هل من الممكن أن ينتهي كابوس الهلع؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولا أرغب بشكر جميع أفراد الموقع الأطباء والمشرفين وكل من يقوم على خدمة هذا الموقع المميز. وأسال الله أن يجعلها في موازين حسناتكم.
أنا أبلغ من العمر 24 سنه، منذ ست سنوات وليلة خطوبتي من زوجي الحالي أصبت بأول نوبة هلع لي وتمثلت: بضيق شديد بالتنفس، وبانتفاضة ورعدة هزت جسدي بأكمله، وغصة، وألم بالبلعوم، وبرد وقشعريره وتعرق شديد، وفقدان السيطرة على أطرافي وشعرت بأن روحي تخرج من جسدي حتى أني كنت أقول لأهلي اتركوني فأنا أحتضر. رأيت الموت بعيني وكنت أشعر بالفزع بدرجه رهيبة. أخذني أهلي إلى الطوارئ. فقال لي الطبيب العام: إنها صدمه عصبيه ربما خوف من المسؤولية والزواج والخ..... الخ.... الخ..
ومنذ ذلك اليوم وأنا في ضيق لا يعلم به إلا الله... اكتئاب وقلق وصعوبة في النوم والبلع ذهبت إلى العديد من المشايخ للرقيه. أشعر بتحسن طفيف وقتي، ثم أنتكس وتعود لي حالة الهلع من جديد حتى أصبح وقت النوم كابوس بالنسبة لي أهرب من غرفة إلى أخرى بالمنزل أو أتسمر أمام شاشة التلفاز حتى يغلبني النعاس، شهيتي متقلبه جدا ومتوترة. لا أطيق الضوضاء. وأنزعج من كل شيء. أشعر بنوع من الاختناق بالأماكن المزحومة أو الضيقة. أخاف وقت الخروج من أن أعاني نوبة هلع فلا يدرك من حولي ذلك فلا يحسنون التصرف ولا يستطيعون مساعدتي.
رزقت بمولودي الأول واكتشفت بعدها خيانة زوجي لي فزادت حدة النوبات وأصبحت تأتيني بمجرد سماعي لقفل باب البيت حين يعود زوجي من عمله، وأصبحت تأتيني أكثر من مرة باليوم فذهبت إلى طبيبة استشارية نفسية وشخصت حالتي بـأنها اضطراب الهلع مع نسبة من القلق والاكتئاب ووصفت لي دواء (اللوسترال) نصف حبه لمدة 3 أيام ثم 50 مغ لمدة أسبوع ثم 100مغ، استمريت عليها سنه وشهرين وتحسنت كثيرا وتحسن مزاجي واختفت نوبات الهلع تماما، ولكني حملت وقالت الطبيبة بأني استطيع استخدام الدواء خلال الحمل، ولكني لم أقتنع خفت على جنيني فأوقفته من نفسي تدريجيا في الشهر الثاني من الحمل ولكن في الشهر السادس من حملي عاودتني النوبات ولكن بشكل طفيف فأهملتها وبعد ولادتي لطفلتي التي تبلغ من العمر 3 أشهر الآن عاودتني النوبات وبشكل مؤلم جدا.
أهملت أطفالي وزوجي أصبحت لا أطيقهم ولا أتحمل وجودي معهم. غثيان وإسهال ودوار طوال الوقت. أنام على سريري فأشعر وكأن روحي ستزهق فأستيقظ فزعة وأستمر على سريري أكثر من خمس ساعات بعينين مغمضتين، ولكني واعية وأفكر ماذا لو حدث لي شي من سيرعى أطفالي؟ وكيف سأقابل ربي؟ وأفكار سوداويه كثيرة، وكوابيس وشعور بالغصة، وانعدام شهيتي للأكل وتوتر وقلة تحمل وخلق وضيق حتى بالفترة الأخيرة أصبحت أهتم بموضع الانتحار وإن كنت لا أقدم على ذلك خوفا من الموت والألم إلا أن هذا الموضوع يدور في رأسي.
ذهبت إلى طبيبة أعطتني طريقة التنفس العميق والاسترخاء والنمطيات منذ أسبوع ولكني لم أتمكن من ممارستها وقت النوبة لشعوري بالخوف الشديد فاستخرت الله وقررت معاودة أخذ الدواء من جديد، فذهبت إلى طبيبتي القديمة فوصفته لي مرة أخرى على أن أقوم باستخدامه مع العلاج المعرفي والسلوكي جنبا إلى جنب، ومع ممارسة الرياضة. وقالت: بأني أستطيع إرضاع طفلتي بشكل طبيعي مع استخدام (اللوسترال) إلا أنني فضلت إيقاف الرضاعة والبدء باستخدام الدواء من جديد. فهل ما قمت به يعتبر هو الحل الأمثل؟؟
وهل هناك نهاية لنوبات الهلع بحيث أعود لممارسة حياتي بشكل طبيعي وأنام بشكل جيد دون الشعور بالتشاؤم والقلق والخوف المستمرين؟؟
وهل من الممكن أن أعيش براحة وأمان بإذن الله دون الحاجة إلى دواء؟؟؟
27/11/2010
رد المستشار
الأخت الفاضلة "أضواء" الكريمة؛
حياك الله في موقعكم الاستشاري الذي يقدم خدماته لمساعدة من يحتاجها وشكرا على دعائك الذي أسال الله أن يتقبله ويجعل أعمالنا خالصة لوجه.
