عيني على الشعب المصري المجهد الذي لا يعي فيحرق طعامه ويموت بجانب رماده جوعان!
"نحن جيل ضمن أجيال ستذهب ضحية معاندة
الحداثة. كلامي هنا ينطلق من ايماني بعدم
جدوى أي تقدم بدون هبة الناس . مرحبا
يضياع أجيال كسيحة لاتتقن كيف
تشب لتهب!" صلاح - 2010
(جزء من كتابي فرضية لنظرية الإجهاد الجمعي الثقافي المصري!)
انظر الى حقوق المسلم على المسلم في المجتمع الإسلامي:
1- السلام عليه عند اللقاء
2- إجابة دعوة المسلم
3- النصح له إذا طلب النصح
4- تشميته إذا عطس وحمد الله
5- عيادته إذا مرض
6- اتباعه (أي السير خلف نعشه) إذا مات.
كل حضارة قديمة استوجبت لنفسها حقوق مواطنة تضمنت رضى النفس واحترام الذات، والعرب لقرب عهدهم بثقافتهم مازالت لديهم حقوق عقائدية حية فاعلة ومن ثم فهم يقابلون الحضارة الحديثة بندية المنافسة بين قديم وحديث أو الأصالة والمعاصرة، ولهذا يزداد لديهم التعصب حتى يصل حد الارهاب.
أما مصر فلبعد الزمن لآلاف السنين بهتت لديهم حقوق عقيدة آمون، بل تم استبدالها لدى البعض بحقوق عقيدة المسيحي أو بحقوق عقيدة المسلم؛ اذ لا ننسى ملايين النصارى المصريين الذين يمثلون حضنا كامنا لبقايا الثقافة الفرعونية في نهاية صورها الآفلة المنكسرة المرهقة، والمصري المسلم يفصله عن الثقافة الفرعونية تلك طبقتين ثقافيتين، هما طبقة الثقافة المسيحية وطبقة الثقافة الإسلامية أما النصارى فلا يفصلهم عن الثقافة الفرعونية سوى الثقافة المسيحية وهذا ما مكنهم دون غيرهم من الاحتفاظ باللغة القبطية المحتضنة للديموطيقية حتى اليوم، رغم أن القبطية، المحتضنة للثقافة الديموطيقية المنهارة، تمثل آخر مراحل الانهيار والانكسار الفرعوني ولا تمثل الحضارة المصرية القديمة بالدقة (proper civilization) ولا تدفعنا إلى استشراف حضارة حديثة، لكنها عون لمن أراد الولوج إلى صميم الثقافة الاجتماعية الفرعونية كمجال أنثروبولوجي وفلكلور شعبي، ونحن نتجاهل تلكك الحقيقة من خلال تجاهلنا كمسلمين وجود النصارى ذاته.
لقد أوشكنا لبعدنا عن الثقافة الفرعونية بل ولاندثارها ولهشاشة بقيتها القبطية، الانضمام الى شعوب جنوب أفريقيا السود للمطالبة، مكتفين، بحقوق الإنسان تماما شأن مطالبة الأمازيغ بحقوق الإنسان؛ إذا لم نسارع فنجد لأنفسنا حلا كيف نستفيد من انكسار ثقافتنا، التي نثرثر بديمومة مزعومة لها على مدى آلاف السنين، ونعترف بمرحلة الإجهاد والإرهاق الثقافي الذي نمر به اليوم ومنذ آلاف السنين بدءا من الأسرة التاسعة عشر الفرعونية، لننهض من جديد بعد أن نكون قد طهرنا جروحنا وداوينا آلامنا ونشطنا طارحين الإرهاق والإجهاد الثقافي.
الديموطيقية والتي احتضنتها القبطية هي آخر انحطاط للغة المصرية القديمة وليس آخر تطور! واللغة الحضارية للثقافة المصرية القديمة هي الهيروغلوفية حيث حفظت لنا علومهم ولم تكشف عنها الديموطيقية وإنما اضطررنا لننتظر حل رموز الهيروغليفية لنعرفها. فالديموطيقية ومن ثم القبطية لا تحمل ثقافة حضارية قادرة على تحمل عبء بناء حضارة ندية معاصرة حداثية. وبالطبع فالهيروغلوفية لاختصاصها ببنية حضارتها القديمة الخرافية، لا محل لنقاش لأي إحياء لها.
الديموطيقية لهجة شعبية ظهرت قبل الميلاد بنحو 800 عام خلال الأسرة السادسة والعشرين في الدلتا، زمن الانكسار النهائي الخارجي والإجهاد النهائي الداخلي. ومن ثم فالقبطية أخذت لهجة منهارة منكسرة شعبية مرهقة ومجهدة!، بخلاف الهيراطيقية التي ظهرت بجانب الهيروغليفية منذ الأسرات الأولى وحتى الدولة الحديثة وتعني "الكتابة الكهنوتية" حيث كانت تستعملها الكهنة للكتابة على البردي.
الارهاق الثقافي له علاقة تشابه بما يعرف في خواص المادة بالإجهاد الحراري للمعادن، فقد كان لي إناءا طويلا من معدن الألمونيوم وبعد استعماله سنينا فوق نار البوتاجاز القوية لاحظت تغيرا لحق بالنصف الأسفل من الإناء في صورة تضلع طولي بجوانبه بينما بقي النصف العلوي سليم الاستدارة.
الإرهاق الثقافي يظهر بعد إجهاد الطبقة السفلى من المجتمع، وهي المنوط بها القيام بالبنية الأساسية لأي مجتمع وتحمل أعباء أي مشروع حضري لكل نخبة متسلطة سواء كانت وطنية أو أجنبية ومن ثم التأثر بكل إحباط وفشل يلم بهذا المشروع أو ذاك؛ وذلك للإحاطة بها من كل جهة بعوامل شتى ليس بالضرورة العامل الطبقي فقط حسب المفهوم الشيوعي وإنما هي تحتضن كل الفئات المتخلفة والمريضة والمعاقة، حتى أنه حين يظهر معاق في النصف العلوي من المجتمع ترى أهله يقومون بما يشبه تسريبه إلى أقارب لهم أدنى من خلال تزويجه أو تزويجها بالريف ونحوه.
كما أنه من عوامل الجهل إذ أن كل متسرب من التعليم يجد حضنا له بهذه الطبقة السفلى للمجتمع، أو يقومون بتصعيد بعض الطبقة السفلى ثمنا لهذا التسريب أو الاحتضان. أيضا كل مضطهد من السلطة لأي سبب كان يوصم بلافتة معنوية معنونة أن "لا مسام"، فيظل يتدحرج حتى يصل القاع.
أما النصف العلوي الكامل الاستدارة أو الصفوة والنخبة فيطول عمرها بحفاظها على نشاطها الذي رغم احتوائه على ثقافة انقضى عمرها الافتراضي إلا أن حيوية أعضائها ولو زيفا تضفي قدرا من المصداقية تدفعهم إلى التمسك به كمرجعية ثقافية لهم وهم بالتحديد يشملون الجيش والشرطة ومؤسسة الرئاسة والقضاء الذين يمثلون الدولة بينما الشعب يمثلون الرعية. حتى تشتد نيران الثورة وتأتي الطامة وينهار الإناء فوق نيران الثوار أو رفض الطبقة السفلى مسربا إلى العدم كل مرجعيات زائفة، كانت النخبة تحاول جاهدة التمسك بها. وسلاح الشعب المرهق المجهد الذي فقد كل مقومات البناء الحضاري هو ميلشيات لعبية فكهية زئبقية ترقص في كل زحمة جبارة لئيمة تنضم الى كل إمام ليس لدعمه وإنما لالتهامه!.
واقرأ أيضاً: