اكتئاب وقلق وجلد للذات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع، لما يبذلونه من مجهود لمساعدة المرضى النفسيين، خاصة وأننا نعاني في العالم العربي من نقص الاهتمام بالطب النفسي.
أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، ولدت في أسرة كبيرة العدد، وأنا الأوسط في العمر بين أخوتي. كانت طفولتي طفولة غير سعيدة، فقد كنت أعاني من صغري من مشكلة التبول اللاإرادي، تلك المشكلة التي زرعت في نفسي شعورا بالاحتقار تجاه نفسي، في البداية كان الأمر عاديا لأنني كنت صغيرا، ولكن كلما كبرت، زادت سخرية أخوتي مني وزاد الشعور بالدونية داخلي، كان الأمر مزعجا ومحرجا لي إلى حد كبير. بدأت المشكلة بالخفوت تدريجيا إلى أن تخلصت منها نهائيا في عمر ما بين 12 و15 سنة.
عانيت في صغري من التنمر كثيرا، سواء في المدرسة أو في البيت، كنت ضعيف الشخصية وهزيل الجسم، مما جعلني عرضة للاعتداء اللفظي والجسدي من قبل زملائي في المدرسة، ولم أسلم في البيت أيضا، حيث كان أخوتي يسخرون مني كثيرا. توفيت أمي وأنا في سن السابعة، لم أبك ولم أشعر بالحزن وقتها ربما لأنني كنت لا أدرك معنى الموت، لكنني الآن أشعر باليتم والحرمان العاطفي.
تزوج أبي بعد وفاة أمي، علاقتي أنا وأخوتي بزوجة أبي ليس فيها مشاكل، لكنها لا تحل أبدا محل الأم. والدي طبيب مشهور ويحظى باحترام كبير في مدينتنا، وهو أيضا متدين جدا، ومجتهد جدا في عمله، إنه شخص مثالي بمعايير مجتمعنا. أما على المستوى الأسري فهو يقضي معظم وقته في العمل، مما جعل العلاقة بيننا فيها شيء من الجفاء، أي أننا لا نتحدث كثيرا.
عندما أنهيت الدراسة الثانوية، أراد والدي أن ألتحق بكلية الطب لأكون طبيبا مثله، وحينما لم يؤهلني مجموعي لها، أراد أن ألتحق بكلية طب الأسنان، في البداية عارضت رغبته لأن الطب لا يستهويني، ولكن مع عدم اقتراحي لبديل ومع ضغط من الأقارب، وافقت على طلبه. ودخلت كلية طب الأسنان، وهي في مدينة بعيدة عن مدينتي، أقضي معظم السنة مغتربا، وأزور أهلي كل شهرين أو ثلاثة.
منذ أن دخلت الجامعة وأنا أعاني من ضعف مستواي الدراسي، وزادت المعاناة أكثر في السنوات الإكلينيكية، حيث أجد نفسي ضعيفا جدا في الجانب العملي مقارنة بزملائي، والسبب أنني منذ البداية وأنا غير شغوف بالطب، وكل ما أقوم به في الجامعة هو محاولة النجاح بالحد الأدنى من الاجتهاد، أدى ذلك إلى أنني رسبت في السنة الأخيرة، ثم أيقظتني الصدمة وجعلتني من أكثر الطلاب اجتهادا لكنني رسبت مرة أخرى، ربما لأن ما فات في سنين لا يمكن تعويضه في سنة واحدة من الاجتهاد.
كانت هذه لمحة عما مررت به وهي مقدمة قد تكون مفيدة لفهم المشاكل النفسية التي أمر بها الآن، وهي كالآتي:
- أعاني من نقص الثقة بالنفس ومن الشعور الدائم بالدونية والاحتقار لنفسي، ففي كلة مشكلة تحدث أشعر دائما أنني أنا المخطئ حتى إن لم أكن كذلك، وأميل دائما إلى تبرئة الآخرين ومن اتهام نفسي، وأعاني من جلد الذات، حيث أنني في كل يوم حين أخلو إلى نفسي أفرط في التفكير في كل موقف حدث لي حتى وإن كان تافها، وأبدأ بلوم نفسي على كل شيء فعلته، وأحيانا يتحول اللوم إلى شتم، وأشتم نفسي بأقذع الألفاظ حتى أنها تخرج مني لاإراديا بصوت مسموع.
- أنا إنطوائي جدا وقليل الكلام للسبب السابق، لأنني ألوم نفسي على كل كلمة قلتها، وأخاف كثيرا من الكلام أمام الناس، وأتجنب أن أجذب الانتباه وأفضل ألا يلاحظ الناس وجودي، وأيضا أتجنب الاتصال بالعين مع أي شخص أحدثه.
