لماذا لا يكف أولاد الكلب عن الظهور في حياتنا تباعا بنفس الرتابة والملل، ورغم تعلم الحذر نقع ببلاهة عند أول استماله أو غمزة من هؤلاء، يبدأ مشوارنا مع "ولاد الكلب" مبكرا فعندما نكون في المدرسة لأول مرة نصطدم بهؤلاء الذين اقتسمنا معهم السندوتشات الخاصة بنا لنفاجىء بأنهم محافظون على سندوتشاتهم يتلذذون بها وحدهم والأدهى من ذلك أنهم ربما يقتسمونها مع أولاد كلب آخرين لم يهبوهم يوما لقمة واحدة.
ويتطور الأمر رويدا رويدا عندما نكبر قليلا فيتخذ أولاد الكلب شكلا آخر متمثلا في جارتك اللتاته التي تتابع أخبارك بالتفصيل كأنك محافظ البنك المركزي أو رئيس مباحث طهران أو مدرب مركز شباب ليفربول فتجدها تعرف مواعيد خروجك من المنزل ومواعيد رجوعك وشكل القميصين والبنطلون الذين طلعت بهم من الدنيا، وأن أباك قد اشترى لكم مانجه أخيرا، متدخلة في كل تفاصيل حياتك معلقة على البوكسر الأحمر خاصتك في ضحكة رقيعة.
بعد ذلك تكبر وتتخرج من كلية التجارة شعبة المحاسبة مثلا وتعمل في وظيفة الأحلام التي طالما تمنيتها وهي عبارة عن كاشيير في محل عصير قصب على الناصية في منطقة حيوية ورغم أنك كافي خيرك شرك يظهر ولاد الكلب مرة أخرى على هيئة زملائك في العمل الذين يفقعوك زُنب ليس لها مثيل فيطردك صاحب محل العصير باعتبار انك لست صاحب صنعة ولا تجيد تقشير القصب والجزر أو صنع عصير الطماطم فكلهم معلمين إلا أنت يا صاحبي، معلمين في عملهم معلمين عليك وعلى أمثالك ممن يصدقون أولاد الكلب ولا ينفخون في الشوربة ولا يأكلون الزبادي.
أما الجنس الناعم فهم بارعون للغاية في مسألة أولاد الكلب هذه، فهم يظهرون في حياتك على هيئة غزلان يمتصون عواطفك ورصيد موبايلك وتحويشة العمر التي ادخرتها من محل القصب، ثم يتزوجون أي ابن كلب راجع لتوه بقدرة قادر من الخليج -من أجلك أنت- كي يزيدك بؤسا على بؤسك، ولو كنت بائسا بزيادة فسوف يتزوجونك ثم يخلعونك في النهاية فاحترس لنفسك.
حاول ألا تقلم أظافرك يا صديقي، واترك إصبعا أو إصبعين للزمان، فالدنيا غدارة ومثلها مثل الخيارة كما تعلم، واحذر عدوك مرة واحذر زميلك في العمل ألف مرة، واستعن على قضاء حوائجك بالكتمان لا بالفيس بوك، وداري على شمعتك تشعل ملابسك لو كنت بائسا مثلي.
على الجانب الآخر حاول ألا تبتئس فالدنيا مراحل ومدرسة كبيرة تتعلم منها مرة وتعلمها مرة أخرى وهكذا حتى تنتهي الحياة وهنا سوف تظهر إشكالية أخرى ويظهر أولاد كلب آخرون يسمون أنفسهم الحكومة، لن يدفنوك حتى تدفع ضريبة عن موتك، وهذه إشكالية أخرى لا يتسع المجال لمناقشتها وربك حليم ستار !
واقرأ أيضاً:
على رأسي فانوس ! / الذي لابد منه / أنا شخصٌ جميل لا يشبهني! / رأيتُ فيما يرى النائم / حالة حمار