أنجدوني مما أنا فيه يا أطباء!!
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا يونس عياط من الجزائر عمري 16 سنة وأنا مقبل على شهادة الباكالوريا إن شاء الله تخصص علمي، لدي من المؤهلات ما يمكنني أن أصبح بذلك سيد المتفوقين إلا أن مشكلة واحدة تنّغص علي معيشتي وتدمر كياني يوما بعد يوم حتى أنني لا أجد تفسيرا لمثل هذا المرض اللعين الذي يدعى وبكل أسف "اختلال الآنية"
إنني وبكل صراحة عبارة لا أجد ما أقول، فأنا في حيرة من أمري بل إنني أحس أنني منفصل عن الواقع وكأنني في حلم أو في مسلسل بطله أنا ولا أجد كلمات معبرة لتشخيص حالتي التي تزداد يوما بعد يوم، حتى أنني صرت أشك بوجود الماضي وكأنني أعيش في لحظة واحدة فقط بل حتى أشك أنني لا أرى مثل ما يرى الآخرون مع أن الشيء هو نفسه إلا أنني بدأت أشك في نظري وفي سمعي وبل في وجوديتي، لا أبكي من خشية الله مثل السابق وتارك للصلاة وجليس للمواقع الإباحية ومهووس بالجنس والشعور كأنثى (النرجسية)،
أرى بعيني هاتين جمال المنظر وبهائه الأخضر لكنني أشك فيه إن كان موجودا أم لا؟؟؟ بل أشك في وجودية الله سبحانه وتعالى!!!!! وأشك في حقيقة الآخرة والموت كنهاية للحياة!!! فأصبحت كما ترون أشك في مسلمات قد اتفق العالم والجاهل والسليم والمجنون عليها!!! فأنا قد تعبت والله قد تعبت من هذا المصير الذي أعيشه فلا أعترف بالأمل والرجاء لأن الأمل انقطع عن هذه النفس التي صرت أكرهها أكثر من كرهي لأعدائي وأصبحت أشك في وجود البحر والشجر والبشر حتى الذين أراهم في التلفاز!!!
تخيلوا ألهذه الدرجة يوصل بهذا المرض إلى أن يجعلني أشك حتى في البصر؟؟؟ ذاك خطئي لأنني لم أبني شخصية اسمها يونس بل كنت أعتبر نفسي دوما ممثلا في مسلسل لا وجود له أصلا وهذا قبل إصابتي بالمرض اللعين أعاذكم الله منه كما أن تعرضي لاغتصاب جنسي من قبل ابن عمتي ومن ابن أخت زوج شقيقتي في سن 6 سنوات أفقداني طعم الحياة الطموحة التي لطالما رسمتها أنا وأبي المسكين بأن أكون طبيبا والذي هو أبي لن يقدر على تحمل تكاليف علاج لي في مصر إذا طلبتم مني ذلك،
فإن نفسيتي تعبة والله لا أستطيع حتى سماع الضجيج ولا حتى مقابلة الناس وأخشى على نفسي بالسقوط في الثانوية فبالله عليكم هل هناك حل جذري لمشكلتي؟؟؟ أهل هو عصاب أو اختلال آنية أو وسواس قهري؟؟؟
أشكركم جزيلا على توفير هذه المساحة لطرح مشاكلنا على أمل أن نشفى وعلى أمل أن تنالوا ثوابكم
وفقكم الله
المعذب يونس عياط
21/9/2014
رد المستشار
أشكرك "يونس" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، ولجوئك إلينا لنشاركك مشكلتك ونساعدك بإذن الله في إيجاد حلول لها، كما أود أن أُحيي فيك تلك الروح الطيبة التي لمستها فيك والمتجلية في رغبتك البالغة في إصلاح الأحوال، لأنه إذا لم تكن لديك هذه الرغبة بالإصلاح ما كنت لجأت إلينا، ولم تسعى لمعرفة حالتك وتشخيصها باضطراب الآنية فيبدو أنك توصلت إلى هذا التشخيص من الرجوع لمتخصص أو بحثك وقراءتك حول الأعراض التي تشعر بها، وكلا الاحتمالين يشير إلى أنك شخص إيجابي يسعى لمعرفة ما يعتريه من أحاسيس وأعراض وأسبابها وكيفية مواجهتها، بادئ ذي بدء أذكرك بقول الله تعالي: {الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ}[الرعد :28].
