سُلوكِيَّاتنا التي تنتهي إلى نتيجة بلا فائدة تتَكَرَّر في حياتنا، ولا نتعَلَّم منها ونتجاوزها، بل نُمْعِنُ بإعادة العمل بها وبإصرار عَبَثِي مُرَوِّع. فالذي تشترك به تفاعلاتنا بأنواعها هو العَبَثِيَّة: علاقاتنا، معارِكُنا، خِطَابَاتُنا، كتابَاتُنا، وما نَرَاه ونَتَصَوَّرُه من إنتاج العَبَثِيَّة الفاعلة فينا. لو تصَفَّحنا مَسِيرَتَنا منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى اليوم فلن نَسْتَخْلِصَ منها إلَّا العَبَث كَقَاسِم مُشتَرك وفاعل مُهَيْمِن ومُدَبِّر لِمَآلَاتها. اقرأ المزيد
المُفَكِّرون العرب ومنذ منتصف القرن التاسع عشر انشغلوا بالتَّنْظِير وطَرْح المشاريع التي ما تَفَاعَلَت مع الواقع ولا أَثَّرَت فيه. ولا يزالون يتَحَرَّكُون على ذات السِّكَّة التي ما أوصلت إلى مَحَطَّة حضارية ذات مَقَام مُعاصِر وأصيل. ففشلوا في صناعة التَّيَّار الثقافي والمعرفي اللازم للتغيير، وبَقِيَت مشاريعهم ونظرياتهم طَيَّ كُتُبِهِم التي لا تعرفها الجماهير لأنها مكتوبة بأساليب أكاديمية جَافَّة ولُغَة مُعَقَّدَة وآليات تَنْفِيرِيَّة تُبعِدُ القارئ عنها وتُشَجِّعُه على نَبْذِها. إن التغيُّرَات الكبيرة في مسيرات الشعوب تَسْبِقُه اقرأ المزيد
قبل سنوات طَرَحت هذه الفكرة بعد أن تَبَيَّن أن الصِّينِيِّين تمَكَّنُوا من شَقّ نهر مُوازِي لأحد أَنْهَارِهم، وبالاتجاه المعاكس. أي أنَّهم لم يسمحوا لِنَهْرِهم أن يَصُبَّ مِيَاهَهُ في البحر أو المحيط، وإنما تتواصل بتَدَفُّقِها في نهرٍ مُوازٍ له وبالاتجاه الآخر. هل يَصعُب على المصريين والسُّودَانِيِّين شَقّ نهر يوازي نهر النيل ويحافظ على نعمة الماء بدلًا من هَدْرها في البحر؟ الجواب: إذا توفرت الإرادة اقرأ المزيد
الأجيال تَتَرَبَّى على أنَّها متأخِّرَة ومُتَخَلِّفَة ولا يمكنها أن تتقدم، بل أن تتقهقر وتدفن نفسها في رِمَال الغابرات، فهي مَيِّتة وأمواتها الأحياء. فالأجيال تتعلَّم في مراحل الابتدائية أن الثُّالُوث المُقَدَّس (الفقر والجهل والمرض) مُتَأَصِّل فيها ورَاسِخ إلى الأبد، وأنَّ عليها أن تُعَطِّلَ عقلها وإرادتها وتستَسْلِم لِمَخَالِبِه النَّاشِبَة فيها. ودارت العقود والقرون، والفقر والجهل والمرض سَيِّدَان يتَمَلَّكان الوعي الجَمْعِي في أرجاء أُمَّة ذات طاقات ح اقرأ المزيد
أمتنا يقتلها اللاعلم والعلم فوق ظهورها محمول، عندها كنوز المعارف فتغفلها، ويوهمها أعداؤها بأنها أمة متخلفة متأخرة عاجزة عليها أن تتبع وتقبع. فذخائرها الحضارية نائمة فوق رفوف الإهمال والتضليل والبهتان. أمتنا من أغنى الأمم بموروثها الثقافي، وفي مسيرتها عقول معرفية ألمعية فذة، وجهابذة علوم لا مثيل لهم عند باقي الأمم. اقرأ المزيد
من الصعب أحيانا تعريف ما هو الطبيعي والغير طبيعي في حياة الإنسان ومسيرته منذ الطفولة وإلى ما بعد البلوغ. خلال هذه المسيرة والظروف الطبيعية يكتشف الإنسان ذاته ويتوقع الجميع منه مواجهة التحديات وتطوير نفسه العقد بعد والآخر وأحيانا وفي يومنا هذا العام بعد الآخر. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه دوماً: ما هو الطبيعي؟ ما هي الظروف الطبيعية؟ ما هي الطفولة الطبيعية؟ يجيب البعض بأن ما هو طبيعي هو توفر اقرأ المزيد
الأرض كائن حي، وأوطانها حَيَّة خالدة فيها، وتُمَثِّل علامتها الفارقة وهَوِيَّتها المتميزة. فالأرض لا تُضَحِّي بأوطنها كما يَتَوَهَّمُ خَلْقُها. الأرض تصنع أوطانها جغرافيًّا وتاريخيًّا وخلقيًّا. وقد يقول قائل أنها حالات تم تقسيمها من قبل إرادات بشرية، لكن هذا التقسيم ناجم عن مؤثرات جغرافية وتاريخية وديمُغْرَافِيَّة تفرض على المُقَسِّم وجودها وشكلها الذي يميزها عن غيرها. فأشكال الأوطان غير متشابهة، ومحكومَة بعوامل متنوعة أَوْجَبَت شكلها. وبموجب ذلك فَلِلْأوطان إرادات لا نُبْصِرُها، وتَوَاصُلات مع خَلْقِها الذين يتفاعلون مع تُرَابِها، اقرأ المزيد
التَّمَتْرُس في الماضي نِقْمَة لأنَّه يَدُلُّ على أن الحاضر فاقِد لِمُقَوِّمات الحياة، وتَنَامَت فيه الشرور والآفات، مِمَّا دَعَى الناس إلى الانْدِحار في ماضيها والرُّكُون إلى المُسَلَّمَات. أيَّ أن الحاضر يُعَطِّل عقلها، ويَنْهَرُ فِكْرَها، ويَعْتَقِلُها في سجون الوَيْلَات والتَّدَاعِيَات. وهذا ما يَسُود المجتمعات التي تَكْتَظُّ وسائل تواصلها بِصِوَرِ الماضي المُتَقَدِّم على حاضرها، وتَضُع مُقارَنَات بينهما. الماضي أجمل وأَرْوَع وفيه إنجازات، والحاضر اقرأ المزيد
وَصَلَتني رسالتان تُمَثِّلًان نَمَطِيَّة التفكير السائدة في واقعنا، والمساهمة في صناعة وتَثْمِير الوَيْلات والتَّدَاعِيَات. أُولَهُما تتَحَدَّث عن أنَّ الدِوَل الأوربية في بَدِايَة القرن العشرين اجتمع قادتها بقيادة بريطانيا العُظْمَى آنذاك، وهدف الاجتماع هو الإجابة على سؤال كيف نبقى في القمة والقوة، وكان الجواب أن نُهَيْمِن على المنطقة العربية لِمَا فيها من ثروات وخصائص استراتيجية بواسِطَتِها نَتَحَكَّم بالعالم. وتَمَخَّض الاجتماع عن خطة كان أَوَّلُها تَحْرِير المنطقة اقرأ المزيد
تلا تُوجَد قُوَّة عادَت أُمَّة العرب إلَّا وأَصَابَتْها الهَزَائِم النَّكْرَاء. وتلك حقيقة تُؤَكِّدها مَسِيرَات التاريخ وأحداثه وما حصل فيه من صَوَلَات وهَجَمَات هَمَجِيَّة على حِيَاضِها ومُدُنِها ذَاتَ الأَنْوَار المَعْرِفِيَّة والعلمية الباهرة. أُمُّتْنَا حَيَّة مُتَحَدِّيَة صَامِدَة صَابِرَة مؤمنة بِكَيْنُونَتِها الخَالِدَة ورسالتها الظَّافِرَة الوَاعِدَة. الأمة تُنْتَصِر دَوْمًا، ولن تنهزم أبدًا، فهذا دَيْدَنُها منذ الأزل، ومَسَارُها مستقيم مُؤيَّد بإرادة السماء وطاقات الأرض ورُوحِها الدَّفَّاقَة بالخيرات. إنَّها أمة الفضائل والأنوار والمُعْطَيَات الإبداعية الأصيلة التي اقرأ المزيد