الفشل يلاحقني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولاً: أشكركم على هذا الموقع الرائع والمفيد
مشكلتي تتلخص في أنني أشعر بعدم القدرة على تحمل المسؤولية واستمرار الفشل في مشوار حياتي
بداية الشعور بالمشكلة كانت بعد الثانوية العامة حينما التحقت بكلية تبعد حوالي 350كيلو متر عن مقر إقامتي واضطررت للالتحاق بناءً على تنسيق الدرجات، منذ ذلك الوقت ولم أستطع أن أتحمل الغربة يوماً واحداً وكنت أبكي في سكن المدينة الجامعية يومياً وأتصل بأهلي في اليوم أكثر من ثلاث مرات وأريد أن أترك الكلية وأذهب إلى بلدي، أو على الأقل ينتقل معي أهلي إلى مكان كليتي وكان هذا مستحيل بالطبع، رغم أن معظم زملائي الذين كانوا معي استطاعوا أن يتخطوا هذه المرحلة بنجاح واستقروا في المدينة الجامعية وكانوا يقيمون بها شهر أو أكثر ويغادرون لبلدانهم يومين أو ثلاثة أيام شهرياً لقضاء إجازتهم ويستطيعون المذاكرة والتركيز في المحاضرات والحصول على تقديرات والاستمتاع بحياتهم بطريقة عادية دون إحساس بغربة، لكن كنت أنا دائم الحزن وأحياناً البكاء ولم أستطع أن أواصل أكثر من أربع أيام وأسافر لبلدتي أظل أسبوع أو أكثر وأعود لكليتي على مضض ومن غير قابلية لأقضي 4أيام أخرى أو أكثر قليلاً وأحياناً أقل وأعود لبلدتي، رغم أن ظروفنا المادية كانت صعبة جداً فكنت أقوم بتوفير جزء من مصروفي ولا أشترى ملابس جديدة ولا آكل في مطاعم كي أوفر فلوس الموصلات فقط، كان هذا كل ما يعنيني، وكان أصدقائي يلقبوني ب "أبو الكآبة" لأنني كنت دائماً حزين...
بالطبع فشلت في دراستي ورسبت سنة وتخرجت من الكلية بنجاح لا يُشرف..
اكتشفت بعد ذلك أن مشكلتي هذه لم تنتهي بل حتى في عملي بعد الكلية، كنت أبحث عن عمل بسيط وليس شاق وقريب من بلدتي كي أذهب وأعود لبلدتي في نفس اليوم وطبعاً لم أجد واضطررت أن أعمل بمحافظة بعيدة وللأسف عملت في أكثر من وظيفة ولم أستقر إلا شهور قليلة في كل الوظائف لسببين أساسيين هو كرهي للغربة والبيات بعيد عن أهلي وعدم تحملي ضغط الشغل، خصوصاً لو أساء لي مديري أو عاملني بشدة أو أظهر لي فشلي في عملي، وكنت بالطبع وبدون مبالغة شبه فاشل في كل وظيفة ليس لأنني غبي بالعكس أنا أعرف أني ذكي ولكني لا أحب العمل تحت ضغط نفسي إطلاقاً ولا أتحمل بعدي عن قريتي وأهلي وأصدقاء الطفولة وجيراني ...
استمرت المشكلة طويلاً ولم أستقر في عمل إطلاقاً ولأن ظروفي المادية كانت صعبة فكان لابد لي من أي حل...
ظننت أن الحل في الغربة خارج مصر، وأنها سوف تقوي شخصيتي وترغمني على الاستقرار وتحمل الصعاب، وبالفعل سافرت للإمارات العربية المتحدة في عقد عمل ولكن للأسف شعرت بنفس ما كنت أشعر به في مصر في العمل بل أصعب وأشد وكنت أبكي دائماً لأهلي هاتفياً ولأصدقائي في العمل وأطلب الرجوع إلى مصر، وبعد محاولات من أهلي أن أتحمل الوضع لأنني رجل وسأتزوج وسيكون عندي مسؤوليات و... ، لم تفلح محاولاتهم وبعد فترة صغيرة في الغربة لم أستطع التحمل وغادرت وعدت إلى مصر وللمرة الثانية بحثت عن عمل في شركة ولم أُكمل 3 شهور فيها وتركتها لنفس الأسباب وتكرر هذا الأمر في شركات أخرى، وظللت على هذا الحال طويلاً ومازلت للأسف، وبعد فترة تزوجت رغم ظروفي المادية الصعبة جداً وها أنا الآن لدي ولد (طفل) وأعتقد أن وجوده في حياتي سوف يجبرني على تحمل العمل لتوفير حياة كريمة له،
ولكني للأسف مازلت أعاني من نفس المشكلة وطبعاً سبب لي ذلك خلافاً مع زوجتي واتهامات لي بأنني لا أتحمل مسؤولية و .....
ساعدوني، وأرشدوني إلى حل يغير من طباعي السيئة وخوفي وعدم تحملي لأي ضغط نفسي أو مجهود بدني أو غربة داخل بلدي أو خارجها حتى
آسف على الإطالة وشكراً لكم .
23/5/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم
لياقتنا النفسية مثل لياقتنا البدنية تحتاج لتمارين الإحماء والتحمل والتمدد والبناء وكل عثرة في الحياة تمرن عضلاتنا النفسية على التحمل والليونة فنكتسب خبرات توسع من أفقنا ووعينا إذا ما تعاملنا معها بالشكل الصحيح أنت لم تعطي نفسك الفرصة الكافية للتمرين فصادرت على نفسك الحكم بالفشل استناداً إلى خبرة سابقة
وأقسى الأحكام هي ما نصدرها عن أنفسنا فمن سيؤمن بك وبقدراتك ما لم تفعل أنت، فما بداخلك تُصدّره للخارج ... عدم تكيفك مع الغربة ليست مقياساً فليس كل الناس تستطيع أن تتحمل هذه التجربة ولكن أن ألزم مكاني وأقيد نفسي بحدود مكانية معينة هو ما يحتاج لوقفة،،، أقدر حاجتك للأمان والونس الذي توفره لنا دوائرنا الصغيرة فنفضل المكوث في الـ comfort zone الخاصة بنا ولكن هذا ليس صحيح فصقل نفسك وخبراتك يقع خارج هذه المنطقة وهذا ما منعت نفسك منه ففاتتك خبرات كثيرة كانت كفيلة برفع لياقتك النفسية.... عدم استمرارك في الشغل يخفي وراءه الكثير فأنا أرى أنك بحاجة لجلسات علاج نفسي للتقييم وغلق الباب في وجه الاكتئاب ومعتقدات العجز حول نفسك التي عطلتك كل هذه السنين وهذا أمر سهل وليس عسير
أخي الكريم أنت لست عاجزا أنت قادر فقط أعطي نفسك الفرصة ولا تخشى شيئاً ستكتشف في نفسك قدرات لم تكن لتتخيل أنها بك ولكن الحقيقة أن الله ميز كل فرد منا بشيء لا يشبهه فيه أحد فبحث عن انفرادك وتميزك وكف عن وضع نفسك في كفة الميزان الناقصة.
واقرأ على مجانين:
متاعب شاب . أم تفكير نكدي؟ مشاركة
فشل في فشل: تفكير نكدي
التفكير النكدي