اضطرابات شم رائحة الجسد Olfactory Reference Syndromes أو اضطرابات البَخَرِ المتوهم، أو وسواس الرائحة الجسدية، هو اضطرابٌ نفسي يتسمُ بانشغال فكري وسلوكي مستمرٍّ شديدٍ برائحة الإنسان "المتخيلة"، أو بشكل مفرط برائحة "حقيقية مقبولة أو عادية"، ويكون مصحوبًا بمعاناة شديدة وخجل وارتباك وسلوك تجنبي للآخرين هربا من المعاناة الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى العيش في معاناة مستمرةٍ أو الانعزال عن الناس، ومن الغريب المميز لهؤلاء المرضى أنهم لا يعانون من أعراض شديدة في وجود الأشخاص المقربين منهم كأفراد الأسرة، أو الأشخاص الغرباء تماما عنهم، وإنما تكون معاناتهم شديدةً جدا في وجود معارف غير مقربين مثلا في المدرسة أو مكان العمل.
وفي عيادات الطب النفسي نجدُ الشكوى من صدور رائحة منفرة من جسد المريض أو فتحة من فتحاته على لسان مرضى قادمين من عيادة الأمراض الباطنية أو عيادة طب الأسنان أو الأنف والأذن والحنجرة أو عيادة الأمراض الجلدية أي بعد محاولات علاج عند من يتوهم المريض أنه صاحب التخصص المطلوب، ومحاولة الطبيب النفسي سبر غوار المنظومة المعرفية الموجودة عند هذا النوع من المرضى كثيرًا ما تبينُ إرجاع المريض لمصدر الرائحة المنفرة تلك إلى القولونِ مثلاً أي أنها بسبب غازاتٍ تخرجُ من فتحة الشرج مثلما نرى في حالة صاحب مشكلة: اضطراب شم رائحة الجسد: وسواس البَخَرِ المتوهم، وهناك من يرد مصدرها إلى رائحة أنفه أو فمه أو حلقه أو جوفه مثلما حالة صاحبة مشكلة وساوس البَخَر ورائحة وشكل الجسد!، ومنهم من يردها إلى الجلد أي العرق، كما تجدُ من لا يحدد لها مصدرًا ولا ينشغلُ إلا بمحاولة اجتناب الجلوس مع الناس في مكانٍ مغلق أو قليل التهوية أو الإسراف في استخدام العطور وهكذا.
في بعض هذه الحالات بالطبع تكونُ أفكار المريض صادقةً كأن يكونَ هناكَ التهابٌ مزمنٌ في الحلق أو الجيوب الأنفية أو اضطرابٌ عصبيٌّ في القولون أو غير ذلك، إلا أن الغالبية العظمى من الحالات التي تصل إلى الطبيب النفسي لا يكونُ فيها وجودٌ لهذه الرائحة من الأساس.
معنى هذا أن السلوك التجملي المفرط باستخدام العطور أو غيرها (كمحسنات رائحة الفم) أو السلوك التجنبي Avoidance Behavior بحيث يتجنب الفرد الآخرين طالما استطاع ووصولا إلى اعتزال الناس Social Isolation هما الشكلان المتوقعان لهؤلاء المرضى سواء كان مستوى الاقتناع بالفكر هو المستوى ألوسواسي أو هو المستوى الوهمي الذهاني.
كما يمكنُ أن يسمع الطبيب النفسي نفس الشكوى من مريض مصابٍ باضطرابٍ نفسي آخر كالفصام Schizophrenia مثلا أو الاكتئاب Depression حيث تتوهم المريضة مثلا أنها تصدر منها رائحة منفرة ويتراوح مستوى الاستبصار Insight بين مجرد الهاجس العابر مرورا بمستوى الفكرة الو سواسية Obsession في مرضى الاكتئاب المتوسط أو الشديد الشدة، ووصولا إلى الفكرة الوهامية Delusion في مرضى الاكتئاب المصحوب بأعراض ذهانية.
أو ربما يسمع الطبيب النفسي نفس الشكوى من مريض بصَرْع الفص الصدغي Temporal Lobe Epilepsy، والذين يشم بعضهم رائحة لا يشمها الآخرون وكثيرا ما يكونُ شمهم لتلك الرائحة مؤذنا بنوبة صرْع وتنتهي تلك الرائحة بحدوث النوبة، لكنها عند بعض مرضى صرْع الفص الصدْغي -خاصة الأيمن- المزمنين تصبح أحيانا رائحة دائمة أو طويلة المكوث، وأيضًا بالطبع لا يشمها الآخرون، وتشخص أفكارا وهامية.
لا يحدثُ ذلك من كل مريضِ فصام أو اكتئاب أو صرع صدغي المنشأ بل الحقيقة أنه نادرا ما يحدث في تلك الحالات، لكن هناك عددًا من الحالات في العيادة النفسية، لم تجرَّ دراسات -على حد علمي- لتحديد معدلات انتشاره وكل الأدبيات المنشورة فيه لا تتعدى وصف حالة هنا أو هناك أو حالتين أو أكثر هنا أو هناك أيضًا، ولكننا نحسبه اضطرابا قابلا للعلاج من خلال من قابلناهم في عملنا من حالات، وسنحاول معكم عبر بابنا طيف الوسواس القهري أن نعرف الناس به عبر عددٍ من المقالات المتتالية إن شاء الله فتابعونا ورمضان كريم.
ويتبع >>>>>>>>>> : متلازمة شم رائحة الجسد ORS التشخيص