مشكلتي في التعامل مع الناس
السلام عليكم.. أتمنى إني ألاقي الحل عند حضراتكم وأتمنى إنكم تفيدوني. دلوقتي أنا مشكلتي باختصار إن أنا انطوائية ومش بعرف أتعامل مع الناس ولا بعرف أكوّن صداقات. وكمان حتى لو كوّنت مش بعرف أحتفظ بيها. الناس بتتغير معايا من غير سبب. أفتكر إن الموضوع بدأ معايا من وأنا صغيرة إني مكنتش بخرج كثير وإن إخواتي اللي أكبر مني كانوا دائمًا يمنعوني أقول رأيي أو أعبر عنه ودا خلاني أخاف أتكلم، أخاف أتعامل وبخاف كمان أعبر عن رأيي.
في أوقات كثيرة أتعرض للتنمر من أشخاص كانوا بيمسكوني من نقطة ضعفي دي ودائمًا يغيظوني بكم الأصدقاء وكم المحادثات على "الواتس آب" والحاجات دي. دايما بسمع صوت داخلي جوايا بيلومني على كل حاجة بتحصل في حياتي وبيقول لي قد إيه أنا فاشلة وشخص وحش وكلام من ذا بس أنا مش عارفة الموضوع بدأ معي إزاي. مش معقول كل الناس دي وحشة وأنا اللي غلط. مش عارفة أنا إزاي بشوفهم تافهين ولئيمين مش طيبين وأشرار بيخافوا من الحسد بيخافوا اللي قدامهم يكون أحسن منهم لدرجة إن أنا مثلًا ممكن مش بكون فاهمة حاجة ما يرضوش يشرحوها مع إنها حاجة بسيطة.
كمان بحس إن بين كل شلة أنا أعرفهم واحدة، ودة بيحسسني إن أنا مش بنتمي لحد. وأغلب الوقت بكون لوحدي. كمان إن أنا انصدمت في ناس كثير كنت فاكراهم كويسين بس طلعوا أشخاص سيئة جدًا وذا خلاني طبعًا أشك في كل اللي حواليا بجد حاسة كمان أنا جسمي ضعيف إن شكلي يدّي أصغر من سني بكثير ودة يخلي كل الناس مستهترين بيا عشان أنا مؤدبة ممكن أشوفهم مع بعض بالشتيمة والضرب أنا مش بحب قله الأدب في المعاملة غير إن أنا مثلًا بيقولوا لي دائمًا الكلمة دي: "إنت طيبة" حتى الناس اللي ما تعرفنيش كويس بتقول الكلمة دي: "إنتي طيبة قوي" أخويا بيلومني إن أنا دائمًا مع أختي التوأم في كل حتة ودة اللي مخلينا إحنا الاتنين كدة وإننا لازم ننفصل عن بعض. أنا بقول إن أنا مثلًا لو نزلت شغل أو جمعية خيرية أو تدريب أو ترتيب تبع دراستي ذا ممكن يساعدني شوية. طب هو ذا حل ولا إيه من فضلكم ساعدوني
ذا غير كمان الخلافات التي تظهر مع إخواتى لأني بكون عايزة أعبر عن رأيي هم عايزين يفرضوا دائمًا مش بقول إنهم وحشين بالعكس هما بيحبوني جدًا بس بتضايق منهم إن كل مشكلتهم في الحياة إني مش بسمع كلامهم ومصاحبين ناس من سني بيعاملوهم طبيعي وبيقولوا إن دماغهم كبيرة وأنا دماغي صغيرة عشان مش بسمع كلامهم. ماما تقعد تقولي عشان مزعلش: "اهتمي بنفسك البسي كعب حطي كحل ماسك بيفتح." أنا عارفة دة قصدها بس مش قادرة أمنع نفسي إن دة نقص إني قصيرة إني سمراء وكده.
علاقتي بوالدي أنا وإخواتي مش كويسة أوي لأسباب كتيرة ملهاش دعوة بالموضوع ذا بحس دايمًا بالحزن والضغط من حاجات كثير عملت إيذاء النفس قبل كدة، وحاولت أنتحر مرة قبل كده وفشلت دائمًا بتجيلي أفكار انتحارية مش عارفة أتخلص منها إزاي دة غير كمان أنا أوقات كثير أفضل أن أكون لوحدي دا مش كل مشكلاتي بس جزء منها.
أتمنى أن ألاقي عند حضراتكم حل
أرجوكم ساعدوني.
