فهم العلاقة ما بين النتيجة والسبب, واضطراب الحياة واشتداد الخطوب, يستدعي البحث المحايد للعلاقة ما بين النتيجة وما أدّى إليها وحققها. هذا الموضوع يتحقق إغفاله في الواقع الثقافي العربي, وتطغى عليه الأحكام المسبقة والاقترابات العاطفية الانفعالية المتعسفة, وتخيم عليه التفاعلات المنحرفة الداعية لتبرير ما فيها من الغايات والتطلعات المشوهة, مما يؤدي إلى التعمية والتغفيل والتضليل الغاشم. وحتى في البحوث المعرفية اقرأ المزيد
المفهوم الأخلاق يمكن وصفها بأنها منظومة قيم تحقق الخير وتطرد الشر، كالعدل والحرية والمساواة وغيرها، وهي من الآليات البقائية التي أدركها البشر وبموجبها وجدت الأديان. وهي المعيار الفارق ما بين الخير والشر في معادلة الحياة، فكلما زادت الأخلاق رجحت كفة الخير وكلما قلت أو غابت رجحت كفة الشر، ولا يوجد سلوك أو موقف في الحياة لا يتصل بالأخلاق ومقدارها فيه، ووفقا لهذا الاقتراب فإن الأخلاق هي الجوهر والأساس، وكل شيء آخر يأتي بعدها. ولهذا فيصح القول: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا" اقرأ المزيد
المفهوم القاصر للمعاصرة والتقدم هو أن ننسى ذاتنا وننقطع عن أسس كينونتنا ومعالم وجودنا الثقافية والتراثية، ونعيش عالة على الآخرين فنستورد منهم ما يحلو لنا ونتوهم بأنه منا. فهل قدم الشعر النثري والحر ما يغني ويثري ويبني ثقافة إنسانية ذات قيمة حضارية؟ وهل تمكنا من كتابة الملاحم الشعرية المتفوقة على قصائد الشعر العربي بقصرها وطولها؟ إننا نسمي النثر شعرا، وما أدركنا لماذا كتب الآخرون بلغاتهم الشعر بهذه الصيغ التي حاولوا بها أن يخرجوا اللغة من ضعفها ومحدودية قدراتها الشعرية. اقرأ المزيد
هل أن أدمغتنا تمتلك الأهلية اللازمة للتفاعل مع الحياة المعاصرة، أم أنها مبرمجة وفقا لآليات خارجة عن زمانها ومكانها؟! الجريان قانون الحياة والدوران دستورها، وما بينهما تتجدد الأحوال وتتبدل وتتغير، وتكون الموجودات مرهونة بالتفاعل مع معطيات عصرها لكي تبقى. ولهذا فإن الدماغ يختلف عن باقي أعضاء الجسم، ويمتلك قدرات تكيفية وآليات ترابطية تتشكل وفقا لموروثها المعرفي ومؤثراته اقرأ المزيد
نمطية تفكير وإدراك عاصفة في أجيال المجتمعات المتأخرة، وتتلخص بالانصفاد بلماذا، فلا تعرف هذه المجتمعات غير لماذا؟ فهي تتساءل: لماذا تأخرنا؟ لماذا تحطمنا؟ لماذا نعتمد على غيرنا؟ وهذه اللماذا تأخذ الأجيال إلى تداعيات ماضوية ماحقة، لأنها ستدفعهم إلى ما هو سهل وبسيط، فتجدهم يعللون الحالة التي يتساءلون عنها بأسباب ماضوية، وهذا يعني أنهم لا يمكنهم تغييرها لأن الذي مضى لا يمكن تغييره، مما يؤدي إلى الاستسلامية والقنوطية وعدم إعمال العقل في صناعة الحياة بحاضرها ومستقبلها. اقرأ المزيد
الكلمة مشتقة من "لماذا" وتعني الذين يمعنون بالتغني بلماذا ويتركون الحبل على الغارب ويحسبون أنهم قد وجدوا حلا للمشكلة. فهم لا يعرفون سوى طرح أسئلة لماذا. لماذا تأخرنا؟ لماذا الفقر يدوم؟ لماذا الجهل مستوطن؟ ألف لماذا ولماذا والجواب واحد, يتلخص بما مضى وما انقضى. ولا يوجد مَن يسأل, كيف نتقدم؟ كيف نتعلم؟ كيف نكتفي زراعيا؟ كيف نصنع؟ فهذه الأسئلة محرمة ولا يجوز طرحها في واقعنا, اقرأ المزيد
