مهاتير محمد في مكتبة الإسكندرية مشاركة
الفصل الثامن عشر
من الناحية النفسية نلاحظ الكاريزمية الواضحة لشخصية مهاتير محمد أو "الدكتور مهاتير" كما يحب أن يُطلق الماليزيون عليه، هذا الرجل الصادق فيما يقول ويفعل، المؤكد لذاته دائماً بهدوء وتواضع ملفتين للنظر، لقد قام بمعجزة وطفرة تنموية في ماليزيا، وذلك في أقل من ربع قرن، ثم ترك السلطة وهو في أوج نجاحه، ولم ينس أن يوجه النقد اللاذع لحكومة المحافظين الجدد بالولايات المتحدة لكيلها الأمور بمكيالين، ومساهمتها في نشر الإرهاب بالعالم، في سابقة لم يقم بمثلها مسئول في مستواه بعالمنا الإسلامي، وحتى في نقده للفكر السلفي التقليدي أستطيع أن ألتمس له عُذراً في ذلك؛ لأن هناك ممن يدَّعون أنهم سلفيون لم يأخذوا من سلفنا الصالح إلا المظاهر في الملبس والمأكل والزواج وبعض السلوكيات التي تستهويهم، ويسهل عليهم القيام بها!!!، أما روح أعمال سلفنا الصالح فهم بعيدين عنها بُعد المشرقين، تجد أحدهم يأمر الآخرين بتقصير الثوب وإطلاق اللحية وتقصير الشارب، وعندما يعود لمنزله يضرب زوجته، ويسب والديه، ويأكل عمل الأجير، ويبخل في الإنفاق على أبنائه، فهل كل ذلك من أخلاق السلف الصالح؟!!.
وأُنهي هذا الفصل فأقول: "إن و جود ظاهرة" د. مهاتير محمد "بيننا لعلامة مبشرة لنا بإمكانية نهضة أمتنا وتأكيدها لذاتها، وأن الأمر لا يحتاج لأكثر من قائد متفتح الذهن، مُخلص لله عز وجل، ولديه الرغبة الصادقة في رفعة أمته، مع وجود مجتمعات مخلصة لله عز وجل ومتفانية فيما تقوم به من أعمال موكلة إليها".
يقول الشاعر:
إنــــا لنفــــــــرح بالأيـــــــام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا فإنما الربح والخسران في العمل
وسأختم هذا الفصل بهذه القصة عن:
علو الهمة والرغبة في النجــــاح!!
هل سمعتم بقصة الشاب الصيني الذي ذهب لرجل حكيم كبير في السن سائلا إياه مفتاح النجاح؟
فأحضر الرجل العجوز إناء به ماء فاستغرب الشاب وقال له العجوز أنظر إلى الإناء ماذا ترى؟ فأطل الشاب برأسه في الإناء وإذ بالعجوز يمسك برأس الشاب ويغمره في الماء، فحاول الشاب المقاومة فأقبض الرجل العجوز بقوه أكبر ولكن الشاب قاوم بشده واخرج رأسه من الماء فاستغرب الشاب من تصرف هذا العجوز.
فقال له العجوز هل رأيت مدى حاجتك للهواء فقال الشاب: نعم.
قال العجوز: هكذا النجاح لكي تحصل عليه لا بد أن تطلبه كطلبك للهواء.
إذا وصلت رغبتك في الحصول على النجاح لدرجة رغبتك في الحصول على الحياة في لحظة الغرق، عندها ستحصل على النجاح، يقول الشاعر عن الاجتهاد والسعي وراء النجاح في الحياة حتى تحققه:
بِقَدرِ الكَدِّ تُكتسبُ المعــالي ومن طلب العُلى سهرَ الليالي
ومن طلب العُلى من غيرِ كَدٍ أضاع العُمرَ في طلبِ المُحَال
يتبع >>>>>>>>>>> تربية النشء