انشغلوا بالآخرين، بالانتخابات الأمريكية والفرنسية، واكتبوا وفكروا وحللوا وعللوا، واصرفوا أوقاتكم وطاقاتكم بهموم غيركم، فأنتم بلا هموم ولا مشاكل ولا تحديات، وإنما خير أمة، وما أدراك ما خيرها، وما هو دورها في صناعة نواكبها وتحرير نوازلها، والإمعان بالقسوة على نفسها، فالقسوة من الإيمان. فهي تعادي قيمها وتأريخها ورسالتها ولغتها وهويتها ورموزها، ومشغولة بشؤون الذين تسعى للمثول أمامهم في أقفاص الأسر الحضاري، والسباحة في مستنقعات التبعية والهوان. فالأقلام تكتب وبلا هوادة عن الانتخابات الفرنسية والشارع الفرنسي، وتتجاهل الشارع العربي والإنسان العربي، وتحسبه رقما أو صفرا في خانة المسميات، التي يتم تصديرها للعرب لكي يستهلكوها، ويستوردون معها الأسلحة والأعتدة لتدمير الأهداف المرسومة، والموسومة بما يحلل الفتك بهم وتخريب ديارهم والانقضاض الشرس على وجودهم. اقرأ المزيد
المجتمعات تهتم بقادتها والعرب يهتمون بقادة الآخرين, وهذه عجيبة سلوكية تحتاج إلى تشخيص وعلاج وتطعيمات ضد وبائيتها واستفحالها في العقول والنفوس. فمن الغريب أن يهتم المفكرون والكتاب بقادة غيرهم, ويستهلكون جهودهم وطاقاتهم في دراسة شخصياتهم وسلوكياتهم ويمعنون بالكتابة عنهم, وكأنهم قادتهم!! تلقيت ثلاثة دراسات من مختصين حول الرئيس الأمريكي الجديد, وكأن الموضوع يستحق كل البحث والدراسة والاهتمام, وأن الذين كتبوا عنه قد أنجزوا شيئا متميزا, وهذا السلوك يثير الاستغراب في المجتمع الذي يرأسه. فما هي الفائدة المرجوة من الكتابة عنه ودراسة شخصيته؟!! هل سنأتي بجديد؟ وهل أن مجتمعه لم يدرسه ويعرفه حق المعرفة وهو الذي جاء به للحكم؟!! اقرأ المزيد
الحديث عن الوطنية والعروبة صار أشبه بالمزحة المجة, فما عاد لهما معنى في الوعي العربي الجمعي. أحد الأخوة قال في برنامج تلفازي أن الوطن والوطنية والعروبة أصبحتا شعارات أو خيالات, إنها جيدة لكنها غير موجودة في السلوك العربي. والدليل على ذلك أن أبسط مسح للمقالات التي تتحدث عن الوطنية والعروبة سيخبرك بأنها من أقل المقالات قراءة, بل أن كتّابها يوصفون بأنهم يعيشون في عالم الفنتازيا والخيال, وبأنهم منقطعون عن الواقع القائم في الحياة. اقرأ المزيد
كنّا في تجمع ثقافي, فنهض أحد الأخوة متسائلا عن دور جيلنا, وبرر سؤاله بأننا قد عشنا ما بين ضغط القومية سابقا والطائفية حاليا, ووعينا الانحدار المأساوي من التطلع نحو بناء الأمة, إلى تداعيات صناعة الطائفة والفئة, والإمعان بالتصاغر الانتمائي حد الانقراض. أثار سؤاله غضبا واضطرابا لأن الجواب عليه عسير, ولا يوجد في القاعة مَن يتجرأ بالجواب, لأن الجميع يتحملون وزرا وإثما في صناعة الحالة القائمة في الحياة العربية المعاصرة. فالقوميون, لم يتمكنوا من الارتقاء بالنظرية القومية إلى التطبيق, أي أنهم لم يمتلكوا سوى الكلمات التي تبدو أحيانا مجوفة, لخلوها من الآليات اللازمة للتعبير الواقعي عنها. اقرأ المزيد
العرب من أجهل المجتمعات بالاستثمار في الموارد البشرية, وأكثرهم أمية وعجزا وقصورا عن التفكير بآليات إطلاق ما في البشر من قدرات اقتصادية وإبداعية ذات قيمة حضارية معاصرة. وجميع الأنظمة العربية تشترك بهذه المعضلة وتتمحن فيها وما عرفت لها حلا ومخرجا, والأمر واضح في مصر والسودان والعراق وسوريا وغيرها من الدول العربية, العاجزة عن الاستثمار في مواردها البشرية, والتي لا تجد لها سبيلا إلا بتهجير المواطنين أو دفعهم إلى أتون الحروب. اقرأ المزيد
