وصمة المريض النفسي.
السلام عليكم.
عندي مسألتان أريد طرحهما على موقعي الحبيب مجانين أول نقطة خاصة بي والثانية بالمجتمع أما النقطة الخاصة بي:
أنني لا أستطيع الدوام على شيء محدد مهما كان سواء كان دراسة أم موسيقى أم فيلم سينمائي أو انترنت فأنا أجلس حوالي عشرين دقيقة على شيء معين كالدراسة مثلا أجلس حوالي العشرين دقيقة ثم أشعر بالضيق وأشعر أنني يجب أن أبدأ بشيء جديد أو أن أتكلم مع صديق أو فرد من العائلة حتى هذه الرسالة كتبتها على دفعات أنا ضائع لا أعلم كيف أستطيع أن أجلس على شيء معين ساعة أو أكثر.
لقد رسبت بالجامعة بسبب هذا الشيء ومع أنني في السنة الأولى ويجب أن أكون متشجعا إلا أني لا أستطيع أن أركز أكثر من ربع ساعة أو عشرين دقيقة على شيء واحد وما أحس به هو التالي:
عندما أدرس حوالي ربع ساعة أشعر أن الحياة تضيع مني وأنا أدرس وأن هناك أمور فيها حياة أكثر من الدراسة وعندما أكون في الدراسة وأسمع أحد يتكلم أشعر برغبة كبيرة أن أشاركهم الكلام و أقطع دراستي أعتقد أنكم فهمتموني أرجو أن تعطوني حلا يقضي على هذا الشعور بالضيق والفراغ عندما أواظب على شيء أكثر من عشرين دقيقة وهذا ما يخصني
أما الموضوع الذي يخصني والمجتمع هو: عندما قرأت وصمة المرض النفسي : ليست من عندنا! تأكدت من مشاعر الشعوب تجاه الطبيب النفسي وتساءلت عن فوارق وصمة الطب النفسي عند الغرب وعند العرب فوجدت أن الشعوب في الغرب كانت لا تتقبل فكرة الطبيب النفسي ومن ثم أخذت تتقبله تدريجيا أما نحن فقد تأخرنا كثيرا عن تقبله ومازلنا متأخرين لكنني وجدت أننا لا نتقبل فكرة الطبيب النفسي ولا المرض النفسي ولا حتى المريض النفسي فلماذا ننظر إلى الطبيب النفسي نظرة الساحر وإلى المريض النفسي على أنه معتوه وخارج عن قوانين الطبيعة وإلى المرض النفسي على أنه عار وخزي بل إننا نعتبر الذهاب إلى الطبيب النفسي عارا يجب تفاديه
إن الناس في مجتمعنا العربي تخلط بشكل ملحوظ بين المريض النفسي والشخص الدنيء عديم الأخلاق وفي هذا عيب كبير فمثلا كنت أشاهد مقابلة مع إحدى المغنيات العربيات على شاشة التليفزيون وكانت مقدمة البرنامج تسألها عن الإشاعات التي تشاع بحقها فأجابتها بأنها[لا تعلم لماذا أصحاب العقد النفسية يصدرون تلك الإشاعات] ولكن ما معنى العقد النفسية أوليس الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي عقد نفسية وتستوجب المعالجة فهل من المعقول أن أصحاب الوساوس والأرهبة وغيرهم من الأمراض هم من يصدرون الإشاعات عن هذا وذاك.
طبعا لا فإن من يحب النميمة شخص فارغ وجاهل وعديم الأخلاق وليس معقد نفسيا وأنا أستغرب من ناس يعتبرون كلمة مريض نفسي شتيمة فقد شهدت خلاف شخصين في الشارع حصل بينهم خلاف وتصاعدت المشكلة إلى الشتائم ومن ثم قال أحدهما للآخر اذهب من هنا أيها المريض النفسي وهم الآخر لمقاتلته ومن ثم فصلنا بينهم ولكن عندما قال هذا الشخص للآخر [أيها المريض النفسي] صمت للحظة وفكرت أنني أنا مريض نفسي فهل إن علم ذاك الرجل أنني مريض نفسي سوف يضعني في منزلة الناس المشتومون المذمومون فحينما غضب من الآخر قال له مريض نفسي وأنا مريض نفسي وبالتالي أنا مذموم عنده.
وأننا نسمع الناس يتشاتمون بكلمة مريض نفسي وتعتبر كلمة مريض نفسي من الشتائم الجارحة لمشاعر الآخرين فأن بعض الناس من يرى كلمة مريض نفسي شتيمة.
أنا كمريض نفسي أجد إذلالا كبيرا باعتبار كلمة مريض نفسي شتيمة وأنني لا أعتقد أن هناك وصمة للمريض النفسي في الغرب بل أجد وصمة المريض النفسي عندنا نحن فقط أو هذا ظني وإن بعض الظن إثم.
