سامر واختلال الإنية : روحي أم نفسي ؟

رد المستشار

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز اضطراب الإنية أو Depersonalization والذي يعني "حدوث تغير مزعج أو على الأقل غير سار في إدراك الشخص الواعي لكيانه النفسي" هو اضطراب نفسي وليس روحي.

وأما بالنسبة لسؤالك الثاني بأنه هل عصابي أم ذهاني فهو ليس ذهانيا لأنك تدرك أن ما يحصل لك من اغتشاش في الوعي هو مرض بالإضافة إلى أنك لا تشعر بواقعية أمور غير واقعية. فما تمر به من أعراض تشعرك بالضياع أو إحساسك بأن الأشياء غير واقعية وأعراض عديدة أخرى بما أنك تدرك بأنها أعراض غير سوية فإنها ليست ذهانية. بالإضافة إلى أن اضطراب الإنية أساساً لا يصنف من ضمن الاضطرابات الذهانية.

وأما بالنسبة لمكان المرض فالاضطرابات النفسية جميعها بخلاف الاضطرابات الجسدية ليس لها مكان معلوم. ففي الأمراض الجسدية أنت تصاب مثلا بالتهاب القولون إذاً مكان المرض هو القولون وغيره من الأمراض الجسدية ولكن في الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو الوسواس لا يوجد "عضو" معين هو المريض بحيث نستطيع أن نوجه العلاج لهذا العضو بالذات.

للإجابة على السؤال الرابع حيث سألت: هل يوجد من شفي من المرض أم هو مرض مزمن يجب أن أقول أن هناك نوعين من اضطراب الإنية:
اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع الثانوي Secondary Deperonalisation-Derealization : وهو الذي يظهر كعرض مرحلي غالبا ضمن أعراض القلق أو الاكتئاب أو الخوف الشديد أو الكرب وغير ذلك من الاضطرابات النفسية والكروب الحياتية، ولأن وصف العرض صعب في ذاته أو يتم التعبير عنه بطريقة غير مفهومة فإن الاهتمام عادة ما ينصب على أعراض الاضطراب أو الحدث الحياتي الكربي، والعلاج في هذه الحالة هو علاج الاضطراب أو المشكلة الأولية والتي يعتبر اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع عرضا ثانويا لها.

- اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع الأولي Primary Deperonalisation-Derealization : وهي الحالة التي توجد فيها الأعراض دون أي علاقة باضطرابات نفسية سابقة عليها، وتبقى شكوى المريض الأساسية كلها في نطاق اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع، وما تزال الفكرة الشائعة عنه أنه نادر حتى أنه يرد في كتاب دليل منظمة الصحة العالمية لتصنيف الاضطرابات النفسية: (وعدد المرضى الذين يعيشون هذا الاضطراب في شكله النقي أو المعزول قليل والأكثر شيوعا، هو أن تحدث ظاهرة تبدد الشخصية ـ تبدل إدراك الواقع في سياق أمراض اكتئابية والاضطراب الرهابي والاضطراب الوسواسي القهري)

العلاج في النوع الثانوي يكون بعلاج الاضطراب الأولي يعني لو حدث بسبب القلق فالعلاج هو معالجة القلق في الأصل وأما في النوع الثاني والذي يبدو أنك تعاني منه حيث شرحت بأنك لا تعاني من أي اضطراب نفسي أو جسمي آخر فالعلاج يتركز على علاج اضطراب الإنية وهناك بالطبع من تشافوا من هذا الاضطراب بالعلاج النفسي والدوائي معاً.

أسباب المرض حيث سألت عنها في سوالك الخامس تختلف حسب نوع اضطراب الإنية فإذا كان من النوع الثانوي فالسبب هو الاضطراب الأساسي وقد يكون بسبب استعمال المخدرات أو أمراض عصبية مثل الصرع بأنواعه المختلفة.
وأما إن كان من النوع الأولي فالمسبب الدقيق ما زال مجهولاً كما هو الحال مع أغلب الامراض النفسية وحتى الجسدية فما زال العلم لم يكشف عن السبب اليقيني للسرطان مثلاً . ولكن الشائع هو أن اضطراب الإنية كباقي الاضطرابات الانشقاقية تحصل نتيجة تعرض الشخص لصدمة نفسية عميقة مثل مشاهدة مشاهد عنيفة في الحرب أو جريمة أو تعرضه للعنف أو التحرش الجنسي أو تعرض شخص قريب له لهذه الأحداث وإذا كنت تعيش في العراق والعراق تمر بحروب أهلية مؤلمة وتسمع بالتأكيد يومياً عن كوارث بشرية أو أحداث عنيفة فربما تكون الحرب هو سبب إصابتك بهذا الاضطراب.

وأما بالنسبة للسؤال السادس فالإجابة هي لا وكما شرحت في إجابة السؤال السابق أسبابه مختلفة جداً.
بالنسبة لوجود دواء معين لعلاج هذه الحالة فلا يوجد دواء معين لهذا الاضطراب خصوصاً إذا كان من النوع الأولي أما لو كان من النوع الثانوي فالأدوية تعالج الاضطراب الأساسي مثلا إذا كان مصاحبا للوسواس فالأدوية تعالج الوسواس.
فالعلاج الأمثل لاضطراب الإنية هو العلاج النفسي بأنواعه المختلفة وقد وجدوا أن العلاج الإبداعي Creative therapies مثل العلاج بالفن أو الموسيقى وكذلك العلاج بالهيبنوتيزم مفيد لهذا الاضطراب.

تمنياتي لك بالشفاء العاجل

المستشار: أ. زهـراء حسين الموسوي