الديمقراطية لعبة غثيثة لا يمكن تحقيقها بمعناها المعاصر في مجتمعات تتولى الأمر فيها أحزاب تدّعي بأنها دينية، ذلك أنها ذات معتقدات وتصورات تحسبها مطلقة وتنفي غيرها ولا تعترف بوجوده إلا على أنه عدوها أو ضدها وعليها أن تقاتله أو تلغيه.
فلا يمكن القول بوجود ديمقراطية في مجتمعات الأحزاب المدّعية بدين!!
فالدين أيا كان نوعه لا يمكنه أن يقترب من الديمقراطية، لأنها حالة نسبية، والأديان بأجمعها حالات اعتقادية مطلقة، ولذلك فإنها لا يمكنها أن تصنع كينونة نسبية ذات قيمة تفاعلية.
الأديان لا تفهم إلا أنت معي أو أنت ضدي!!
الأديان تبيح لنفسها محق الآخر وفقا لذرائعها الاعتقادية!!
والإسلام هو الدين الوحيد الأكثر تحملا من غيره، لكنه وبعد توالي القرون، تشقق وتفكك وتولدت فيه آليات اعتقادية تتماحق وتقضي بإلغاء بعضها، وصار عبارة عن مطلقات متزمتة غلوائية شرسة مترعة بالتوحش والافتراس الذاتي والموضوعي، ولهذا تحقق استثمار كبير فيها وتوجيهها لتحقيق مصالح الآخرين، الذين يستغلون تجييش المسلمين ضد بعضهم، فيحققون أهدافهم بدون خسائر.
وفي هذه الأحوال التماحقية لا يمكن الحديث عن الديمقراطية، وإنما يتم التأكيد عليها كوسيلة لقتل الدين بالدين، ولتدمير العرب وتحويلهم إلى موجودات مشرذمة، تزوَّد بالسلاح مجانا لكي تنقض على بعضها البعض، وهذا ما يحصل في معظم الدول العربية التي يتطور فيها قتل العربي للعربي، وقتل المسلم للمسلم، وتمضي طاحونة الفتك بوجود العرب والمسلمين باسم الديمقراطية، التي أوردتهم المهالك والنواكب القاسيات، وأخرجتهم من قيمهم وأخلاقهم وقضت على أوطانهم وهوياتهم، وحوّلتهم إلى توابع للقوى التي تسخرهم لغاياتها، وتمتصهم وتستحوذ على ثرواتهم.
وأصبح الدين وفقا لبرامج الديمقراطيات الفتاكة هو السلاح الأمضى والوسيلة الأجدى للقضاء على العرب والمسلمين، ومحاصرتهم وتوصيفهم بما يسوّغ الانقضاض عليهم بلا رحمة أو هوادة.
وتلك محنة العرب والمسلمين بدينهم الذي غادروه وحولوه إلى ما يُسمى بدين، بما أنجزوه من وثنيات وانحرافات، وما أنتجوه من أضاليل، وأوجدوه من أوثان يتعبدون في ظلالها، فينكرون ربهم، ويهجرون كتابهم ويعادون نبيهم، ويقولون بأنهم المسلمون.
فهل من سلوك قويم؟!!
واقرأ أيضاً:
الأمة المبعوجة!! / أمة بلا فِكِر أمة بلا ذِكِر!! / يقظة أمة وإرادة جيل!! / العرب يدفعون ضريبة سقوط الاتحاد السوفيتي!!