عمَّان اليوم حزينة
عمَّانُ الْيَوْمَ حَزِينَةْ
تَبْكِي بِدُمُوعِ رَصَاصٍ وَمَدَافِعْ
عَمَّانُ الْيَوْمَ حَزِينَةْ
وَوِشَاحُ سَوَادٍ وَدُخَانْ
فِي كُلِّ مَكَانْ
عمَّانُ الْيَوْمَ حِدَادْ
لا صَمْتَ هُنَا وَدُمُوعُ رِصَاصٍ وَمَدَافِعْ
يَتَمَزَّقُ سِتْرُ سَكِينَةْ
جُدْرَانٌ تَتَسَاقَطُ مِنْ خيْشٍ مُحْتَرِقِ السَّقْفِ
وَرَصَاصٌ يَتَدَحْرَجُ فَوْقَ لُحُومِ الْفُقَرَاء بِطَعْمِ الضَّعْفِ أوِ العُنْفِ
تَنْطَفِئُ شُمُوعٌ مِنْ خَوْفِي
تَنْطَفِئُ ضَمَائِرُ عَالمْ
وَسِرَاجُ الْحَقِّ.. تَرَاخَى النُّورُ، وَأَظْلَمَ هَذَا الْعَالَمْ
*******
أَطْفَالٌ فِي كُلِّ مَكَانْ
وَعُيُونٌ قَدْ حَدَّقَ فِيهَا الْمَوْتُ إِرَادَةَ ثَوْرَةْ
وَمَخَالِبُ.. كَفٍّ وَأَظَافِرْ
تَنْهَشُ فِي جِسْمِ التُّرْبَةْ
تَزْرَعُ بذْرَةْ
بذْرَةَ ثَوْرَةْ
تَرْوِيهَا بِدُمُوعِ مَحَاجِرْ
وَجِرَاحٌ قَدْ فَغَرَتْ أَفْوَاهَ خُصُوبَةْ
تَلْثِمُ فِيهَا جُرْحَ التُّرْبَةْ
بِشِفَاهٍ حَمْرَاءَ خَضِيبَةْ
تَرْضَعُ مِنْ أَثْدَاءِ الأَرْضِ عُذُوبَةْ
*******
الْعَالَمُ جَرَّدَ سِكِّينَهْ
يُغْمِدُهَا فِي قَلْبِ طُفُولَةْ
يَرْوِيهَا مِنْ جُرْحِ طُفُولَةْ
وَيَقُولُ: أَنَا..
*******
الْعَالَمُ جَرَّدَ سِكِّينَهْ
لِيَقُولَ: أَنَا
إِنْسَانٌ يَأْكُلُ إِنْسَانَا
إِنْسَانٌ يَقْتُلُ إِنْسَانَا
لَيْسَ هُنَاكَ "لِمَاذَا...؟!"
لَيْسَ هُنَاكَ أَكُفٌّ بِأَظَافِرِ ثَوْرَةْ
لَيْسَ هُنَاكَ عُيُونٌ تغْرقُ بِالْقُدْرَةْ
أعْصَابُ الْعَالَمِ مَقْتُولَةْ
أَجْفَانُ الْعَالَمِ مُوصَدَةُ
آذَانُ الْعَالَمِ مُغْلَقَةُ
أَعْمَاقُ الْعَالَمِ رِعْدِيدَةْ
جُدْرَانُ الْعَالَمِ مَوْصُولَةْ
أَبْوَابُ الْعَالَمِ مَرْدُودَةْ
مَقْبَرَةُ الْعَالَمِ مَعْزُولَةْ
الْعَالَمُ يَبْنِي -فَوْقَ جَمَاجِمِ إِنْسَانٍ- قَلْعَةْ
يَصْمُدُ فِيهَا، وَيُحَصِّنُ -بِالإِنْسَانِ- الْقَلْعَةْ
يُوصِدُ أَبْوَابَ الْقَلْعَةْ
أَعْصَابُ الْعَالَمِ مَشْدُودَةْ
أَسْلَاكٌ شَائِكَةٌ فَوْقَ الأَبْوَابِ الْمَوْصُودَةْ
لَكِنِّي آتٍ.. وَطَرِيقِي بَابُ الْقَلْعَةْ
أَحْمِلُ زَادِي أَحْمِلُ شَمْعَةْ
لَكِنِّي آتٍ.. وَمَصِيرِي أَسْلَاكُ الْبَابِ الْمَوْتُورَةْ
أَحْمِلُ جُمْجُمَةً أُخْرَى
حَجَرًا مِنْ أَحْجَارِ الْقَلْعَةْ
لَكِنِّي لا أَحْمِلُ شَيْئًا
أَحْمِلُ قَلْبًا.. أَحْمِلُ حُبًّا
أَحْمِل غُصْنًا مِنْ زَيْتُونٍ
لَكِنِّي دُونَ أَظَافِرْ
أَحْمِلُ شَمْعَةَ حُبٍّ، دِفْء ضَمَائِرْ
أَحْمِلُ غُصْنًا مِنْ زَيْتُونٍ
لا أَحْمِلُ حِقْدًا مَدْفُونَا
لَا أَحْمِلُ سِكِّينا
لا أَحْمَلُ قَلْبًا مَلْعُونَا
لَكِني أَحْمِلُ زَيْتُونَا
صُلْبَانُ الْعَالَمِ مَنْثُورَةْ
حَوْلَ الْجُدْرَانِ الْمَغْرُورَةْ
وَمَسَامِيرٌ تَحْفِرُ فِي الإِنْسَانِ جِرَاحَ ضَغِينَةْ
وَمَطَارِقُ إِنْسَانٍ تعْرقْ
وَتَسِيلُ عُصَارَةُ كِبْرٍ قَطْرَةَ دَمٍّ أَزْرَقْ
وَمَسَامِيرٌ تَنْحِتُ -فِي الْخَشَبِ- الأُسْطُورَةْ
لَكِنِّي آتٍ..
لَكِنْ بِالشَّمْعَةِ مُطْفَأَةً
بِالْغُصْنِ يَجِفُّ، تَسَاقَطُ أَوْرَاقُ الزَّيْتُونِ
وبِالْقَلْبِ يَسِيلُ دِمَاءَ صَدِيد
بِالْحُبِّ تَعَفَّنَ فَوْحَ حُقُود
*******
وَهُنَاكَ.. هُنَاكَ صَلِيبُ
وَهُنَاكَ الإِنْسَانُ قَرِيبُ
يَنْتَظِرُ الإِنْسَانَ الآخَرْ
يَصْلبُهُ عِنْدَ الْجُدْرَانِ
يَرْصُفُ جُمْجُمَةَ الإِنْسَانِ
وَيَدُقُّ مَسَامِيرَ حَضَارَةْ
لَكِنِّي آتٍ وَمَصِيرِي صُلْبَانُ الْقَلْعَةْ
أَحْمِلُ -فِي غُصْنِ الزَّيْتُونِ- ذُنُوبَا
أَنَاْ قدْ عُدْتُ غَرِيبَا
وَالْعَالَمُ.. كُلُّ الْعَالَمِ قدْ عَادَ غَرِيبَا
1 نيسان 1971
شعر محمد طموح أبو صالح
واقرأ أيضاً:
تقوى / أولو البأس!! / لُغَةُ الضادِ!! / جُنُودُ الفَتْحِ