في البداية جزاكم الله الخير الكثير، أود أن أعرض مشكلتين عليكم:
الأولى : تتعلق بأختي الصغيرة التي لا يتعدى عمرها عشر سنوات، فإنني ألاحظ أنها تهتم بالجنس بشكل كبير، وأنها تفكر به بشكل ملحوظ من قبلي؛ لأنني وبفضل منُّ الله عليّ بعلم هذه الأمور، وقد واجهت بعضها، ولم أدرك الطريقة المثلى للتغلب عليها ومساعدة الغير في ذلك، وألاحظ نظرتها للجنس الآخر باهتمام، وهي لا تدرك ذلك.
إنني مدركة أن التلفاز وما يعرض يشوه العديد من الأمور، ويخلط الإدراك والوعي بطريقة سيئة، ولا أستطيع مراقبتها كل الوقت، أحاول نصحها، لكن لا أدرك أشياء عديدة في كيفية مواجهة هذا الأمر وتخطيه بشكل طبيعي.
الثانية: أنا متشائمة داخليًّا، ولدي مزيج من المشاكل، وأنا على علم بمعظمها؛ لأنني استعنت بكتب وبمرشدة اجتماعية. في الوقت الحالي أواجه مواقف تحديد مصيري، وإن شاء الله سأتحدث عن الباقي في رسائل أخرى؛ فأنا في السنة الأخيرة من الجامعة إن شاء الله، وأنا أنتمي إلى مساق أدخلت فيه رغمًا عني أو قد تقول أفضل من لا شيء، ولكنني لا أوافق لأنني أريد تخصصا آخر.
وأنا بالفعل أنزل مساقات بناء على مسؤوليتي في طموحي بالنجاح بما أريد، وبذلك لا أتأخر في التخرج الذي غبت عنه بسبب التحويل وعدم تحديد ما أريد؛ لأنني أفشل في إيجاد ما أريده، وبسبب المرض الذي كان جزءا كبيرا منه بسبب اكتئاب نفسي، في نهاية الفصل حسنت في نصف المساقات التي أريدها والنصف الآخر لا، ولم أنجز التحسن الكبير في مساقي التخصص الذي أنا به.
وقد كان التحسن بفارق كبير فاجأ المرشدة؛ لأن العلامات كانت من جيد جدا – ممتاز، ولكن عدت إلى التيه والتراجع مرة أخرى، وقد سمعت المرشدة تقول: "إن هذا التحسن الكبير الذي طرأ لا بد أن يلاقي تراجعا؛ لأنه جاء بقدر كبير"، أنا لا أقتنع فكريًّا أن يكون هناك تناقض داخلي.
وأعتقد أن ذلك أثر عليّ حتى الآن؛ حيث إنني انقطعت منذ فترة عن المتابعة معها، وكل ذلك من الخوف مما هو قادم ومن عدم الاستقرار ومن الشعور بالنقص؛ لأنني لا أنتمي لهذه الدائرة رغم أنني أنجح في العملي وفي عدم تضييع أي شيء إلا وأحاول فهمه، لكن الجبن والهروب يتملكني في النهاية، وأرى فشلي قبل ذلك، وتضيع الأمور من يدي كأنني لست أنا، مع العلم أنني على ثقة تامة داخلية أن الأمور كلها بيد الله، وأن الله -عز وجل- سوف يعطيني النشاط والهمة، والثقة المغيبة عني.
في الوقت الحالي الذي يجب أن أواجهه هو المساقات التي معي الآن التي هي أيضا جزء كبير من قصة التحويل وسوف تدعمني، ولكنني أخاف جدًّا من القادم، وإنني أشعر أن الفشل سوف يحيط بي لأنني على خلفية من الفشل عوقني. وعندما أدرس معتمدة على نفسي وبدون المحاضر وشرحه بسبب الأوضاع الدامية في فلسطين، وعدم مقدرتنا على الوصول إلى حرم الجامعة أشعر براحة وبجهد مضاعف، لكن عند اختلاطي بالباقي تتخبط الأمور مرة أخرى. آسف على الإطالة، ولكنني أشعر بوحدة وأحتاج فعليًّا إلى من يرشدني بسرعة، ويستمع لي بكل حنان ويفهم طموحي ورغبتي، ولا يجعلني أنهزم لأخطاء وإعاقة أطاحت بي لفترة أو إلى القبول بالواقع لأن كل الواقع فاشل.
