![]() |
العصابية هي واحدة من خمسة سمات شخصية رئيسية في نموذج العوامل الخمسة (المعروف أيضًا بسمات الشخصية الكبرى)، جنبًا إلى جنب مع الانفتاح، والضمير، والانبساط، والموافقة. هذه نظرة عامة تفصيلية حول العصابية:
التعريف
تشير العصابية إلى الميل لتجربة حالات عاطفية سلبية مثل القلق، والتقلبات المزاجية، والتهيج، والحزن، وعدم الاستقرار العاطفي. الأفراد الذين يتمتعون بمستويات عالية من العصابية قد يكونون أكثر عرضة لتجربة الضغوط وقد يتفاعلون بشكل أكثر سلبية مع المؤثرات المجهدة.
الخصائص
1. عدم الاستقرار العاطفي: غالبًا ما يعاني الأفراد الذين يمتلكون مستويات عالية من العصابية من تقلبات عاطفية متكررة وشديدة.
2. القلق والهموم: ميل للقلق بشكل مفرط حول جوانب مختلفة من الحياة، بما في ذلك الصحة، والعلاقات، والعمل.
3. التقلبات المزاجية: عرضة للشعور بالحزن، أو الغضب، أو الإحباط وقد يواجهون صعوبة في التحكم في هذه المشاعر.
4. انخفاض تقدير الذات: غالبًا ما يشعرون بالشك في أنفسهم، مما يمكن أن يؤدي إلى مشاعر من عدم الكفاءة والدونية.
5. الهشاشة: أكثر عرضة للضغوط وقد يواجهون صعوبات في التعامل مع الضغوط اليومية.
القياس
تُقاس العصابية عادة باستخدام تقييمات الشخصية وهناك العديد منها أو اختبارات العوامل الخمسة الكبرى، حيث يقيم الأفراد أنفسهم على مجموعة من العبارات المتعلقة بالتفاعلات العاطفية والاستقرار.
التأثيرات
1. الصحة العقلية: تشير مستويات عالية من العصابية إلى خطر أكبر للإصابة باضطرابات القلق، والاكتئاب، ومشاكل الصحة النفسية الأخرى.
2. العلاقات: قد يعاني الأفراد الذين يتمتعون بالعصابية من مزيد من النزاعات في العلاقات الشخصية بسبب التقلبات العاطفية، مما يؤدي إلى تحديات في الحفاظ على علاقات صحية.
3. أداء العمل: قد يؤثر ذلك على أداء العمل حيث أن القلق والضغط قد يعيق التركيز والإنتاجية.
التأثيرات البيولوجية والبيئية
تحتوي العصابية على عنصر وراثي، مما يعني أن الجينات يمكن أن تلعب دورًا في الفروقات الفردية في هذه السمة. كما يمكن أن تشكل العوامل البيئية، مثل التربية والتجارب الصادمة والتأثيرات الاجتماعية، على مستوى العصابية لدى الفرد.
استراتيجيات الإدارة والتكيف
1. اليقظة الذهنية والتأمل: ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن تساعد الأفراد في أن يصبحوا أكثر وعيًا بمشاعرهم وإدارة الضغوط بشكل أفضل.
2. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): فعال في التعامل مع الأنماط الفكرية السلبية المرتبطة بالعصابية.
3. أسلوب حياة صحي: ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول نظام غذائي متوازن، والحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يحسن الرفاهية العاطفية العامة.
4. أنظمة الدعم: تطوير شبكة دعم اجتماعي قوية يمكن أن يوفر للأفراد الاطمئنان والمساعدة التي يحتاجون إليها في الأوقات العصبية.
نقاش
تعتبر العصابية جانبًا مهمًا من الشخصية يؤثر على الاستجابات العاطفية والصحة العقلية العامة. إن فهم خصائصها وتأثيراتها يمكن أن يساعد الأفراد في التعرف على ميولهم وتطوير استراتيجيات للتكيف بفعالية مع التحديات المرتبطة بهذه السمة، اختفى استعمال مصطلح العصاب أو الاضطرابات العصابية في الطب النفسي، ولكن مصطلح العصابية لا يزال ساري المفعول وهو أحد أبعاد الشخصية الخمسة.
الإنسان الذي يميل إلى العصابية يتميز بالشعور بالقلق المستمر ولا يفكر في المستقبل إلا من زاوية الخوف والتشاؤم مما ينتظره في الحياة ولا يعير اهتماماً إلى شخصيته إلا لنقاط الضعف فيها. يجد هذا الإنسان صعوبة في التمتع بالحياة ويكثر من مراجعة آلام الماضي ويتحرج من مواجهة تحديات الحاضر ونظرته للمستقبل تتم عبر نظارات غامقة.
يستعمل المعالج النفسي أحيانا مصطلح النزاع العصابي Neurotic Conflict. يعني هذا المصطلح وجود صراع بين تركيب الإنسان النفسي الداخلي وتناقض ذلك مع احتياجات الحاضر ومواجهة التحديات. لكن الاستعمال العام للعصاب عموماً يتميز هذه لأيام بالتركيز على ضعف الإنسان وعدم قابليته مواجهة الأزمات التي تواجهه وفي نفس الوقت عدم قدرته على سد احتياجاته الناقصة. بعبارة أخرى يمكن القول بأن الإنسان العصابي لا يشعر بأن هناك جودة في حياته ولا رأي له في وعيه سوى أن الحياة صعبة مشحونة بالألم.
شكوى الإنسان العصابي يمكن وضعها في عدة إطارات.
1- الإطار الأول كثير الملاحظة هو الشعور بالضعف بسبب الألم الجسدي الذي يصعب تفسيره أو الألم النفساني أو كلاهما.
2- الإطار الثاني كثير الملاحظة أيضًا هو شعور الإنسان بالوحدة وميله إلى اعتزال الآخرين وعدم بذل الجهد الكافي للخروج من عزلته وتراه كثير الشكوى من عدم اهتمام الآخرين به دون الحديث عن اعتزاله لهم.
3- الإطار الثالث الذي يحيط بالإنسان العصابي هو الحزن الذي بدوره أزمة تواجه كل إنسان ولكن في مرحلة ما يقرر الإنسان الانتقال من موقع الحزن إلى موقع جديد في الحياة. الإنسان العصابي يواجه صعوبة في تجاوز الحزن وفترة حداده طويلة الأمد وأحيانا تبدو وكأن لا نهاية لها.
الإنسان العصابي يشعر دوماً بمرارة الفشل، بل وأحيانا يحكم على نفسه بالفشل قبل الخوض في تجربة جديدة، وإن خاضها وفشل لا يراجع نفسه ويدرس مواقف ضعفه ويصدر الحكم على نفسه بالفشل التام. هذا الشعور بالفشل كثير الارتباط بالإطار الخامس الذي يحيط بالإنسان العصابي وهو الشعور بالظلم من قبل الآخرين الذين لا يمدون يد العون له ويفسر عدم نجاحه بظلم وتعسف الآخرين وأنه الضحية. الإطار الأخير الكثير الملاحظة هو فلسفة عدم جدوى الحياة فتراه يتوجه نحو أحد القطبين الأول هو العبث وعدم المسؤولية أو قطب الالتزام الصارم بالتقاليد وفرضها على الآخرين.
لكي يمضي الإنسان قدماً في حياته عليه أن ينتبه إلى عصابه ويضع جانبا نزاعه العصابي ويهمس في داخله: حان الوقت لكي أتخلص من عصابي والتمسك بالسعادة التي هي في كل مكان.
واقرأ أيضًا:
العلاج بالتنويم المغناطيسي بين العلم والدجل1 / الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية