها، تحسب أنها تقبض على عنق الحقيقة، وغيرها بعيد عنها ويجهلها، وهدفها أن تهيمن على الآخر وتضمه إليها، ولا توجد عقيدة في تأريخ البشرية تنازلت عن رؤاها واقتربت من غيرها، وإنما ديدنها التصارع والاحتراب، وما حصل من حروب وتداعيات عبر العصور مبعثها العقائد.
فالعقيدة كيان متطرف لا ينقسم إلا على نفسه.
والعقيدة: الحكم الذي لا يُقبل الشك فيه لدى مُعتقده.
وهي أشبه بالوهم أو هي الوهم بعينه، وذلك لأن أصحابها لن يتنازلوا عنها أو يغيروها لو قدمت لهم براهين الدنيا وما قبلها وبعدها، إنها رسوخ عاطفي انفعالي يسخّر العقل لتبريره وتعزيزه والعمل بموجبه، ولهذا يموت المُعتقِد في سبيل عقيدته.
والقائلون بتقارب العقائد كالأديان والمذاهب، يطاردون سرابا، فالتأريخ يحدثنا عن استحالة العلاقة الإيجابية بين المعتقدات، فلكل منها ما يراه ويسعى لفرض رؤيته على الآخرين من حوله، وهذا تعبير فاضح عن التطرف الفظيع الذي يبرر محق الآخر باسم المعتقد.
فلا توجد حرب شنيعة وسفك دماء مروّع جرى فوق التراب، إلا تحت ألوية العقائد وخصوصا الدينية منها، التي أكدت بتكرارية مريرة كأن الأديان وجدت لإذكاء الحروب في أمة الإنسان، فحتى أبناء الدين الواحد يجدون ما يبرر تقاتلهم وتدميرهم لبعضهم، كما يحصل في الديانات السماوية الرئيسية وباقي الأديان الأخرى.
فلكي تقتل يجب أن تجد ما يحررك من المسؤولية، وتجريد المُستهدَف من آدميته وحقه في الحياة، والمعتقد هو الذي يسوّغ ذلك، فأنت مأمور بأن تقتل وتستبيح وفقا لمعتقدك الذي له رب يرعاه، ويدعوك لتنفيذ ما يمليه عليك من عمل أيا كان نوعه.
ولهذا فمعظم المعاناة البشرية منبعها اعتقادي أو ديني، ولن تنتهي إلا عندما يكون المعتقد شأن خاص وأصحابه يبتعدون عن فرضه على الآخرين.
وتلك مصيبة البشر بالمعتقد والدين!!
فهل لنا أن نجعل الدين رحمة للعالمين؟!!
وهل سنترك الدين لأهله، والوطن لأهله؟!!
واقرأ أيضاً:
مهاتيرزم!! / الشعر التربوي!!