لقد تذكرت حادثة حصلت معي أرجو إفادتي بها وبجانبها: في الصغر كان هناك بائع يحاول التحرش بي من خلال مسكه بيده لي لمناطق حساسة، وأنا ساعتها لم أفعل شيئا، والحمد لله لم يحدث أي اعتداء، كنت أفهم أنه يعمل خطأ، لكنني كنت أعتقد لخطأ في التربية المحيطة أن السكوت وعدم الفضح هو أهدى وأفضل، لكنني أدرك الآن أن ذلك خطأ فظيع، وأنني سأربي أولادي على قيم متغيرة إن شاء الله؛ لأنه بعد قراءتي لعدة كتب ومقالات مختلفة توصلت إلى أن السكوت الذي مارسته يمكن أن يؤثر علي في الهروب من المواجهة، وفي كره أنواع عديدة من الحياة، وفي عدم اقتحامي وبكل ثقة الأمور المتعلقة بصحتي ومساري.
وأرى لذلك سلبيات منها أنني أحاول التهرب عند أي فشل أو مشكلة أو أمر حازم كالوضع الذي أنا به، فما الحل في تغيير أشياء عندي؟ وما الربط بين الآية التي تقول "حتى تغيروا ما بأنفسكم" .. هل التغيير سيتحقق؟ أم أن التخفيف من التأثير السلبي فقط سيتحقق؟ علمًا بأن الله -عز وجل- وضع "الاستغفار" و"العفو" أرجو الإفادة السريعة.
13/06/2023
رد المستشار
صديقتي..
من ناحية أختك فما يحدث هو شيء طبيعي مع بداية مراهقتها وربما يزيد الأمر أنها لا تحصل على المشاعر التي تحتاجها من العائلة وبالطريقة المناسبة لها (من الذكور في العائلة خصوصا).. لا تتطوعي بالنصيحة وإنما وفري لها الإحساس بالأمان والتقبل الغير مشروط (الذي تريدينه أنت أيضا) حتى تطلب هي النصيحة أو المساعدة.
من ناحية دراستك فكلامك مبهم... على أي حال إن كنت تريدين تغيير التخصص حقيقة فلا شيء يمنعك من هذا.. لقد استطعت تحسين درجاتك حسب ما فهمت.. إذا لديك المقدرة ولا علاقة لهذا بكلام المرشدة.. التفوق وتحصيل العلم هي مسألة تعود إليك بالكامل ولا علاقة لها بالظروف المحيطة طالما لديك الفضول والرغبة في البراعة فيما تختارين دراسته أو التخصص فيه.. الرغبة في الشيء أقوى وأكثر فاعلية من الإرادة أو إرغام النفس.
بالنسبة للآية التي ذكرتيها فالصحيح فيها هو "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
ما بأنفسهم منطقيا تعني أفكار وأفعال (توجه وقناعات وأسلوب تفكير وفعل) إن أراد الإنسان أن يساعده الله في تغيير حياته فعليه أن يبدأ بتغيير ما بنفسه عن طريق العلم والفهم والقيام باختيارات مفيدة وفعالة نحو هدفه.. هذا يتطلب تحديد الهدف ثم تحديد الأفكار والأفعال التي تنفع والتي تؤدي إلى الوصول إلى الهدف مع البدء في اتخاذ آية خطوات متاحة على الفور.. الصعوبات والتحديات مسألة لازمة في الحياة وما يواجهنا في الحياة هو على قدر استطاعتنا بغض النظر عن ما إذا اعترفنا بهذا أم لا لأنه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
ملحوظة: ذكرك للآية بطريقة غير ما أنزل في القرآن قد يشير إلى نوع من الاستسهال أو الكسل في تحري الدقة.. يمكنك تغيير هذا بمجرد اختيارك لتحري الدقة وليس من المنطقي أن يغير الله لك هذا.. هذه مسؤوليتك.
فشلك في تحديد ما تريدين هو ببساطة عبارة عن عدم رغبة في تحديد ما تريدين.. ربما لخوفك من الفشل عموما وربما لخوفك من الالتزام أو كلاهما معا، الفشل والنجاح لهما بناء وخطوات ولا يحدثان عن طريق الحظ أو القدر بدون اشتراك الإنسان نفسه وأخذه بالأسباب وممارسة حرية الاختيار والتي هي أساس علاقة الإنسان بالله وبنفسه.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب