الأرقام على سطور الويلات تُشطب، والأوراق تتهاوى من أغصان الشجر، وجميعها ذات يومٍ كانت تُسمى بالبشر، فالأرقام تأكل أرقاما، والأغصان لا يعنيها تساقط الأوراق فإنها ستلدها في ربيع قادم، كما أنها لا تريدها لكي تقاوم رياح الشتاء فلا تنكسر، أي أن الأغصان ترفض أوراقها لكي تبقى وتتنامى، والأرقام تتماحى وهي تُطارد سراب البقاء، وتتنعم بوهم القوة والهيمنة والاقتدار، وما هي إلا تنتظر دورها لتكون فريسة لرقم جديد. الأخبار تعج بالأرقام العربية الممحية، وأوراق أشجارها المتساقطة في جميع المواسم، ولا شيء قد حصل سوى أنها الأرقام والأوراق التي ستدوسها الأقدام وتغيب في غياهب النسيان والذوبان ببدن التراب. اقرأ المزيد
نسبة مرعبة من العرب يبوّقون لآكليهم وللطامعين بتدميرهم ومصادرة وجودهم بالكامل, ويأخذك الاستغراب وتتملكك الدهشة وأنت تراهم يحققون أهداف أعدائهم بإخلاصٍ وتفانٍ! إنها حقيقة سلوكية عربية متميزة وعلامة فارقة لا مثيل لها في مجتمعات الدنيا قاطبة. والأمثلة على ذلك واضحة وقائمة في الواقع العربي, فالإيرانيون قد أوجدوا عربا أشد حرصا على مصالح إيران من الإيرانيين اقرأ المزيد
كأن الدين تصدح به ألسنتنا ولا تنبض به قلوبنا، ولا تتنعم به أرواحنا، ولاتتعطر به نفوسنا. فالدين غائب في سلوكنا، ومفقود في عقولنا، ومبني على المجهول في أيامنا، ونعاديه بتفاعلاتنا، ولا نعرفه ولا يعرفنا!! دين إقرأ، ونحن لا نقرأ!! دين يسّر ولا تعسّر، ونحن نعسره ونعقده ونجعله الأصعب والأبهم!! دين إذا جاء نصر الله، ونحن الذين يستلطفون الهزائم والانكسارات والانتكاسات!! اقرأ المزيد
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أدركت الدول القوية التي خاضتها بأن التحارب فيما بينها لا يمكن القبول به أبدا، لأنه يعني الدمار الرهيب والمحق الخطير، لامتلاكها أسلحة فائقة التدمير والتحطيم، ولهذا ارتأت أن تكون حروبها في ديار الآخرين. ولأسباب لا تحصى أذعن العرب ووافق قادتها بتعاقبهم على أن تكون بلدانهم سوحا للحروب بالنيابة، فمضت مسيرة الحرب الباردة فوق الأرض العربية وتواصلت وسخنت وتأججت والتهبت، ودمرت بلدانا وقتلت أبرياءً وشردت الملايين من العرب، واستنزفت ثرواتهم ومواردهم وما هدأت، بل تعاظمت وتطورت وتوسعت. اقرأ المزيد
علينا أن نترحم على سايكس وبيكو لأنهما قدما مشروعا معاصرا فيه طاقات وممكنات صيرورة عربية عظمى وذات تأثيرات عالمية كبرى، وكان مشروعهما نعمة فحوله العرب إلى نقمة، مثلما حوّلوا نعمة النفط إلى نقمة وبلاء عليهم أجمعين. قد يقول قائل ما هذا الكلام والأجيال أمضت القرن العشرين ناقمة على سايكس وبيكو وتحسب أن السبب الأساسي في تأخر العرب وتدمير حاضرهم ومستقبلهم كان ولا يزال بسبهما، والواقع يؤكد أن ذلك المشروع أو المعاهدة كانت فرصة العرب التأريخية للتحقق والانطلاق، لكنهم فشلوا في ولادة القادة التأريخيين القادرين على استشراف المستقبل والعمل المقتدر والصعود إلى العلاء. اقرأ المزيد
من الحقائق المغيّبة والتي انطلت على الناس أن الأحزاب الدينية ذات نهج وطني، وفي حقيقتها وجوهر عقيدتها أنها لا تؤمن بوطن، أي أنها لا تمت للوطن والوطنية بصلة، وإنما ترتبط بحالة أخرى لها علاقة بمعتقدها وتصورها، ولهذا فإنها وبلا استثناء دمرت الأوطان التي سيطرت عليها. فالتحدث بلغة وطنية مع أحزاب لا يعنيها الوطن ولا يهمها، نوع من الهذيان والإمعان بالخذلان، اقرأ المزيد
ما ينتجه المفكرون العرب يمكن وصفه بالهذربة الفكرية!! وهذا ليس هجوما أو عدوانا وإنما مواجهة واقعية صريحة ذات أدلة وبراهين دامغة ومتراكمة على مدى أكثر من قرن. فالمفكرون العرب يرسّخون ويسوّغون ويبررون ويسمون ذلك فكرا, وما استطاعوا أن يستنهضوا الواقع ويأخذون بيد الأجيال إلى فضاءات التبصر والاقتدار. اقرأ المزيد
النسبة العظمى من الكتابات المنشورة في الصحف والمواقع العربية تكنز سلبية عالية، ربما تتجاوز نسبة التسعين بالمئة في أحسن تقدير، وهذه الكتابات تساهم في ترسيخ الانكسار والانحدار، وسيادة مشاعر الاستلاب والحنق والغضب والكراهية والانفعالية الشعواء. فالواضح في الإنتاج المكتوب أنه تعبير عن الاستيائية والاكتئابية، والإمعان باليأس وإغلاق المنافذ وتغييب الحلول والمخارج، فالإبداع تعسري الطباع والمنطلقات، ولا تجد فيه ما يدلك على دروب الحياة اليسيرة الطيبة. ويلعب الكُتاب والمفكرون بأنواعهم دورا كبيرا في تنمية التداعيات في الواقع العربي، لأنهم يسوّغون اقرأ المزيد
نتساءل لماذا بلداننا يعصف فيها الخراب والدمار ويكتنفها الضياع وأعاصير التداعيات والخسران, ونأتي بأسباب لا نهاية لها, ونغفل حقيقة كبيرة وجوهرية مفادها أن نسبة الوطنية في أنظمة الحكم ضعيفة وفي بعضها غائبة أو مجهولة. قد يقول قائل ما هذا الكلام, فأنظمة الحكم, خصوصا منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين, ثورية وقومية ووطنية, وهي التي سعت للتحرر والكرامة وما إلى غير ذلك من الشعاراات اقرأ المزيد
العرب يتراكضون إلى غيرهم لحل أبسط مشكلة تحصل بينهم, ويتصورون بأن الآخر سيحل لهم مشاكلهم, وهو الذي يجدها فرصته السانحة للاستثمار في المشكلة لما يحقق مصالحه ويخدم أهدافه ومآربه. ووفقا لهذه النمطية السلوكية ما استطاع العرب حل مشكلة واحدة من مشاكلهم, بل جميعها وبلا استثناء تعقدت وتطورت وتسببت في ارتهان العرب والقبض على مصيرهم, حتى لتجد الدول العربية اليوم بلا سيادة ولا قدرة على حكم نفسها بنفسها, فمعظمها تابعة وتستمد قوتها للتأسد على بعضها من الآخر الذي أشرعت له أبوابها ومكنته من امتلاكها والتحكم بها. اقرأ المزيد