الانتحار: إنهاء الشخص لحياته بنفسه.
الحقيقة التي لا يُراد الخَوْض فيها هي أن زيادة الفساد وأعداد المُتَاجِرَين بالدين يتناسب طرديًّا مع زيادة عدد حالات الانتحار في المجتمع... الوضع الاقتصادي، التجارب المؤلمة، البطالة، العزلة الاجتماعية، والشعور بالوحدة أسباب مهمة ومؤهِّلة للموت اختيارًا.
وللفساد بأنواعه تأثيرات نفسية وَخِيمَة، إذ يتسَبَّب بالكآبة الشديدة والعجز والإحباط وتنمية مشاعر اليأس والانفعالات السلبية، وبتواصل المعاناة اليومية للمواطنين يكون الفساد قد أفقد بعضهم الرغبة في الحياة، وأغلق نوافذ الأمل أمامهم، وأَفْرَغ الحياة من قيمتها ومعناها عندهم.
ويُضَاف إلى ذلك ما يقوم به تُجَّار الدِّين من نشر للضلال والبهتان والإظلام والجهل والشعور بالاحتقار للذَّات، ودفع الناس للموت وحب المعاناة والخنوع والتَّبَعِيَّة والتقليد الروبوتي لينالوا الآخرة، فهم يضُخُّون في مَسَامِعِهم بهتان الدنيا ولا جدواها، ويحثُّونَهَم على الموت الذي سينالون فيه النعيم.
وهذه مُجْتَمِعَة تدفع إلى سلوكيات انتحارية مقصودة أو غير مقصودة، إضافةً إلى ما تَتَسَبَّب به من أمراض بَدَنِيَّة خطيرة تُعَجِّل في الموت وتزيد المُقَاسَاة، خصوصًا عندما لا تتوفر الخدمات الصحية اللازمة للبشر.
تلك بعض الأسباب المُؤَدِّيَة للانتحار، أمَّا محاولة الالتفاف عليها وإنكارها والإتيان بأسباب أخرى فعُدْوانٌ على الحقيقة والإنسان.
حكومات لا تَمْنَحُ أملًا، ولا تُبَشِّر بانفراجٍ أو بِوَمْضَةِ خير، وتتَّهِمُ المواطن الذي قبضت على عُنُقٍه وتسلَّطَت عليه بحرمانه من أبسط الحاجات الضرورية لبقائه، وتتجاهل حقوقه المُدَوَّنة في لائحة حقوق الإنسان، وتسرق أمواله وحاضره ومستقبله، وتتعَجَّب من إقدامه على الانتحار.
فهل أبقت الحكومات الفاسدة المُؤَزَّرَة بالقوى الإقليمة والعالمية المُنْتَفِعَة من فسادها فرصة حياة للمواطنين في ظِلِّها؟ أم أنها عبدت لهم سبل الموت وأطلقتهم فيها، وكلُّ يومٍ تأتيهم بمسرحية وتدفعهم لتأدية أدوارهم المأساوية على خشبتها لتحترق بهم فيأويهم الرماد؟
فعالجوا الأسباب، ولا تتحاوروا بالنتائج بآليات الإنكار والإسقاط والتبرير السقيم... فهل من قلبٍ سليمٍ؟
واقرأ أيضاً:
أنياب الديمقراطية! / الاستبداد طبعنا / التناسل والحياة