وسواس النجاسة والطهارة: يقولون الأمر بسيط، ولكن كيف؟!
السلام عليكم أساتذتنا الكرام. مشكلتي مع الوسواس عميقة بدأت منذ 6 سنوات بسبب تجربة اجتماعية سلبية صرت بعدها موسوسا باحتمال حصول الأحداث السلبية، وحتى شخصيتي مثالية ووسواسية وأحب البحث والتدقيق في الأمور وأحب التحكم في كل شيء والسيطرة على الأمور والتخطيط لكل شيء، ومن مطالعتي لعلم النفس والتنمية البشرية فهمت أن هذه كلها أخطاء إدراكية، وصرت أعمل على تصحيحها وأتجنبها، والحمد لله تحسنت شخصيتي.
أعمل منذ عام تقريباً على التخلص من الوسواس، وأضع برنامج لتطبيقه كل فترة، وأمنع إعادة فتح الموضوع الذي تدور حوله الفكرة الوسواسية، لكن الوسواس أخذ الطابع الديني منذ 2019 وتحول من موضوع إلى موضوع، والآن صار حول موضوع الطهارة والنجاسة الذي أجهله، وأنا لا أريد إعطاء فرصة لاستمرار نمط التفكير الوسواسي خاصةً أنني بدأت التحسن بشكل رائع منذ يونيو الماضي، ولأول مرة بدأت أشعر بشكل الحياة كما كنت قبل بداية الوسواس قبل سنوات!
الشيوخ يقولون أن ما يتعلق بالنجاسة والطهارة أمور سهلة وبسيطة، لكن لا أحد يشرح ببساطة ويعطي أمثلة واضحة ومفيدة، لكن عموماً تم إفتائي من طرف دار الإفتاء المصرية بالأخذ بسنية إزالة النجاسة على المذهب المالكي أو بالأخذ بقاعدة الحنفية "الرطب لا ينجس إلا بظهور أثر النجاسة عليه"، والأخذ بأن يسير النجاسة معفو عنه (قدر الدرهم عند الحنفية)، وهنا لدي إشكالات: ما هو أثر النجاسة؟ هل هو البلل؟ أم لونها وشكلها الخاص بها؟
ولما دخلت إسلام ويب وجدت المزيد من الإشكالات (رغم أنني أمنع البحث على النت، لكن هذه المسألة أجهلها لذلك بحثت) هي:
1_ وجدت مفتي يتكلم عن المذهب الحنفي، وقال كمثال أن الفراش إذا أصابته نجاسة وجفت ثم أصابه بلل فإن البلل نجس وينجس كل ما يصيبه! ولم يتكلم عن حصول أثر النجاسة تماماً! هل أخطأ هذا المفتي؟ أم سهى؟ أم اختلطت عليه الأمور؟ أم ينقل نقلاً خطأً؟
2_ وجدت تناقض في نفس الفتوى، فيقول المفتي للأخت السائلة (وهي موسوسة) أنه يكفيها الأخذ بغلبة الظن عند كثير من العلماء، وفي نفس الفتوى يقول أن النجاسة يشترط لها اليقين، ولا ينبغي لها أن تحكم بتنجس شيء إلا إذا تيقنت يقيناً تاماً تستطيع الحلف عليه! هل أخطؤوا؟ أم يختلفون في الأخذ والنقل والفهم عن الفقهاء؟ أم كل مفتي عندهم لديه آراؤه وقناعاته؟
أنا أعلم أن لديهم تناقضات فقد وجدتها شخصياً سابقاً لما كنت شديد الوسوسة والبحث (عن زواج النبي _صلى الله عليه وسلم_ من أُمِّنا عائشة _رضي الله عنها_، وعن والكبائر وغيرها)، لكن في مسألة النجاسة والطهارة اختلطت عليَّ الأمور خاصةً أنه لا معلومات مسبقة لدي حول الموضوع.
أريد أن أعرف كيف يتم تطبيق القواعد في الحالة العادية للإنسان العادي لأنني أصلاً لا أطبق بشكل صحيح، وربما لو عرفت كيف أطبق بشكل صحيح لزال الوسواس كلياً بخصوص هذا الأمر... مثلاً سروال أصابته قطرة مذي ثم جفت ثم ابتل جسمي، هل هذا يعني مباشرة أن تلك المنطقة من جسمي نجسة؟ وتلك المنطقة من جسمي أصابها القميص الذي أرتديه بشكل سريع جدا، هل أحكم مباشرةً بنجاسة القميص؟ والقميص وضعته فوق سروال، هل أحكم مباشرة بنجاسة السروال ولو لست متأكداً من أن الجزء الذي أصاب السروال هو نفسه الذي أصاب جسمي؟ أيعقل أن قطرة مذي جافة مساحتها بالكاد 2مم تنجس كل هذه الأشياء؟!
قرأت لكم في استشارة سابقة أنه لا بد من اليقين الجازم، إذن كل هذه الأشياء ليست نجسة، هذا هو التفكير الصحيح... وكيف لي أن أعرف أثر المذي حتى أحكم بانتقاله إلى القميص أم لا فهو له نفس شكل الماء؟
أرجو أن تفيدوني بخبرتكم ومعلوماتكم الدينية أيضاً فقد قرأت بعض الإستشارات حول وسواس النجاسة، وبارك الله فيكم.
22/10/2020
وبعد 8 أيام أرسل يقول:
وسواس النجاسة والطهارة ، الحمد لله فهمت الكثير
السلام عليكم، الحمد لله فهمت الكثير من الأمور من خلال موقع إسلام اونلاين ودار الإفتاء المصرية وعرفت القواعد العامة :
النجاسة الجافة لاتنجس الطاهر الجاف (قاعدة عامة)
الطاهر المبتل لايتنجس إلا بظهور أثر النجاسة عليه (رأي المالكية والحنفية)
الطاهر يتنجس بملامسة النجاسة الرطبة
اليقين لايزول بالشك والأصل في الاشياء الطهارة (لا تسأل أو تبحث عن شيء حتى ترى النجاسة أمامك)
بالنسبة للأثر فعرفت أنه تحلل شيء من النجاسة وظهوره على الطاهر (دم جاف مثلا)
قال العدوي المالكي: تنبيه: إذا لبس ثوبًا متنجسًا وعرق في ذلك الثوب، فإن كان يتحلل شيء من النجاسة ويلتصق بالجسد الذي حصل فيه العرق، فيجب غسل النجاسة المتحللة، وأما إن لم يتحلل شيء ولم يظهر أثر في الجسد فلا يجب غسل، كما لو كانت النجاسة بولاً… لأنه لا يمكن تحلل شيء منه في هذه الحالة.
(من موقع إسلام أونلاين) يعني في حالة البول الجاف أصلا لايوجد شيء ليتحلل ويظهر أثره وبالتالي مستحيل أن تنتقل النجاسة للطاهر المبتل
بالنسبة لتناقضات موقع اسلام ويب فلابأس
1) المفتي أخطأ في التعبير فالنجاسة لاتنتقل عند الحنفية إلا بظهور أثرها
مشكلتنا نحن الموسوسين هو التدقيق في كل شيء والناس العاديين يتقبلون حصول السهو والخطأ في كلامهم لكن المفروض أن المفتي كل مايكتبه يكون دقيق و واضح
2) غلبة الظن من ناحية انتقال النجاسة وعدمها ، يقولون العمل بغلبة الظن في الأشياء التي لايمكن الوصول لليقين فيها (يعني غلبة الظن تأخذ مقام اليقين فيها)
وعموما إذا شككت يعني أنه لاتوجد غلبة ظن
ونصيحة مني إذا سألكم موسوس لاتتركوه يقرأ لموقع إسلام ويب لأنهم يختلفون كثيرا وأحيانا يكون لديهم نقص في إيصال المعلومة وبالتالي تزداد حيرة الموسوس وتفكيره ، نصيحة وجهوا الموسوس مباشرة لدار الإفتاء المصرية
بالنسبة للمثال الذي ذكرته لانتقال النجاسة فليس فيه شيء
لأنه أولا (لاتنجيس بالشك) وثانيا (قطرة مذي جافة لاتنتقل أبدا)
أعتقد هكذا فهمي صحيح، وبشكل عام أنا أعمل على ترك الوساوس منذ عام تقريبا واشغل نفسي قدر الإمكان بالتفكير في الدراسة والهوايات والنشاطات في حياتي وتحسنت كثيرا وأحيانا أرجع للإنتكاس وإن شاء الله أشفى من التفكير الوسواسي تماما
30/10/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
أولًا: أهنئك على تصميمك وجديتك في طلب العلاج، واعتمادك على نفسك في البحث عن العلاج ومن ثم التطبيق، وهذا مبشر بخير بإذن الله... وللأسف هناك كثير من الموسوسين الاتكاليين الذين يكتفون بالشكوى وسماع الإجابة، ولا يكلفون أنفسهم بفهم الإجابة فضلًا عن أن يطبقوها، فضلًا عن أن يبحثوا عن حل مشكلتهم بأنفسهم....، هؤلاء للأسف لن يستفيدوا شيئًا من السؤال ولا من الجواب، ولكن إجابتهم قد تكون منقذًا لغيرهم من القراء.
