تحتفل الصين بمِئَوِيّة الحزب الشيوعي الصيني مُتبَاهِيَةً فَخُورةً بإنجازاتها التي سادَت بها الدنيا وامتلَكَت زِمَام قيادَتِها على مختلف المستويات، وتَغْمُرُها نَشْوَةُ النَّصْر العلمي والمعرفي والتكنولوجي، والقدرة على سَبْرِ أَغْوَارِ العصر والإمساك ببُوصْلَةِ مَسِيرَتِه الوَاعِدَة.
وأَحْزَابُنا المُبَجَّلَة ما هي إنجازاتها؟ وبماذا يَحِقُّ لها أنْ تحتَفِل؟ أحزابنا القومية والدينية وغيرها، ماذا قدَّمَت؟ أَقْدَم الأحزاب التي لا تزال فاعلة في واقِعِنا هو حزب الإخوان المسلمين الذي يتحَرَّك فوق الأرض العربية منذ أكثر من تسعة عقود، فما هي إنجازاته؟
أمَّا الأحزاب الأخرى فَحَدِّث ولا حَرَج! فجميعها لا تعترف بالوَطَن، ولا تفهم بالوَطَنِيَّة، وهَمُّها الكُرْسِي وحسب. وعندما تتصَفَّح إنجازاتها فلا تَعْثُر إلَّا على تَسَنُّم السُّلْطَة وسَفْكِ الدِّمَاء، أمَّا إرادة الوطن وحقوق المواطنين وتأمين الحياة الحُرَّة الكريمة لهم، فهذه ليست ضِمْن مُنْطَلَقَات الأحزاب التي تُخادِعُ بشِعَارَاتِها ونَظَرِيَّاتها، وهَمُّها الكرسي والاستِحْوَاذ على ثَرَوَات البلاد والعِبَاد.
أحزابنا تأخُذُنا إلى الوَيْلَات والتَّدَاعِيَات المَرِيرَة، ولا تمتلك إنجازات تفتخر بها! لا يوجد حزب في دولنا قام بمشاريع ذات قيمة وطنية وخَدَمِيَّة للمواطنين، فالوطنية تعني الحرب وسفك الدماء، ويَتَحَوَّل كل حزب في السُّلْطَة إلى مقياس لها، وبمُوجَب ما يراه يُخَوِِّن ويُجَرِِّم من يُعارِضُه.
ومِنْ أَهَمّ إنجازات أحزابنا بناء السجون والمُعتَقَلات، وتفاخُرِها بعدد الإعدامات التي قامَت بها. ولا يَشُذُّ حِزْبٌ واحد عن ذلك. كَمَا أنَّها _وبلا استثناء_ تابِعَة لِقِوَى خارجية، وتُنَفِّذ أَجِنْدات الآخرين، وهذا يُفَسِّر فَشَلَها الذَّرِيع في تقديم إنجازات ذات قيمة حضارية مُعاصِرَة. ولا تزال الأحزاب الفاعلة في دُوَلِنا تقوم بأدوار الوُكَلَاء للقِوَى التي تُسانِدُها وتُحافِظ على وجودها في سُدَّة الحُكْمِ إلى حِين.
فهل مِنْ أحزابٍ وَطَنِيَّة ذات عِزَّة وكَرَامة؟ وهل من مُنجَزَات تُشِيرُ إلى جوهرها؟
هيهات هيهات، فكُلُّ ما عليها بِغَيْر أَهْلِها مَرْهُون، وبالأحزاب مَضْمُون!
واقرأ أيضاً:
العِلْم يا عَرَب / العَرَب والثَّوْرَة العلمية / الانتصار العلمي / الثقافة العِلْمِيَّة