إن الذي تعانينه من ضيق شديد بالتنفس وبانتفاضة ورعدة وغصة وألم بالبلعوم وبرد وقشعريرة وتعرق شديد وفقدان السيطرة على أطرافك والشعور بأن روحك تخرج من جسدك والإحساس بالموت المحتوم وأحيانا فقدان العقل وقد يحدث أيضا ما يحدث لك من غثيان وإسهال وقيء وغير ذلك من اضطرابات في الجهاز الهضمي والبولي وأن النوبة لا تستمر... يجعل التشخيص كما قالت لك الأخت الدكتورة اضطراب الهلع، والذي استجاب لمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية مثل الزولوفت.
ويمكن أن يصاحب اضطراب الهلع اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب والرهابات وخصوصا رهاب الأماكن الفسيحة أو رهاب السوق.
وأرى أن ذلك حدث عندك من أعراض الخوف من الخروج لوحدك ورهاب الأماكن المغلقة وكذلك أعراض الاكتئاب التي منها الإهمال لطفلك وعملك والحزن وعدم الرغبة وانعدام الشهية وغير ذلك.
يحدث الهلع عادة في العقد الثالث من العمر أي بين عمر (20-30) سنة وتكون الصدمات النفسية مسببا للمرض في كثير من الأحيان وعندك الزواج كان المسبب للحالة ويكون اضطراب الهلع ناتج عن عدة عوامل نفسية مثل عدم القدرة على التعامل مع الغضب (anger) وكذلك الانفصال الجسدي أو النفسي عن أحد الأشخاص المهمين في حياة المرء أثناء الطفولة أو الكهولة. وربما عندك الانفصال عن الأم بسبب الزواج. والتي كما قلنا سابقا يكون حدوثه ناتج عن زيادة المسؤولية الناتجة من الزواج. ويمكن إعادة تمثيل العلاقة الداخلية للإيذاء الجسدي والجنسي أثناء الطفولة أو بعدها.
والشعور المزمن المحاصر وغير القادر على التخلص من الإحباط. كما أن الحلقات المفرغة الناتجة عن العدوان بسبب رفض الوالدين الذي يؤدي إلى القلق والخوف... وهذه تؤدي إلى تصورات تدمر الرابط مع الوالدين. ويمكن أيضا لبعض الآليات النفسية الدفاعية أن تعمل مع الهلع وهي: آلية تكوين رد الفعل وعدم الاستجابة والجسدنة أي تحويل الأعراض النفسية إلى جسدية والتخريج وغير ذلك.
وكذلك هناك نظريات باوكيمياوية يمكن أن تسبب ذلك. منها النورادرينالين والغابا والسيروتونين ولذلك يستجيب المريض للأدوية التي تعمل على هذه النواقل العصبية. ويمكن أن تكون الوراثة والشخصية أيضا من أسباب المرض.
هنالك عدة علاجات كيمياوية ونفسية وسلوكية لهذا الاضطراب. فالأدوية المضادة للاكتئاب ومثبطات السيروتونين وثلاثية الحلقات والأدوية العاملة على تحفيز الغابا وغير ذلك من الأدوية. وعادة يحاول الأطباء تجنب الأدوية أثناء الحمل رغم أن تأثيرها على الحمل غير مأمون. ولذلك يمكن للطبيب محاولة العلاجات النفسية مثل التحليل النفسي والعلاج السلوكي المعرفي والاسترخاء والعلاج بالموسيقى وغير ذلك قبل القفز إلى الأدوية خصوصا في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. وإذا كان ذلك شديدا يقدر الطبيب ذلك ويستخدم العلاج بعد موازنة الآثار الجانبية مع الفائدة.
كما أن على المريض تجنب الأشياء المنبهة كالقهوة والشاي والشكولاته والبيبسي والكولا وغير ذلك.
إن ما عملته بترك إرضاع طفلك أثناء استخدام العلاج جيد كما أن الحالة المرضية هي استثنائية وأن العافية هي الأصل. ولذلك للأعراض والمرض نهاية وللعلاج نهاية. عادة نحتاج العلاج لفترة لا تقل عن 9 أشهر. أتمنى أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك متمنيا لك كل العافية.