الوساوس القهرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو أَلَّا تُحِيلُوني على فتاوى أخرى لأنَّنِي قرأت وقرأت، وفي كل مرة أشعر أنَّ مشكلتي غير، ولا أحد يُشبِهُ حالتي، لذلك أُريد كَلَامًا يُخاطِبُني.
أنا أُعانِي وساوس العقيدة في كل أمور الدين، عندما أقرأ القرآن تُحَدِّثُني نفسي بعكس الآية أو تَتِمَّة أخرى للآية، عندما أقرأ حديث أو موضوع فيه شيء من الدين يذهب عقلي مباشرة للتَّشكِيك فيه أو تُحَدِّثُني نفسي بنَقْيضه، شكوك ومُلابَسَات وحِيرَة وخوف وضغوطات وانقباضات في الصدر، لدرجة لم أَعُد أُطِيقُ سماع صوتٍ عالٍ، وإن حدث تُحَدِّثُني نفسي بِسَبٍّ والعياذ بالله.
إليكم أمثلة للوساوس:
مثلًا كنت أقرأ عن اتَّخاذ الكافر صديقًا، أو رَبْط علاقة مَوَدَّة معه، فوجدت تضارُبًا في الرأي بين مُفتِيَين، فقلت في نفسي "ما هذا التناقض؟ أو هل هناك تناقض في الأحاديث؟" وعندما تنَبَّهت قُلت "آمنت بالله" وقُلت أنَّ الأمر رَاجِعٌ لِقِصَرِ معرفتي، وأنَّه يجب عليَّ قراءة الفتوتين والأخذ بما أقنَعَتْنِي أَدِلَّتُه.
وأيضًا أثناء قراءة أحد المنشورات في الفايسبوك، والذي فَحْوَاه أنَّ رسول _صلى الله عليه وسلَّم_ يَشْفَعُ لجميع أُمَّتِه حتى من قال مرَّة "لا إله إلَّا الله" إِلَّا المُشرِكِين، كلام في هذا الصَّدَد (والذي وجدت فيمَا بعد أنَّه لا يَصِحُّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم)، فقلت في نفسي "مثل اليهود الذين يعتقدون أنَّ الله سيُدخِلُهم الجنة جميعًا"، ثم قُلت "ماذا عن الناس الذين لم يسمعوا عن الإسلام"، وبعدها قلت "أكيد المقصود الذين تمَّت دَعْوَتُهُم للإسلام وأَصَرُّوا على الكفر".
وأنا أُصَلِّي نَسيت في الركعة الأخيرة، فأَضَفْت سورة قصيرة بعد الفاتحة، فقُلت في نفسي "هذه الرَّكعة بالمجان (أو بهذا المعنى بالدَّارِجَة المغربية)”.
تحدَّثت مع أخي فَقُلت له "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فتَبَسَّم، وأنا أيضًا تبَسَّمْت، وأحسست كأنَّني استهزأت بالتحية.
وكنت أشاهد فيديو لجندي إسرائيلي يأخذ حقنة، ومكتوب في العنوان أنَّهم مُجرَّد جيش ضعيف، فقلت أنَّه مُجَرَّد بشر عادي الخوف.
كنت واضِعَة السماعات أُنْصِتُ للقرآن، ونظرت لنفسي في المرآة، وقُمت بحركة رقص، فالتَبَسَ عليَّ الأمر. هل هناك مُؤاخذة لأنَّنِي بدون قصد؟
وَرَدَت عليَّ شُبْهَة حول حديث "لو كنت آمِرًا"، وحاولت صَرْفَها كثيرًا بأنْ أُدِير رأسي يمينًا وشمالًا. ثُمَّ بعدها لَمَ طَلَّق الرسول _صلى الله عليه وسلم_ سَوْدَة _رضي الله عنها_ لَمَّا كَبُرَت؟! وحَدَّثتني نفسي أنَّ الشيوخ فقط يحاولون تَطيِيب خاطرنا بكلامهم.
وأنا أقرأ فتاوى لِأُهَوِّن على نفسي في شأن الوساوس صادَفْت فتوى عن المُنَجِّمِين، فقلت في نفسي "لكن ما يقولونه يحدث". وصنوف أخرى من الوساوس، وحتَّى لَو لَمْ يَكُن الأمر مُتَعَلِّق بأمر الدين أَرْبُطُه به فتَتَداخَل الأمور.
