"وبها الأقلامُ خَطَّتْ عَنْ رؤاها...شَخِّصَتْ داءً وما جاءَ الدواءُ"
العقول العربية لديها قدرات متميزة لتشخيص الداء الذي تعاني منه الأمة، ويمكن متابعة تلك التشخيصات الواضحة في العديد من المقالات والبحوث، التي تجود بها العقول المتفاعلة مع الواقع بعلمية وجدية وجهد واجتهاد، وغيرة على الحاضر والمستقبل.
فهل ينفع التشخيص؟
في الطب يكون السعي للتشخيص لمعرفة العلاج، فبدون تشخيص دقيق لا تتحقق المعالجة الصحيحة، وفي واقع الأمة أن تشخيص أمراضها دقيق وصائب، لكن الطبيب المداوي غير موجود، أو لا يريد المشاركة في العلاج وإنما في استفحال أمراضها وترقيد أجيالها. وهذا يعني أن العلة الحقيقية في الكراسي التي تتولى شؤونها.
العلاج لأمراض الأمة يكون بقرارات سياسية مدروسة ومعتمدة على نظريات وتوصيات مستخلصة من بحوث ودراسات ذات قيمة علاجية ناجعة.
فـتأريخ الأمم والشعوب يخبرنا بأن الإرادة السياسية هي التي تقود المجتمعات، ولا يمكن للعقول المجردة منها أن تفعل شيئا مهما.
فالعلماء والشعراء والمفكرون كان لهم دورهم المؤثر عندما تعاضدهم السلطة السياسية وتتخذ من أفكارهم ومنطلقاتهم مناهج للحكم وبناء الأمم والأوطان.
حصل ذلك بوضوح في زمن الدولة العباسية في عصرها الذهبي ، وفي الزمن المعاصر نجد العديد من القيادات السياسية في المجتمعات الأرضية، تعتمد توصيات ومقترحات لجان لباحثين ودارسين وخبراء وعلماء، وبموجب ما يتوصلون إليه، تكون مسيرتها وآليات اتخاذها للقرارات.
وفي مجتمعاتنا، تُحسب تشخيضات المفكرين والفلاسفة والكتاب والمثقفين على أنها شيء آخر، وعلى أكثر الظن مناوئة للحكم، ولهذا تجد المتحكمين بمصير الأمة يلوذون بأوهامهم العقائدية، ويحيطون أنفسهم بأسوار عدوانية ضد أي توجه لخير للبلاد كما يرى، فهم يريدون كل شيء لأنفسهم وحسب، ودوام بقائهم في الكرسي هو المعيار الوحيد الذي يتخذونه دليلا وبرهانا.
ترى متى سترعوي الكراسي وتتبصر، وتحكم بالعقل، والإرادة الحرة الباسلة؟!!
واقرأ أيضاً:
الغلو طبعنا!! / الجاهلون بالعربية!! / العربية أقوى من العرب!!