جوهر التداعيات العاصفة في الواقع العربي هو فقدان آليات الحلول للمشاكل, فمعظم الساسة يجهلون الحلول ولا يفهمون بمهاراتها وقوانينها ومعادلاتها ومنطلقاتها المعاصرة, وما يعرفونه أنهم يولّدون المشاكل ويعوّقون الحلول. وهذا السلوك ينطبق على أكثر الحكومات العربية منذ تأسيسها وحتى اليوم, ولهذا تفاقمت المشاكل وتشابكت وتعقدت, ذلك أن العقلية ذات آليات انعكاسية وتفاعلات غابية لا تمت بصلة للعصر, وإنما القوة التي تمسك بعنق السلطة تتحول إلى وحش كاسر, والجالس على الكرسي يتقلد سيفه ويضع النطع أمامه ويبدأ بقطع الرؤوس, لكي يؤكد أنه القائد المقدام والفارس الهمام, ولا رأي يعلو على رأيه الأريب. اقرأ المزيد
الوحوش تعزف على إسطوانة مشروخة مكررة وعلى أنغامها يؤدي أصحاب الكروش رقصاتهم وطقوس إفتراسهم بأنياب العازفين ومخالبهم الشرسة. فلا جديد فيما يجري ويحصل، فالكل يتثاغى ويرتع في مرابع الوعيد والزئير، فالذئاب تحرس فرائسها وتصونها حتى تقضي عليها أجمعين، وللصيد مهارات وفنون، وللافتراس مناهج وآليات ومبتكرات تضليلية خداعية متراكمة ومُتعلّمة. قطط وفئران، أرانب وصقور وكلاب صيد وفرسان، ودجاج وثعالب في الميدان، وما أكثر الصيد في مهزلة الحكم بالمذاهب والأديان. هذا يصول وذاك يجول، وقنابل تتساقط لتحرق البشر الحيران، اقرأ المزيد
إما أن يتعاون العرب أو جميعهم إلى عطب, تلك حقيقة دامغة أثبتتها مسيرة قرن من الزمان, وأكدتها متواليات الويلات والخيبات والانكسارات المتفاقمة في بلاد العرب أوطاني, والتي أسهمت ثروات العرب في تأجيج نيرانها وسحق أجيالها. فالعرب ما تعاونوا مع بعضهم, وفشلت جامعتهم العربية فشلا كبيرا في الحفاظ على الحد الأدنى من العمل العربي التعاوني المشترك, وما وقع على العرب من قهر وظلم وحروب بسبب عدم تعاونهم مع بعضهم, بل أنهم تعاونوا وبقوة مع أعدائهم ونفذوا برامجهم المرسومة ضد العرب. فما أصاب العراق وليبيا وسوريا واليمن كان نتيجة مروعة لتعاون العرب مع أعداء العرب للنيل من العرب. اقرأ المزيد
الذي يستحق أن يكون صاحب أمر وقرار عليه أن يكون قارئا جيدا وعارفا حصيفا, وهذا قانون قيادي معروف منذ الأزل, فقادة الدنيا يقرؤون, وقادة العرب في جميع العصور يقرؤون, ولهم مجالس ومحاورات مع العلماء في زمانهم, ولهذا فأن كلماتهم ذات قيمة وخطبهم تزخر بالحِكم والمواعظ الحسنة والآليات السلوكية الصالحة. وقادة الزمن المعاصر يقرؤون وبعضهم مدمن على القراءة, ومن الذين أدمنوا القراءة الرئيس الصيني الراحل "ماو", فهو من أكثر قادة الدنيا قراءة, وفي عالمنا العربي يقال أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قارئا جيدا ويتفاعل مع المثقفين والمفكرين. ومن الواضح أن القادة الذين أثروا في مسيرة الحياة الوطنية والعالمية كانوا من القراء النشطين, الذين اطّلعوا على تراث مجتمعاتهم وتأريخ الدنيا وتعلموا معاني ومبادئ القيادة من السابقين. اقرأ المزيد
الكتابة عن الأوضاع العربية ضياع للوقت وثريد حول الصحون, وهذيانات مخمورين بالآمال والطموحات والتطلعات الإنسانية المعاصرة, ذلك أن الكتابة لا تمنع من خراب ودمار ولا تُغني من قهر وظلم وضياع وهجيج!! فالمرسوم على الورق يتم تنفيذه بحذافيره من قبل الموضوعين في الكراسي, ولا خيار عندهم إلا التنفيذ وإنجاز المشاريع بدقة وإحكام, وإلا سيتحولون إلى ركام وحطام. وما دامت المجتمعات تلد المؤهلين للتعاون مع أعداء أوطانهم للنيل من أبناء الشعب ومقاتلتهم والفتك بهم, فإن الكتابة لا معنى لها ولا قيمة ولا دور ولا تأثير, فالقوة تؤكد وجودها وتفعل فعلها وتحقق منطلقاتها المفروضة على أي وطن وشعب. اقرأ المزيد