أشعر بالتِّيهِ، أشعر بالتَّذَبْذُب، وأخاف أن أكون من المُذَبْذَبِين، وأخشى أن أعيش تَخَبُّطًا وتضاربات داخلية ونَكَد وخوف.
بعد أن تَرِدَ الوساوس أَشْرُع في تحليلها والتفكير في دَوَافِعها، وأتَأَزَّم وأُحِسُّ بِضِيق في الصدر. وفي نفس الوقت أُحِسُّ أنَّ إحساسي بالخوف من الوساوس ضَرْب من النفاق، لكي أُطَمْئن نفسي أنَّ هذا الخوف يَنُمُّ عن صَرِيح الإيمان.
مرة اغتسلت في اليوم 4 أو 5 مرات.
قرأت عن المُوَسْوِسِين، وحاولت العمل بالنصائح والإعراض عن الوساوس، وخَفَّت بادئ الأمر، لكن رَجَعت بقوة لأنَّها تختلف، وكلما دَفَعْتُ واحدة جاءت أخرى. أُحِّسُّ أنَّ إحداها ستكون عليها مؤاخذة، فأُحِسُّ أنَّنِي تعَمَّدت استحضارها، أو أنَّنِي راضية بها خاصةً إنْ لَم أَقُم بِرَدَّةِ فعل تَنُمُّ عن رفضها (كأن أُدِيرَ رأسي أو أُغْمِضَ عيني).
أُفكِّر في إعادة قضاء رمضان كاملَا لأنِّي أيضًا عانيت فيه من الوساوس.
علمًا أنَّنِي في فترة سابقة كنت أُشاهد داعِيَة يَرُدُّ على شبهات حول الإسلام، فتَأَثَّرت بها لمدة حيت أصبحت لديَّ فكرة "ماذا لو لم أَكُن على الدين الصحيح؟" فخُفْت وانثَنَيْت عن متابعة تلك الصفحة، وأُحِسُّ أنِّي أُعاقَب على هذه الوساوس، فأنا _ولله الحمد_ مُلتَزِمَة، وكنت بخير وأعيش حلاوة إيمان وطاعة، فجَنَيْتُ على نفسي.
طمئنوني جزاكم الله خيرًا، أريد أنْ تُوَجِّهُوا أيَّ كلام مُطَمْئِن أعُودُ إليه كُلَّما جاءتني وسوسة.
عذرًا على الإطالة.
8/6/2021
وأضافت بعد يوم تقول :
الوساوس القهرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولًا أَتَوَجَّه بالشكر والتقدير لكل العاملين والقائمين على هذا الموقع، سائلةً الله _سبحانه وتعالى_ أن يُبارِك مجهواتكم ويَجعلها في ميزان حسناتكم. كما أعتذر باسمي وباسم جميع المجانين والمُوَسْوِسين منهم على وجه الخصوص، الذين يَستَرْسِلُون في إرسال الأسئلة المجنونة مِثلِي، أسأل الله لي ولَهم الشفاء العاجل.
سَلَف لي أن أرسلت طلب استشارة مُتَعَلِّقَة بالوساوس في العقيدة، وبعد أن قرأت بعض القوانين تنَبَّهت إلى أشياء أخرى لم أذكرها قد تساعد في تشخيص الحالة أكثر كما ذكرتم جزاكم الله خيرًا. وآمَلُ أن تُجيبُوني في أقرب وقت بإذن الله تعالى، عسى أن تكونوا سببًا في الشفاء بإذن الله تعالى.
أنا التزمت _ولله الحمد والمِنَّة_ منذ ما يُقارِبُ عامين، وكنت في أحسن الأحوال، وإيماني قوي والحمد لله. بعد فترة أُصِبْتُ بوساوس الطهارة (ولازلت أُعاني منها إلى الآن،أي تقريبًا المُدَّة عام).
