السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، وسوف أقسم مشكلتي إلى فرعين:
1- منذ عدة سنوات وأنا وابنة خالتي نجلس معًا كثيرًا عندما تأتي إلينا هي وخالتي، وكان الكلام عامًّة يكون عن أي موضوع، ثم تحول تدريجيًّا إلى الكلام عن الجنس، ثم تحول هذا الكلام إلى فعل، وهذا الفعل يتدرج أيضًا الآن، وإني أخاف من النهاية المعروفة لهذا الطريق.
ولقد حاولت مراراً أن أتوقف عن هذا، وقلت لها هذا الكلام، ولكني لا أعلم ماذا يحدث عندما تأتي، مع العلم أنها تأتي إلينا في الصباح، فتوقظني من النوم، ثم نجلس أنا وهي منفردين في الحجرة (وخالتي وأمي يجلسان في حجرة ثانية) ثم يحدث ما يحدث (أرجو أن تتصور أن فتاة تأتي إليك في حجرتك، وتريد أن تمارس الجنس معك، وأنك للأسف بدأت تتعود على هذا، وهي كذلك، وأنك لن تقدر أن تتكلم معها في أي موضوع آخر، وأنها لا بد ستأتي لا مجال للهرب)
2- أنا كنت مدمن مخدرات، ولكني والحمد لله تبت إلى الله منذ سنتين تقريباً، مع العلم أني كنت مدمنًا لمدة أربع سنين، وأثناء هذه المدة (السنتين) كان بعض من أصحابي (جميع أصحابي مدمنون) ربنا يهديهم ويأتون للصلاة معي في المسجد، وأستطيع أن أقول: إن ربنا كان يثبتني بواحد، ولكن الآن كل أصحابي رجعوا إلى المخدرات مرة ثانية.
وأنا الآن وحدي، مع العلم أن أخي أيضًا مدمن، فأنا لا أعلم ماذا أفعل، فإني أشعر أني أتدمر (أتبع خطوات الشيطان) ولكني أحاول بأي طريقة ألا أعود إلى المخدرات أو ألجأ إلى ممارسة الجنس، مع العلم أني أصبحت مدمن المواقع المخلة بالآداب ومواقع الدردشة، أنا أعلم أن هذا من الاختبارات المهمة في حياتي، وأنا خائف ولا أعلم ماذا أفعل!!
فأنت تعلم كمية الفتن في هذا الزمن
فأرجوكم أنقذوني.
3/12/2021
رد المستشار
الأخ الفاضل، هناك رسائل ترد إلى هذه الصفحة فتصيب ثقتنا بالثوابت، وتكشف لنا عن بعض اضطراب لَحِقَ بمعايير الصواب والخطأ عند الناس، ولكن سرعان ما تصلنا رسائل أخرى تعيد لنا الثقة في الإنسان، وفي أنه لا يصح إلا الصحيح، ورسالتك من النوع الثاني.
أنت شاب في عنفوان الشباب وريعانه تأتيك المتعة سهلة، وبإقرار عجيب من ذوي الشأن، وتتورط في الخطأ رويدًا رويدًا، ولكنك تريد أن تقاوم هذا الخطأ، كما تريد أن تقاوم الإدمان، ووراء إرادة المقاومة هذه طاقة الفطرة السليمة التي وضعها الله في الإنسان تأنس من كل طيب طاهر، وتنفر من كل خبيث دنس، فالحمد لله في الأولى وفي الآخرة.
لكن هذه الفطرة إن لم تصاحبها إرادة وحسن تدبير فإنها تغفل، وقد تنطمس؛ فيتعود الإنسان على الخطأ، ويصير عسل اللذة الحرام المسموم حلوًا في حلقه بعد أن كانت تخالطه المرارة، وينتكس حتى يصبح إلى الأنعام أقرب.
يا أخي، هناك "تواطؤ ما" يضم على الأقل خالتك وابنتها، وقد يضم الوالدة معهما، وغاية هذا التواطؤ حسنة "في الأغلب"، والهدف أن تتزوج ابنة خالتك، ولعل الوالدة – إذا كانت تعلم بما يجري بينكما – ترى في هذه الزيجة إصلاحًا لحالك، وإبعادًا لك عن الإدمان حين تكون رجلاً مسئولاً، وصاحب أسرة، والغاية لا غبار عليها، وطريقة التفكير هذه لا بأس بها، ولكن الوسيلة تبدو شاذة، وغير مقبولة.
ما علينا... إذا كنت تريد ابنة خالتك هذه، أو كنت قد هتكت بكارتها، فأرجو أن توفر على الجميع هذا الالتفاف، وترتبط بها رسميًّا بمباركة الأسرة وعونها على تمام هذه الزيجة، والزواج فيه استقرار وراحة بال، ومشغلة – بأمر جاد- عن صحبة السوء، وسبيل الإدمان المرفوض، وأنت محتاج إلى الزواج منها أو من غيرها لتعف نفسك، أما إذا لم تكن تريدها.. فينبغي إنهاء هذه العلاقة فورًا، إذا لم تكونا قد وصلتما إلى "نقطة اللاعودة".
