أُمَّتُنا تَكْون، وإرادة "أَكُون" عندما تَتَجَلَّى في رُبُوعها، فإنَّها كائِنَة لا مَحَالة. والأمم التي تكوَّنت أقَلَّ من قدراتها وطاقاتها، لكنها صمَّمَت على أن تكون وتتأَكَّد في عصر الكينونة الإبداعية الابتكارية المُتَجَدِّدَة. ومن الغريب أن يستَمِرَّ مُفَكِّرُو الأُمَّة على ذات النَّهْج الذي سَلَكُوه منذ منتصف القرن التاسع عشر، وخُلاصَتُه التَّقْلِيل من شأن الأمة وتأكيد قُعُودْها وعجزها وتأخرها ودُونِيِّتَها، وما قدَّمُوا مِنْهَاجَ نهوض حضاري يتَوَافَق وعناصرها الجوهرية المُتَوَقِّدَة. وتَجَدُنا اليَوْمَ أَمَام طابور من المُفَكِّرِين والأكادِيمِيِّين الذين يَحُطُّون من قيمة الأمة ويَنْفُون دورها وقدرتها على التواصل مع عصرها وبناء وجودها الإنساني القويم. اقرأ المزيد
في العادة، نُسلم لك أيها الطبيب أجسادَنا، لكي تتفحصها، فتُشخِّص عللَها وتنفحنا بالعلاج الناجع، فهل لك أن تُسلِمنا هذه المرة عقلَك وروحَك، فتسمع منَّا ما عساه يشخِّص عللَك، وربما ظفرت ببعض العلاج الناجع أيضاً؟. في هذا النص الصغير، سأرص جملة من الملاحظات التراكمية حيالك أنت أيها الطبيب، من جهة تكوينك النفسي والعلمي والمجتمعي، ومن جهة أنماط تفكيرك ومشاعرك وسلوكك. هذه الملاحظات هي خليط، فبعضها ينتمي لذخائري التراكمية الخاصة، وبعضها الآخر استقيتها من جملة من الأصدقاء الذين راكموا ملاحظات جديرة، و اقرأ المزيد
المِصْر: الحَدُّ في كل شيء، أو الحد في الأرض خاصةً، وتأتي بمعنى الحاجز بين الشيئين... ومصر: المدينة التي تتميَّز عَمَّا حولها من البوادي، وهي الوطن الذي يعيش فيه المِصْرِيُّون... ومَصَّروا المكان تمصيرًا: جعلوه مِصْرًا فتَمَصَّر... ويُفْهَمُ من ذلك أنها تعني المدينة المعاصرة ذات الملامح الحضارية المتميزة، والتَّمَدُّن والقوة والثقافة الواسعة... ووفقًا لهذا أنشأ الخليفة عمر بن الخطاب المِصران (البصرة والكوفة)، وهما الأَمْصَار، أي المدن الحضارية المعاصرة لزمانها. اقرأ المزيد
الواقع السُلُوكِيِّ البشري لا يُسانِد ما يُسَمَّى "حوار الأديان"، فالأديان وُجِدَت على أن كلًّا منها يرى أنه الدين الأَقْوَم، ولا يُوجَد دين يَعْتَرِفُ بدين آخر غيره، ويَشُذُّ عن ذلك الإسلام الذي يعترف بديانات كِتَابِيًّة أخرى غيره (وهي لا تعترف به). الأديان تتقاتل ولا تتحاور، وتاريخها يُؤَكِّد ذلك ويَدْعَمُه بحوادث مَرِيرَة وقاسية، بل في الدين الواحد يتقاتل فيما بينهم المُنْتَمُون إليه، فأينما ذُكِرَ الدِّين حَضَر سفك الدماء!. فهل وجدتم دينًا يعترف بدينٍ غيره؟! وهل يمكنكم أن تأتوا بِمَثَل لعقيدة ما تعترف بغيرها وتتحاور معها اقرأ المزيد
عاشت أجيال الأمة أكثر من قرن من التَّضْليل والإمعان بالقول بأن تراث الأمة هو ذلك الصِّراع الدَّامِي المُتَوَاصِل حول الكراسي، والذي تم الاستثمار فيه وإلصاق الدين به حتى أَوْهَمُوا الأجيال بأن الأمة ذات تراث مَشِين. ولَعِب المُفَكِّرون دورهم في التركيز على الصراعات، وانطلقوا بصياغة مفاهيم مُؤَدْلَجَة: كالتراث والمُعاصَرَة والدين والتراث وغيرها من الطُّروحات التي تُعادِي الأمة في جوهرها. وعندما نتأمَّل ما كُتِب عن تراث الأمة سيَتَبَيَّن أن الوجه المشرق للتراث مُغَيَّب ولم يُكتبْ عنه إلا القليل النادر، وبنشاطات فردية لبعض أبنائها الغَيَارَى، أمَّا معظم اقرأ المزيد
"إنَّ من البيان لَسِحْرًا". الكلمة عندما تكون طيبة كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء... ولو تكاتَفَت أقلام الأكوان وشَرِبت من مياه الوجود ما تمكَّنت من استيعاب كلمات رب العرش العظيم الذي تَنْهَلُ أقلام عِزّتِه من فَيْضِ المُطلَق. الكلمة تُولَد من رَحِم أبْجَدِيّات محدودة لِتَسْبح في فضاء بلا حدود، وتخترق الأزمان، وتتحدَّى الذَّوَبان في جسد التراب، وتتجاوز عمر العقل الذي أَوْجَدَها، فهي كائن سَرْمَدِي المَلامِح، خالد الأثر، بعيد المدى، يحقق دَيْمُومة التفاعلات. اقرأ المزيد
هناك هل توجد في واقعنا إنجازات أصيلة؟ هل جِئْنَا بما هو غير مسبوق، واعتمدنا على مَرْجِعِيَّة عربية بحتة؟ من الواضح أن السائد يعتمد على الأجنبي، ولكي يكون جيدًا فعليه أن يُقْرَن بما هو أجنبي!.. أفكارنا، كتاباتُنا بأنواعها من العلمية إلى الأدبية لا بُدَّ من ربطها بأجنبي لتكون ذات قيمة. وعندما نُعَايِن ما تَطْفَحُ به صُحُفُنا ومواقعنا ووسائل إعلامنا وإبداعاتنا بأنواعها نكتشف أنها دَخِيلةً ولا تقترب من الأَصالة، فالسائد أننا ننسخ ونركض وراء غيرنا، ونستحضر ما تجاوزوه ونحاول أن نكون به، وقد فقد طاقات التكوين، فاستوردنا ما لا يمكن تصَوُّره من إنتاجهم، اقرأ المزيد
هناك الكراسي أَلَذُّ من الشَّهْدِ، وفيها السَّمُّ الزَّعَّاف!.. الكراسي لذيذة، والقاعِدُون فيها كالبالونات التي يتم نفخها والتَّحْلِيق بها عاليًا، ثم تفجيرها ومَحْقِها عن بَكْرَةِ أبيها. ولا يجلس على الكراسي في بعض المجتمعات إلا البالونات ذات الألوان المتنوعة والقدرات المتباينة على الانتفاخ والانفجار المتناسب طرديًّا مع حجمها... بالونات تَعْصِفُ بالوجود المجتمعي، وتراها وقد انفجرت فجأة وغابت لِتَحُلَّ مَحَلَّها بالونات أخرى تنتفخ حتى يَحِينُ وقت انفجارها، وهكذا دواليك. اقرأ المزيد
تلك حقيقة أَزَلِيَّة قد تَغِيب عن السياسيين في مجتمعات عديدة، مِمَّا يَتَسَبَّبُ بتفاعلات سلبية مُضِرَّة بأطراف الصراع... فالأوطان مهما تَوَهَّم المُعْتَدُون عليها، أو الذين تَسَنَّمُوا السُّلْطَة فيها بأنها مِلْكُهُم وسُيُقَرِّرُون مَصِيرَها، فإنَّها في نهاية المَطَاف ستقرر ما تريد، وسَتُوَاجِهُهُم بما اقترفوه من جرائم ضِدَّها. أي أنَّ الأوطان مُنْتَصِرَةٌ دومًا، ويَنْهَزِم مَن يحاول اغتيالها والنَّيْلَ من كَيَانِها وما يُمَيِّزُها ويُشِيرُ إليها... وهذا ما يُحَدِّثُنا به التاريخ، فلا يُوجَد نظام سياسي مهما تَقَوَّى واسْتَبَدَّ وتَحَكَّم بالبلاد والعباد قد فاز بما يرى ويريد، وإنَّما يَنْقَلِب سِحْرُه عليه، ويصبح اقرأ المزيد
الواقع العربي يمكن رؤيته بوضوح من خلال الأرقام الصادرة عن المُنَظَّمَات البَحْثِيَّة العالمية، وخلاصتها أن العرب نسبتهم 5% من سكان الأرض، ويمتلكون أكثر من 60% من طاقتها، ويُشَكِّلُون 60% من المُهاجرين، ويشترون 50% مما تُنْتِجُه مصانع السلاح العالمية لقتل بعضهم. فماذا تعني هذه الأرقام؟ ألا تُشِيرُ إلى ما يتقاطع مع أبسط البَدِيهِيَّات المَعْمُول بها في عالم المخلوقات؟ ألا تقول بأنَّ العرب تَحْكُمُهُم أنظمة سياسية ذات نسبة ضئيلة جدًّا من الوطنية؟ ألا تعني بأن العرب سينقَرِضُون بالنِّفْطِ؟ ألا تعني أن العرب عليهم أن يكونوا ضد العرب؟ تساؤلات وتساؤلات، والأحوال الفَجَائِعِيَّة العربية تتكلم عنها بصراحة وقوة، ولا اقرأ المزيد