وأعاني من وسواس سَلَس الريح، فمنذ أنْ أتوَضَّأ أُحِسُّ بحركة في المَخْرَج، فيَلْتَبِسُ عليَّ الأمر هل هناك خروج ريح! وأثناء الصلاة أيضًا أصبحت أُصَلِّي بقِصَار السُّور كَيْ لا أُطِيلَ فيُنقَضَ وضوئي. وكذلك أقرأ القرآن من الهاتف. كما أُضْطَرُّ لوضع إصبعي في المَخْرَج مرة بعد مرة كأنَّنِي أَمْنَع خروج الريح، وأخاف أن تكون هذه الحركة مُبطِلَة للصلاة لأنَّنِي أُكَرِّرُها كثيرًا. كما أنَّنِي عند الجلوس بين السجدتين أخاف انفلات الريح، فأَضَعُ رِجْلِي عند المخرج. هل هذه الحركة تُبطِلُ الصلاة؟
أيضًا لديَّ وسواس مخارج الحروف، حيث أُرَكِّز جيدًا أثناء قراءة الفاتحة منذ أن عرفت أن الخطأ في حركة واحدة فيها يُبطل الصلاة (هي والتَّشَهُّد الثاني)، وأصبحت أُصَلِّي بالجهر كل الصلوات لأنَّنِي سِرًّا تَلْتَبِس عليَّ الأمور، فأُكَرِّر وأُكَرِّر الكلمة، مثلا في "إيّاك" أُشَدِّد على الياء، وفي "اهدنا" أَمْدُد النُّون، وفي "وَلَا" أَمْدُد اللام، وفي "والذين" يَصعُب عليَّ نُطق الذَّال المُعجَمَة لأنَّنِي لا أضبط مخارج الحروف. وأيضًا في التَّشَهُّد "التَّحِيَّات الزَّكِيَّات الطَّيِّبات" أُشَدِّد على الياء وأَمْدُدها، وفي "أَيُّها" أَمْدُد الهاء. وأخاف التَّنَطُّع في الدين.
وقرأت عن حالة مُوَسْوِس يُعانِي من وسواس النية، فقرأت كيف أَنْوِي، وعَلِمْتُ أنِّي كُنت أنوي بشكل خاطئ، فسابقًا كنت أَجْهَرُ، والآن أصبحت أنوي سِرًّا، لكن كأنَّنِي أتخَيَّل ما أنوي أو أتخيل مثلًا صلاة الظهر مكتوبة. وعَلِمْتُ أنَّ النِّيَّة ليست بهذا الشكل، فالتَبَسَت عليَّ النِّيَّة وكيفيتها، وأصبحت أُحِسُّ أنَّ عِباداتي دون نِيَّة وأنَّها باطِلَة. وأيضًا أبحث في الماضي، هل كانت صلواتي خاطئة (النيَّة جَهْرًا، أخطاء في الفاتحة والتَّشَهُّد في المُدُود والشَّدَّة)؟ وماذا عن صيامي؟ هل يَبطُل بسبب النِّيَّة التي كنت أَجْهَر بها؟
كما لديَّ اضطرابات الدورة، ربما صُمْتُ وأنا حائِض ظَنَّا مِنِّي أنِّي مُستَحَاضَة وغير، فهل يجب عليَّ إعادة كل تلك الصلوات منذ أعوام؟
وكيف السبيل إلى ذلك؟ أرشدوني لا حَيَّرَكُم الله.
9/6/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "Zinoxa" وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
الحمد لله أنك ذكرت أمثلة عن وساوسك، فكلها تساؤلات جائزة وليست وساوس كفر بحال من الأحوال، وكل إنسان يتساءل، ولولا التساؤل لما بحث ولما وصل إلى الحقيقة. هناك ما ليس بتساؤل، ولكن الجهل جعلك تظنين أنه غير جائز، وبالتالي التصق في رأسك وأصبح وسواسًا مرعبًا
-لعل التناقض الذي ظننته في اتخاذ الكافر صديقًا، سببه اختلاف حالات مصادقة الكافر، فهناك حالتان:
1- الحالة الأولى: أن يكون المسلم صديقًا للنصراني، بحيث يعامله بلطف وأخلاق، ويعطيه حقه من إكرام إنسانيته، وحسن جواره في المسكن أو العمل، هذا جائز، بل واجب.
2- الحالة الثانية: وهي غير جائزة وتكون بأن يحترم الكافر كما يحترم الصالحين من المسلمين، ويكن له المحبة العميقة، أو أن يتخذه قدوة في تصرفاته المخالفة للإسلام، وأن يخالطه أثناء أداء شعائره الدينية متقبلًا إياها، وأن يعتقد أن كل إنسان حر في دينه ولا داعي لأن يغيره، والكل مقبول وعلى صواب!!
