السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في الحادِيَة والعشرين مِن عمري. مشكلة حياتي أنِّي أُفكِّر كثيرًا في الناس مِن حولي، أَنْشَغِل لمُشْكِلاتِهم وأَحْزَنُ لِحُزنهم، حتى لو كانتْ علاقتي بهم سَطْحِيَّة، بل قد يَصِلُ الأمر إلى أنْ أبكي مِن أجلهم، وأُفكِّر فيهم وفي مشكلاتهم طوال الوقت، حتى تَعِبَتْ نفسيتي مِن كثرة التفكير، ولا أدري ماذا أفعل.
كذلك أَجِدُ نفسي قَلِقَةً ودَاخِلَة في حالة اكتئابٍ. وأُعانِي من رُهاب وضَعْف الثِّقَة في النفس، ومِنْ ثَمَّ أَجِد صعوبة كبيرة في اتِّخاذ القرارات، وخصوصًا المَصِيرِيَّة مثل الزواج.
في صِغَرِي كُنتُ أتجَنَّب أيَّ مُحادَثَة عن الزواج؛ نَظَرًا لِقِلَّة خِبْرَتِي وخوفي، ورُبَّما خَجَلِي، وأيضًا لِبُغضي الرجالَ نظرًا لطبيعة طفولتي. وبَقِيتُ هكذا حتى كَبُرتُ. ولأنِّي أقرأُ كثيرًا فقد تيَقَّنتُ أنَّ فكرة تَعْمِيم كُرْه الرجال فكرة خاطئة، ولم أعُد أفكِّر فيها، لكن شعوري تُجاه الزواج لم يتغَيَّر، ومِن ثَمَّ لم أَرْغَب في الزواج، ولم أَمِلْ إلى الرجال أو الإنجاب، واتَّخَذتُ قرارًا مَفادُه عدم الزواج، خاصة بعد أنْ أحببتُ مجالَ دراستي وبَنَيْتُ عليه خُطط حياتي!
مَرَّت الأيام ولم تَسِر كما كنتُ أخطِّط لها؛ إذ تقدَّم لخِطبتي الكثير، وبعد كل رفضٍ بدأتُ أشعُر من أهلي ومِمَّن حولي أنِّي لستُ طبيعية لِعَدَم رغبتي في الزواج، فأرسلتُ استشارات إلى المواقع المُختَصَّة التي أعرِفها، واتَّصَلْتُ على الجَمْعِيَّات التي قد تُساعِدُني في حَلّ مشكلتي، ورُحتُ أقرأ المَنشُورَات والمَقالَات التي لها علاقة بمشكلتي.
أَعْلَم أنَّ الزواج فِطْرَة، وأمرٌ مَطلُوب دينيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا، لكن لا أجد نفسي تَقْبَلُه. ومع مُرُور الوقت تقدَّم إليَّ رجل من أقاربي، فوافقتُ عليه، وبعد مدة غير طويلة وَجَدتُ أنِّي قد اقترفتُ خطأً في حَقّ نفسي بالموافقة وأنا ليس لدَيَّ رغبة في الزواج! والآن أشعر بقلقٍ كبير، وأهلي وأقاربي يعرفون ذلك جيدًا، وأشعر أنْ لا فرصة لدَيَّ كَيْ أَتَرَاجَع، خصوصًا أنَّ الخاطب لا يُعَوَّض، وبه مُمَيِّزات كثيرة، وأنا لا أريد أنْ أَظْلِم نفسي ولا غيري!
ماذا أفعل؟ هل أستمر وأنا لستُ مُتَقَبِّلَةً ومُستَعِدَّة نفسيًّا؟
أرشدوني جزاكم الله خيرًا.
12/7/2021
رد المستشار
وعليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزواج ليس فرضا دينيا وإن لم تجدي في نفسك رغبة في الزواج والأطفال فلا تقدمي عليه. ورغم أن الزواج ليس فرضا دينيا إن ضمنت العفة إلا أن له وزنا اجتماعيا عاليا وفوائد أيضا تستحق ما يقدم فيه من عناء، كما أنه لا يتعارض مع اختيارك لمهنة أو إكمال دراستك في تخصصك.
لو راجعت سطورك لوجدت أنك ذكرت أن خاطبك فيه مميزات كثيرة فما هي، وهل هي أمور تهمك في الحياة. قد يكون وسيما وقد يكون مثقفا أو ذا ثراء أو شخصية محببة وغيرها من الصفات التي ذكرتها بأنها مميزات ولهذا يتزوج البشر، لتحقيق أهداف وتختلف هذه الأهداف من شخص لآخر.
استعيني بورقة وقلم واكتبي ما الذي قد تجنينه من زواجك من هذا الشخص وما الذي قد تخسرينه بعدم زواجك منه، اكتبي دون أن تفكري كثيرا فيما تكتبين. في اليوم التالي راجعي ما كتبت وانظري أيها أهم بالنسبة لك ما ستخسرينه أو ما ستحققينه، وبناء على هذا يمكنك اتخاذ قرار الاستمرار من عدمه.
تعانين غالبا من القلق الناتج عن قلة خبرتك في الحياة وخوفك من تحمل المسؤولية. توجب علينا الحياة تحمل أعبائها مهما حاولنا التنصل منها وهناك مبدئان لتحقيق النضج المطلوب لتحمل المسؤولية، إما التعرض لخبرات ومعارف تؤهلنا لتحمل المسؤولية وإما أن تحملنا للمسؤولية يكسبنا النضج والخبرة. أي يمكنك الانتظار حتى تجدي في نفسك الثقة لتحمل مسؤولية الزواج وإما أن تتزوجي فتتعلمي تحمل المسؤولية.