22/1/2020
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة "رقية" حفظها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك - ابتننا- في موقعك، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لك السعادة والآمال. ابنتي الكريمة: لابد من التوازن في العلاقات وفي التعامل مع من حولك، والانسان الناجح متوازن في علاقاته، يعطي كل ذي حق حقه، ونحن لا نقبل بنجاح في العلاقات على حساب راحة الانسان الشخصية، ولا بنجاح في الدراسة أو العمل يهمل بقية الأشياء والأحياء، والإنسان مدني بطبعه، لا يمكن أن يستغني عن الناس، ولا يمكن للناس أن يستغنوا عنه، والناس معادن، فمنهم الذهب وفيهم الفضة والحديد وغير ذلك، ومنهم من خلطته دواء، ومنهم من مخالطته كالغذاء، بل فيهم من خلطته مرض وداء، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، ولا مانع من أن يسأل الإنسان ربه ليغنيه عن شرار الخلق، أما بقية الناس فلابد من إنشاء علاقة معتدلة معهم، نسأل الله أن يحببنا إلى خلقه، وأن يحبب إلينا الصالحين منهم، وانطلاقا مما سبق أنصحك بما يلي:
- صادقي ولكن باعتدال، وأقيمي صداقتك وعلاقاتك وفق قواعد الشرع.
- انتخبي لنفسك الصديقات الصالحات.
- لا تجعلي صداقتك تؤثر على دراستك أو عملك، ولا تجعلي عملك يتسبب في قطع صلتك بالناس، وأعطي كل ذي حق حقه.
- أحسني إدارة غضبك، واحرصي على أن يكون غضبك لله.
- شاركي في الأعمال التطوعية، والجمعيات الخيرية، وأعمال التدريب التابعة لدراستك، هذه فكرة ممتازة، ستساعدك في التغلب على الانطوائية وتكوين صداقات وعلاقات جديدة.
- ذكري نفسك دائما بصفاتك الايجابية فأنت طيبة ومهذبة ولا تقبلي بالخطأ والتجاوز في المعاملات الانسانية، وهذا من مكارم الأخلاق.
- اصرفي عن ذهنك الأفكار السوداوية مثل الانتحار وما شابه، واعتصمي بحبل الله، واستعيذي بالله من شر نفسك، وشر وساوس الشيطان.
- تغافلي عن كلام أخوتك، ولا تحاولي رصد ما يحصل منهم، ولا تضعي في رأسك فكرة أنهم يحاولون الانتقاص من قدرك أو تقليل شأنك أو السخرية منك، هم يحبونك، ولكن ربما يسدون اليك النصيحة بطريقة تحتاج الى بعض التحسين لكي تتقبليها بصدر رحب.
أما بالنسبة لما ذكرته عن شكلك، واعتقادك بأنه عامل مؤثر على علاقتك بالآخرين، فيجب أن تعلمي - يا ابنتي - أن ربنا العظيم لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أموالنا ولا إلى أجسادنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، والرفعة عند الله للمتقين، والقبول عند الله للمخلصين، وإذا أطاع المؤمن ربه وعمل الصالحات أحبه الله ثم أمر جبريل أن يُحبّه، وأمره أن ينادي في الملأ الأعلى أن الله يُحب فلانًا فأحبوه، فيُحبّه أهل السماء، ثم يُوضع ويُلقى له القبول في الأرض، قال ربنا العظيم: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).
وأرجو أن تعلمي أنه وجد في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن لم يكن له جمال في الوجه أو الشكل، لكنهم فازوا بمحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقُربه، وما ضرَّهم تلك المظاهر التي ليس لهم فيها يد.
واعلمي أن نعم الله مقسّمة، وما وفقك الله اليه أكبر من الذي عند غيرك، فاحمدي الله على ما أعطاكي، وتذكّري أن الله قال لنبيه ولنا: {ولا تمدَّن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم} لماذا؟ {لنفتنهم فيه}، وختم الآية بقوله: {ورزق ربك خير وأبقى} يعني رزق ربك من الدين والصلاح والفلاح خير وأبقى، ومن لطف ربنا وكرمه أنه لم يجعل التفاوت بتلك المظاهر التي لا كسب للناس فيها، وإنما جعل الرفعة والقرب منه بحسب ما نفعله من طاعات وأعمال صالحات، فاخلصي النية لله في تعاملاتك مع الآخرين، وأبشري بخيري الدنيا والآخرة.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونتمنى أن ننجح جميعا في وضع العلاقات الاجتماعية في ميزان الشرع، فالناس فيها بين إفراط وتفريط، نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.