التفريق بين الوساوس والحقيقة
السلام عليكم، راسلتكم سابقاً برسالة تحمل نفس العنوان لا أدري إن وصلت أم لا. منذ رسالتي الأولى ازداد الأمر سوءاً، كل ما يحدث متعلق بأحكام شرعية لا أدري إن كان ينبغي أن أسرد تفاصيل تتعلق بها ولكن لا أعرف كيف أشرح ما أمر به دون التطرق إليها. كلما تعلمت عن مسألة فقهية ووجدت بها خلافا أقرأ أدلة كل الفرق وأتبع ما أراه استدلالاً صحيحا بالأدلة حسب مقدرتي، ولكنّي أرى أنّي أمضي في ذلك وقتاً طويلاً جداً، فأتذبذب وأتخبط لمدة شهور حتى أستقر على أمر، وأخاف كثيراً من أن أكون ممن يتبع هواه، أو أن أكون أحرم ما قد حلله الله.
ولأني تخبطت كثيرا وأتردد كثيراً، كنت أقول لنفسي أن لن آخذ بأي قول حتى أتأكد منه حتى لا أبدو بمنظر الموسوسة أمام أهلي وحتى لنفسي. ولكنّي قرأت مقالاً عن اتقاء الشبهات حيث قال فيه الكاتب أن الإنسان يتقي الشبهات حتى يصله جواب فتواه، وهذا ليس ما كنت أفعله، حيث أني أبقى على ما كنت عليه حتى يتبين لي أين هو الحق.
وهناك الكثير من المشاكل العالقة عندي إن قررت اتقاء الشبهات فيها جميعا فأنا لن أفعل أي شيء، وهو ما حدث، فأنا لم أتيقن حكم وجود الصور والتماثيل وهناك الكثير من التفاصيل المتعلقة بها والكثير من الأقوال منها أن حتى صور النبات والجماد حرام، ولا يجوز دخول مكان به صور، فانتبهت على أمر تطبيقات الهاتف مثل تويتر، صحيح أن الصور بها هي شيء لا أستطيع التحكم فيها ولكنّي لست في حكم المضطرة حتى أستعمله يمكنني التوقف عن استعماله فحسب.
أشك في حكم تغطية الوجه للمرأة واكتشفت أن هناك تفاصيل كثيرة في الحكم، فإن حاولت الخروج من كل الخلاف وأحتاط من كل الآراء سيكون علي ارتداء جلباب واسع لا أملكه أو الالتحاف بملاءة كما كانت عادة بعض العرب قديماً، وغير هذه الأحكام، لو أنّه تبين لي أن كل الصور حرام وأنه لا يجوز لي استعمالها فتجنبتها مثل ما فعلت فلا بأس بذلك فأنا أتصرف على بينة، وحتى إن ارتديت جلبابا واسعة لا بأس بذلك إن كنت متيقنة، ولكني كلما حاولت اتقاء شبهة أدخل في تقاصيل كثيرة وتتداخل علي الأحكام فأشعر أنه لا حق لي بأن أشعر بالحرج وأنّي فقط أريد أن أتصرف حسبما ما أريد.
سألت الكثير من دور الإفتاء وأجوبتهم كلهم "أنه يجب عليك تجنب كل ما اشتبه عليك، فيحرم عليك الإقدام على فعل لا تدري حرمته من حله" غير واحد منهم أخبرني أن لا بأس ولكنه لم يورد دليلاً ولم يعلق على القاعدة الشرعية وعندما عدت وسألته لم يجب، فلم أستطع أن آخذ بقوله فهو لم يورد ما يستدل به ولم يوضح كيف وصل إلى الرأي، لا أدري إن كانوا قد فهموا أني أتخبط كثيراً وربما فقط أبحث عن عذر لنفسي لكي لا أتقي الشبهات فحسب.
لو سألني أحدهم عن سبب امتناعي وفعلي لتلك الأشياء لأخبرتهم عن اتقاء الشبهات ولكن لا أعرف إن كنت أطبقها بشكل صحيح، وتأتيني احتمالات ماذا لو كنت في وظيفة واشتبه علي أمر ما لوجود أدلة، لا يمكنني ترك العمل أو الوظيفة فقط هكذا، هذا قرار سيغير الكثير، ولكن في نفس الوقت إن ارتديت جلبابا هذا لن يؤثر على أحد، فلا عذر لي هنا خاصة إن التزمت فيه حتى يتبين لي الحكم. وفي نفس الوقت أنا أتقي أموراً تشتبه عليّ قبل أن أسأل عنها مثل بعض كلمات الأغاني والأناشيد التي أخاف أن تكون بها كلمات شركية، ولكنّي أظن أن ذلك عائد لتصوري لعظمة الذنب، فلو كان شيءٌ يؤدي إلى الكفر لتركته خوفاً على ديني وآخرتي ولكن هذا خطأ فالله -عز وجل- يقول: "وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ". ولو أنني لا أمتنع أمام الناس حتى لا يقولوا أني أغلو في الدين وليس عندي بينة حتى أواجه فيها. أنا أتأثر كثيراً بكلام الناس خاصة إن كان به صدق، لو كنت مقتنعة بما أفعله فلن يهم فأنا عندي بينة، ولكن إن كنت أفعل ذلك دون تيقن فسأشك في نفسي وفي تنطعي بالدين.
أشعر أحياناً أني بت فاقدة للأهلية ولا أستطيع التفكير عن نفسي، وأحتاج إلى فقيه يخبرني أن ما كل فعل أفعله حتى لو صغير أن لا بأس به، وأفكر أن هذا عائد إلى عدم رغبتي في تحمل المسؤولية، كأنني أبحث عن شخص أجعل فعلي في ذمته لذلك لا أشعر أني أتعافى كل ما أريده هو التخلص من الشعور بالذنب والبؤس. أتذكر أني وجدت حشرة في المنزل وترددت في قتلها فاستفتيت وقيل لي أنه يجوز فقط قتل الحشرات المعلوم ضررها، فلو اشتبه علي إن كانت مضرة أم لا لم يجز قتلها، ولم أكن أعلم ما هي تلك الحشرة ولا ما إن كانت مضرة أم لا وخفت منها فقمت بحبسها حتى أخرج من المنزل وألقيها، وعندما فعلت وضعتها على أريكة مرمية قرب مكب النفايات لأني لم أجز وضعها في حديقة فقد تؤذي شخصاً ما إن كانت مؤذية. لكن بعدما ابتعدت استوعبت أن هذه الأريكة سيتم رميها وغالباً سيتم تحطيمها فعلمت أني وضعتها في مكان ستموت فيه وعرضتها للقتل ولو لم أقتلها، فبت أفكر أن علي إخراجها ووضعها في مكان لا أرى أن ستموت فيها بطبيعة المكان، ولكنّي ترددت، شعرت أني سأقدم على وسوسة وإن رآني أهلي سيغضبون من تصرفاتي التي قد تبدو لا عقلانية، ولكن من ناحية شرعية فأنا مسؤولة أن وضعتها هناك وقد آثم إن ماتت هناك، وتذكرت حديث اتقاء الشبهات بأن علي البعد عن مواطنها، ولكن رغم كل ذلك لم أفعل، دخلت محل البقالة واشتريت شيئاً، ثم قررت العودة ووجدتها لم أجد طريقة أمسكها فيها دون إيذائها ولم أشعر بالذنب حيال تركها ففعلت وقررت العودة، ثم خطرت لي فكرة لإخراجها فعدت إلى مكانها ولكنها كانت قد دخلت في ثنيات الأريكة فقررت أنه ليس باستطاعتي فعل شيء وأنه خارج عن إرادتي، فقعدت إلى المنزل حينها فعلاً.
أصبحت بعد يومين وقد تذكرت أمرها شعرت بأنه كان علي أبذل كل ما بوسعى لإخراجها حتى وإن تطلب الأمر تكسير الأريكة مثلاً، ففكرت إنه إن لم أجد الأريكة لن يكون بوسعي ما أفعله وشعرت أن هذا تحايلا على الله وتهربا من المسؤولية تارة، ولكنّي قررت أن أرى ما إن كانت الأريكة موجودة ثم أقرر ما أفعله. نظرت من النافذة المطلة على المكب ولم أجد الأريكة ففكرت أنه لا يوجد ما أفعله حيال الأمر، ولكن قست الأمر على ما إن كانت قطة أو حيواناً أكبر مثلا، كنت اتصلت بالشرطة أو ما أشبه ذلك لأخبرهم عن أمرها ليخرجوها، ولكن بما أنها حشرة شعرت داخلي أن الأمر لا يستلزم كل ذلك وحتى إن أخبرت أحدا أو السلطات سيتم تسفيهي، فأصبت بحيرة، فأنا أشعر حقاً أني أبالغ بهذا، ولكن من جهة أرى أني لا أريد تحمل المسؤولية فبقيت على تلك الحال أفكر ماذا أفعل؟ هل أتصل على جهة الإفتاء لأسأل؟ سأشعر بالإحراج لهذا السؤال ولكن لا يحق لي ذلك فأنا مسؤولة، وفكرت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يبالغون في اتقاء الشبهات ولا يلتفتون إلى رأي الناس إليهم وأني يجب أن أكون هكذا، لكن قررت أن أتصل لأسأل دار الإفتاء حتى أتأكد من ما أفعله.
بدأت أبكي لأني لا أعرف ما أفعل ولكني قررت الاتصال لأقطع الأمر وعندما بدأ رنين الهاتف توقف إلحاح الأفكار علي، ولم أعد أشعر بأي ذنب إنما شعرت أن كل هذا مبالغة مني فحسب، وأنه علي إغلاق المكالمة فهي غير ضرورية، ولكن قررت إتمامها وسؤال المفتية، حكيت لها بتفاصيل قليلة عما فعلته وقالت لي لا بأس عليك. أغلقت السماعة وخلدت إلى النوم. انتهت تلك المشكلة ولكن غيرها لم يأت بعد ولم ينته.
قصصت على أختي شيئاً من ما حدث وقالت لي أنّ هذا ليس وساوس وإنما فرط في التفكير، وأنا أرى أن الخوف لدي أصبح مرضِيّاً، كل ما أفعله مبني على الخوف، أخاف من الكفر، أخاف من الوقوع في الوساوس، أخاف أن أسترتسل مع الوساوس، أخاف من اتباع الهوى، أخاف أن أغلو في الدين وأضيق على نفسي، ولا أستطيع التفكير في أي شيء ولا أن أثق بتفكيري، ولم أعد أريد التفكير. حتى عندما أشك في تأدية عبادة، مثل نسيان ركعة، أشعر أنّه من الأسهل لي أن أتصرف مع الشك كإنسان عادي فأبني على الأقل وأسجد للسهو، ولكنّي أفكر أنه ربما هذه وساوس وإن بينيت على الأقل فأكون مذنبة لأنّي استرسلت مع الوساوس، ثم أفكر أنّ الشك غالب على ظني وأخاف أنّي أضيع الركعة فقط لأمنع الوساوس، فبت أفعل أي شيء حتى أخرج من شعور الخوف والتردد، فقط لا أرغب أن أمضي وقتي كله أفكر ما إن كان هذا وساوس أو حقيقة.
لا أشعر أني أحرز أي تقدم مع الوسواس وكأني أخدر نفسي حتى المواجهة التالية معه فقط، أشعر أني مرهقة ولا أفعل شيئاً سوى البكاء والشعور باليأس، لا أستطيع إشغال نفسي فأغلب الأشياء التي أريد عملها تتضمن مسائل فقهية أو أن المسائل الفقهية العالقة عندي لا أستطيع تجنبها فهي حولي في كل شيء، نصحت أن أدرس العلوم الفقهية، ولكنّي أخاف أن أشك في كل ما أفعله ولا يمكنني أن أسأل الفقهاء في كل ما يطرأ عليّ، أشعر أنهم قد ملّوا منّي وقد مللت من نفسي، أشعر أحيانا أني ضالة وأتمنى أني لم أولد، وأنظر إلى الناس من حولي لا أرى أحداً يفكر مثلي وكأن الأمر سهل لهم.
أعلم أن الدين سهل ويسر ولكن أشعر أني أتساهل فيه وأخاف أن أضيع ديني وأخسر آخرتي، وربما تعلقت بالأمر بحسن الظن بالله والرجاء به، حتى أركن إلى الأمل وأترك العمل، وأشعر أن مشاعري غير حقيقية، وأني أملي على نفسي ذلك حتى أكسب عطف نفسي.
ماذا أفعل؟
أنتظر ردكم
4/6/2021
رد المستشار
الابنة الفاضلة "دراق" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
أعانك الله على هذا الوسواس التعمقي الأصيل، أرسلت رسالتك الأولى باسم "دراق".... بتاريخ 17/5/2021 وللوهلة الأولى حين قرأتها قررت إرسالها لفقيهتنا د. رفيف الصباغ باعتبارها الأولى والأكفأ في الرد على مثل هذا النوع من الإفادات....
ثم لما كررت إرسال استشارتك بتاريخ 4/6/2021 أشفقت على المستشارة من عبء إضافة الجزئين معا والرد عليهما.... وقلت إذن أجيبها أنا.... وحين قرأت سطورك صراحة تألمت لمدى قسوة معاناتك وانخداعك بوسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق.... فعندك حالة من فرط التورع المرضي مخافة الذنب أو الإثم تدفعك إلى التعمق والتشدد في كل أمورك خاصة الدينية، وهو ما يوقعك في فخ التعمق مخافة الذنب والذي لا يزيدك إلا رصدا لمزيد من الذنوب ومزيد من الخوف منها !!
تقولين أنك تحتاجين إلى فقيه يعطيك الإعفاء من المسؤولية -ولا أظنك عدمته- وأنا أعطيك فإن كنت لا أصلح فستحضرنا رفيف فقيهة الموسوسين... لك -بل عليك- أن تكفي تماما عن محاولة التفريق بين الذنوب وغير الذنوب وألا تتقي الشبهات فإن وقعت في أحدها اعتبريه تدريبا على الوقوع في الذنب ثم الاستغفار ... لكن احذري الاستغفار القهري أي اعتياد الاستغفار استجابة للوسوسة ثبتي له وقتا أو أوقاتا خلال يومك بغض النظر عن الوسواس وبعيدا عنه ولا تحتاجين أكثر من ذلك.
ويا سلام وأنت تقولين (أخاف كثيراً من أن أكون ممن يتبع هواه) إذن خوفك من اتباع هواك يوقعك ما يزال في حبائل الوسواس والخوف الطبيعي لا يوقع الإنسان مثل هذه الوقعة، مرضى وسواس الذنب التعمق القهري يتميزون بحساسية مفرطة تجاه الذنوب وقلوب رقيقة وضمائر متورمة ما تفتأ تحثهم على تحري الحلال والحرام وتحري الاختلافات الفقهية وهم كذلك مهووسون بأمور لا يلتفت لها أحد وبصغائر الأمور، ثم تراهم يستشعرون مسؤولية وذنبا بإفراط.... هذا حصاد اتباع الوسواس التعمقي وأحسب أن اتباع هواك سيكون أفضل !! ربما بكثير !!
وأجمل من هذا قولك (من الأسهل لي أن أتصرف مع الشك كإنسان عادي فأبني على الأقل وأسجد للسهو، ولكنّي أفكر أنه ربما هذه وساوس وإن بنيت على الأقل فأكون مذنبة لأنّي استرسلت مع الوساوس) ما هذه الكركبة ؟ كيف تكون أوامر الشرع وساوس أنت استرسلت معها ؟ البناء على الأكثر وعدم سنية سجود السهو للموسوس أولاها رخصة لمن يتكرر عليه ذلك بشكل مرضي (أي وسواس أو حتى أقل وربما يرجع فيها الشخص لنفسه ويأخذ بها) وهو لم يخطئ لأن تكرار العبادات لغير عبادة الله (أي من أجل الوسوسة) فعل بغيض شرعا..... أي أنها شرعت لمنعه من الحرج والمشقة فيجب عليك الأخذ بها كموسوسة من النوع الأصيل و.ذ.ت.ق ودون نقاش.... أخشى أن تكوني بعد فهم ما أعنيه رافضة الأخذ بالرخصة....!! ومثلك لو أخذتها ستتحسن في أغلب معاناتها.... عدَّاد الذنوب واقف فأنت الآن لا تذنبين....! ولك رخصة مفتوحة وردي على تساؤلك (ثم أفكر أنّ الشك غالب على ظني وأخاف أنّي أضيع الركعة فقط لأمنع الوساوس)... طيب لو فعلت هذا تثابين ثواب الصلاة كاملا + ثواب الأخذ بالرخصة.
وتقولين كذلك (نصحت أن أدرس العلوم الفقهية) وصراحة لا أنصح بذلك حتى تعالجي ونطمئنَ إلى سلامتك من حساسية الذنب المرضية وعيوب التفكير المعرفية، لست الآن صالحة للتفقه في الدين ولن تكوني حتى تتوقفي عن التعمق في كل شيء!!... فحين تقيمين الدنيا وتقعدينها لأجل احتمال أن تتسببي في موت حشرة لم تتأكدي من كونها مؤذية من عدمه!! ثم لا يخطر في بالك أن رحمة نفسك أولى ووالله ورحمة من تسألين من الناس فلا يجد إلا أن يرثى لحالك.... هذه حالة من يضر الفقه الإسلامي إذا امتلك ناصيته ولو عن غير قصد لأنك ستكونين متشددة دون أن تشعري وقد أصبحنا في زمان يحتاج العكس وبوضوح!!... وفي تاريخ البشرية ديانة سماوية هي المسيحية الكاثولوكية معروف أنها تأثرت بثلاث قديسين أصابتهم الوسوسة في بداية التحاقهم بالكنيسة.... حيث كان الناتج النهائي قيودا أكثر وتشددا هو التشدد الكاثولوكي المعروف.... وإن شاء لا يحدث شيء كهذا في الإسلام حفظ الله المتفقهين من الوسوسة والتشدد.
كذلك ماذا تجدينه مخيفا في اختلاف الفتاوى؟؟!! ولماذا تصرين على أن واحدة منها فقط هي الصحيحة طبعا على ألا تكون الإباحة أو التيسير ؟؟ ولماذا لا يجب أن توجد اختلافات وفروق بين فتوى هذا وذاك ؟؟ ولماذ عينت نفسك باحثا شرعيا عن أصول الفتاوى وأوزان أدلتها .... ودخلت في دياجيير الوسواس الساخنة الخانقة ؟؟ من قال أن ذلك مطلوبا منك ؟؟ وهو غير مطلوب من الصحيح ومن الجهل أن يطلب من موسوس فعله ببساطة لأنه يحتاج ويستنزف منه جهدا ووقتا أضعاف ما يحتاج نفس الفعل من الآخرين إضافة إلى حساسية الموسوس للشك في معلوماته الدخلية حين يقرأ نفسه ووقوعه في الشك.... عليك أن تكفي عن هذا أو على الأقل قولي لنا لماذا يهمك هذا الموضوع.... وهو للإنسان العادي غير مهم !
خذي بما ترينه أنت من مناسبا لك أو مخففا عليك من فتاوى واستفت قلبك الذي في جوفك ولا تخافي من بعبع اتباع الهوى!!... يا ستي وإيه يعني لو حصل (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لدنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)..... يعني إذا فعلت أيا مما تخافين ستذكرين الله فتستغفرين هذا إن حصل وتشجعت وأصبحت تخطئين.... فقط الاستغفار في وقته ولا تهتمي بالذنب بعد ذلك فقد غفر..... وأنت مريضة ولك رخصة !! أم ما زلت تأبين العمل بالرخصة ؟؟ وهذا واجب عليك شرعا ما دامت الوسوسة أثرت عليك حتى أصبحت على شفا الاكتئاب.
تقولين (كل ما أريده هو التخلص من الشعور بالذنب والبؤس) صدقت كعادتك وأحسنت كعادتك الوصف أيضًا...... فجوهر مأساتك هو فرط الحساسية للذنب..... وعلاج هذا يكون بأن تتحرري من هذا الفهم الخاطئ لعلاقة الله عز وجل بنا..... كيف أننا خلقنا لنذنب ونستغفر كما هو ثابت في الحديث الصحيح..... وكيف أننا لو لم نذنب لاستبدلنا الله تعالى بقوم يذنبون ويستغفرون، هذا الكلام يقال لغير الموسوس فما بالك بحالتك أنت ؟؟!! إذن عليك أن تخففي وتخففي عن نفسك حتى تسمحي لها ببعض الذنوب وأتبعيها باستغفار وانسها..... بعد ذلك فقد غفرها الله وهذا كلام من عندي ولرفيف أن تصوب.....
وتقولين (وفكرت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يبالغون في اتقاء الشبهات ولا يلتفتون إلى رأي الناس إليهم وأني يجب أن أكون هكذا).... أنعم الله عليك ..... رغبة مشروعة لكن حين يكون الإنسان وبيئته صالحة لذلك أو بالقدر الذي يصلح..... لكن في حالتك أنت لا تكون رغبة مشروعة ولا تجب عليك..... بل لعلها ممنوعة..... ما دامت ستوقعك في جحيم الوسوسة.
وتقولين (لو كنت مقتنعة بما أفعله فلن يهم فأنا عندي بينة، ولكن إن كنت أفعل ذلك دون تيقن فسأشك في نفسي وفي تنطعي بالدين) حقيقة تتنطعين في الدين أنت من أعلى رأسك حتى أخمص قدميك..... لا ترحمين نفسك ولا تطمعين في رحمة الله وإنما فقط تخافين حسابه وهذا صعب على بني آدم يا "دراق".
وتقولين أيضًا (شعرت أني سأقدم على وسوسة وإن رآني أهلي سيغضبون من تصرفاتي التي قد تبدو لا عقلانية).... الحقيقة أنها ليست تصرفاتك فقط تبدو لا عقلانية وإنما تفكيرك لاعقلاني تماما واضحة لاعقلانيته !! تذكرينني ببعض أبأس مرضى الوسواس القهري وهم يفرطون في تهويل ذنوب متخيلة..... وينسون أن الله يعفو ويعفو عن كثير..... هم يكرهون الوقوع في الخطأ بشكل مرضي وليس فقط يخافون الذنب..... وفي نفس الوقت يرون أنفسهم أكثر قابلية للوقوع في الذنب..... وهم لذلك يتعمقون ويتنطعون اتقاء للذنب فيتخطون بذلك حدود العقلانية ولا يقبلون أن يخطئوا ويتوبوا أو كأنهم يكرهون ذلك ويخافونه.
وأخيرا تقولين (الدين سهل ويسر ولكن أشعر أني أتساهل فيه وأخاف أن أضيع ديني وأخسر آخرتي) من هذه الناحية اطمئني ولا تلتفتي لإحساسك المرضي بالتساهل فهذه هي الوسوسة بعينها (وربما تعلقت بالأمر بحسن الظن بالله والرجاء به) والله عند حسن ظن عبده به إن أحسنت) وليس هذا ركونا إلى الأمل وتركا للعمل وإنما هو أخذ بكل الرخص المتاحة للموسوس والتي يجب عليك الأخذ بها وتختمين بقولك (وأشعر أن مشاعري غير حقيقية، وأني أملي على نفسي ذلك حتى أكسب عطف نفسي)..... كفي عن استبطان المشاعر ولا تقعي في فخ تفتيش الدواخل.
إذن خلاصة الأمر أنك تمرين بخبرة مرضية يكون عداد الذنوب فيها متوقفا عن العمل لا مسؤولية عليك ولا ذنب فلا تضيعي وقتك وجهدك في أسئلة إجابتها دائما ستكون أنه وسواس وأنك غير مذنبة، بينما المطلوب منك يا "دراق" هو أن تبحثي عن علاج سلوكي معرفي على يد خبير، وأن تقرئي كل ما تستنطيعين قراءته على موقع مجانين فضلا عن ما سأضع لك من ارتباطات أنصحك باتباع الروابط من داخل الروابط فستجدين مددا معرفيا كبيرا بإذن الله لأن فهمك حقيقة ما تعيشينه مع الوسواس ستفيد كثيرا ونبقى بانتظار رأي الدكتورة رفيف.
واقرئي على مجانين:
موسوسة من العيار الثقيل !
وسواس قهري عيار أثقل من الثقيل
موسوس من العيار الثقيل
وسواس الطهارة: هلك المتنطعون
وساوس خالصة: تفكير سحري وتنطع أصيل !
وسواس الغسل والاستنجاء هلك المتنطعون !
وسواس الاستنجاء في النساء : هلك المتنطعون !
وسواس تعمقي : 3 اسئلة فقط و1 جانبي !
اعتياد القهور ؟ أم هو التعمق المغرور
وأخيرا يمكنك التعافي إن أحسنت اتباع نصائحنا وأتيح ويسر الله لك مختص ع.س.م متمرس، وأهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.