ثانيًا: اشتكيت من تناقضات إسلام ويب، ولا يمكن الحكم على صحة ذلك من خطئه إن لم تبعث لنا الرابط الذي تشكو التناقض فيه. وما ذكرته من تناقضات في الحقيقة ليست تناقضات، فهناك أشياء لابد فيها من اليقين، كيقين وجود النجاسة، أو إصابتها لمكان معين.....، وهناك أشياء يكتفى فيها بغلبة الظن، كالاكتفاء بغلبة الظن بوصول الماء إلى الجسم في الوضوء أو الغسل، وينص الفقهاء أن الموسوس يكفيه الشك بوصول الماء فقط حتى يكون غسله صحيحًا ما رأيك؟ هذا من تيسير الله تعالى علينا، ورحمته بنا.
والمثال الذي ذكرته عن إصابة البول لفراش، وجفافه، ثم إصابة الماء للبول، هذا مختلف تمامًا عن مثال ملاقاة الرطب لهذا البول الجاف. وكلام المفتي صحيح، إذا بللت مكان البول الذي جف، أصبح هذا الماء متنجسًا بالبول الموجود، وأصبح ينجس غيره، أنت بللت النجاسة فأصبحت نجاسة رطبة، ولم تلمس النجاسة الجافة بشيء مبلول!!
أما صورة ملاقاة الرطب للنجس الجاف، فهو أن يكون ثوبك مبتلًا وتجلس فوق البول الجاف على الفراش، فإذا لم تجد على الثوب المبتل رائحة بول أو أي أثر آخر له، فهذا يعني أن نجاسة البول لم تنتقل.
وخذ صورة أخرى: لو تم سكب الماء على كامل مساحة البول على الفراش، وتشرب الفراش الماء، ولم يبق أي أثر للبول، فقد طهر الفراش، والماء الذي تشربه الفراش في الداخل طاهر أيضًا
هي ثلاث حالات إذن:
بول جاف، تلامسه، أو تلاقيه أشياء طاهرة رطبة: لا تنتقل النجاسة
بول جاف قمت برش الماء عليه حتى ابتل الفراش وأصبح رطبًا: يصبح البول الذي على الفراش نجاسة رطبة تنجس غيرها
بول جاف سكبت فوقه مقدارًا من الماء يعم مكانه كله: المكان أصبح طاهرًا.
فالأفضل والأكثر لباقة، أن يتهم الإنسان فهمه عندما يجد تناقضًا في أمور ليس مختصًا فيها وليس على دراية بها، وأن يحضر النصوص التي يراها متناقضة كما وردت، ولا ينقلها من فهمه. وهذا يجنب الإنسانَ أن يظن أحدٌ به سوءًا، كما يجنبه كثيرًا من الإحراج....
لا تعليق لي على سائر أسئلتك، فأنت –ما شاء الله- حصلت على إجابتها بهمتك العالية في البحث وجديتك في العلاج....
أسأل الله تعالى أن يمنح جميع المرضى النفسيين همة عالية وشفاء عاجلًا...
وفقك الله
ويتبع >>>>>>>>>: وسواس النجاسة الأمر بسيط !! كيف ؟؟ م