فاختلال الآنية هو فقدان الشعور بالذات وأن تشعر بأنك وكأنك في حلم وفقدان الوعي بالذات وهو شعور مزعج وكأنك تراقب نفسك من بعيد وكأنك دميه والناس حولك دمى وكأن الدنيا كذبة أستغفر الله والعالم والناس دمى تحس وأنك تراقب أنفاسك تحركاتك وكأنك شخصين في شخص واحد وغالبا يأتي بعد الهلع والصدمات النفسية أو الخوف الزائد عن الحد، وأنت أشرت في مشكلتك أنك تعرضت لاغتصاب جنسي من قبل ابن عمتك ومن ابن أخت زوج شقيقتك في سن 6 سنوات أفقدك طعم الحياة الطموحة، وقد يكون كبتك الشديد لمشاعرك المؤلمة تجاه هذا الحدث الصادم، جعلك تجد ملاذك في الهروب من الواقع ونكرانه، وتشك في كل شيء بصرك سمعك حتى تشك في وجود الله والآخرة.
وأحب أن أوضح لك أن هناك العديد من الأعراض الإكلينيكية والتشخيصية لحالتك ويتم التشخيص بوجود عدة أعراض منفصلة مثل إحساس الشخص المصاب بـ:
• تغيرات جسدية.
• ازدواجية الإحساس بالنفس كمشاهدته لنفسه وقائم بالأفعال في ذات الوقت.
• إحساسه بكونه معزولاً أو مفصولاً عن الآخرين.
• إحساسه بكونه معزولاً عن مشاعره الداخلية.
• دائمًا ما يشعر المريض بصعوبة بالغة في التعبير عما يشعر به معبرًا عن ذلك ببعض من الجمل مثل: "أنا حاسس إني ميت، لا شيء يبدو حقيقيًا، أنا واقف خارج نفسي، أنا بشوف نفسي، أنا أراقب نفسي".
وكذلك هناك مشابهات المرض:
• الحالات العصبية: وتتضمن أورام المخ، الصداع النصفي، مرض مينيير، بعض الاضطرابات الميتابوليزمية بالمخ.
• كواحدة من أعراض تسمم أو انسحاب بعض المخدرات.
• ومن الممكن أن تكون مصحوبة ببعض الاضطرابات الأخرى مثل: الرهاب، قلق ما بعد الصدمات، اضطراب القلق الحاد، الفصام، الاضطرابات الانشقاقية الأخرى.
• ولذلك فالفحص الطبي العصبي الجيد في مثل هؤلاء المصابين يحمل أهمية بالغة لتحديد سبب الاضطراب مع إجراء بعض الفحوصات مثل:
1. رسم المخ.
2. تحليل المواد المخدرة.
الأسباب:
* أسباب نفسية : وهذه الحالة من الانشقاق (اضطراب الإنية) تحدث في نسبة كبيرة من الأسوياء ذكرت بعض الأبحاث أنها تصل إلى 70% ولكنها تحدث بصورة عابرة ومؤقتة خاصة إذا كان الشخص مجهدا أو مسافرا إلى مكان غير مألوف, ثم سرعان ما يستعيد وعيه بذاته الأصلية مرة أخرى، وتحدث في بعض الناس بشكل أكثر شدة وإيلاما ولفترة قد تصل إلى أسابيع أو شهور في صورة اضطراب انشقاقي نتيجة صدمة نفسية أو قلق أو اكتئاب أو حرمان حسي. وقد تحدث في بعض حالات الفصام.
* أسباب عضوية: مثل حالات الصرع, أو ورم في المخ, أو اضطرابات الغدد الصمّاء, أو تعاطى بعض المواد المؤثرة في المخ مثل الكحوليات والباربيتيورات والبنزوديازيبين والحشيش والمهلوسات وغيرها آلية حدوث المرض : (السيكوباثولوجي أو الإمراضية النفسية) قد تفسر الأعراض بحدوث تغير في الناقلات العصبية في المخ مما يؤدي إلى اضطراب الإدراك وهذا هو التفسير الكيميائي الأقرب والأبسط وهناك تفسيرات نفسية دينامية مثل :
1. تضخم الذات الوالدية على حساب ذات الطفل وذات الراشد (طبقا لنظرية التحليل التفاعلاتي لإريك برن) وهذا من آليات حدوث حالات الاكتئاب وما يصاحبها من تغير الإدراك طبقا لقوانين هذه الذات الوالدية المتضخمة
2. الانتقال (بسبب الصدمة النفسية) من مستوى معين في المخ إلى مستوى آخر (طبقا للنظرية التطورية), وهذا المستوى الجديد يدرك الذات والأشياء بشكل مختلف
3. فرط استخدام الدفاعات النفسية يؤدي إلى تشويه الإدراك أو تغييره أو جعله مشوشا ضبابيا.
العلاج:
إلا أنه ليست هناك طريقة علاج معتمدة لأعراض اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع، وما يحدث في أكثر أحوال الممارسة العملية للطب النفسي هو أن الأعراض تعالج كجزء من الاضطرابات النفسية المصاحبة غالبا كالوسواس والقلق بأنواعه والاكتئاب،
ومن الممكن أن يستجيب بعض المرضى لمجموعات الأدوية النفسية المختلفة مجتمعة مع بعضها مثل مضادات الاكتئاب، مضادات الذهان، مضادات الصرع، وليست هناك طريقة علاج معتمدة لأعراض اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع وإنما أفرزت كل مدرسة علاجية بعض المحاولات، ويمكن استخدام بعض وسائل العلاج النفسي مثل:
• العلاج المعرفي.
• العلاج المعرفي السلوكي.
• العلاج النفسي الدعمي (بالدعم).
• العلاج بالتنويم.
• إزالة مسببات المرض.
• تعليم المريض تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة.
والجمع بين طرق العلاج بالعقَّاقير والعلاج المعرفي السلوكي يعطي أفضل النتائج مع مراعاة أهمية مناسبة الخطة العلاجية والخيارات العقَّارية لكل حالة على حدة.
وعلاج هذه الحالة بعلاج سببها فمثلا إذا كانت ناتجة عن قلق أو اكتئاب يتم علاج هذه الاضطرابات, أما إن كانت نتيجة اضطراب عضوي كما ذكرنا فهنا يتم علاج هذا الاضطراب بالوسائل المناسبة له. أما بالنسبة لحالتك يا أخ يونس على وجه الخصوص فيتضح من بداية المرض ومساره أنها نتجت عن صدمة نفسية أثارت حالة من القلق وزاد عليها أعراض اكتئابية فيما بعد نتيجة لاستمرار هذه المشاعر المؤلمة.
ولهذا فأنت تحتاج لزيارة أقرب طبيب نفسي ليصف لك بعض مضادات القلق والاكتئاب ويساند ذلك بنوع من العلاج النفسي التدعيمي لفترة قصيرة, وأطمئنك بأن هذه الحالة تستجيب للعلاج بشكل جيد, وأسأل الله لك الشفاء, وأن يجعل معاناتك السابقة في ميزان حسناتك.
اقرأ أيضاً:
عبد الفتاح وشعوره الغريب!
زملة تبدل الواقع/اختلال الإنية
الوسواس القهري واختلال الإنية
حلم ولا علم؟
اختلال الإنية والواقع فقط أم مختلط؟
جسدي وروحي وأنا وسواس الذات مشاركة
الغربة عن الذات: اختلال الإنية
من اختلال الإنية إلى رهاب الساحة
اختلال الإنية في طيف الوسواس القهري
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب