السلام عليكم
سؤالي للمتخصصين في علم النفس والاجتماع: هل حقًّا الزواج بين أشخاص من مجتمعات مختلفة زواج فاشل؟؟ لماذا ينظر الجميع هذه النظرة؟ لا السوري يرغب في الزواج من مصرية مثلا، ولا المصري كذلك...
والأهل يرون أن هذا الاختلاف هو المعول الأول الذي سيهدم البيت الذي لم ينشأ بعد.. ويرون أنه سيكون هناك اختلاف كبير في العادات، ويستشهدون بالمثل القائل: "الذي لا يأخذ من ملّته فإنه سيموت بعلّته"، وكما أعلم فإن كلمة "ملة" تعني الدين وليس الجنسية.
وإذا كان الأمر كذلك؛ أما كان لله سبحانه تعالى أن يراعي هذا الأمر ولا يشرّع للناس ما "يميتهم بعلّتهم"؟! هل حقا هناك اختلاف شاسع بين مجتمعاتنا المسلمة؛ بحيث يستحيل معها التفاهم في الزواج، أم أن هذه الأفكار من جملة ما يسود في مجتمعاتنا من أوهام.. ونصدقها.. وندعها تتحكم في حياتنا؟
ما هي مزايا وما هي محاذير الزواج بين حاملي الجنسيات المختلفة؟؟
وكيف أرد على من يقف في طريق مثل هذا الزواج، وخصوصا الأهل؟ أم أن مسايرة الأهل أولى؟
وكيف العمل إذا كنت لا أستطيع الانسجام مع مجتمعي أصلا، لا بتفاهاته ولا بسطحيته، أم أن التفاهة والسطحية سأجدها في كل مكان؟!
كم صعبة هي هذه الدنيا!!
وشكرا لكم ...
2/12/2021
رد المستشار
الأخت السائلة:
صدقت حين تقولين: "كم صعبة هي الدنيا"، وأقول لك إنها من زوايا أخرى تصبح أقل صعوبة مع الفهم والتعمق في جذور الأمور، وخبرات الآخرين، وتقليب النظر في الوجوه المختلفة للمسألة الواحدة.
الاختلاف نعمة في أصله، بل هو من أسرار عمارة الكون. وعلى الاختلاف بين الذكر والأنثى، وبين الأبيض والأسود، والبر والفاجر تقوم الحياة بشئونها.
وليس اختلاف الجنسيات في حد ذاته مقدمة لفشل أو نجاح الحياة الزوجية، فقد يكون عنصر إثراء حين يستطيع كل طرف أن يستكشف جديدا في الطرف الآخر، وأن يعبر عن ذاته واختلافه بشكل ممتع وجذاب للشريك، وهذا وذاك إنما يعتمد على رجاحة العقل ورقي الخلق والتفكير والسلوك. أما التفاهة والسطحية، وقلة التحضر، فهي مقدمة لفشل أية علاقة، ولو بين طرفين من نفس البلدة أو القبيلة.
وأنا أسعد عندما أجد من حولي بيوتا يكون فيها الأخوال من حلب أو بيروت أو الرباط أو غيرها. والارتباط بالزواج يبدو من أمتن الوشائج التي يمكن أن توثق عرى الصلات بين المجتمعات العربية والإسلامية المختلفة، وهذا من أهم أسباب زيجات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من نساء تنوعت خلفياتهن فأعطى الدلالة بذلك على الانفتاح الثقافي الذي يصبغ الإسلام حين يستعلي الانتماء له على غيره دون أن يلغيه، ولكنه يستثمره من حيث هو تنوع إثراء، لا بوصفه سببا للضغائن.
ولكن بعض القوانين الحالية في بعض البلدان العربية والإسلامية تضع العراقيل في طريق هذه الزيجات الثقافية المختلفة، وينبغي أن تتصدى فئة واعية لمهمة تغيير هذه القوانين، فيكون الزواج المختلط ثقافيا مخرجا للكثيرين والكثيرات من ضيق الأفق أو ضيق الرزق أو ضيق مجال الاختيار في بلد واحد إلى سعة عالم العرب والمسلمين الذي هو بحرٌ واسع ذاخر، فيه زوج مناسب لكل من تبحث، وزوجة ملائمة وفق الشروط التي يتطلبها كل باحث.
أما الزواج المختلط، فنعم الزواج هو إذا ما توافر العقل وحسن الخلق.