السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تزوجت من رجل متزوج ووافقت على الزواج بشرط العدل والنفقة كما هو شرع الله، لكن بعد الزواج تضررت جداً نفسياً وأصبحت أضعف وأقل اتزاناً وصبراً وحكمة عما كنت عليه قبله، فبدل أن يحقق لي الزواج الوصول لذروة الكمال الإنساني من حيث السكن النفسي والإشباع الجسدي والعاطفي وحصول الاستقرار والأمان، حتى أصبح فرداً أكثر فعالية للمجتمع وزوجة أكثر قوة وسعادة فأتمكن من بناء أسرة متينة ملؤها الإيمان والاستقرار والسعادة والنجاح، أصبحت مشغولة البال بهموم أخرى من غيرة وحزن وخوف وقلق على مستقبل أبناء بين أم مثقلة بالهموم العاطفية وأب مشغول بالأعباء والمسؤوليات بين أسرتين من حيث النفقة قبل التربية والرعاية! وأصبحت أخاف أن يكون هذا الزواج سبباً في فتنتي بالدين، حيث أني بدأت أشك بحكمة مشروعيته أو في بعض المسائل فيه، وكثرت تساؤلاتي في هذا الأمر وأصبحت أقرأ الكثير لأصل لقناعة مع نفسي ترضي عقلي وقلبي معاً:
- فهل الأصل في الإسلام التعدد بشرط القدرة على العدل والنفقة، أم الإفراد؟ وإن كان الأصل التعدد لماذا لم يخلق الله لآدم من ضلعه أكثر من حواء؟.
- وهل التعدد لحكمة وغاية لزمن وأفراد ومجتمعات بعينها، أم أنه بالمطلق بشرط العدل والنفقة وفقط؟ وهل جاء التعدد لمصلحة المجتمع على حساب الفرد تحت بند المصلحة العامة ودراءً للمفاسد المهلكة؟.
- وإن كان الأصل في الإسلام التعدد لكل زمان ولكل الأفراد بشرط العدل والنفقة، فكيف نفسر استقرار الأسر غير المعددة في حال توافق الزوجين، ويشق ذلك في حال التعدد مع وجود الإيمان وتوافق الأزواج؟.
- وهل يحق للزوجة طلب الطلاق في حال الضرر النفسي من التعدد أو الغيرة الشديدة بالرغم من أن زوجها يقوم بكل حقوقها ويعدل ويخاف الله فيها؟.
- وهل تدخل ضمن حديث الرسول "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة"؟.
* ثم أرسلت مرة أخرى تقول:
أنا زوجة لرجل متزوج، وأفكر بالعمل لكني أخاف إن كان لي راتباً من عملي ألا يعدل زوجي بيني وبين زوجته في النفقة أو غير ذلك، وفي نفس الوقت أخاف إن عملت ولم أساعد زوجي في بعض الأعباء مع وجود القدرة عندي على ذلك بأن ذلك سيترك في نفسه شيئاً مني ويتغير قلبه عليّ! وأخاف أني لو شاركت بمالي معه أن يزيد ذلك إحساسي بالظلم وعدم العدل بيني وبين زوجته فيترك ذلك شيء في نفسي منه وتقل لدي شعوري بقوامته عليّ، لكني في أمسّ الحاجة للعمل والانشغال بوقتي بما هو مفيد لنفسي وللمجتمع وهذه رغبة زوجي أيضاً، لكني لا أريد على حساب ذلك أن تهتز مكانتي عنده ومكانته عندي، فأريد أن أعرف حقوقي وواجباتي تجاه زوجي في الإسلام بعد أن يكون لي مال خاص وهو معدد وليس بغني، وحقوقه هو وواجباته تجاهي بعد أن أكون أكثر استقلالية ومالاً من زوجته الأخرى؟.
* ثم أرسلت للمرة الثالثة في نفس اليوم تقول:
أنا زوجة لرجل متزوج وأعيش ببيت أهلي بعيدا عن مكان عمله، وهو يعيش مع زوجته وأبنائه في نفس مكان عمله لكنه يأتي من مسافة بعيدة جداً ليقسم في أيام المبيت ويكون معي في يوم الجمعة فقط، ويقوم بالنفقة عليّ وأنا في بيت أهلي، فهل هو عادل بذلك؟ حيث أنهم تحت رعايته في الإمارة التي يسكن فيها، بينما يتعذر عليه ذلك لبعد المسافة في السكن بيننا؟ وهل يجب عليه العدل في النفقة من مسكن ومأكل وملبس، أم يعطي كل ذي حاجة على قدر حاجته فيكون بذلك قد عدل؟
وهل يحق لي أن أطالب بالعدل الكامل في كل شيء الوقت والمال والرعاية مع علمي أنه حريص على أن يعدل ويخاف الله فينا، لكن ظروفه لا تسمح بذلك؟.
18/10/2009
رد المستشار
حضرة الأخت "هاجر" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
إن قانون التعامل الأساسي في الزواج هو المودة والرحمة. أما الميزان في "ألا تطغوا في الميزان" فهو يخص تعامل الناس فيما بينهم.
إذاً، إن لم يكن هناك مودة ورحمة بين اثنين فلا يبقى من الزواج إلا صورته الشكلية الخارجية!
يا سيدة "هاجر"،
إذا كنتِ تزوجتِ من رجل متزوج سابقاً، فيجب أن تضعي نصب عينيكِ هدفاً أساسياً وهو إسعاد هذا الزوج وتقديم ما نقصه في الزواج السابق، علّكِ برضى زوجكِ عليكِ تدخلين رحمة الله برضاه عنكِ. وإذا أردتِ أن تحملي الميزان والمسطرة لقياس العدالة الزوجية طوال حياتك فستقضي العمر متأرجحة على كفتي الميزان ولن تستحقي لقياس سعادتك إلا المسطرة.
"هاجر"، عليكِ بإسعاد زوجك متحلية بنكران الذات ومستخدمة العطاء المطلق المفترض بين الزوجين، الحبيبين، كوسيلة لنيل ما هو عطاء بلا حدود وبلا مقابل من الطرف الآخر. ولا تصعدين إلى الجنة باستحقاقك بما تقومين به من عبادات في هذه الأرض، بل توخي الصعود إلى الجنة بكرم الله وعفوه ورحمته.
وفقك الله إلى الطريق الأسهل للسعادة الدنيوية والأخروية.