الإناء ينضح بما فيه، وكلامك مرآة ما فيك، فإذا كان كلامك ركيكاً فأنت ركيك ولا قيمة للكرسي الذي تجلس عليه أو الدرجة التي تمثلها، فأنتَ وما يبدر منك من الكلام. فكلامكَ هو أنتَ ويُمَثِّل هويتكَ ومعاني ما يتوطنكَ. فلا تقلْ مَن أنتَ، بل تكلم حتى يراك الناس.
وفي واقعنا المشحون بالنكسات المتراكمات تجد المُتَسَلِّطين على الناس لا يجيدون الكلام بلغة الضاد، ويتعثرون بألفاظهم، ويسود الخطل خطاباتهم، والأغلاط بأنواعها، حتى لتتعجب من عجزهم عن التعبير البسيط بالعربية عمّا يريدون قوله، فلا يستطيعون وضع أفكارهم في كلمات ذات قيمة ومعنى وتأثير، ولهذا فهم ضعفاء وغير قادرين على القيادة اللبيبة وبناء دولهم، فيلجؤون للأساليب البدائية الغابية للسيطرة على الناس إلى حين.
هذا الاضطراب اللغوي يتسبب بتداعيات سلوكية ذات تأثيرات سلبية على الواقع الذي يتفاعلون فيه، لأنهم سيجتذبون إليهم ذوي النفوس الضعيفة، وستكون عندهم حاشيات من أراذل الناس وأشدِّهم أمراً بالسوء والشرور.
وكلما تدهورت قابليتهم للتعبير باللغة العربية تنامت قسوتهم ووحشيتهم وتعاظم ظلمهم وجورهم وقهرهم للمواطنين، وتلك معادلة سلوكية بيِّنَة التأثير والتفاعل في المجتمعات التي يتحكم بمصيرها مَن لا يجيدون الكلام بلغة الضاد.
فلكي تكون مؤهلاً للقيادة عليك أن تتعلم مهارات الخطابة، وتتقن اللغة التي تتحدث بها، وتأتي بعبارات بليغة ذات تأثير في النفس والعقل، وتحمل فكراً متفاعلاً مع الناس يحفزهم للعمل وتنمية ما فيهم من الطاقات والقدرات الكامنة.
فلن تنفع الكراسي إذا كان الجالس عليها لا يعرف فن الخطابة والكلام ويجهل لغة الضاد المبين؟!
فأتقنوا العربية واحترموا أنفسكم عندما تتكلمون.
واقرأ أيضاً:
دويلتان ودولة / غلاف الدين / الفرقة فجوة