الوساوس القهرية
السلام عليكم حياكم الله مشكلتي تبدأ بأني كنت مصاب بالوساوس القهرية منذ صغري في الوضوء ثم بعد ذلك في غلق الباب والتأكد أنه مغلق ثم بعد ذلك في المراهقة كانت تأتيني في الذات الإلهية (أستغفر الله) وأشياء أخرى ثم بعد سنين الحمدلله لم تأتيني بسبب انشغالي في الدراسة ثم عملي والآن فجأة ظهرت من جديد وأتتني في أني آذيت أخي ثم تطور الأمر الآن بأني تأتيني ذكريات بأن تم التحرش بي من قبل ابن عمتي في الصغر وأنا أحبه جدا وعلاقتي معاه جيدة جدا والآن أقلق أن تكون هذه الذكريات أو الوساوس حقيقية فأنا لا أعلم والآن أصبت بالحيرة والشك وصرت الآن لا أطيق حياتي حيث أحس بأن هذه الذكريات أو الوساوس مقنعة وأخاف أن تكون تلك حقيقة وأنا أهرب منها وأنكر
فأنا لا أعلم هل تلك مظهر من مظاهر الوساوس أم تلك حقيقة لا أتقبلها وصرت لا أريد أن أتعامل معه فجأة وعندما أسترسل معاها أقول لنفسي هذا لم يحدث وأقسم أن لا أفكر ثم أعاود التفكير مرة أخرى. وأيضا تأتيني على شكل ذكريات بأني أيضا في مراهقتي كنت أشك فيه وفي 2 من أصدقائي على نفس الفعل في صغري وحقيقة أنا لا أتذكر ذلك فلا أعلم هذه وساوس أيضا أم حقيقة.
فأرجو الإفادة منكم
وشكرا لكم
8/8/2021
رد المستشار
عليكم السلام ورحمة الله
مرحبا بك أستاذ "وقاص" الحقيقة أن الوسواس القهري يسبب ما يمكن وصفه بالكرب لكن من رحمة الله أنه قد ينقطع عن الفرد أوقات ثم يعاود في أوقات أخرى وهذا محتمل. كذلك صار فهم طبيعة هذا الاضطراب أسهل وأيسر وكذلك طرق التعامل معه.
بخصوص تساؤلك الأول: نعم ما مررت به في صغرك ومراهقتك وما تمر به الآن هو الوساوس القهري وطبيعته أن يتغير محتواه وشكله من وقت لآخر. فوساوس التحقق من سلامة الوضوء وغلق الباب، ووساوس (أنك فعلت شيئا سيئا إيذاء – تحرش) أو فعل هذا بك هي نوع من الأفكار المتطفلة عليك.
أول شيء مهم هو أن تدرك أننا جميعا موسوسين مثلك لكن بدرجات مختلفة، فكلنا تأتينا أفكار مناقضة لطبيعتنا وتفضيلاتنا وقيمنا، ويخطر على بال الجميع أفكار إيذاء بالذات أو شكوك في حدوث أشياء لكن درجة الانتباه والتركيز عليها تختلف من شخص لآخر. ودرجة اعتبارها حقيقة أم مجرد خواطر وأفكار، ودرجة شعورنا بالمسؤولية عنها هو الفراق بين من يعاني من كرب الوساوس وبين من لديه وساوس ولا يعاني مثلك.
فما يحدث ببساطة هو أن العقل قد يقع في أخطاء معروفة لدينا منها مثلا:
خلط أو دمج الفكرة بالفعل أي يعتبر مجرد التفكير في شيء كأنه وقع، وهذا ينشط انفعال الخوف المرتبط ب ماذا لو كان هذا صحيحا؟ ماذا لو حدث بالفعل؟ فنحاول التخلص من تلك الفكرة بطردها أو الاستغفار أو تشتيتها.
لكن مراقبة طريقة عمل العقل بأن ورود الفكرة السيئة أو المزعجة أمر محتمل على عقولنا ولا يعني حدوثها، وطالما أني منزعج من محتوى الفكرة ومضمونها فهذا دليل على أنها وساوس والوساوس أنت غير محاسب عليها ولا مكلف بالرد عليها أو إثبات عكسها أو براءتك منها.
وأن الأمر يتعلق بطريقة عمل العقل وقت الضغوط أو بعض الأوقات في حياة الإنسان.
وقد يخلط العقل بين الخوف من وقوع شيء وبين وقوعه بالفعل، فيعتبر ما تخشى أن يحدث أنه يمكن أن يقع أو يكون قد وقع. وعيك بهذه الطرق الخاطئة التي قد يعمل بها المخ الإنساني وانتباهك لها جزء مهم من هدوءك أمام هذه الأفكار ولكنه غير كاف.
من المهم أن تحدد كل ردود الفعل التي تقوم بها للرد على هذه الأفكار والتي نسميها بسلوكيات الطمأنة وتوقفها حتى لو زاد التوتر والقلق فمثلا (الاستغفار للرد على الفكرة وفي فترة عمل الوساوس – طرد الفكرة والتأفف منها والقسم بعدم والتفكير فيها وكأنك مسئول عنها- تجنب الأشخاص المرتبطين بهذه الأفكار مثل ابن عمتك أو تأمله أو محاولة استكشاف ما حدث بسؤاله- محاولة تشتيت نفسك عن الفكرة...)
ماذا تفعل إذن:
- تذكر أنك لست مسؤولا عما يرد على عقلك من أفكار مزعجة كما أنك لست مسؤولا عن ضربات قلبك وتنفسك.
- ما يرد على العقل من أفكار أو مشاعر هي مجرد أفكار ومشاعر ولا تكون أفعال إلا بأدلة ظاهرة وواضحة وفي حالتك هي أفكار وأنت أبعد ما تكون عن الوقوع في تنفيذ هذه الأفكار، وطبيعة الوساوس أنها تأتي على عكس قيم الإنسان وطبيعته.
- لديك شعور بالمسؤولية المتضخمة عن الأفكار السيئة فذكر نفسك بأننا لسنا محاسبين على أي فكرة.
- لا تستجب لتلك الأفكار بسلوكيات الأمان والتجنب التشتيت وطرد الفكرة ومقاومتها وإنما حاول أن تكون واعيا بأنها مجرد أفكار متطفلة على المخ ثم ركز فيما هو بيديك لتقوم به، وكرر الأمر مهما تطفلت الأفكار وأخذت ذهنك، كن واعيا بالفكرة وأعد انتباهك لما هو بيديك (شغل – حديث مع صديق – تفكير في موضوع-...)
إن استمر الأمر فما المانع من زيارة طبيب تراجعه من وقت لآخر.
ويتبع>>>>: الوسواس القهري، كرب متقطع وأخطاء تفكير ! م