- أشعر بالندم الشديد على قراري بدخول كلية طب الأسنان، فبعد سنين من الدراسة لا يزال مستواي متأخرا عن زملائي ولا يأهلني للعمل، ولا أستطيع أن أتخيل أنني سأعمل بقية عمري في مجال لا أتقبله، وأفكر جديا في أن أغير مجالي بعد التخرج، لكن ذلك سيلقى معارضة كبيرة من الأهل، ويعني أنني سأبدأ من الصفر في مجال آخر. وأهلي ينتظرون أن أتخرج وأعمل لأتزوج، ويستعجلونني كأنني في سباق، وأن أرفض فكرة الزواج الآن لأن مستقبلي لا يزال مجهولا، فأنا لا أعرف متى سأتخرج وهل سأغير مساري أم أرضى بعمل لا أحبه.
- علاقتي بأسرتي ضعيفة، ليس بيننا مشاكل لكننا لا نتحدث كثيرا ولا نشارك بعضنا بشيء، فغياب الأم وانشغال الأب وتغرب بعضنا جعلت علاقتنا جامدة، لكنني أحتاج إلى من يسمع لي وأسمع له وأريد أن أقوي علاقتي بهم، لكنني لا أعرف كيف أقترب منهم بعد سنين من الجمود.
- الفراغ العاطفي والجنسي، فأنا علاقتي منعدمة بالجنس الآخر لأنني انطوائي ولم يكن لي علاقة عاطفية بفتاة من قبل. ولن أتزوج قبل سنين، والرغبة الجنسية تسيطر على تفكيري معظم الوقت، وأنا مدمن للعادة السرية والأفلام الإباحية.
- نجاح والدي يشكل ضغطا علي، الأمر مماثل إلى حد كبير لقصة المسلسل الشهير لن أعيش في جلباب أبي، حيث الأب ناجح ويريد لإبنه أن يسلك نفس طريقه، لكن الإبن لا يريد أن يكون له شخصيته الخاصة، لقد بدأ أبي من الصفر واجتهد حتى صار غنيا ومشهورا، لا أريد أن أكون جاحدا للنعمة ولكن الغنى له آثار سلبية، فقد جعلتني حياة الرفاهية ضعيف الشخصية والعزيمة وميالا للانسحاب بدلا من مواجهة المشاكل، وكذلك فإن أيا ما سأقوم به سيعتبر فشلا إذا ما قورن بما وصل إليه أبي.
- لا أستطيع السيطرة على الأفكار السلبية، لدي شعور دائم بالقلق والخوف من المستقبل، أحيانا يحرمني القلق من النوم، قلق بدون سبب واضح، أحيانا أسأل نفسي: مم أنت قلق؟ ولا أجد إجابة، أنا قلق لأنني تعودت أن أكون قلقا.
أنتظر ردكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
22/1/2020
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
أعراض طبنفسية
أعراض موجبة
الشعور المستمر بالإحباط والاكتئاب وجميعها أفكار اكتئابية مطابقة للاكتئاب.
أعراض سالبة
لا يوجد دليل على أعراض سالبة.
التوازن الوجداني
أعراض اكتئابية مزمنة.
الفعالية المعرفية لا يمكن نفي وجود تدهور الأداء المعرفي.
سلوكيات
العزلة الاجتماعية وعدم القدرة على التواصل مع الوالد والشعور بالنقص الدائم.
تاريخ طبي
اضطرابات نفسية
تبول لا إرادي وضحية تنمر.
اضطرابات طبية
لا يوجد.
تاريخ شخصي
صدمات Trauma
فقدان الأم في عمر مبكر.
تأزم عائلي
Family Conflictsتأزم مزمن مع الوالد والعائلة.
تاريخ مهني
Employmentطالب طب أسنان.
تاريخ علاقات حميمية
لا توجد إشارة.
تشخيص طبنفسي محتمل
اكتئاب مزمن.
اضطراب الشخصية.
توصيات الموقع:
وصلت إلى مرحلة حرجة من تعليمك الجامعي الذي لا ترغب فيه، والصراحة من الحماقة هذه الأيام إجبار الأبناء على دراسة ما لا يرغبون فيه. رغم ذلك فأنت لا تزال في مقتبل العمر وهناك من يبدأ رحلته التعليمية الجامعية في عمر متأخر. أمامك أولا إكمال دراستك والبحث عن طريق آخر للتعليم والعمل أو ترك دراستك كلياً والبحث عن أهداف جديدة. لا أعلم ما هي القواعد في مصر، ولكن في الغرب لا يسمح للطالب بإعادة السنة إلا في حالات استثنائية للغاية.
الخطوة الثانية هي أن تتحدث بصراحة مع والدك ولا حاجة إلى الشعور بالخوف منه. في نهاية الأمر هو والدك ويدرك الصدمة التي تعرضت إليها في الطفولة وسيبذل قصارى جهده لمساندتك واحترام قرارك.
وأخيراً هناك الضعف في تكوينك وشخصيتك وهذا بدوره قابل للتغيير. توجه صوب طبيب نفساني أولا وبعدها صوب معالج نفساني يساعدك في مواجهة التحديات وبداية مرحلة جديدة في الحياة.
وفقك الله.