صورٌ ومشاهدٌ من معركة سيف القدس (1)
الكيانُ يستدعي احتياطَه وينقلُ إلى الجبهاتِ جنودَه
فيما يبدو أنها تتهيأ لخوض عملية برية، يجتاح فيها جيشها قطاع غزة، فقد أوصى مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر، في جلسته الأمنية التي عقدت مساء رابع أيام العدوان على قطاع غزة، باستدعاء ستة عشر ألف جندي وضابط من احتياطي الجيش، منهم سبعة آلاف جندي وضابط لدعم وإسناد طواقم منظومة القبة الحديدية، بعد أن أظهرت المنظومة فشلها في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة، حيث أطلقت فصائل المقاومة حتى الساعة، أكثر من 1150 صاروخاً، لم تتمكن القبة الحديدية من اعتراض أغلبها، التي سقطت على القدس وتل أبيب وهرتسيليا وأسدود وعسقلان ومحيط مطار بن غوريون، فضلاً عن مئات الصواريخ الأخرى التي سقطت على مستوطنات غلاف قطاع غزة، بالإضافة إلى استهداف مطار رامون في النقب بصاروخ عياش، الذي يبلغ مداه 250 كيلو متراً.
كما أوصت باستدعاء تسعة آلاف جندي وضابط آخرين، من المتمرنين على القتال في الجبهات، ومن الخبراء في عمليات القتال البري في سلاح المدفعية والدبابات، وممن شاركوا في مناوراتٍ بريةٍ تحاكي حرباً في غزة، ولديهم الخبرة في خوض معارك برية مع المجموعات العسكرية الفلسطينية، وذلك في أكبر حشدٍ عسكري على الجبهة الجنوبية للكيان، في مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية على حدود قطاع غزة، التي أظهرت أنها قادرة على إلحاق الأذى بهم، ومواصلة قصف مدنها بالصواريخ الدقيقة، المتعددة المديات، والمختلفة القدرات، الأمر الذي كبد الإسرائيليين خسائر بشرية ومادية، وسبب لهم حرجاً داخلياً وخارجياً، مس هيبة الجيش وسيادة الدولة وقوتها.
كما بدأت قيادة جيش الكيان الصهيوني بسحب وحداتٍ كبيرةٍ من قوات حرس الحدود، العاملين في الضفة الغربية، ونقلت بعضاً منهم إلى البلدات الفلسطينية المختلطة في الأرض المحتلة عام 1948، كاللد والرملة وعكا وحيفا، وذلك إثر الأحداث التي شهدتها هذه المدن، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين سكانها العرب والمستوطنين الإسرائيليين، نتج عنها إصاباتٌ خطيرة، أدت إلى إحراج الحكومة الإسرائيلية واهتزاز صورتها داخلياً وعلى المستوى الدولي، علما أن وزارة الحرب الإسرائيلية تصر على عدم دخول وحدات الجيش النظامية إلى البلدات المختلطة، والاكتفاء بتعزيز القوى الشرطية فيها، وإسنادها بوحداتٍ إضافية من المدن والبلدات الإسرائيلية الأخرى.
مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني مضطربٌ يتخبط، وخائفٌ يترقب، فهو يتردد كثيراً في المصادقة على أي عملية عسكرية برية مع قطاع غزة، سواء كانت عملية محدودة أو موسعة، حيث يوجد معارضون كبارٌ لها على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، ولا يستطيع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يأمر بتنفيذها بقرارٍ منه، بل هو في حاجةٍ إلى موافقة أولية من المجلس الوزاري المصغر، ثم إلى مصادقة من المجلس الوزاري الموسع، حيث أن هكذا عملية من شأنها أن تلحق بالكيان الصهيوني خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
إذا كان الكيان الصهيوني يخشى من حربٍ ميدانيةٍ بريةٍ محدودةٍ مع قوى المقاومة في قطاع غزة، وهو القطاع الصغير المساحة والمحدود الامتداد، والأقل منه قدرةً عسكريةً وأسلحة هجومية، فكيف سيكون حاله لو أن جيشه انشغل بكل الجبهات، في القدس المحتلة والضفة الغربية، وفي شمال فلسطين وفي جبهة الجولان وعلى الحدود مع سوريا، واضطر إلى المحافظة على وحداته العسكرية المقاتلة على كل هذه الجبهات فقط، فلا أعتقد أنه كان سيستطيع المواجهة أو الصمود، أو يستطيع القتال والاجتياح، إذ لا قدرة لديه ولا عديد عنده، ولا يحتمل مجتمعه ولا يصمد جيشه، ولا تقوى حكومته ولا تنجو قيادته.
فيا أيها الشرفاء المخلصون، الشركاء المقاومون، لا تتركوا قطاع غزة وحده يقاتل، ولا تتخلوا عنه وهو يقاوم، ولا تكتفوا بالإشادة بصموده ومدح قوته، والتغني بجرأته وتعظيم شجاعته، بل هبوا لنجدته، وأسرعوا لإغاثته، وبادروا لنصرته، وسخنوا الجبهات تخفيفاً عنه، فهو الذي انبرى لنصرة القدس وحماية الأقصى، فلم يوقفه بطش العدو ولا تفوقه العسكري، بل مضى على الله عز وجل متوكلاً، ووجهه سبحانه وتعالى قاصداً، فاستحق بذلك النصر المبين، واستأهل العزة والكرامة والتمكين.
بيروت في 13/5/2021
ويتبع>>>>: صورٌ ومشاهدٌ من معركة سيف القدس (3)
واقرأ أيضا:
التطبيعُ العربيُ يرفعُ نتنياهو وصاروخُ النقبِ يسخطُهُ/ إسرائيلُ ضحيةُ الإرهابِ المزعومِ والعدوانِ المُفتَرى