أرسل خضر حجازي (23 سنة، طالب، لبنا، شيعي) يقول:
حقوق المرأة ضمن نطاق الشرع والدين
هل من حاجز يمنع المرأة من متابعة دراستها أو اختيار الزوج التي هي تريده لها، طبعا إذا كان الزوج لا عيب فيه شكرا.
26/4/2009
* تعليق الأستاذة رفيف الصباغ:
السلام عليكم؛ الأخ الكريم....
لقد خلق الله تعالى المرأة وخصها بناصح ينصح لها ويرعى شؤونها، وحارس يحميها، وبصير بشؤونها واحتياجاتها يعمل على إيصالها لما تبتغي دون أن ينالها من ذلك أذىً أو مشقة... هذا الناصح والحارس ومدير الأعمال الخاص بها هو وليها من الرجال كالأب، والجد أبو الأب، والعم، والأخ،والابن، أو الزوج –إن كانت مزوجة- على ترتيب بينهم وتفصيل يعرف في الكتب المختصة...
والأصل في الولي أن يكون حريصاً مؤتمناً على مصالح موليته، فييسر لها طريق العلم الذي تريده، فإما أن يعلمها هو، وإما أن يرسلها إلى حيث تتعلم ولولا هذا لما وجدنا بين المسلمين عالمات مبدعات، كحفصة بنت سيرين –مثلاً- التي كان علماء عصرها يفضلونها على أخيها محمد بن سيرين العالم المعروف، وغيرها...
وكذلك على الولي أن يكون حريصاً على تزويج المرأة من الرجل المناسب دون أن يحيجها لأن تهين كرامتها وتصرح بذلك، وقد عرض سيدنا شعيب على سيدنا موسى –عليهما السلام- ابنته لما رآه صالحاً فقال: ((إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ))[القصص:27]....
ولكن الأولياء قد يقصرون، وقد يظلمون...، لهذا ضمن الشرع الحنيف للمرأة حقوقها في حال تقصير الولي أو ظلمه رفعاً لذلك عنها.
فأما التعلم فمعلوم أن العلوم على نوعين:
- علم تحتاجه المرأة في حياتها ولا تستطيع الاستغناء عنه، كتعلمها أحكام طهارتها وصلاتها، وصيامها وزكاتها إن كانت غنية، وأحكام الزواج إن أرادت التزوج، وأحكام تربية الأولاد إن أنجبت... وهذا النوع من العلم لا بد للمرأة أن تتعلمه شخصياً، أي إن تعلمه عليها فرض عين لا يجوز لها أن تتركه، ولا يكفي أن يتعلمه غيرها عنها...
- والنوع الآخر: علم تستطيع المرأة أن تستغني عنه في حياتها، ولكن المجتمع بحاجة إليه، فإن قامت بتعلمه أنارت عقلها، ونالت الثواب وأفادت مجتمعها، وإن تركته فليست بآثمة، أي إن تعلمه عليها فرض كفاية، فيكفي تعلم غيرها له لخدمة المجتمع ولا يشترط أن تكون (فلانة) أو (فلان) من الناس هو الذي يتعلمه لكن المهم وجود عدد كاف من الناس يتعلمونه كائنين من كانوا. ومثاله: التوسع في علوم الشريعة، وكذلك تعلم سائر العلوم الدنيوية كالطب والصيدلة وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم التي لا بد منها لنهوض المجتمع...
فهنا الأصل –كما ذكرت لك- أن يكون الباب مفتوحاً أمامها لتعلم كلا النوعين (فرض العين، وفرض الكفاية)، ولكن لو منع الولي المرأة، هنا يقول الشرع له: قف! لك أن تمنع موليتك من فرض الكفاية، ولكن ليس لك أن تمنعها من فرض العين حتى لا تحرمها حقها في تغذية عقلها وفكرها وروحها بأدنى ما تحتاجه في هذه الحياة، فهي بشر وتحتاج لإنارة عقلها ومعرفة ما لها وما عليها أمام الله عز وجل، ويحق لها أن تعصيك لتتعلم ما تحتاجه من هذا النوع.
وفي نفس الوقت يقول للمرأة: إنما جاز لك مخالفة وليك في منعه إياك فرض العين من العلوم، لأنه منعك شيئاً لو تركتِه كنت آثمة، فلا يحل لك أن تعصي لأجل أوامره. فأما ما سوى ذلك من العلوم التي هي فرض كفاية فليس لك عصيانه فيها، لأن تركها لا إثم فيه فلا يحل لك ترك طاعته الواجبة لأجلها...، ولا يحل لك أن تلغي وليك من حياتك أو تنقمي عليه وتتركي طاعته لأنه حجزك عن هذه العلوم...
وإن استطاعت المرأة أن تقنع وليها بطريقة من الطرق بالسماح لها فهو خير... لكن عليها أن تعلم أولاً وآخراً أنها إنما تتعامل مع الله عز وجل، تتعلم لأجله، وتترك التعلم لأجله، وثوابها كامل عنده، ولن يضيعها إن هي أطاعته، وسيعوضها خيراً إن أثبتت أنها أمة له تطيعه ولو بما يخالف هواها وما تشتهيه.
وأما اختيار المرأة لزوجها: فإن تعرفت المرأة على رجل فأعجبها ورغبا في الزواج، فإن كان هذا الرجل كفؤاً لها، بمعنى أنه يناسبها اجتماعياً، ودينياً، ومادياً... بحيث لا يكون ارتباطها به مخزياً لها ولعائلتها بين الناس، أو يسبب الحرج بوجه من الوجوه المعتبرة، إذا كان كفؤاً حرم على وليها منعها من الزواج منه، وإن فعل كان عاضلاً لها، ويزوجها القاضي رغماً عنه.
وأما إن كان الرجل غير كفؤ للمرأة، ومالت إليه بحكم عاطفتها دون أن تقدر الأمور بعقلانية وتنظر إلى مساوئ هذا الرجل، فهنا يحق للولي أن يمنعها من الزواج به ولا يعتبر آثماً لأن منعه كان حرصاً عليها وعلى مصلحتها التي أعمتها عاطفتها عن إدراكها.