بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إلى أسرة مجانين، أتمنى أن أجد ضالتي في إجابتكم، ولكم جزيل الشكر.
أنا فتاة عربية أعيش في الغربة منذ 12 سنة، تعرفت على شاب عربي من بلدي، ونحن على أبواب الشهادة الثانوية. في الفترة الأخيرة قبل انتهاء السنة الدراسية -وهذا منذ حوالي 3 سنوات- وفي ثالث حديث بيني وبينه صارحني بمشاعره منذ دخوله المدرسة، وبرغبته بأن أكون زوجته، وطلب مني فترة ليكوّن فيها نفسه. هذا الشاب -بشهادة أهلي أولا، والناس ثانيا- رجل بما تحمله هذه الكلمة من معانٍ، فقد أتى إلى الغربة وعمره 19 سنة، واستطاع أن يؤمن نفسه ويعمل ويدرس في أن واحد. كان شابا واعيا عاقلا، احترمت فيه حفاظه على نفسه وأخلاقه في بلد ليس فيها دين.
اتفقنا على الزواج، وطلب مني أن أمهد لأهلي الموضوع، فصارحت أمي بكل شيء، في البداية كانت سعيدة لكن ما لبثت أن غيرت موقفها بالرفض تماما بحجة أنه ليس من مدينتي، وأن العادات والتقاليد والبيئة مختلفة، مع أنها تعرفه جيدا وتمدحه كثيرا وتمدح أخلاقه وأخاه أيضا، أقصد أن حسن أخلاقه من تربية أهله وليس من نفسه. ولقد تعرفت على أهله وتحدثت إليهم، فهم على دراية بالموضوع مع الموافقة منهم والتشجيع.
أما عن مشكلتي الأساسية فهي أنني علمت بأن الدين المصدق به في مدينتهم هو (الدرزي) العلماني، أو كما يقولون الفاطمي. مع أنني في بداية معرفتي بالشخص سألته إن كان منتميا لهذا الدين فأجابني -لمدة 3 سنوات- بـ (لا). وأنا صدقته؛ لأنه ليس هناك من دافع للكذب، فلست ابنة مسؤول ولا تاجر غني، وليس هناك ما يطمع فيه سوى أنني عربية ومسلمة، محجبة وجميلة، هذا ما قاله هو. وقد اعترف لي بأنه مسلم سني من قبل أن يأتي إلى الغربة (هو وأخوه)، أما عن الأهل فهم كما قلت دروز.
وقمت بالتحدث إلى أهله ومحاولة فهم ماهية هذا الدين، لكنني لم أتوصل لشيء سوى أنهم لم ولن يتدخلوا في تربيتي لأولادي، خاصة البنات، وأنهم على علم بأن ابنهم سني وكما قالوا (الرب واحد مهما اختلفت المذاهب) وأن ابنهم حر ما دام مقتنعا بما يفعل.
كما أنني سألت الشاب عن مدى اقتناع أهله بهذا الدين لكن دون جدوى فهو -كما قال لي:
من واجبي أن أنصح أهلي لا أن أفرض عليهم، وهم لم يمنعوني من المذهب الذي سلكته. ومع أن أمه وللأسف غير محجبة فقد قال لي: إنني أختار أما لأولادي وليس بالضرورة أن تكون مثل أمي، وليس من حقي أن أفرض عليها الحجاب ما دام أبي موجودا.
لقد اتفقنا على الزواج عن اقتناع مني ومنه وأهله أيضا، لكن المشكلة تكمن في أهلي حيث أتوقع منهم الرفض، خاصة أمي، أما عن أبي فهو يحبه ويحترمه وكما يقول: إنه لم يرَ شابا في مثل سنه بهذه الرجولة والشهامة، حتى إخوتي الشباب أعتقد أنهم لا يرفضون زواجنا، فهم يعرفون أخلاقه ودخلوا بيته وعاشوا معه، حتى أخي الصغير يتصل به ويسأل عنه دائما. وأما عني فلم ولن أجد مثله رجلا في حياتي من أخلاق ورجولة وكرم وتفهم وتقدير للمرأة دون تزييف أو خداع.