أعترف أنني لا أقول للكثيرين أنني أراجع طبيب نفسي ولكن ليس لأنني أعتبر نفسي وضيع إن فعلت ذلك بل أنا أعتبر نفسي شخص غير محظوظ وأنا راض بنفسي وأحترمها ولكنني لا أقول للناس أنني مريض نفسي لأني أعرف أنهم سوف لن يتقبلوا الفكرة وسوف تتغير معاملتهم معي وينظرون إلي نظرة فوقية ربما وبعضهم سوف يختلق القصص والإشاعات التي تشاع بحق الجميع ومنهم تلك المغنية العربية وأنني أخبرت أقدم صديق لي عن أنني أراجع طبيب نفسي فبعدها بأيام دار بيننا نقاش واحتد ونعتني بالمريض النفسي أنا شخصيا شعرت بالذل ليس لأنني مريض بل لأن الناس يعتبرونا في منزلة دنيئة جدا وهذا شيء محزن جدا فلماذا يعاملوننا هكذا كأننا أناس أشرار يجب على الناس أن يتوقفوا عن ذلك حقا أنهم مرضي نفسيا أقصد أنهم جاهلون
08/10/2004
رد المستشار
لقد ذكرت في رسالتك أنك مريض نفسي وأنك تراجع الطبيب النفسي ولكنك لم تذكر لنا أي شيء عن مرضك النفسي وعن العلاج الذي يقوم الطبيب بتقديمه لك... خاصة وأن هذا الأمر في منتهى الأهمية في تقييم مشكلتك الأولى التي ذكرتها في رسالتك.....
وهي عدم القدرة على المواظبة على أي نشاط لمدة تزيد عن ثلث ساعة، وذلك لشعورك بالضيق وهذا العرض ربما يكون جزءًا من مرضك النفسي الذي لم تفصح لنا عن ماهيته في رسالتك، وذلك لوجود أكثر من مرض نفسي تكون عدم القدرة على التركيز في نشاط معين أحد أعراضه لذا يجب أن تراجع هذه الشكوى مع طبيبك النفسي المعالج الذي سيضعها في إطارها الصحيح من حيث التشخيص والعلاج.
وبالنسبة لوصمة المرض النفسي فإن ما تذكره في رسالتك نماذج فهذه المشكلة التي نعاني منها كأطباء نفسيين مع مرضانا وأهلهم وأرى أن الإصرار علي كسر هذا الطوق من خلال التوعية الإعلامية بمختلف صورها هو الطريق الأمثل لتخفيف هذه الوصمة وأرى أن مجتمعاتنا العربية كلما زاد وعيها كلما زاد إحساسها بأهمية الطب النفسي.....
الأمر يحتاج لتكاتف من جهات كثيرة وأتمنى أن يتسنى لموقع مجانين أن يقوم بعمل ملف عن هذه القضية المهمة ونعتبر رسالتك دعوة لفتح الحوار حول الموضوع.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، أضم رأيِّ إلى رأي أخي الدكتور عمرو أبو خليل، وأضيف فيما يتعلق بمقالي الذي يبدو أن د.عمرو لم يقرأه على مجانين بسبب انشغاله الشديد، إلا أنه أشار إلى طريق العلاج المجتمعي، والواقع هو أن طريقتنا في تصحيح أفكار ومفاهيم الناس عن المرض والمريض النفسي يجب أن تكونَ الاستعانة بحقائق التراث المغيبة عنا أحد أهم دعائمها، فليس صحيحا قولك: (أنا كمريض نفسي أجد إذلالا كبيرا باعتبار كلمة مريض نفسي شتيمة وأنني لا أعتقد أن هناك وصمة للمريض النفسي في الغرب بل أجد وصمة المريض النفسي عندنا نحن فقط أو هذا ظني وإن بعض الظن إثم).
أرجو أن تحاول وألا يمنعك مرضك من البحث في كيف عامل المسلمون الأوائل وحتى عهود ما قبل الاحتلال على الأقل، وما قبل السينما بصورة أوضح، في محاولة منك لتصحيح مفاهيمك وربما لتساعدنا في تصحيح مفاهيم الناس، كما أنصحك أيضًا بأن تقرأ مقالنا : قيمة العقل في الإسلام ! ماذا جرى؟، وفي عدد مجلة العربي الصادر هذا الشهر نوفمبر 2004 مقالا بعنوان صفحات مشرقة من التاريخ العربي أصالة الطب النفسي، للأخ الزميل خالد حربي، وستجد فيه ما تبدأ به القراءة والبحث، وأتمنى أن تقرأه بنفس الطريقة التي قرأت بها مقالنا: وصمة المرض النفسي: ليست من عندنا كما ننتظرُ منك متابعة توضح لنا فيها نوع المرض النفسي الذي تعاني منه، ودمت سالما لمجانين.