![]() |
العلاج بالتنويم المغناطيسي بين العلم والدجل1
نقاش عام1-3
على يوتيوب، تقدم قنوات مثل ultra hypnosis مقاطع فيديو تتضمن الشموع، وأنماط دوامية، وتعليقات صوتية بطيئة، بعناوين مثل "التنويم المغناطيسي لتنظيف ذهنك قبل النوم العميق". بعض هذه الفيديوهات حصدت عشرات الملايين من المشاهدات.
الإنترنت مليء بصيحات "الرفاهية" المشكوك فيها، من التعرض للماء البارد إلى حمامات الأقدام الأيونية. لكن هناك من الأطباء والباحثين الذين يعتقدون أن التنويم المغناطيسي، الذي يعتبره العديد من الأطباء علمًا زائفًا، تم تشويه سمعته بشكل غير منصف.
على الرغم من أن فاعلية التنويم في معظم العلاجات الطبية لم تثبت، إلا أن التقنية أظهرت بعض النتائج المثيرة للاهتمام في مناجزة الألم وبعض القضايا المتعلقة بالصحة النفسية مثل تخفيف الألم أثناء الجراحة وتخفيف الآثار الجانبية لعلاج الأورام الخبيثة إلى معالجة القلق ومتلازمة الأمعاء المتهيجة والاكتئاب.
يقوم معظم مؤيدي التنويم المغناطيسي بتقسيم العملية إلى جزئين. خلال "التنويم"، يتم تشجيع المرضى على التركيز على صوت المنوم وذكرى سعيدة (مثل الاسترخاء على الشاطئ). إذا سارت الأمور بشكل جيد، تكون النتيجة حالة لا تختلف كثيرًا عن التعمق في فيلم: انغماس وشعور مغاير للزمان.
بعد ذلك يأتي "الاقتراح"، عندما يخبر المعالج بالتنويم المريض أن الألم الحاد يشعر في الواقع كأنّه دفء، أو أن طعم بعض الخضروات يشبه الشوكولاتة. هناك من يعانون من القولون العصبي، وهو التهاب في الأمعاء الغليظة، يجعه المعالج يتخيل أن يدًا تضغط على أمعائهم، ثم تخيل يدًا تسترخي ببطء.
غالبًا ما يبدأ تشكك العلماء الرئيسيين في التنويم المغناطيسي بسؤال حول الآلية -كيف تجعل الاقتراحات الموجهة للمريض يشعر بتأثيرات مفيدة؟ لذلك، يقوم مؤيدوا التقنية باستخدام تقنيات تصوير الدماغ للبحث عن أدلة حول ما يحدث داخل رؤوس الأشخاص أثناء تنويمهم.
تبدأ التغيرات في نشاط الدماغ مع التنويم وهناك بعض الأدلة إلى زيادة النشاط لدى الأشخاص المنومين في الشبكة التنفيذية المركزية Central Executive Network CEN وهي مجموعة من دوائر الدماغ المعروفة بأنها تشارك في تنظيم الانتباه والتركيز. كما يبدو أن هناك تواصلًا أكبر بين أجزاء الشبكة التنفيذية المركزية والجزيرة، التي تساعد في مراقبة وتفسير الإشارات القادمة من الجسم.
الجزيرة هي جزء من "شبكة البروز" Salience Network في الدماغ، وسُميت كذلك لأنها تركز الانتباه على التغيرات المهمة في البيئة. تشارك الجزيرة في معالجة التهديدات وتساعد الأشخاص على الشعور بالخوف أو القلق عند الحاجة—وهي تصورات شائعة مع الألم والرهاب. يعتقد البعض أن التواصل المتزايد بين الشبكة التنفيذية المركزية والجزيرة قد يشير إلى أن العلاج بالتنويم المغناطيسي يسمح للشبكة التنفيذية المركزية بفرض مزيد من السيطرة على المشاعر غير المستحبة.
في أماكن أخرى من شبكة البروز، يؤثر التنويم المغناطيسي على النشاط في القشرة السنجابية الأمامية، وهي بنية على شكل طوق تحت القشرة الجبهية، والتي، من بين أمور أخرى، تساعد على توجيه انتباه الشخص، وهي حاسمة في معالجة الألم، فضلاً عن التوقع.
هناك بعض الأدلة على أن التنويم المغناطيسي يغير أيضًا الاتصالات من القشرة الجبهية إلى منطقة دماغية ثالثة، وهي اللوزة، التي تساعد على تنظيم الاستجابات العاطفية. قد تكون جميع هذه التغيرات مرتبطة بقدرة التنويم المغناطيسي على تقليل القلق والخوف عند مواجهة أشياء—مثل القولون العصبي، على سبيل المثال—تسبب الألم.
هذه الأدلة تشير إلى أن التنويم المغناطيسي يستفيد من قوة الدماغ في تفسير ما يختبره الجسم. خلال التنويم قد يكون من الممكن إعادة معالجة إشارات الألم وبالتالي، حرفيًا، "الشعور" بألم أقل. كل ذلك يوحي بشيء، ولكن ليس قاطعًا تمامًا.