والأعجب من هذا أن يكون هذا الكافر يكره المسلمين ويعاديهم، ثم يأتي مسلم يحترمه ويحبه! هذا منهي عنه بنص الآية، قال تعالى: ((لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) [الممتحنة:9]. هذا ما تصرح به آيات القرآن الكريم، فإذا سمعت أحدًا ممن يدعي العلم، قال بغير هذا، فاعلمي أنه لا يعرف رأسه من رجله.
- أما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لكل من قال لا إله إلا الله، فالمعنى صحيح وفيه أحاديث صحيحة، ولا أدري ما نص الحديث الذي قلتِ تبين فيما بعد أنه لا يصح، ربما هناك نصٌّ بعينه، سنده غير صحيح، وأنت لم تذكري نص الحديث كما هو.
وقلت إن اليهود يعتقدون أنهم سيدخلون الجنة جميعًا..... كذابون! هم يعرفون الحق وينكرونه كبرًا وحسدًا وعداءً، ولو فرضنا أن هناك يهودي أو نصراني أو أي إنسان غير مسلم، كان جاهلًا بالإسلام، ولم يعرف عن المسلمين إلا ما سمعه من الإعلام، أنه دين قتل وذبح وقمع حريات كما تفعله داعش وغيرها....، أو كان في أدغال إفريقيا ونحوها، ولم يسمع بشيء اسمه إسلام أصلًا. فهذا معدود من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة، ولا يحكم عليهم بالكفر ولا بدخول النار، وإنما هم ناجون، لقوله تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)) [الإسراء:15]
- لم أفهم معنى (هذه الركعة بالمجان) ربما لا أدري ماذا يترتب على من أضاف سورة في الركعة الأخيرة، وربما لم أفهم ما تقصدونه بذلك.
- يا حبيبتي أنت!! تعدين تبسمكما أنت وأخوك في وجه بعضكما أثناء السلام واللقاء كفرًا ووسواسًا؟!!! وماذا ينبغي أن تفعلان إذن؟ تتقابلان بجفاء وعبوس؟!! وأين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: ((تبسمك في وجه أخيك صدقة))؟ الهبل الموجود في هذا الوسواس واضح جدًا كما أظن
- كلامك صحيح أثناء مشاهدة فيديو الإسرائيلي، الخوف عادي في البشر، لكن اليهود مشهورون بجبنهم الشديد، وهذا مذكور عنهم في القرآن الكريم، ونادرًا ما تجدين يهوديًا شجاعًا....، هم وصلوا إلى حد الهلع وليس مجرد خوف بشري....، على كل، لا شيء في قولك إن خوف اليهود عادي، لأنهم بشر..... هذا وسواس أهبل أيضًا!!
- نأتي لحركة الرقص أمام المرآة أثناء سماع القرآن: إن كانت عمدًا فأكثر ما فيها الكراهة، فأنت لست عدوة للقرآن ولم تقصدي بذلك إهانته، والحكم هنا يتعلق بالنية الجازمة، والحركة المتعمدة. وإن كانت لا إرادية، أي كنت ساهية ففعلت هذه الحركة، فهي عفوٌ لا حكم لها، ولا تؤاخذين عليها. هل عرفت الحكم؟ كفي عن الوسوسة إذن.
- حديث (لو كنت آمرًا)، أظنك تقصدين حديث: ((لو كنْتُ آمِرًا أحدًا أنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ ، لَأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها))، وأظنك تعنين: إن الحديث يبين كبير فضل الزوج على زوجته، ومع هذا رأينا النبي صلى الله عليه وسلم طلق سودة بن زمعة، وهذا ظلم، فأين فضل الزوج هنا؟! بالمختصر: تقصدين أن هناك كثير من الأزواج يظلمون زوجاتهم، فكيف يستحقون السجود وهم ظلمة لا حق لهم؟! هذه يا عزيزتي شبهة يمكن أن تطرق ذهن أي إنسان، ولا يكفر بسببها، وعليه أن يسأل عن جوابها، لا أن يخاف منها.
بالنسبة للسيدة سودة بنت زمعة، فقد ورد في قصتها مع النبي صلى الله عليه وسلم عدة روايات، وأصحها ما ورد في صحيح البخاري: أنها وهبت ليلتها لعائشة رضي الله عنها ابتداءً من نفسها، لأنها كبيرة في السن فخشيت ألا تؤدي حق النبي صلى الله عليه وسلم، فتنازلت عن يومها لعائشة لما تعرف من حبه صلى الله عليه وسلم لها.
فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: (غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم). رواه البخاري. وفي رواية أخرى أنها هي التي خشيت الطلاق وليس النبي صلى الله عليه وسلم الذي هم بالطلاق: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أَسَنَّتْ، وَفَرِقَتْ [أي خافت] أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، قَالَتْ: نَقُولُ: فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي أَشْبَاهِهَا -أُرَاهُ قَالَ-: ((وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً)). رواه أبو داود
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يطلقها، ولم يهم بطلاقها. وقد كانت رضي الله عنها زوجةً السكران بن عمرو، وهاجرت معه إلى الحبشة لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عند اشتداد أذى كفار مكة للمسلمين، ثم رجعت ومات زوجها السكران رضي الله عنه بمكة. فبقيت وحيدة لا معين لها، وهي كبيرة في السن، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم رحمة بها وإكرامًا لها. فهي كبيرة أصلًا، وهي التي أدركت ذلك فوهبت يومها لعائشة إرضاء له صلى الله عليه وسلم، ولا تريد أكثر من أن تحظى بشرف حشرها مع زوجاته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. فلا ظلم ولا إهانة فيما جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن المغرضين يستغلون أي شيء لتشويه سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، وهيهات أن ينالوا منه، بأبي هو وأمي.
وأما الرجال الذين يظلمون زوجاتهن، فهؤلاء لا يستحقون السجود، وإنما صاعقة تنزل فوق رؤوسهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ)). رواه أبو داود. وكما يقولون: (الحكم على المجموع ليس حكمًا على الجميع)، أي: القول بأن الأزواج عمومًا يستحقون السجود –لو جاز السجود- لا يعني القول بأن كل فرد منهم يستحق ذلك. فكل واحد يعامل حسب عمله.
- شبهتك عن فتوى المنجمين وتحريم تصديقهم، رغم أن ما يقولونه يحدث: جوابها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة تنزل في العنان -وهو السحاب- فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع، فتسمعه فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم)) رواه البخاري. فالذي يحدث من كلام المنجمين هي تلك الأشياء التي سمعها الجني من الملائكة، وباقي الكلام كذب في كذب، فلا أحد يعلم الغيب إلا الله تعالى، وإنما الملائكة تذكر ما اطلعت عليه من قضاء الله تعالى في السماء، فلم يعد غيبًا في حقها. وحينما يرى الناس أن خبرًا أو خبرين من كلام المنجمين وقع كما قالوا، يقومون بالانخداع بهم ويصدقونهم في كذباتهم الأخرى.
- قولك: (وأتأزم أحس بضيق في الصدر.....، أن إحساسي بالخوف من الوساوس ضرب من النفاق.....، فأحس أنني تعمدت استحضارها أو أنني راضية بها.....، أفكر في إعادة قضاء رمضان كاملا...). كل هذه عبارات يقولها الموسوسون في العقيدة وأشباهها، ولعلك قرأت استشارات أخرى ورأيت هذا الكلام ذاته مكتوب فيها... فلا تخافي منها، إنها مجرد أعراض مرضية مشتركة بين الموسوسين.
- وسواسك في الطهارة وانتقاض الوضوء: بالنسبة لك، قلتِ (فيلتبس علي الأمر) إذن لست متأكدة من خروج الريح، وإنما هو شك، و(اليقين لا يزول بالشك)، أي: أنت متيقنة من التوضؤ، فلا يزول هذا اليقين بالشك هل انتقض أم لا؟ ومهما أحسست من أحاسيس فوضوؤك صحيح.
حتى لو فرضنا أن الريح يخرج فعلًا، فاستمرار الحدث (أي خروج الريح) يجعلك في حكم السلِس، الذي لا ينتقض وضوؤه بالحدث وإنما يبقى متطهرًا ولو خرج منه شيء. فعلى كلا الاحتمالين لا تتوضئي إلا مرة واحدة ولا تلتفتي إلى شيء.
واطمئني، الحركات التي أتيت بها في الصلاة لمنع الريح لا تبطلها، وصلاتك صحيحة.
- وسواس مخارج الحروف، والنية: كثيرًا ما يضيع دارس الفقه في البداية، عندما يقرأ عبارات الكتب في ذكر التفاصيل في النية والمخارج ونحوها، فيخيل إليه أن الإتيان بهذه الأمور أصعب من اختراع قنبلة ذريّة!!
فنية فرض الصلاة تحتاج إلى قصد وتعيين وفرضية، والقصد هو كذا وكذا وكذا، والتعيين هو كذا وكذا، والفرضية هي كذا وكذا.... فترينهم يكتبون في النية وكيفيتها ثلاث صفحات!! ومن هذا الذي يستطيع استحضار ثلاث صفحات عند شروعه في الوضوء أو الصلاة أو الصيام؟!!! والحقيقة أن النية أبسط من ذلك بكثير، ولكنهم يحللون ويفصلون كما يحلل الكيمائيون الماء فيقولون إن صيغته الكيميائة H2O ويتجمد في درجة صفر، ويغلي في درجة 100..... ويتحدثون صفحات عن خصائصه وتركيبه. بينما نحن في الواقع لا نريد كل هذا، نحمل كأس الماء فنسمي الله ونشرب! وهل سمعت أحدًا استحضر كلام الكيمائيين أثناء استعماله للماء؟!
النية بكل ببساطة أن تكوني عالمة ماذا تفعلين الآن! تذهبين إلى المغسلة لأنك تريدين الوضوء، وهذه نية صحيحة. تلبسين ثياب الصلاة، وتقفين باتجاه القبلة لأنك تريدين صلاة الفرض مثلًا أو السنة.... هذه نية صحيحة. تستيقظين قبل الفجر، وتأكلين في وقت لم تكوني تأكلين فيه حال الإفطار، وتحرصين على صيام كل يوم لأنه شهر رمضان، هذه نية صحيحة. ولا علاقة لنا هنا بالصفحات التي شرحها الفقهاء كلها.
ولهذا الأصل أن النية في القلب، ولا تحتاج إلى تلفظ، لكن لو تلفظ الإنسان فلا مشكلة، وإذا كان المالكية يقولون الأولى ترك النية أي يجوز التلفظ والأفضل عدمه، فإنهم قالوا: يستثنى الموسوس فيستحب له التلفظ ليذهب عنه اللَّبس. ما رأيك؟ ثم إذا كان الأفضل الترك، يعني يجوز التلفظ وتركه، فمن أين أتى البطلان؟!! عدا عن أن الحنفية والشافعية يقولون بسنية التلفظ
وأما مخارج الحروف فأغلب الكلمات نلفظها صحيحة، ويبقى كلمة أو كلمتان، تُصَحّحيهما خارج الصلاة، ثم تقرئين بدون تكلف داخلها، ولا داعي لعصر الحروف والمبالغة في التشديد ونحوه، بل المبالغة مذمومة ومكروهة (لا تبطل الصلاة طبعًا). اقرئي كما تقرئين كلامًا عاديًا، هذا هو المطلوب. وكما قلت لك في النية: العلماء يحللون ويفصلون، كي ينتبه من لا يحسن القراءة أو من فاتته كلمة فيتدرب عليها......، ثم بعد ذلك لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ويقبل منه ما يستطيعه وتصح صلاته؛ كما تصح صلاة الألثغ والأرتّ.
- شكك في صحة صومك فيما سبق لا يؤثر، ما لم تتيقني 100% أنك صمت صومًا خاطئًا في جميع المذاهب، لأن الصوم إذا كان صحيحًا على أحد المذاهب فلا داعي لقضائه؛ أما الشك فلا أثر له في هذه الأمور.
- وأخيرًا: نحن لا نقول كلامًا (مطمئنًا) لعله يريحك ساعة، ثم تعودين للبحث عن مطمئنات أخرى تفقد مفعولها بعد قليل، نحن نرشدك ونضع رجلك في أول الطريق، كي تبدئي رحلة العلاج مع طبيب عارف بالعلاج المعرفي السلوكي، تصححين نظرتك إلى الأفكار الوسواسية، ثم تتجاهلينها، وتحصنين نفسك مما سيأتي بعدها لمعرفتك أنها جميعًا (وساوس لا قيمة لها)، ولا دواء لها إلا الإعراض عنها.
عافاك الله وطمأن بالك
ويتبع>>>>>>: وسواس الكفرية: لا قصد ولا نية ولا أي مسؤولية!! م