ولذلك فإنه إذا كان التراجع ما يزال ممكنًا، وأنت تريده فالخروج هو الحل: تأتي إلى غرفتك لتوقظك فتأخذها لتناول طعام الإفطار في المطبخ، أو لتجلسا مع الوالدة والخالة أو تسألها فور استيقاظك: كم الساعة الآن، وعندما ترد عليك تقول لها: لا أدري كيف أشكرك؛ لأنني مرتبط بموعد هام، ولا بد أن أنزل فورًا... وهكذا، المهم ألا تنفرد بها في خلوة أبدًا.. وفي الأثر:
"الشيطان مع الواحد، وهو عن الاثنين أبعد"...فلا تخلون بها بعد اليوم، ولو اضطررت لإغلاق باب غرفتك عليك من الداخل. وينبغي أن تستعد للإجابة عن سؤالين سيطرحان عليك: الأول هو: لماذا تتهرب منها؟! والثاني هو: ما مصير ما كان بينكما؟!
والإجابة واحدة: أنك تعتبرها بمثابة أختك، ولا تقبل لها ما لا تقبله لأختك، وأن ما جرى كان خطأ مشتركًا اندفعتما إليه في ساعة غفلة، وينبغي أن يتوقف، وأن تتوبا منه توبة نصوحًا يصاحبها ندم شديد، وعزم على عدم العودة بعد التوقف الكامل عن الخطأ والسبل المؤدية إليه.. حتى يغفر الله لكما.
وتذكر أن التوقف عن العلاقة يحتاج إلى إرادة، أما إنهاؤها التام فيحتاج – بالإضافة إلى الإرادة- إلى حسن تدبير، وينبغي أن يحدث هذا "فورًا"؛ لأنني أعتقد أن ما بينكما لن يستمر بنفس الطريقة الحادثة لفترة طويلة، وأن الخطوة التالية بمطالبتك بسداد فاتورة حساب اللذة التي حصلت عليها ستكون أقرب مما تتخيل.
أما عن الإدمان فكما يحتاج الإقلاع عن المخدر إلى إرادة يحتاج الاستمرار في الإقلاع إلى إرادة وصحبة، ومرة أخرى الخروج هو الحل.... من هذه الشلة ضعيفة العزم، خائرة الإرادة.
أنت تحتاج إلى مجموعة أخرى أقوى عزمًا، وأوسع اهتمامًا، وجماعة الرياضة توفر هذا، وجماعة المسجد، وجماعة الدراسة أو العمل كلها جماعات بديلة مرشحة – حين تصلح وتستقيم أحوالها- لتكون البيئة المعاونة لك على الاستمرار والتماسك.
فإن عز الرفيق الصالح فكن مثل موسى عليه السلام حين ادلهمت من حوله الخطوب، واشتدت المحن والظلمات ولاذ الساحر بسحره، والمشرك بشركه، والكافر بكفره، والسلطان الفاسد بسلطانه فقال في بساطة قوية ومذهلة: "إن معي ربي سيهدين"، وقد كان من أمره ما عرفت، حين هداه الله – ومن معه- السبيل وسط الأمواج الهادرة وفي لجة البحر، وأغرق الآخرين بما لاذوا به، ولا ينجيك يا أخي إلا أن تستثمر هذه الطاقة من التفكير والعزم والعنفوان التي يهبها الله للشباب في نفعك ونفع من حوله، وتخرج من الفراغ الذي تعيش فيه.
اجتهد في الدراسة إن كنت دارسًا، أو احترف مهنة تتخصص فيها وتجيدها، واملأ عقلك بالثقافة، ومعرفة العالم، واملأ روحك ونفسك بحب المعالي من الأمور، وكره سفاسفها، فكل هذه السبل: الدراسة والمهنة الشريفة والثقافة الرفيعة، ومعرفة العالم، وحب المعالي... كلها طرق إلى الله عز وجل وهو سبحانه غاية المراد، ومنتهى الغايات، هو أبقى جذوة الخير في قلبك متقدة، وهو يخرجك من الظلمات إلى النور.
فبادر بالابتعاد عن الإنترنت، ولو بقطع الاشتراك فيه، وتطهر من كل ما تراه دنسًا، وجدد العهد مع الله سبحانه، وكن على صلة مستمرة بنا، ولا تخف "إن الله معنا"، والزم الاستغفار، وتب التوبة النصوح التي لا تقع معها في الخطأ مرتين.. واخرج من غرفتك وصحبتك وفراغك وشبكة الإنترنت.
لقد عصى آدم الله – وهو أب البشر- ثم تلقى منه كلمات "وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه" فصارت سنة في ذريته: أن منهم من يخطأ ويعصى الله، ويسقط في الذنب فيبقى فيه مستعذب الوحل يحسبه زعفرانًا، ومنهم من يخطئ ويغويه الشيطان، ثم يعود فيتوب، فيكون أشد على الشيطان ممن لا يخطئ، وأسأل الله لي ولك العافية.