تُمثل التجارب السريرية، التي يمكن أن تكون مفيدة في معرفة ما إذا كان التدخل يعمل، حتى لو كانت طريقة عمله الدقيقة غير واضحة، طريقة أخرى تجمع فيها العلماء أدلة مثيرة حول التنويم المغناطيسي. في عام 2015، تشير دراسة لعينة 1,000 شخص يعانون من القولون العصبي الذي يصعب علاجه، أفاد 67% بتقليل الألم البطني بنسبة 30% أو أكثر نتيجة العلاج بالتنويم المغناطيسي. من بين حوالي 30 تجربة سريرية، بما في ذلك 11 تجربة عشوائية محكومة على الأقل—التي تُعتبر معيارًا ذهبيًا للأدلة الطبية—استنتج معظمها أن التنويم المغناطيسي حسّن بشكل كبير أعراض القولون العصبي.
قد استنتجت هيئة استشارية علمية للحكومة البلجيكية، المجلس الصحي الأعلى، في مراجعة في عام 2020 أنه عندما يتعلق الأمر بعلاج الاكتئاب والقلق، يمكن أن يجعل التنويم المغناطيسي الطرق القياسية مثل العلاج السلوكي المعرفي، وهو علاج يعتمد على الحديث، أكثر فعالية. وجدت التحليلات التلوية—التي تجمع نتائج العديد من الدراسات المماثلة—التي نُشرت في عام 2021، أن إضافة التنويم المغناطيسي إلى العلاج السلوكي المعرفي حسنت النتائج لـ 66% من المرضى الذين يعانون من الاكتئاب أو الألم أو السمنة.
تمت أيضًا تجربة التنويم المغناطيسي بجانب التخدير في الجراحة الكبرى. قامت تجربة سريرية في عام 2020 بدراسة استخدام زوج من تقنيات التنويم المغناطيسي المختلفة، جنبًا إلى جنب مع التخدير الكيميائي القياسي، على 113 مريضًا جراحة القلب في مستشفى فرنسي. تم "دعوة المرضى للتركيز على جسم أحمر" ثم "السفر عقليًا إلى موقع مبهج"، قبل أن يتم أخذهم إلى حالة من الاسترخاء العميق و"حالة شبيهة بالتنويم"، كما ورد في ورقة بحثية نُشرت في مجلة أمريكية لأمراض القلب. إذا لم تنجح تلك الطريقة، تم قصف المرضى بأسئلة تهدف إلى "تشفير العقل"، وهي تقنية تنويم أخرى. أسفرت كلا الطريقتين عن ألم أقل وهدوء أكثر مقارنةً بالدواء الوهمي، مما يعني أن المرضى الذين تم تنويمهم احتاجوا إلى مورفين أقل
إن سلسلة النتائج المشجعة هذه تعني أن الاهتمام الطبي بالعلاج بالتنويم المغناطيسي في تزايد، رغم أنها ببطء. منذ عام 2015، استخدمت جميع المستشفيات الجامعية الثلاثين في فرنسا التنويم لمناجزة الألم؛ حيث تقدم 20 منها العلاج بالتنويم كبديل للتخدير العام لبعض أنواع الإجراءات التي تُعتبر ذات مستويات معتدلة من الألم والمخاطر، بالتزامن مع التخدير الموضعي. قامت السلطات الصحية الهولندية بتدريب أطباء الأشعة على استخدام التنويم لمساعدة النساء على الشعور بالاطمئنان أثناء الفحص لأورام الثدي. يُقدم العلاج بالتنويم لمناجزة الألم في مستشفى بيتشيدا للأطفال في بودابست، والذي يعالج الأطفال المصابين بالحروق من جميع أنحاء المجر.
بينما تعتبر الدراسات التي تدعم استخدام التنويم في تخفيف الألم عمومًا من ذات جودة جيدة، إلا أن الدراسات ليست بنفس القوة حتى الآن فيما يتعلق باستخدام التنويم في الإقلاع عن التدخين أو الأرق. يحتاج جمع الأدلة في هذه المجالات إلى مواجهة السمعة السيئة للتنويم بشكل عام. يقول المؤيدون إن إحدى المشكلات هي أن التنويم غالبًا ما يكون غير منظم. من غير القانوني أن يقدم شخص نفسه كطبيب دون اجتياز الامتحانات الطبية المهنية، ولكن في معظم الدول، يمكن لأي شخص أن يُطلق على نفسه لقب "منوم مغناطيسي". وبالتالي، فإن هذا المجال عرضة للدجالين والمحتالين.
مصادر
1- Cowen L. Literature Review on the effectiveness of Hypnotherapy. ACR Journal 2016;10(1):1-55.
2- Weir K. Uncovering the new science of Clinical hypnosis. Monitor on Psychology 2024, 55; 3. Online Publication.
3- The Economist. Why some doctors are reassessing hypnosis. 28 December 2024.
مصادر للاطلاع
4. كتب:
o "Hypnotherapy" by Dave Elman:
o "Trancework: An Introduction to the Practice of Clinical Hypnosis" by Michael D. Yapko.
o "The Ultimate Guide to Hypnosis: Master the Art of Mind Control and Hypnotherapy with Simple Techniques & Tips" by Charlie Spark:
5. مجالات اكاديمية:
o International Journal of Clinical and Experimental Hypnosis:
o American Journal of Clinical Hypnosis.
6. منظمات حرفية:
o American Society of Clinical Hypnosis (ASCH).
o British Society of Clinical Hypnosis (BSCH):
واقرأ أيضًا:
العقاقير واضطراب القلق المعمم أ.ق.م2 / العلاج النفساني: العلاج السلوكي المعرفي ع.س.م3 CBT