أحمد والوساوس الحسية الخارجسدية

رد المستشار

السلام عليكم، وحياكم الله على شبكتنا، واسمح لي بالرد على استشارتك بما يسعنا من المعرفية والتفصيل، وسأبدأ هنا بسؤالك الأخير، هل هذا وسواس؟ والإجابة أن هذا السلوك تحديداً في التركيز الحسي القهري هو شكل من أشكال الوسواس القهري واسمح لي أن أقتبس من مقالات الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي تعريفه لذلك، حيث يقول "تتمثل هذه النوعية من الوساوس في شكلين أحدهما هو الوساوس الحسية الجسدية Somatosensory Obsessions وتظهر في الانشغال المزعج من قبل الشخص بالعمليات الفسيولوجية الجسدية أو الأحاسيس الجسدية الطبيعية، أي يكون التركيز على العمليات الجسدية التلقائية مثل التنفس أو البلع أو دقات القلب أو آلية المشي أو الكلام أو على الأحاسيس الجسدية منفصلة مثل السخونة في اليدين أو القدمين، مثلا ما يسمى بالعامية "وسواس البلع"، أو "وسواس التفل" أو "وسواس الرمش"، أو "وسواس التنفس"، أو "وسواس المشي"، وقد لاحظت شيوع هذا النوع من الوساوس في حالات الوسواس القهري ذي العلاقة بالعرات لكنها ليست قاصرة عليهم....؛

والشكل الآخر من الوساوس الحسية هو ما أسميه بالوساوس الحسية البيئية أو خارج الجسدية (وأفضل دمج خارج وجسدية في خارجسدية) فتصبح الوساوس الخارجسدية Extracorporeal Sensory Obsessions وهي التي تظهر في الانشغال المزعج من المريض بمدرك ما أو جانب ما من إدراكه للبيئة المحيطة مثل "وسواس غبار الضوء" أو "وسواس شبح الأنف"... إلخ، وتتمحور حول التركيز على الإدراك الحسي بالبيئة المحيطة كما في وسواس غبار الضوء، أو الجسيمات الدقيقة التي تظهر في شعاع الضوء عند مروره في مجال مظلم، أو الجسيمات العالقة بالنظارة الطبية...إلخ، وتستحق هذه النوعية من الوساوس وصفها بالوساوس الحسية Sensory Obsessions - بما فيها الإحساس بالجسد أو بالبيئة خارج الجسد - لأنها في جوهرها تنتج عن التأمل الوسواسي في إحساس ما ثم الاستجابة الوسواسية لذلك التأمل وهي التي كثيراً ما تأخذ محتوى أو آخر من صور الوسواس القهري الإكلينيكية، وربما كثيراً ما تأخذ انتباه المعالج بعيداً عن الطبيعة الجوهرية لهذا النوع من الوساوس"، وكما ترى في التعريف السابق فهذا من أشكال الوسواس القهري فعلاً حيث ينطبق عليه كفكرة وفعل التالي:
1- فكرة ملحة ومتسلطة.
2- قلق وكرب بسبب ذلك.
3- سلوك قهري وإجباري.

أما عن سبب زيادة تلك الوساوس مؤخراً فهي من الأمور المألوفة لدى مرضى الوسواس القهري حين يقرأون شيئاً ما فهو يصبح ضمن حيز انتباههم فيتحول ذلك لسلوك قهري في العادة، والحل هو قراءة المقالات الموثوقة من متخصصين وليس المنتديات التي تمتليء بالأحاديث المساهمة في زيادة الوسواس بدل التخفيف منه.

وانتبه معي للجملة التالية، فالوسواس خوف من الفكرة أكثر من كونه خوف من حدوث الأمر ذاته، حيث أن الأمر ذاته قد يكون سريعاً وغير ملاحظ، لكن ما يؤثر على المريض هو انزعاجه من الفكرة ثم خوفه منها، ثم شعور الكرب بسبب السلوك القهري والإجباري للقيام بفعل ما، وما تحتاجه كتوجيهات علاجية هو التالي:

1- تشخيص نفسي كامل يقوم به أحد الأطباء النفسانيين للتعرف على طبيعة مشكلتك المرضية، فقد تحدثت عن وجود اكتئاب وتفكير انتحاري، وهذا يعطى أولوية لأنه مهدد للحياة، وتأتي الوساوس تالياً بعد التأكد من ذهاب الأفكار الانتحارية حسب قواعد العلاج الطبي النفسي.

2- تالياً تحتاج إلى عمل تقييم شامل للوساوس وطبيعتها، لأن مرضى الوسواس غالباً ما يشكون من وساوس متعددة، وقد تكون العلاجات في البداية تستهدف الوساوس البسيطة لتسهيل تعلم الأساليب العلاجية وتطبيقها، وزيادة دافعية المريض للعلاج لسهولة التعامل مع الوساوس البسيطة.

3- لاحقاً يتم الاهتمام بالوساوس الحسية كونها تحتاج لدرجة عالية من الإتقان للعملية العلاجية، والمعرفة المعمقة لطبيعة الوسواس وأسلوب عمله. وستلاحظ أن معالجات الوسواس غالباً تحتاج لفترة زمنية طويلة نسبياً لذلك من الواجب أن تكون على دراية بذلك مع استعداد نفسي لخوض هذه التجربة.

لذلك نصيحتنا الأساسية هنا التوجه من فورك لأقرب طبيب نفسي للعلاج وتحديداً للحد من الأفكار الانتحارية قبل كل شيء.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، ولك منا التحية وخالص دعائنا بالشفاء والفرج.
ويتبع>>>>> : أحمد والوساوس الحسية الخارجسدية م

المستشار: أ. يوسف مسلم