الواقع العربي محكوم بالأموات، ولا يوجد أثر للأحياء فيه، ولهذا فهو يؤكد آليات الموت ويترجمها بحرفية واضحة. فكأننا لا يوجد عندنا أحياء يفكرون ويجتهدون، وإنما أمواتنا هم المتحكمون بالحاضر والمستقبل، ويدل على ذلك ما يسود في الإعلام وخطب القادة والحكام، فجميعهم إلا فيما ندر يتكلمون بلسان الأموات ويعبرون عن رؤاهم وأفكارهم وتصوراتهم، التي عفى عليها الزمان وأغبرها المكان. وهذه علة العلل ومعضلة المعاضل والعقبة الأشد التي تحول بين العرب والحياة. الذين يمثلون الدين ينقلون عن الأموات، والإعلام تسود فيه إرادة الأموات، اقرأ المزيد
الشر صناعة كأي صناعة يتم استحضار موادها الأولية وعناصرها المساعدة ومهندسيها وبناء المصانع اللازمة للإنتاج بالجملة، وما أن تبدأ صناعة الشر فإنها لا تتوقف وتتطور وتكون لها مصانع فرعية في أصقاع الدنيا. وصُناع الشر مهرة خبراء ذوي تجارب متكررة بهذه الصناعة السيئة، لكنها تحقق مصالح دولهم وتطلعات حكوماتهم التي تريد الاستحواذ على القدرة الأرضية. ولا توجد شرور مصنعة في المجتمعات المتأخرة من قبل أهلها، وإنما الأشرار يتحقق تصنيعهم وتصديرهم إلى مجتمعاتهم. فالشرور التي عصفت في العديد من المجتمعات مصنعة ومجهزة بآليات التعبير عن الشر في مواطنها، ويتم رعايتها وصيانتها وتأهيلها وتزويدها بالطاقة اللازمة لاستمرارها، فهي لا يمكنها أن تتواصل من غير إدامة وإعالة كاملة تكفل لها البقاء والنماء. اقرأ المزيد
الواقع العربي يعيش معضلة التكرار الوخيم المهيمن عليه منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر وحتى اليوم، فلا جديد فيما يطرحه المفكرون العرب، وإنما هو إعادة تفسير بأساليب ومفردات أخرى، وينحشرون في زوايا "لماذا" التي تأخذهم إلى ذات الأجوبة، وإن ظهرت بلباس آخر. فلو قرأنا للمفكرين العرب في القرن العشرين وفي عصرنا الحالي، لتبين لنا أنهم يجيبون على جميع الأسئلة بجواب واحد مشترك بينهم جميعا - إلا ما ندر وشذ منهم، وهؤلاء يحارَبون ويتم إقصاؤهم- وما استطاعوا الإتيان بحل اقرأ المزيد
مجتمعات الدنيا تتعلم وتزداد خبرة وتستجمع طاقاتها وقدراتها فتتقدم، ومجتمعاتنا تتعمم فتنكمش وتتهدم، وتندحر في أقبية الغابرات، وتمعن بالضلال والبهتان والتبعية والخنوع والهوان. فلماذا لا تتعلم مجتمعاتنا؟ من الواضح أن سيادة الأصوليات بأنواعها تسبب ومنذ زمن بعيد في تعطيل العقل ومنعه من الاستعمال والتوظيف، بل أن موضوع تفعيل العقل أصبح من الممنوعات والمحرمات، والبعض يحسبه كفرا ويرجم أصحاب العقل بالإجرام وبالزندقة والخروج عن سكة السمع والطاعة، والإذعان لإرادة الكرسي المنان. وفي العقود القليلة الماضية تغيرت أحوال وتبدلت موازين قوى وانهارت آليات حكم وأنجبت دولا منبثقة عنها، اقرأ المزيد