أسعد الله مسائكم موقع مجانين.
أنا فتاة في مُنتَصَفِ العِقْدِ الثالث من عمري. أشعُر أنَّ حياتي توقَّفَتْ عند أمر مجهول من كَثْرَةِ ما يَشْغَلُ تفكيري، فأنا أُفكِّر كثيرًا في أمور تَخُصُّنِي وتَخُصُّ كُلَّ أفراد عائلتي. أُحِسُّ بقَلَقٍ وخوف شديد من أن يحدث أَمْرٌ سَيِّئ لأهلي، أو أن أَفْقِدَ شخصًا عزيزًا.
وقد تعرَّضتُ لخِذلان شديدٍ من أَعَزِّ صديقاتي، فأثَّر ذلك عليَّ، فانعزلتُ عن الناس، وكَرِهْتُ مُواجَهَة الأقارب والأهل والصديقات، والخروج في المناسبات، ورَفَضْتُ الخُطَّاب خوفًا من المشكلات الزوجية، وتوقَّفتُ أيضًا عن القيام بِعَمَلِي.
صرتُ أشعر بخوفٍ من كل موقفٍ أو حدثٍ، حتى دَقَّةُ الباب تُخِيفُنِي، وكذا صوت الجَوَّال. وقد مَرَرتُ باكتئابٍ شديدٍ، وحالة نسيان، وشُرُود في الذِّهن، وعدم تركيزٍ، حتى كلماتي غير مُتناسِقَة، ولا أعرف كيف أَرُدُّ على رسائل الجوال.
وكَلَّما حاولتُ الوقوف والنُّهَوضَ والرجوع إلى عَمَلِي، انْهَرْتُ وفَشِلت. عِلْمًا بأَنَّ هذا العمل مَصْدَرٌ وحيدٌ لِدَخْلِي، فأبِي كبير السن، والحال ضيِّق؛ فوَجَب عليَّ أنْ أضغط نفسي في العمل. لَكِنِّي لم أَعُد أتحمَّل ضغوطات العمل، فخسِرتُ زبائني وصديقاتي، وأصبحتُ وحيدة أُوَاجِهُ نفسي بالصمت والخوف والتشاؤم.
أَعْلَمُ أنَّ الله قادرٌ على أن يُغَيِّر حالي إلى فَرَجٍ وخَيْرٍ، لكن الخوف واليأس الشديد تَمَكَّنا مِنِّي، فَصِرْتُ _والله_ أتمَنَّى النوم وقتًا طويلًا؛ كَيْ أتجاوز كُلَّ العَقَبَات.
وأحيانًا أَتمَنَّى الموت، فماذا أفعل؟
أنتظر رَدَّكم. ودَامَ فَضلُكُم.
13/07/2021
رد المستشار
لِتَحُلَّ عليكِ نعمة الرَّبّ.
رغم أنَّ ما وَرَد في رسالتك من شِكايَة، إلَّا أنَّه واضحٌ أنَّكِ تَشْتَكِين من القلق والاكتئاب. حالتك تَتَّصِف بالقلق والتَّوَتُّر الشَّدِيدَيْن، وبالشعور الزائد بالتَّرَقُّب والخوف، والتَّوَقُّع السِّيِّئ، والخوف من المجهول لِمَا قَدْ يَحْدُث لأُسْرَتِكِ أو لإنسانٍ عَزِيزٍ لكِ. وهذا بالتالي يَجعَلُكِ تُعانِينَ عادةً من أَرَقٍ وصُعُوبَة التركيز، والشعور بالتعب والإرهاق دائمًا، مع عدم القدرة على الاسترخاء.
تقول رسالتك أنَّكِ مَرَرْتِ بحالة اكتئاب، لكن يبدو أنَّ الاكتئاب يُلازِمُ حالتك الآن من خلال التَّشاؤُم والشُّرُود والشُّعُور بالوِحْدَة، وتَوَقُّفُكِ عن القِيَام بأعمالك اليومية أو المشاركة في الحياة الاجتماعية، والابتعاد عن الأَقَارِب والأَصْدِقاء والعُزُوف عن الخُطَّاب، وغيره. وما أُرِيدُ أنْ أُوَضِّحَه لكِ هو أنَّ القلق والاكتئاب يُسَبِّبان مشكلات مَلْحُوظَةٍ في الأنشطة اليومية، مثل أنشطة العمل أو الدراسة أو الأنشطة الاجتماعية أو العلاقات مع الآخرين، ويجعل منكِ إنسانًا سَلبِيًّا ومُنْعَزِلًا عن الآخرين، أو يجعلك تتجَنَّبِين المواقف الاجتماعية، وكذلك يُسبِّب الشعور بالوِحْدَة كما وَرَدَ في رسالتك.