أرجو أن تفيدوني بعلمكم ونصائحكم.. مع العلم أنه ليس هناك فكرة الرجوع إلى الوطن حاليا، وحتى أنا لم ولن أفكر في الارتباط بشاب من بلدي لم يتغرب أبدا عن حضن أمه وهو يرث الغيرة العمياء، وحب السيطرة على المرأة، وفكرة أن المرأة ضلع أعوج قاصر، فيصعب علي العيش مع شخص مثله فأنا كما يقول أهلي عني عنيدة وعصبية ولدي أفكار التحرر من سلطة الرجل بقوة شخصيتي مع احترامي لرجولته غير أنني أكره الأوامر لمجرد حب فرض الشخصية والشعور بالذات على حساب شخصيتي وإنسانيتي.
فأرجو منكم هدايتي إلى الطريق السليم
مع العلم أنني أحبه وأريده زوجا.
25/03/2022
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لا يستطيع الموقع أو غيره إبداء الرأي حول قرار شخصي بحت ولكن توضيح عوامل الزواج الناجح.
لا تزال مؤسسة الزواج على قيد الحياة في جميع الثقافات ولها زخمها القانوني والاجتماعي والنفساني. كذلك الارتباط الزوجي القانوني أو الشرعي هي مرحلة ينتقل فيها الإنسان إلى موقع وجودي جديد في الحياة يوازن فيه بين الحرية والمساواة ويتعلم كيف يفارق أهله ويتخلص من عزلته. رغم وجود طقوس وشروط في مختلف الثقافات ولكن هناك إجماع شامل على أن الزواج يعني:
١- العيش تحت سقف واحد.
٢- إشهار العلاقة بين الطرفين.
٣- قبول الطرفين بالارتباط.
ولكن فشل أو إخفاق العلاقة الزوجية حقيقة تواجه الكثير وفك الارتباط الزوجي هو أحيانا الحل الأول والأخير للمعاناة. لذلك تم البحث عن عوامل الزواج الناجح في دراسات عدة وهناك اتفاق بين مختلف الدراسات وفي مختلف الثقافات على أن عوامل الزواج الناجح يمكن حصرها في أربعة أبعاد وهي:
1- بعد القواسم المشتركة: يشترك الزواج في وجود سمات شخصية تجمع بينهما بالإضافة إلى تشابه موقعهم الاقتصادي المادي والاجتماعي. هناك من البحوث من تشير إلى أن إشتراك العامل العرقي يلعب دوره كذلك. يمكن إيجاز هذا البعد بأن احتمال نجاح الزواج يرتفع مع ارتفاع التشابه بين الزوجين اجتماعيا وثقافيا ومادياً.
2- بعد الإنصاف والتعادل: كلما شعر الزوج وزوجته بأن هناك تعلق وحب متبادل مبني على الشعور بالمساواة ارتفع احتمال نجاح العلاقة الزوجية. من جهة أخرى هناك أكثر من بحث يشير إلى عدم الشعور بالارتياح في العلاقة الزوجية إذا كان الانحدار الاجتماعي والمادي للزوجة دون الزوج. يدخل ضمن هذا البعد كذلك شعور الصداقة المشترك بين الزوج والزوجة.
3- بعد التواصل: هذا البعد أكثر وضوحا من غيره في البحوث العلمية٬ وليس هناك ما يؤدي إلى حل الخلافات والأزمات الزوجية مثل التواصل المعرفي والنقاش الموضوعي بين الطرفين. ضمن هذا البعد هناك كرم متبادل بين الطرفين في الأمور المادية وحرية التعبير عن العواطف والآراء مع عدم التفاعل سلبياً من قبل أحد الطرفين.
4- الرضا: الشعور بالرضا في الحياة الزوجية على أرض الواقع بعيداً عن أحلام لا يقوى أحد الزوجين أو كلاهما تحقيقها يلعب دوره في نجاح الحياة الزوجية. لا توجد حياة زوجية مثالية ولكن حياة زوجية واقعية بعيدة عن الاستغلال والتسلط وأحلام لا يمكن تحقيقها.
توكلي على الله واتخذي القرار.