رسالتك لم تُوَضِّح الظَّرْفَ الذي أَلَمَّ بكِ وجَعَلَكِ فريسةً لهذا القلق والاكتئاب. صحيح أنَّ الحياة لا تخلو من المشاكل والضغوطات التى تواجهنا كل يوم، لكن المهم الآن هو كيف تُدْرِكِين أنَّ ما تُعانِيه يُشَكِّلُ عِبْئًا نَفْسِيًّا، خصوصًا أنَّكِ توَقَّفْت عن عملك وأَهْمَلْتِ زبائنك. هنا تَكْمُنُ مشكلتك (القلق، الاكتئاب، توَقُّف عن العمل).
لا بُدَّ أن تَسْعِينَ جاهِدَةً نَحْوَ عَوْدَتَكِ للعمل لِتُدِرَّ عليك مَرْدُودًا مادِّيًّا، ولِتَحْسِين ظُرُوف معيشتك. حاولي السّيطرة على حياتِك، وأن تَقْضِي وقتاً مُمتِعاً مع مَنْ تُحِبِّين، وأنْ تَمْلَئِى وَقْتَكِ بالأنشطة الحيوية وقراءةُ الكُتُبِ والمَواضِيعِ، والمساعدةُ الذاتيّةُ. حاوِلِي أيضًا التّركيزُ على جعلِ حياتك التي يعيشُينها جيدةً؛ لِتَكُونَ أكثرَ بهجةً عن طريق مُمارسةِ رياضة المشي أو الاستمتاع بأشعةِ الشّمسِ مثلاً.
أخيرًا: انظري للحياة بتفاؤل وحُبّ، وتجاربك السابقة يجب أن تكون نِبْراسًا لكِ يُضِيئُ حياتك. اخلقي علاقات طيبة مع الآخري. انظري كيف يفكر الآخرون، تعَلَّمِى من تجاربهم. كُونِي عَوْنًا لِمَنْ يحتاج مساعدة. اجعلى مِنَ الحُبِّ أساسًا في تَعامُلِكِ وخاصة مع الأُسْرَة.
وهذه أفكار رُبَّما إِنْ عَمِلْتِي بها قد تساعدك:
• فَكِّري في مخاوفك لتتعرَّفِي على المواقف التي تُسَبِّب لكِ توترًا زائدًا. هذا إن كانت هناك مخاوف حقيقية.
• عودتك للعمل.
• نظامٌ غذائي صحي ومُتوازن.
• احرصي على أن تنظري في أَعْيُنِ الآخرين مع ابتسامة لا تفارق مَحْيَاكِ.
• شاركي في المواقف الاجتماعية من خلال التعامل مع الأشخاص الذين تَشْعُرِين بِرَاحَة تِجاهَهُم.
كما يمكنك التخفيف من قلقك واكتئابك كالتالي:
• التواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة، أو الانضمام إلى مجموعة تُوَفِّرُ فُرَصًا لِتَحْسِين مهارات التواصل.
• ممارسة أنشطة مُمْتِعَة أو مُهَدِّئَة، مثل الهوايات.
• تَذَكَّرِي نجاحاتك، ولا تُرَكِّزي فَقَط على إِخْفَاقَاتُك وفَشَلُك.
• كُلَّما شَعَرْتِ بالارتباك تَذَكَّري الهدوء، وخُذُي نَفَساً للاسترخاء.
• كافِئي نفسكِ عندما يكون أداؤك الاجتماعي جيداً.
وقليل من بعض التمارين:
• الاسترخاء: تُساعِدُك على تَقَبُّلِ الموقف قبل التَّعرُّض للموقف.
• التَّنَفُّس: بِأَخْذِ شَهِيقٍ عَمِيقٍ، وحَبْسُه لِثَوانٍ، ثُمَّ زَفِير بِبُطء. ويُكَرَّر ذلك عِدَّة مَرَّات يوميًا.
ليَطْمَئِنَّ قلبكِ وترتاح نفسك، ولِيَبْتَعِدعنكِ الهَمُّ والغَمُّ مِمَّا أنتِ فيه. وإن لم تَستَطِيعي، قُومِي بزيارة لطبيبك وطَمْئِنِينا عنكِ.
واقرئي أيضا:
كيف تتوقف عن التفكير الزائد وتبدأ في العيش(1-2)
التعامل مع الاكتئاب(1-2)
سعيدة ولا أحتاج لشريك حياة !